الإقناع الأدبي والبلاغي والإشهاري
محمد البوزيدي
ويدفعنا التفكير البلاغي إلى صياغة بعض الأسئلة من قبيل:
ألا يمكن قراءة الأدب باعتباره حجاجًا؟
ألا يمكن الاشتغال نظريًّا وتطبيقيًّا على مد الجسور بين الشعري والبلاغي؟
البلاغة العربية شأنها شأن البلاغات القديمة، لم تعتبر النص مكتفيًا بذاته، أو كلامًا يهم المتكلم فقط، بل تهتم بالنص الذي يتم توجيهه للآخرين، ولهذا عالجت نصوصًا وخطابات أدبية يحكمها القصد والوعي، مؤسِّسة روابط تقوم على التواصل بين الشعري والخطابي، بين التخييلي والإقناعي، وفي ذلك من الوصل بين المقاربة البلاغية والمقاربة الأدبية، وهذا ما يستدعي الكشف عن عدم استقلالية حقل الشعري والأدبي عن الرهانات الحجاجية للبلاغة، فليس الأدب منغلقًا على ذاته دائمًا، رغم أن له غائيَّته الخاصة، فالتصور الجمالي الخالص الذي يعتبر أن الأدب يرفض الاحتكاك بالواقع، منغلقًا داخل متعة جمالية خالصة، ليس إلا أحد التصورات الممكنة للنص الأدبي.
إن الاهتمام ببلاغة الخطاب الإقناعي يقترن بما يجري في العصر الراهن؛ حيث أصبح الإقناع أبرزَ إشكالية في عالم اليوم، ودراستُها مدعومة بالوعي بالحاجة إلى ثقافة التواصل والإقناع، فتقدير الحيوية التي استعادها علمُ البلاغة في العصر الراهن قاد إلى الاهتمام ببلاغة الإقناع، ومن أهم سمات هذه الحيويةِ الرهانُ على الاجتماعي؛ حيث أضحت البلاغة ذات أبعاد اجتماعية، فالبلاغة الجديدة جعلت العلائق الاجتماعية من أولويات انشغالاتها، معيدة الاعتبار للدور الذي تقوم به الأطر الاجتماعية من الناحية الإقناعية والحجاجية، معيدة النظر في مفهوم اللغة، على أنها خطاب أو شكل من أشكال الممارسة الاجتماعية.
فاللغة سيرورة اجتماعية ومشروطة اجتماعيًّا بالجوانب غير اللُّغَوية الموجودة في المجتمع، والخطاب متحدِّد بالبِنَى الاجتماعية، وما له من تأثيرات على هذه البِنَى، وما يرافق ذلك من تحوُّل واستمرار اجتماعي.
والاهتمام بالبلاغة والعودة إليها، هو إعادةُ الاعتبار للبعد الحجاجي، وتقنيات الإقناع المؤثرة؛ مما يقود إلى مفهوم ذي طابع نسقي للبلاغة، لا تنحصر بمقتضاه البلاغة في الأسلوبي والشعري، كما لا تنفصل في إطارها بلاغة الأسلوب وبلاغة الحجاج؛ فمنذ مرحلة تأسيس البلاغة العربية القديمة مع (الجاحظ)، إلى مرحلة الاكتمال والذروة مع (السكاكي) وبعده (حازم القرطاجني)، وهي ترومُ التأليف بين رافدينِ؛ أحدهما خطابي، والثاني شعري، وبلاغةُ الخطاب الإقناعي إشكاليةٌ شغلت التفكير الإنساني على امتداد الزمن، وهي إشكالية راهنة، فالمتن البلاغي يتشكل أساسًا من:
(كتاب البيان والتبيين للجاحظ).
و(كتاب البديع لابن المعتز).
و(كتاب الصناعتين للعسكري).
و(كتاب سر الفصاحة للخفاجي).
و(كتاب أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز للجرجاني).
و(كتاب مفتاح العلوم للسكاكي).
وغيرها من المؤلَّفات البلاغية القديمة، تسمح بقراءتها بطريقة تُغنِي التفكير البلاغي العربي المعاصر من جهة وتسهم في تسطير إجابة عن أسئلة من قبيل:
كيف ينبني الخطاب؟
ما مصادره ومراجعه ووسائله؟
ما وظائف الخطاب البليغ؟
وما علاقته بلغة الشعر والأدب؟
ثم: ما الدور الذي يقوم به المتكلِّم والمخاطَب والمقام في بناء الخطاب؟
لقد برز تحوُّل في النظر لمفهوم اللغة التي لم تَعُدْ تُدرَك باعتبارها نسقًا مستقلًّا بذاته مفصولًا عن الإنسان ومجتمعه وثقافته وتاريخه، بل أصبح النظر إليها باعتبارها خطابًا أو فعلًا لُغويًّا اجتماعيًّا؛ ولذلك فالبلاغي يُؤسِّس نظره للكلام على ركيزتينِ محوريتين: (تداولية) و(شعرية)؛ فالكلام من ناحية ينتج لتحقيق غاية ومنفعة، وهو من ناحية ثانية له جانبان مضموني، وصوري شكلي؛ مما يفيد أن الخطاب البليغ يضم مظهرًا أسلوبيًّا ومظهرًا حجاجيًّا.
