الموضوع: دموع مسافر
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-09-2022, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,169
الدولة : Egypt
افتراضي دموع مسافر

دموع مسافر
عبدالرحيم إبراهيم





تتشبَّث صغيرتي ذاتُ الأعوام الأربعة بحقيبةِ سَفَري التي أجرُّها على الأرض، لم أستطع الالتفاتَ نحوها خشيةَ أن أرى دموعَها؛ فيخورَ ما تبقَّى لي من قوة، جاءَتْني رغبةٌ في رمي الحقيبة والغوص في أحضانها.

كم كنت أودُّ أن أحكي لها؛ علَّها تفهمُني، لم تَثنِها كلماتي التفاوضيَّة - ذاتُ النبرة الباكية - عن قرارِها بعدم ترك الحقيبة، وأخيرًا التفتُّ عامدًا حتى لا أنظر لوجهِها الصغير الحزين، تشبه أمها التي تقف باكية خلف باب الغرفة، لا أدري أتبكي لبكاء صغيرتها، أم لوداع زوجِها، وتستحيي مِن أخيها صاحب السيارة الجميلة الذي جاء يأخذني إلى حيث تُقلِع الطائرات!

وافقتُ أن ترافقاني إلى حيث تُقلِع روحي وجسدي، ثم تعودا أدراجهما بعد إصراري على الذَّهاب وحيدًا، أُرِيد أن أُودِّع بلدي في صمتٍ كما تعوَّدَت مني الصمت! أريد أن أسمعَ ضجيجَ سيَّاراتها وأحاديثها العالية والهامسة، ولكن ها هي تجلس على فخذي وكأنها سجَّان يخاف هروب مسجونه!


أخيرًا استسلمَتْ سجَّانتي للنوم تركتُ لها كفِّي لتتوسَّدها، حتى أثقل رأسُها الصغير كفِّي، كما يثقل الفساد كاهل هذا الوطن.
على متنِ الطائرة سطرت هذه الكلمات، نظرتُ في عيون الركاب لأرى آثار دموعٍ، لم أجد سوى عيون شاخصة تنتظر ما هو قادم، نصيحة مني: لا تُتعِب نفسَك بالتفكير في هذه السطور، إنها خيالات شاب لم يبلغِ الثلاثين!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 18-04-2023 الساعة 06:18 PM.
رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.71 كيلو بايت... تم توفير 0.66 كيلو بايت...بمعدل (4.59%)]