عرض مشاركة واحدة
  #266  
قديم 20-09-2022, 01:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ النِّسَاءِ
المجلد الخامس
صـ 1637 الى صـ 1644
الحلقة (266)





[ ص: 1637 ] وقولهم على مريم بهتانا عظيما أي: مع قولهم الذي يجترئون به على مريم - عليها السلام - بعد ظهور كراماتها وإرهاصات ولدها ومعجزاته، يبهتونها به.
القول في تأويل قوله تعالى:

وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا [157]

وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله

قال أبو السعود : نظم قولهم هذا في سلك سائر جناياتهم التي نعيت عليهم ليس لمجرد كونه كذبا - بل لتضمنه لابتهاجهم بقتل النبي - عليه السلام - والاستهزاء به، فإن وصفهم له - عليه السلام - بعنوان الرسالة إنما هو بطريق التهكم به - عليه السلام - كما في قوله تعالى: وقالوا يا أيها الذي نـزل عليه الذكر [الحجر: 6] ولإنبائه عن ذكرهم له - عليه السلام - بالوجه القبيح، على ما قيل من أن ذلك وضع للذكر الجميل من جهته تعالى مكان ذكرهم القبيح، وقيل: هو نعت له - عليه الصلاة والسلام - من جهته تعالى؛ مدحا له، ورفعا لمحله، وإظهارا لغاية جراءتهم في تصديهم لقتله، ونهاية وقاحتهم في افتخارهم بذلك.

لطيفة:

قال الراغب : سمي عيسى بالمسيح ؛ لأنه مسحت عنه القوة الذميمة من الجهل والشره والحرص وسائر الأخلاق الذميمة، كما أن الدجال مسحت عنه القوة المحمودة من العلم والعقل والحلم والأخلاق الحميدة. وقال شمر: لأنه مسح بالبركة، وهو قوله تعالى: وجعلني مباركا أين ما كنت [مريم: 31] أو لأن الله مسح عنه الذنوب.

وذكر المجد في كتابه [ ص: 1638 ] "البصائر" في اشتقاقه ستة وخمسين قولا، وتطرق شارح القاموس لبعضها، فانظره.

وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم أي: لا يصح لهم الفخر بقتله؛ لأنهم ما قتلوه، ولا متمسك لهم فيما يزعمونه من صلبهم إياه؛ لأنهم ما صلبوه ولكن قتلوا وصلبوا من ألقي عليه شبهه.

وإن الذين اختلفوا فيه أي: في شأن عيسى لفي شك منه أي: من قتله، وسنبينه بعد.

ما لهم به أي: بقتله من علم إلا اتباع الظن استثناء منقطع، أي: لكن يتبعون فيه الظن الذي تخيلوه وما قتلوه يقينا أي: قتلا يقينا، بمعنى متيقنين أنه عيسى - عليه السلام - بل فعلوه شاكين فيه، أو المعنى: انتفى قتله انتفاء يقينا، بمعنى انتفائه على سبيل القطع.

قال البرهان البقاعي : وهو أولى لقوله:
القول في تأويل قوله تعالى:

بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما [158]

بل رفعه الله إليه رد وإنكار لقتله، وإثبات لرفعه، أي: اليقين إنما هو في رفعه إليه وكان الله عزيزا حكيما أي: لا يبعد رفعه على الله؛ لأنه عزيز لا يغلب على ما يريده، وحكيم اقتضت حكمته رفعه، فلا بد أن يرفعه، وهي حفظه لتقوية دين محمد - صلى الله عليه وسلم - حين انتهائه إلى غاية الضعف بظهور الدجال، فيقتله، أفاده المهايمي .
تنبيه:

لا خفاء في أن هذه الآية الكريمة لتكذيب اليهود في دعوى الصلب التي تابعهم عليها أكثر النصارى، ولتبرئة ساحة مقام عيسى - عليه السلام - مما توهموه في ذلك، ولما كانت هذه الآية من مباحث الأمتين، ومعارك الفرقتين - أردت بسط الكلام في هذا المقام؛ انتهاجا للحق، وأخذا بناصر الصدق، ورد أباطيل المكذبين، وتزييف أقوال الملحدين.

نورد أولا ما زعموه ورووه مما نفاه التنزيل الكريم، ثم بطلان المروي عندهم وتهافته بالحجج الدامغة، [ ص: 1639 ] ثم ما رواه أئمة سلفنا - رضي الله عنهم - في هذه القصة، ثم رد زعمهم أن إلقاء الشبه سفسطة، ثم سقوط دعواهم التواتر في الصلب، ثم تزييف تفسير بعض النصارى لهذه الآية، وأنها مطابقة لمعتقدهم على زعمه، مع ذكر من رفض عقيدة الصلب من فرق النصارى، وذكر ما روي في إنجيل خامس يوافق عقيدة المسلمين، ويطابق هذه الآية، ونختم هذه المباحث بما قاله شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رضي الله عنه - في هذه الآية، وأبدع - على عادته قدس سره - فهذه المطالب ينبغي معرفتها لكل طالب؛ إذ تفرعت إلى مباحث فائقة، وفوائد شائقة، فنقول وبالله التوفيق:

ذكر ما زعموه ورووه مما نفاه التنزيل الكريم:

جاء في الفصل الثاني والعشرين من إنجيل لوقا ما نصه:

2 - كان رؤساء الكهنة والكتبة يلتمسون كيف يقتلون يسوع لكنهم كانوا يخافون من الشعب.