ويقتضي الخطاب الإقناعي بعضَ الخصائص والشروط؛ منها:
أن تشمل البلاغة - بوصفها مفهومًا نسقيًّا - منطقةً يتقاطع فيها التخييل والحجاج، ودعم التوجُّه نحو التفكير في منطقة التقاطع بين الشعري والتداولي، بشكل يُتيح جعل البلاغة مستوعبة لعلوم الأدب واللغة وعلمًا عامًّا لِما هو شعري وخطابي.
ومنها التركيز على الفواعل الجوهرية المؤلفة لبلاغة الخطاب الإقناعي: المتكلم، النص، المخاطب، المقام.
فمنتج الخطاب له دورٌ في بناء الخطاب الإقناعي وتحقيقه لغاياته؛ فليس ذا وضع اعتباري نظري تصدر منه العمليات، كما أنه ليس ذاتًا لسانية، بل هو فاعل اجتماعي، له فعله الذي يفترض كفاءات في مقامات اجتماعية.
فإنتاج الخطاب يقتضي كفاءتينِ: (كفاءة إنتاج الخطاب) و(كفاءة إنجازه)في مقام اجتماعي ملموس، فلا بد من كفاءة قَبْلية لإنتاج خطاب بليغ، ولا بد من كفاءة بَعْدية تسمح بعملية إنجاز الخطاب وجعله كلامًا شفويًّا ملاحَظًا، تستثمر فيه إمكانات بلاغية تتمثَّل في الجسد والصوت والحركة واللباس، وهي الكفاءة التمثيلية التي لها دورُها في الإقناع؛ فالمنجِز البليغ هو الذي يستعمل البلاغات غير اللفظية، التي تتيح إمكاناتها التأثير والإقناع.
فمِن أجل إنتاج خطابٍ إقناعيٍّ بليغ، يحتاج المتكلم المنتج البليغ لأهم الكفاءات القبلية، وهي تتعلق بـ(الكفاءة اللغوية الأدبية)، و(الكفاءة الثقافية التداولية)،و(الكفاءة النفسية الانفعالية).
1 - فمؤلف اللغة يحتاج أولًا لمعرفة اللغة والعلم بأسرارها وإنتاج الكلام وَفْقَ أصولها وقواعدها اللغوية والأدبية، والقدرة الإبداعية الابتكارية لإنتاج الكلام البليغ.
2 - وتقتضي الكفاءة الثقافية التداولية أن يُدرِك مؤلِّف الخطاب ثقافةَ العالم الذي يخاطبه، مستثمرًا مكونات هذه الثقافة في عمليته التأثيرية والإقناعية.
3 - وتتوزَّع الكفاءة النفسية الانفعالية إلى كفاءتينِ، ترتبط الكفاءة الأولى بحالة المتكلِّم النفسية والانفعالية التي يستحسن أن يكون عليها عندما يكون مقبلًا على إنتاج الكلام البليغ، وتتصل الكفاءة الثانية بحالتِه النفسية المناسبة لكي ينجز الخطاب ويؤديه أمام السامع.
وتتأسَّس كفاءة الإنجاز على شروطِ الإنجاز البليغ ودورها في الإقناع؛ فالقيمة البلاغية للخطاب الإقناعي الشفوي، ترتقي بفضل بعض العناصر الأساسية كالاستفتاح والصمت والإيجاز وحسن الاختتام.
كما تقومُ ظروف الإنجاز بدور فعَّالٍ في بناء الخطاب الإقناعي، فعندما يُقدِّم المتكلم للسامعين نصًّا موجزًا، شديد الإبلاغ، جيد السبك والبناء، حسن الافتتاح والاختتام، تتوفَّر في أجزائه بلاغة الصمت والنطق، فيزداد تأثيرها وإقناعها، فتنساب في الآذان، وتحتفظ بها القلوب، وتتعلق بها الصدور.
ولا يتحدَّد الخطاب الإقناعي الشفوي، فيما يتم سماعه بل فيما يرى، فإنجاز العرض التمثيلي يتطلب القدرة على إنطاق الجسد، وجعله رمزًا معبرًا ومؤثرًا، مشيرًا إلى وظائف تواصلية إبلاغية، يُصبِح معها الجسد خطابًا رمزيًّا متصلًا بالخطاب الثقافي المجتمعي العام، قادرًا على التأثير والإخبار والإبلاغ.
