عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 19-09-2022, 10:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,211
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

تفسير قوله تعالى ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾

قوله تعالى: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163].

قوله: ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾ الخطاب لجميع الخلق، الإنس والجن.

و"الإله": المعبود، "واحد" أي: فرد لا معبود بحق سواه، كما قال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الزمر: 4]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [ص: 65].

والمعنى: ومعبودكم أيها الخلق، الذي يستحق العبادة- محبة وتعظيماً- معبود واحد، متفرد في ذاته، وأسمائه وصفاته، وأفعاله، وهو الله- عز وجل- فلا تعبدوا سواه.

﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ هذه الجملة تأكيد لما قبلها، فيها إثبات كمال ألوهيته- عز وجل- ونفي الألوهية عن غيره، كما في كلمة التوحيد ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ ففيها نفي العبادة عما سوى الله- عز وجل، وإثباتها له، وحصرها فيه، وحده لا شريك له.

أي: لا إله بحقٍ إلا هو، كما قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ﴾ [الحج: 62]، وقال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ [الحشر: 22]، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255].

﴿ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ اسمان من أسماء الله- عز وجل- "الرحمن" على وزن "فعلان"، و"الرحيم" على وزن "فعيل"، و"فعلان" أبلغ من "فعيل"، ولهذا قدم "الرحمن" على "الرحيم" هنا وفي البسملة والفاتحة، وفي قوله تعالى: ﴿ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [فصلت: 2]، وفي قوله تعالى: ﴿ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22].

ويدل كل من "الرحمن" و"الرحيم" في حال انفرادهما على إثبات صفة الرحمة الواسعة لله- عز وجل، رحمة ذاتية ثابتة له- عز وجل- ورحمة فعلية، يوصلها من شاء من خلقه، رحمة عامة لجميع الخلق، ورحمة خاصة بالمؤمنين.

وحيث اقترنا في هذه الآية، فإنه يؤخذ من "الرحمن" إثبات صفة الرحمة الذاتية الثابتة لله- عز وجل- كما يؤخذ منه إثبات صفة الرحمة العامة، لجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم، ناطقهم وبهيمهم، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 143، الحج: 65].

ويؤخذ من "الرحيم" إثبات صفة الرحمة الفعلية لله- عز وجل- التي يوصلها من شاء من خلقه، كما قال عز وجل: ﴿ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [العنكبوت: 21]. وإثبات صفة الرحمة الخاصة بالمؤمنين، كما قال تعالى: ﴿ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 43].

و"الرحمن" اسم خاص بالله لا يسمى به غيره، بل هو ثاني اسم من أسمائه- عز وجل- كما قال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ ﴾ [الإسراء: 110].

و"الرحيم" قد يسمى أو يوصف به غير الله، كما قال- عز وجل- عن رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

ومن اسمه- عز وجل- "الرحمن" اشتق اسم الرحم- التي بها يتراحم الناس، قال تعالى في الحديث القدسي: "أنا الله، وأنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته"[1].
المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن »

[1] أخرجه أبوداود في الزكاة (1694)، والترمذي في البر والصلة (1907)، وأحمد (1/ 191، 194)- من حديث عبدالرحمن بن عوف- رضي الله عنه.
وأخرجه أحمد (2/ 498)- من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]