38 - أي: لأن الشعب كلهم كانوا يبكرون إليه في الهيكل (وهو الكنيسة) ليستمعوه.

[ ص: 1640 ] 37 - وكان في النهار يعلم في الهيكل وفي الليل يخرج ويبيت في الجبل الذي يدعى جبل الزيتون.

كما ذكر لوقا قبل الفصل.

3 - فدخل الشيطان في يهوذا الملقب بالأسخريوطي وهو أحد الاثني عشر.

4 - فمضى وفاوض رؤساء الكهنة والولاة كيف يسلمه إليهم.

5 - ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة.

6 - فواعدهم وكان يطلب فرصة ليسلمه إليهم بمعزل عن الجميع.

7 - وبلغ يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح.

8 - فأرسل بطرس ويوحنا قائلا: امضيا فأعدا لنا الفصح لنأكل.

9 - فقالا له: أين تريد أن نعد.

10 - فقال لهما: إذا دخلتما المدينة يلقاكما رجل حامل جرة ماء، فاتبعاه إلى البيت الذي يدخله.

[ ص: 1641 ] 11 - وقولا لرب البيت: المعلم يقول لك: أين المنزل الذي آكل فيه الفصح مع تلاميذي؟

12 - فهو يريكما غرفة كبيرة مفروشة، فأعدا هناك.

13 - فانطلقا فوجدا كما قال لهما وأعدا الفصح.

14 - ولما كانت الساعة اتكأ هو والرسل الاثنا عشر معه.

15 - فقال لهم: لقد اشتهيت شهوة أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم.

16 - فإني أقول لكم: إني لا آكله بعد حتى يتم في ملكوت الله.

17 - ثم تناول كأسا وشكر وقال: خذوا فاقتسموا بينكم.

18 - فإني أقول لكم: إني لا أشرب من عصير الكرمة حتى يأتي ملكوت الله.

19 - وأخذ خبزا وشكر وكسر وأعطاهم قائلا: هذا هو جسدي الذي يبذل لأجلكم، اصنعوا هذا لذكري.

[ ص: 1642 ] 20 - وكذلك الكاس من بعد العشاء قائلا: هذه هي الكأس، العهد الجديد بدمي الذي يسفك من أجلكم.

21 - ومع ذلك فها! إن يد الذي يسلمني معي على المائدة.

22 - وابن البشر ماض كما هو محدود، ولكن الويل لذلك الرجل الذي يسلمه.

23 - فطفقوا يسألون بعضهم بعضا: من كان منهم مزمعا أن يفعل ذلك.

24 - ووقعت بينهم مجادلة في أيهم يحسب الأكبر.

25 - فقال لهم: إن ملوك الأمم يسودونهم والمسلطين عليهم يدعون محسنين.

26 - وأما أنتم فلستم كذلك، ولكن ليكن الأكبر فيكم كالأصغر، والذي يتقدم كالذي يخدم.

28 - وأنتم الذين ثبتم معي في تجاربي.

[ ص: 1643 ] 29 - فأنا أعد لكم الملكوت كما أعده لي أبي.

30 - لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط بني إسرائيل الاثني عشر.

31 - وقال يسوع: سمعان سمعان هو ذا الشيطان سأل أن يغربلكم مثل الحنطة.

32 - لكني صليت من أجلك لئلا ينقص إيمانك وأنت متى رجعت فثبت إخوتك.

33 - فقال له: أنا مستعد أن أمضي معك إلى السجن وإلى الموت.

34 - قال: إني أقول لك يا بطرس إنه لا يصيح الديك اليوم حتى تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني.

39 - ثم خرج ومضى على عادته إلى جبل الزيتون وتبعه التلاميذ.

40 - فلما انتهى إلى المكان قال لهم: صلوا لئلا تدخلوا في تجربة.

41 - ثم فصل عنهم نحو رمية حجر وخر على ركبتيه وصلى.

[ ص: 1644 ] 42 - قائلا: يا رب إن شئت فأجز عني هذه الكأس لكي لا تكن مشيئتي بل مشيئتك.

43 - وتراءى له ملاك من السماء يشدده.

44 - ولما أخذ في النزاع أطال في الصلاة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض.

45 - ثم قام من الصلاة وجاء إلى تلاميذه فوجدهم نياما من الحزن.

46 - فقال لهم: ما بالكم نائمين، قوموا فصلوا؛ لئلا تدخلوا في تجربة.

47 - وفيما هو يتكلم وإذا بجمع يتقدمهم المسمى يهوذا أحد الاثني عشر فدنا من يسوع ليقبله.

48 - فقال له يسوع: يا يهوذا أبقبلة تسلم ابن البشر.

49 - فلما رأى الذين حوله ما سيحدث قالوا له: أنضرب بالسيف.

50 - وضرب أحدهم عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.55%)]