وإذا كان النص يتحوَّل نفسه موضوعًا للاشتغال والتفكير، فهو أداة للفعل في سياق تخاطبي معين، وفعالية النص تتحدد فيما يتوفر في النص من خصائص، تمكنه من الفعل.
وقد اهتم البلاغيون بمكونات النص؛ ومن أهمها: (اللفظ)،و(النظم)، و(المجاز).
والشروط والقواعد التي تمكن المتكلِّم من حسن استعمال قوة شِعرية اللفظ الفياضة في التأثير والإقناع هو ما يُحدِّده علم البلاغة من خلال مصطلحات من قبيل البيان والفصاحة والبديع، فمع اعتبار شروط وقيم السياق الاجتماعية والثقافية عند استعمال شعرية اللفظ في الإقناع والتأثير؛ فاللفظ أساسٌ في الخطاب وقيمة نصية لها أهميتها.
لقد تم الانتقال في التفكير البلاغي من الاهتمام بشعرية اللفظ إلى الانشغال بمسألة النظم ووظائفه الشعرية والتداولية، فالتفكير في النص لم يَعُدْ من خلال اللفظ، بل من خلال التركيب، فمفهوم النظم يتم الجمع فيه بين النظر إلى اللفظ كمكون نصيٍّ داخلي من مكونات البِنْية النصية، وبين المنظور البلاغي الذي يعتبر بانزياحات النظم وشعريته، وبين المنظور التداولي الذي يعتبر فيه بالتأثير وقدرته على التعبير في مقام معين.
وبين وظيفية المجاز وتداوليته وحجاجية الاستعارة والتخييل، يعدُّ النص الشعري الموضوعَ المفضَّل للبلاغة العربية؛ فنجاعته وفعاليته في التأثير والتلقي هو ما يظهر في التركيز الشديد للتحليل البلاغي على النص الشعري المتعدد الوظائف؛ فالبلاغيُّ (عبدُالقاهر الجرجاني)لم يكن لينظرَ للنص من منظور شعري خالص، كما لم يقاربه من منظور تداولي مُقصيًا الشعري من دائرة اهتمامه، بل إنه يؤسس لتداولية نصية، تدرك النص الأدبي بوصفه قادرًا على تأدية وظائف يدعم فيها الشعري التداولي والتداولي الشعري، ففعالية النص البليغ، هي قدرته على تحويل الأشكال الصوتية والتركيبية والمجازية والاستعارية إلى مكونات تعتمد عليها البِنْية الحجاجية النصية القادرة على استمالة القلوب والنفوس وإقناع الألباب.
وإذا كانت النصوص باعتبارها نشاطًا يجري ويحدث، وذات مظهر غني، منتج للدلالات والتأويلات، فينبغي أن ننظر إلى حجاجية الاستعارة والمجاز والتخييل في علاقةٍ بالنظم والتركيب الذي يعم اللفظ، فرغم الارتباك الذي يخلقه الحجاج بواسطة التخييل، فمِن المفيد أن يتم فحصه ودراسته قصد إعادة إدماج التخييل في قلب البلاغة؛ لمعرفة الأنماط الحجاجية المحركة للأدب التخييلي، والكشف عن منطقة متمفصلة بين الفعالية المنطقية وسحر التصوير والتخييل والاستعارة والمجاز.
وبالإضافة لدورِ المقام في إنتاج الخطاب الإقناعي، انطلاقًا من محورية المبدأ الأساس في البلاغة (لكل مقام مقال)، ومراعاة الألفاظ والتراكيب للأغراض والمقاصد؛ فيبقى المخاطب ذا دورٍ في بناء الخطاب ونجاحه؛ فمراعاة حاله تفترض أن يأخذ المتكلِّم بعين الاعتبار ما يرتبط بمخاطَبِيه من الناحية اللُّغوية والاجتماعية والذهنية والثقافية والنفسية، فالمخاطب طرفٌ أساس في العملية الإقناعية؛ فليس هو غايةَ الخطاب فقط، بل إنه عنصر حتمي في تشكيله وبنائه.
وإذا كانت وظيفةُ البلاغة وصفَ الطرق الخاصة في استعمال اللغة، وتصنيف الأساليب وَفْقًا لمستوى تمكُّنها من التعبير عن الغرض تعبيرًا لا ينحصر في الإبلاغ، بل يمتد للتأثير والإقناع بالقول والإشراك في الإحساس، فغايتُها توفير الطرق الناجعة لبلوغ المقاصد، ولهذا فاللغة ليست وسيلةً للتعبير عن الأغراض الخارجية فحسب، وإنما هي منطقٌ حواري يقابل بين عالمينِ لُغَويين متباينين، وينحُوَانِ تدريجيًّا للتداخل فيما بينهما؛ لتبرز من ذلك لغة متجددة، تنطوي على معانٍ غير مسبوقة؛ وبهذا يكون الفهم المتحقق تفاهما.
