عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-09-2022, 01:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,970
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة الفوائد الجنيـــة من الهجرة النبويـــة



سلسلة الفوائد الجنيـــة من الهجرة النبويـــة
(الجزء الرابع)
سلمان بن يحي المالكي



ثانيا : المدينة النبوية ، التأسيس والتوطين ..!

وهذه قضيةٌ مهمةٌ ، وهي أنه لا بُدَّ أن يكونَ للفئةِ المسلمةِ موطنٌ أو موضعٌ تتأسسُ فيه وتتربى عليه ، وتستطيعُ أن تمارسَ من خلالِه عمليةَ التغيير ، وقد كان هذا في دارِ الأرقمِ بنِ أبي الأرقمَ قبلَ الهجرةِ ، فقد كان موطنُ بناءٍ وتعليمٍ وإرشادٍ وغرسٍ للعقيدةِ وبناءٍ للإسلام في النفوسِ ، وتجميعٍ للصفوف ومعرفةٍ لواقع الباطلِ والجاهليةِ ، وهذا التجمعُ هو الذي كان يحرِّكُ دعوةَ الإسلامِ حتى أذن الله بالهجرةِ فكان التأسيسُ والتوطينُ في صورةِ دولةٍ وفي صورةِ مجتمعٍ متكاملٍ في مهَاجَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم .
لقد كانَ هدفُ النبيِ صلى الله عليه وسلم من هجرتهِ إلى المدينةِ إيجادُ موطئ قدم للدعوة هناك حتى تَنْعُمَ بالأمنِ والاستقرار ، حتى تستطيعَ أن تَبْنِي نفسَهَا من الداخلِ وتَنْطَلِقَ لتحقيقِ أهدافِها في الخارجِ ، ولقد كان هذا الهدفُ أملاً وحلُما يراودُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم "رأيتُ في المنامِ أني أهاجرُ من مكةَ إلى أرضٍ بها نخلٌ ، فذهب ظني إلى أنها اليمامة أو هجر ، فإذا هي يثرب "

كان هدفُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم من الهجرةِ تكثيرُ الأنصارِ وإيجاد رأيٍ عامٍ مؤَيِّدٍ للدعوةِ ، لأن وجودَ ذلكَ يوفرُ على الدعوةِ الكثيرَ من الجهودِ ويُذَلِّلُ في طريقِها الكثيرَ من الصِعاب ، والمجالُ الخَصْبُ الذي تَتَحققُ فيه الأهدافُ والمُنْطَلَقُ الذي تَنْطَلِقُ منه الطاقاتُ هو في المدينة ، ولهذا حرِصَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يبعثَ مصعبَ بنَ عميرٍ أولَ سفيرٍ في الإسلام ، حرِص صلى الله عليه وسلم أن يرسله ليكونَ سفيرَه إلى المدينةِ ليعلِّمَ الأنصارَ الإسلامَ وينشرَ دعوةَ الله فيها ، ولمّا اطمأنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى وجودِ رأيٍ عامٍ مؤَيِّدٍ للدعوةِ في المدينة حثّ أصحابَه إلى الهجرةِ إليها وقال لهم "هاجروا إلى يثرب ، فقد جعلَ الله لكم فيها إخواناً وداراً تأمنونَ بها "

لقد كان هدفُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلمَ من الهجرةِ استكمالُ الهيكلِ التنظيميِ للدعوةِ ، فقد كان صعباً أن يكونَ الرسولُ القائدُ في مكةَ ، والأنصارُ والمهاجرونَ في المدينة ، صعبٌ أن يكونَ المعلمُ في مكةَ والتلاميذُ بعيدونَ عنه في المدينة ، ولهذا هاجرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليكونَ بين ظهْرَاَنيْ أتباعِه ، لأن الجماعةَ بدونِ قائدٍ كالجسدِ بلا رأسٍ ، ولأنَّ تحقيقَ أهدافِ الإسلامِ الكبرى لا يتمُّ إلا بوجودِ جماعةٍ مؤمنةٍ منظَمَةٍ ، تُغَذِّ السيرَ إلى أهدافِها بخُطًى وئيدةٍ وطيدةٍ متينةٍ .
فما أحوجَ المسلمينَ اليومَ إلى هجرةٍ نحو الله ورسولِه ، هجرةٍ إلى الله بالتمسكِ بحبله المتينِ وتحكيمِ شرعهِ القويم وهجرةٍ إلى رسوله صلى الله عليه وسلم باتباعِ سنته ، والاقتداءِ بسيرته ، فإنْ فعلوا ذلك فقد بدأوا السيرَ في الطريقِ الصحيحِ وبدأوا يأخذونَ بأسبابِ النصرِ ، وما النصرُ إلى مِن عندِ الله ، ويسألونكَ متى هو ؟ قل عسى أن يكونَ قريباً
.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.96 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 15.33 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.93%)]