البلاغة مظهر متقدِّم للوعي باللغة؛ أي لتأمل اللغة ذاتها؛ فنشأتها بوصفها مبحثًا قائم الذات هي الشهادةُ الأولى على التأمل في اللغة، واستعمالها في الإقناع.
وتصور البلاغة باعتبارها الإبلاغ الذي يؤثِّر ويفهم لتحقيق الاستمالة والإقناع، ينسجم وفن الخطابة، فتحقيق الاستمالة غاية مشتركة بين البلاغة العربية والخطابتين القديمة عند (أرسطو) والجديدة عند (بيرلمان).
لقد كان الغرض العاطفي محورًا في الموروث البلاغي، فالشاعر والخطيب يسعيان لإقناع الجمهور؛ حيث يكون الإقناع شيئًا خارج النص؛ أي فعل شيء ما، كما أن (مقصدية التهييج) تكمُنُ في البحث عن الانفعالات العنيفة؛ كالألم والحقد والخوف، والتي تسيطر على الجمهور، وتُحدِث تهييجًا وقتيًّا أو انفجارًا عاطفيًّا؛ مما يعني أن مِن أغراض البلاغة القديمة تعليمَ المستمع مجال الأخلاقيات؛ ويتضمَّن ذلك دعوةً للعقل، وتسجيلًا لعناصر الإرشاد والنصح.
ويقتضي التأثيرُ في الجمهور واستمالته الإبانةَ والوضوح واستعمال أساليب الإقناع، وهذا ما حدا بـ(الجاحظ) إلى اعتبار الشاهد والمثل مدار العلم، ولذلك تفترض البلاغة القديمة أن القائلَ لديه شيءٌ محدَّد معروف، يرغب في تأديته ونقله إلى السامع، ويلزمه انتقاء كيفية الأداء وإزاحة العقبات لعقد الصلة بينه وبين المخاطب وإقناعه والتأثير فيه.
وقد جعل البلاغيون - انطلاقًا من محورية مهمة الإقناع والحوار في جوهر البلاغة - الاستدلالَ من أساسيات علم البلاغة؛ فالبلاغي مُطالَب بتعلم فن الحوار الذي يقود للإقناع؛ أي فن الاتصال المستمر بالمتلقي، وعقد صلة متينة وحقيقية معه.
وبهذا يتجدد الاقتناع بأن قوة البلاغة في اتصالها بالإقناع، كما أن فهمَها في معناها النسقي العام يفتحُ آفاقًا خصبة، خصوصًا عند التركيز على منطقة التفاعل الذي يتم بين أطراف ثنائيات؛ من قبيل: المتكلم / المخاطب، النص / المقام، الشكل / المضمون، الحجة/ الصورة.
كما تعلم قوة البلاغة القراءة الفاحصة لمكونات النص الداخلية، والعَلاقات الممكنة بينها وبين العناصر الخارجية؛ أي المخاطب والمقام والسياق، وهي لا تسلم فحسب بالعَلاقات الحوارية الجدلية بين الداخل والخارج، بين النص والسياق، بل تدفع للاشتغالِ التطبيقي على ما للمكونات النصية من عَلاقة بالمقاصد والأغراض، والانتباه للثراءِ الإيحائي والتعدُّد الدلالي في الأصوات والألفاظ والصور والتراكيب، وقابليتها للاستعمال في سياقات ومقامات متعددة.
المقاربة الإشهارية:
يعد الخطاب الإشهاريُّ من أنواع الخطابات التي لها أهميتُها في الحياة الإنسانية؛ فهو يتصل بها بشكل مباشر، وبالإضافة لقيمتِه التِّجارية المرتبطة بالدعاية؛ فهو ذو قيمةٍ ثقافية وأخلاقية وحضارية، تهدف إلى ترسيخ إيديولوجية معينة لدى المستهلكين.
الإشهار مادةٌ إعلامية اتصالية، تقوم بوظيفة أساسية تتحدَّد في الإخبار والإعلام والتفسير والشرح، قاصدة المستهلكين الراغِبين في شراء السلعة، مزوِّدة إياهم بما يكفي من المعلومات عنها، وهو يعتمد وسائل اتصال تطورت من الطور الشفهي إلى الكتابي إلى استعمال الآليات الإلكترونية والرقمية؛ فهدف الإشهار هو توزيع وترويج السلعة، والزيادة في الربح عبر البحث عن حلول مناسبة (تعديل البيع عبر تخفيض الأسعار، لزيادة الإنتاج وتقليل التكلفة، وتحسين مستوى السلعة نتيجة للمنافسة).
وقد أتاح تطورُ التكنولوجيا وسائلَ كثيرة ومتنوعة للإعلام والاتصال، فالإشهار التليفزيوني استفادَتْ رسالتُه من التطورات التقنية، فتطورت أساليبه في الإخراج والإنتاج والتوزيع، مستفيدة من الفنون والعلوم الإنسانية؛ قصد إيجاد عَلاقة طيبة وإيجابية بين المستهلِك والسلعة حتى يهتمَّ بمضمون وتصميم وبناء الرسالة[29].
كما أنه من الوسائل الضرورية في البيع؛ فهو الواسطة التي يعرض من خلالها البائع بضاعتَه - سواء أكانت فكرًا أو سلعة أو خدمات - وبين الزبون المرتقب المضطر إلى استعمال تلك البضاعة في تدبير شؤونه اليومية، وهذا ما تمارسه المؤسسات الإعلامية، لا سيما الفضائيات التي تبثُّ رسالتها ضمن عوامل جذب مختلفة؛ فالحركة المثيرة تمتزج بالهدف الترويجي والأداة الدعائية في كِيان الرسالة اللُّغوية، التي تصبح بمثابة شيءٍ شخصي يتم بثه والدعاية له من قِبَل الأفراد الذين تلقَّوه من قبل[30].
ويتَّسِم الخطاب الإشهاري بطبيعته المتشابكة؛ فهو من جهةٍ خطابٌ يُوصَف بالنسيج اللُّغَوي، وهو من ناحيةٍ ثانية يتَّصِل بما هو خارج الخطاب اللساني؛ حيث القيم الاجتماعية والاقتصادية، وكل ذلك له دلالته في تحقيق الإقناع الذي ينبني على توجيه المستهلك وتعديل سلوكاته دون إجبار، في ارتباط مستمر بالمنافسة والاستثمار، وإستراتيجيات التسويق والإعلان؛ مما يجسد الحرص على استقلالية التفكير بالنسبة للفرد والمجتمع[31].
وبِنْية الخطاب الإشهاري تتشكل من نسقين؛ أحدهما (لساني)؛ حيث تكون العلامة اللسانية هي الأداة المهيمنة في التبليغ، والثاني (أيقوني) تكون العلامة البصرية أداته المحورية، وحضورهما معًا أو هيمنة أحدهما على الآخر، ينبني على قصد محدد، متوافق مع المقام الإشهاري.
واشتغال الفعل الإشهاري يتأسس على وظائف متنوعة:
فالوظيفة الجمالية ترتبط بالصورة الثابتة أو المتحركة.
والوظيفة التوجيهية لدلالة الصورة، التي تصبح فضاءً مفتوحًا على كل التأويلات.
والوظيفة الدلالية؛ إذ تكون الدلالة نتيجة ما يتحصل من تأثير لدى المشاهد للصورة.
والوظيفة الإيحائية التي يتم التعويل فيها على التخييل؛ فالصورة تعبير يحاور الدواخل، وهو عالم مفتوح على مصراعَيه لكل التأويلات والتصورات.
والوظيفة التشخيصية أو التمثيلية؛ حيث تتحول الموجودات الذهنية إلى موجودات عينيَّة، تلامس وجودَ الإنسان، فيكون أقرب إليها، فتزداد رغبته المتولدة في امتلاكها.
الإشهار هو أحد الأنماط التواصلية المحورية لترويج البضائع والسلع، بشكل صريح؛ حين يتَّجِه المعلن فيه بإعلانه تجاه الزبون، أو بأسلوب غير صريح، عندما يقصد المشهر استمالة زبونِه وإغراءَه عاطفيًّا، من خلال الوسائط الإعلامية الشفوية أو المكتوبة أو المرئية، إنه عملية اتصال إقناعي، تتم عبر وسائل الاتصال المسموعة والمرئية والمقروءة، مستهدفة نقل التأثير من بائع إلى مشترٍ، على أساس غير شخصي، حاثة إياه على الإقبال على المعروض للانتفاع بخدماته، مرشدة إياه إلى مكان البضاعة ونوعها وطرق استعمالها، مقابل قيمة مالية محددة.
وينبني الخطاب الإشهاري على مكونات لسانية وأيقونية؛ مستهدفًا تحقيق مقاصد أساسية، ينتقي المشهر لتحقيقها تقنيات ومبادئ إشهارية محددة، لها دورها في إثارة عواطف الزبون ليقبل على السلعة ويقتني ما هو معروض برغبة موجهة لفكره.
وتتحدَّد كفاءة هذا الخطاب في كونه فعلًا كلاميًّا، له قوته الإنجازية، وبِنْيته الحجاجية، فهو بِنْية نصية مرتبة الحجج وعملية لسانية وعقلية، تتأسس على مبدأ استمالة الآخر، تمهيدًا لتعديل مواقفه وسلوكاته، نحو ما هو فكري أو مادي، وهو يشير إلى الطاقة الاستهلاكية المتنامية لدى الزبون، ويقوم بالسعي إلى توجيه الرأي العام السائد، عبر قدرته على تقنية التمرير المستهلكة آنيًّا، والتي تمر منها إيديولوجية الباعث وقيمه؛ وذلك اعتمادًا على شبكة متداخلة المكونات.
أما (الرسالة الإشهارية)، فتتأسس على نظام من العبارات، التي تتسم بالإيجاز المرفوق بالإيقاع الخفيف، وذلك في إطار تمتزج فيه الصورة بالصوت، ولكي يحقق الفعل الإشهاري نجاعته، فهو ينتظم في قواعد، تجعله موفقًا لكي يتم تداوله، ومن تلك القواعد:
أن تكون الرسالة الإشهارية ذات صبغة عمومية، فلا تختص بكل فرد على حدةٍ، وأن يكون حجمها ومدتها الزمنية متحكمًا فيها من المشهر، وأن تضخم السلعة وتهوِّن قيمتها.
وللبُعْد التأثيري حضوره في هذا الخطاب الإشهاري، فالترويج للسلعة المعروضة، سواء كانت مادية أو معنوية، يكون بإبراز الخصائص التي تميزها، (وهو ما يشكل تطابقًا مع مفهوم السمة المميزة ومبدأ القيمة الواردين عند رائد البنيوية)؛ وذلك بهدف إقناع جمهور الزبائن بأهمية الاقتناء، مما يجسد العملية الإشهارية، بوصفها فعلًا اقتصاديًّا واجتماعيًّا.
فالإقناع في المجال الإشهاري يرتكز على العاطفة والعقل معًا، انطلاقًا من مقولة (تصديق الناس ما يميلون لتصديقه)، ويصدقون ما يكون معززًا بشهادة أهل الخبرة والسلطة والجاه، من غير إضفاء طابع المبالغة، ولذلك فالإقناع الإشهاري يحصل بطرق عدة؛ منها:
• إبراز إقبال الجمهور على استعمال السلعة.
• سوق شهادة ذوي الاختصاص والخبراء.
• تقديم الضمان للسلعة لحيازة ثقة المستهلك[32].
كما يكون عن طريق:
• تصحيح الفكرة غير الصحيحة عن السلعة.
• تذليل مخاوف المشترِين فيما يتعلق بالسلعة.
• خلق صورة الشركة.
• إقناع المستهلِكين بالقيام بعملية الشراء فوره.
• إقناع المستهلكين بضرورة الاتصال مع الممثل التِّجاري للشركة.
• عدم إتاحة الفرصة للمستهلكين في الفترة ما بين المواسم.
• تعزيز إعلام المستهلكين حول السلعة"[33].
ومن الناحية الخطابية، فالفعل الإشهاري، هو خطاب له مكوناته ودلالاته، يبعثه مرسل إلى متلقٍّ، وهو يتقاطَع مع الخطابات الأخرى في بعض سماتها ومكوناتها، كما أنه يتضمن بُعدًا حواريًّا، يظهر بشكل صريح أو يتبدَّى بصورة ضمنية، عندما يتم افتراض متلقٍّ معلق، له آراؤه الشخصية، بخصوص الفكرة أو السلعة المروج لها؛ فالمستهلك يميل إلى البضاعة أو الفكرة، اعتمادًا على محاورة مشتركة يجريها مع مستمعٍ، وتغذيها بلاغة الصورة وتأثير الصوت وخصوبة الخيال.
وإذا كان للصور الفوتوغرافية والملصقات الإشهارية بلاغتها؛ فللغة المرافقة لها في الخطاب الإشهاري وظيفتها الترسيخية، التي تتحقق عندما لا يتجاوز تأويل الصورة حدودًا معينة، فتوجيه المتلقِّي إلى معنًى محدد، هو وظيفة هذه اللغة، التي تعمل على تثبيته في ذهنه، بوصفه معنى محوريًّا، كما أن لهذه اللغة وظيفتَها الداعمة لدلالة الصورة، فينتظم المعنى اللُّغوي مع دلالة الصورة لينتج معنى كليًّا، تنصهر فيه الصورة والكلمة.
والتحليل التداولي يمكن أن يعمَّ عدة نماذج إشهارية، تحضر فيها أنواع الحجج اللسانية والأيقونية، التي يتحقق الفعل اللُّغوي على أساسها، بِناءً على مبدأ الترويج للأفكار والسلع، شفويًّا وسمعيًّا وبصريًّا، في الملصقات الإشهارية والإعلانات التلفزية والبرامج الإذاعية، التي تعدُّ مجالًا لاستكشاف الفعل الإشهاري في بعده الحجاجي، ومعظم الأنماط الإشهارية تقومُ على عدد من السمات المميزة منها على (المستوى اللساني):
غياب القيمة الزمنية الواقعية، واستعمال الضمير الجمعي لتمتين العَلاقة بين المشهر والمشهر له، وجعل الخطاب الإشهاري غير قابل للدحض، وهيمنة الفعل الطلبي المباشر وغير المباشر، وبروز البِنْية اللسانية للخطاب الإشهاري، في بساطة جملتها وكثافة بِنْيتها، وتداخل مستويي الفصحى والعامية فيها، كما تتميز ببراعة المرور من السرد إلى الوصف، أو التفسير، أو البرهان، والمبالغة في اعتماد التخييل والمغامرة والسجع، وتَكرار العبارات والعناية بالدلالة السميائية والرمزية، والبُعْد الإيحائي للكلمة والصوت والصورة، وتبني إستراتيجية الحذف بدليل مقامي أو سياقي، والذي ينسجم مع مبدأ (الاقتصاد نصف المعيشة)؛ الذي يحرص المشهر وفقًا له على إقناع المقصود بالإشهار، بأهمية السلعة وسعرها البخس، من حيث هي قيمة اجتماعية متجذِّرة.
أما على (المستوى الأيقوني)؛ فالعلامة الإشهارية الدالَّة في الخطاب الإشهاري يسهم في تكوينِها الصوت والصورة واللون والحركة والموسيقا والديكور، فالمعنى اللساني المثبت في اللفظ ينعم بالحياة، في حركة مشهدية تُعِيد صياغته من جديد، فتنبعث القيم المجردة من طور الخفاء إلى حيِّز التجلي، فتصبح شيئًا محسوسًا، يستشعره المتلقي في ضوء المشاهد الإشهارية المنتجة، التي تتخلَّل الخطاب اللساني؛ فالعوالم المثالية المجرَّدة، قد تتحوَّل إلى عوالَم ممكنة، متَّسِمة بالغرائبية؛ كإشهار بذلة رياضية بالقفز من مسافات شاسعة، أو تناول مشروب معين ينقلب معه الضعف الإنساني إلى قوة خارقة.
وتساهم الإشارات والحركة الجسدية في توطيد عَلاقة المرسل والمستهلِك، فتجعله أكثر ثقةً ورغبةً في الإقبال على المنتوج المعروض، لا سيما عندما يدعم ذلك النغم الصوتي واللون المختار، المتلائمين مع موضوع الإشهار.
ومن الركائز الأساسية لعمليةِ الإقناع في الخطاب الإشهاري، بعد إعلانِ المشهر عن البضاعة، أن تكون الرسالة الإشهارية موجزة ومختصرة، وفقًا لقاعدة الكم التي تقوم عليها نظرية الحوار لـ(كرايس)، والقائمة على قاعدة تقديم القدر الكافي والمفيد من المعلومات، ووفقًا لقاعدة الكيف التي نصَّت عليها النظرية نفسها، ينبغي العمل بمبدأ (لكل مقام إشهار)، وإضفاء الطابع المثالي لما هو معروض.
ولكي يحقق الخطاب الإشهاري هدفه الإقناعي، يحسن به تأسيس كِيانه بحجج وبراهين داعمة للسلعة أو الأطروحة؛ حتى تكون مثالًا مقبولًا لدى المستهلِك؛ ولذلك فالحجاج اللُّغوي المحقق للإقناع يعتمد على ترتيب الأفكار بشكل تتسلسل فيها الجُمَل، واعتماد الشاهد الحجاجي المتمثل في الأقوال والأمثال والحكم المأثورة، والمبدأ الكوني المسلَّم به ونقل المتلقي من الجزئي إلى الكلي.
ويقوم النسق اللُّغوي بتقطيع دوال الصورة في الخطاب الإشهاري، وتسمية مدلولاتها؛ فالقيمة الإقناعية للصورة وأنظمة الحركة واللباس والموسيقا في الخطاب الإشهاري، لا تكون ناجعةً إلا بعد مرورها بمحطة اللغة.
وإذا كان الخطاب الإشهاري متأسسًا على مقوِّمات وعناصر متشابكة، لا تتم الفائدة إلا بها[34]، ونسقًا مشكلًا ودالًّا على قِيَم متعددة، نفسية واجتماعية وثقافية؛ فهذا ما يفترض استدعاءَ خبرات ومعارف تنهلُ مِن تخصصات مختلفة؛ قصد استكناهِ الإستراتيجية التي ينبني عليها والأغراض التواصلية اللسانية التي يروم تحقيقها؛ لذلك فأنسب مقاربةٍ لتحليل بِنَى الإشهار وتحديد أغراضه هي (المقاربة السيميائية)؛ لأن دراستها لا يمكن أن يؤطرها التحليل اللساني الصرف؛ فهناك مداخل لسانية ونفسية واجتماعية وثقافية, تفيد في المستوى التحليلي.
[1] ينظر: محمد العمري، ( 2006)، "تداخل الحجاج والتخييل"، سلسلة ندوات ومناظرات، تنسيق حمو النقاري، "التحاجج، طبيعته ومجالاته ووظائفه وضوابطه"؛ منشورات كلية الآداب الرباط، مطبعة النجاح الجديدة - الدار البيضاء، ص 9.
[2] ينظر محمد الولي، (2 أكتوبر ديسمبر 2011)، "مدخل إلى الحجاج أفلاطون وأرسطو وشايم بيرلمان"، مجلة عالم الفكر، ص15.
[3] ينظر حازم القرطاجني (1981)، "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"، تح/ محمد الحبيب بن الخوجة، منشورات دار الغرب الإسلامي، بيروت، ص19.
[4] حازم القرطاجني: "منهاج البلغاء وسراج الأدباء"، ص361.
[5] Voir :Roman jakobson )1977( Huit questions de poétique" ,ed. Seuil.PP 16 17.
[6] Voir :Roman jakobson " Linguistique et poétique in Essais de Linguistique générale" ed. Minuit,Paris." p218.
[7] ينظر: محمد الولي، "مدخل إلى الحجاج أفلاطون وأرسطو وشايم بيرلمان"، ص 15.
[8] ينظر: محمد الولي، "المرجع نفسه"، ص 17 .
[9] ينظر: محمد الولي، "المرجع نفسه"، ص16.
[10] ينظر: محمد الولي، "مدخل إلى الحجاج أفلاطون وأرسطو وشايم بيرلمان"، ص 17.
[11] ينظر: محمد العمري، "تداخل التخييل والحجاج"، ص 10 - 11.
[12] ينظر: محمد الولي، "مدخل إلى الحجاج، "أفلاطون وأرسطو وشايم بيرلمان"، ص 19.
[13] صلاح فضل، (أغسطس 1992 العدد 164)، "بلاغة الخطاب وعلم النص"، عالم المعرفة، ص 253.
[14] ينظر: صلاح فضل، "بلاغة الخطاب وعلم النص"، ص 257.
[15] ينظر: صلاح فضل، "المرجع نفسه"، ص 259.
[16] ينظر: صلاح فضل، "بلاغة الخطاب وعلم النص"، ص 262.
[17] ينظر: محمد الولي، "مدخل إلى الحجاج، "أفلاطون وأرسطو وشايم بيرلمان"، ص 18.
[18] ينظر: محمد العمري "تداخل الحجاج والتخييل"، ص 9.
[19] ينظر: رضوان الرقبي، (2 أكتوبر ديسمبر 2011)، "الاستدلال الحجاجي التداولي وآليات اشتغاله"، مجلة عالم الفكر، المجلد40، ص 82.
[20] هنري بليت، (1999)، "البلاغة والأسلوبية"، "نحو نموذج سيميائي لتحليل النص"، ترجمة وتقديم وتعليق محمد العمري، إفريقيا الشرق، ص23.
[21] محمد العمري، (1991)، "المقام الخطابي والمقام الشعري في الدرس البلاغي"، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية، مطبعة النجاح، العدد5، ص8.
[22] ينظر: رضوان الرقبي، "الاستدلال الحجاجي التداولي وآليات اشتغاله"، ص 68.
[23] ينظر: عبدالسلام عشير، (2010) "تطور التفكير اللغوي، "من النحو إلى اللسانيات إلى التواصل"، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، ص 77.
[24] ينظر: هنري بليت "البلاغة والأسلوبية"، ص24.
[25] ينظر: محمد العمري، "تداخل الحجاج والتخييل"، ص 11 .
[26] ينظر: هنري بليت، "البلاغة والأسلوبية"، ص23 - 24.
[27] ينظر: هنري بليت، "البلاغة والأسلوبية"، ص25 .
[28] ينظر: رضوان الرقبي، "الاستدلال الحجاجي التداولي وآليات اشتغاله"، ص 69.
[29] ينظر: فنور بسمة، (2007/ 2008)، "الرسالة الإشهارية في ظل العولَمة"، "دراسة تحليلية للرسالة الإشهارية في الفضائيات العربية؛ قناة الشرق الأوسط mbc نموذجًا"، مذكرة مكملة لنيل درجة الماجستير في الاتصال والعلاقات العامة، جامعة منتوري قسطنطينة، الجزائر، ص 107.
[30] ينظر: سمير شريف استيتية، (3 يناير، مارس 2006)، "ثلاثية اللسانيات التواصلية"، مجلة عالم الفكر، المجلد34، ص13.
[31] ينظر: سمير شريف استيتية، "ثلاثية اللسانيات التواصلية"، ص13.
[32] ينظر: فنور بسمة، "الرسالة الإشهارية في ظل العولَمة"، ص 99.
[33] فنور بسمة، "المرجع نفسه"، ص 91.
[34] ينظر: عبدالقادر الغزالي، "اللسانيات ونظرية التواصل، "رومان ياكبسون نموذجًا"، ص39.