عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 27-08-2022, 03:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,033
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نبض الحب في تلخيص كتاب القراءة بالقلب

نبض الحب في تلخيص كتاب القراءة بالقلب
أبو سهيل أحمد بن فارس





لاحظ الربط بين الخشوع في الصلاة وبين تدريب اللسان على الكلام الطيب وبُعده عن اللَّغْو، إن كثرة اللَّغْوِ وكثرة سماعه هو الذي يُفسد القلب، ويُذهِب الخشوع في الصلاة، تذكَّر أن هذه الهواجس التي تملأ قلبك آناء الليل والنهار تدمِّر حياتك، وتقضي على طموحاتك، وتَحُول بينك وبين تحقيق أهدافك، وتؤدي إلى نقصك عن أقرانك في الدِّين والدنيا والآخرة.

تَذكَّرْ: أن فتح باب القلب لهذه الهواجس هو الذي يحرمك من عمق القراءة، ويؤدي إلى ضياع الوقت في قراءة سطحية وهمية، تظن أنك تقرأ بينما دقائق حياتك الثمينة الغالية النفيسة تذهب في هواجس دون أن تُحس أو تشعر، فيضيع وقتك دون إنجاز أعمالك وتحقيق طموحاتك.


من يتقن قيادةَ القلب، يمكنه تحصيل علم غزير، وإيمان عميق، وعمل صالح كثير، في وقت قصير، وجهد يسير، يمكنه تحقيق الاستثمار الأمثل للوقت والحياة، وتحقيق أعلى المستويات، وبلوغ أعلى الدرجات، وأرفع الرتب والمستويات.

إذًا الخلاصة: أتقن كلامك تحقق أحلامك؛ لا، بل: ((لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله))، إن كنت تريد العزة والرِّفعةَ والنصر والسعادة، والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.

إن من أهم مقاصد قيادة القلب: تحقيق البصيرة بالوسواس الخناس الذي يُضعِف القلب، ويحدث النسيان والسهو عن القراءة، ويقلِّلُ من تأثيرها في القلب، أو يصد عنها بالكلية، فإذا أمكن قيادة القلب تحققت القراءة، وتحقق كونها بقلب، ولم يتمكن الوسواس الخناس من تعطيل القلب أو إضعافه، فيتحقق بذلك قوة القلب بأنواعها، ومن ثَمَّ تحقيق الأهداف في الحياة.

المسألة السادسة: قوة القلب بين التوكل والتدريب:
الأول: التوكل على الله تعالى والتضرع إليه.
الثاني: فِعل الأسباب التي أمرنا الله تعالى بفعلها.

ولا يصح أبدًا إغفال أو إهمال أحد الجانبين، أو التركيز على جانب دون الآخر؛ فكلاهما مطلوب، والقاعدة في هذا: (اعقلها وتوكل).

المسألة السابعة: القراءة بقلب في جوف الليل:
إن قراءة القرآن في جوف الليل الآخر لا يعدلُها أي قراءة، إنها الوقود لصحة القلب وحياته، فهي المنطلق والأساس في كل ما يقال في القراءة بقلب، بدونها يصبح القلب ضعيفًا، ولا يمكنه القيام بما تم توصيفه وتوضيحه في هذا البحث، إن قناعة الناس وإيمانهم بأهمية هذا العلاج ضعيفة؛ لذلك يحصل التهاون به، حتى من بعض طلاب العلم والدعاة الصالحين.

القراءة في جوف الليل سر من أسرار الحياة سهل ميسَّر بعون الله، فاستَفِدْ منه قبل فوات الأوان، وحينها لا يمكن الاستدراك ولا ينفع الندم.

جوف الليل الآخر من أهم أوقات القراءة بقلب؛ لذا فإن الشيطان يحرص أشد الحرص على تفويت هذه الفرصة كل ليلة على الإنسان؛ ليتمكن منه وينتصر عليه، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، حيث قال: (( يَعْقِدُ الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاثَ عقدٍ، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد))، وقال عن رجل نام حتى أصبح: ((ذاك رجلٌ بالَ الشيطان في أذنيه))؛ البخاري ومسلم.

المبحث الخامس: مفاتيح القراءة بقلب
أولاً: مفاتيح عامة:
المفتاح الأول: الاستعانة بالله عز وجل:
أولاً: أن يشرح صدرَه للقراءة، وتوجد لديه الرغبة والإرادة.
ثانيًا: أن ييسر له أسباب القراءة.
ثالثًا: أن ييسر له الفهم والذكر.
رابعًا: أن ييسر له الانتفاع بما قرأ واستدامة ذلك.

المفتاح الثاني: الاستعاذة من الشيطان الرجيم:
﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]، فأعظم عمل يشتد فيه الشيطان على العبد هو القراءة، أيُّ قراءة متى كانت باسم الله، وتحقيق العلم بالله تعالى، فهو يجلِب بخَيْلِه ورَجِلِه حين يرى إنسانًا يَهُمُّ بمثل هذه القراءة، ثم يحاول مقاطعته وإشغاله حين يقرأ، ثم يحاول نسيانه لما قرأ وصرفه عن الانتفاع به في الحياة.

المفتاح الثالث: الطهارة:
أولاً: الوضوء:
الوضوء يحفظ ويحمي النفس من الشياطين، فكثير من الوهن والخمول والكسل سببه الشيطان، والوضوء يحفظ النفس من الأرواح الخبيثة؛ فيحصل بذلك النشاط والقوة البدنية والنفسية فيكون عونًا على القراءة.

ثانيًا: السواك:
السواك من المفاتيح المهمة لقراءة اسم الله تعالى، فكلما كان المحل نظيفًا طاهرًا كانت القراءة أعلى وأكمل.

المفتاح الرابع: الصيام:
مما لا شك فيه أن الصيام يجعل الدم نظيفًا نقيًّا، ويؤدي إلى قلة كثافته وحجمه، وهذا يؤدي إلى خفة الروح والنفس وصفائها، واستعدادها لتقبُّل الأمور الفكرية والمعنوية.

المفتاح الخامس: مراعاة حاجات البدن:
ومن ذلك: النهي عن الصلاة حاقنًا أو حاقبًا، أو بحضرة طعام يشتهيه، أو يغالبه النوم، ويقاس عليها ما كان في معناها؛ مثل انتظار مكالمة أو قدوم شخص.

ثانيًا: مفاتيح التدبر:
تعريفها: هي مفاتيح الجودة والنوعية التي تجعل القراءة أكثر عمقًا وفقهًا ووعيًا وحفظًا، وهي عشرة مفاتيح:
1 - الإرادة أو الحب.
2 - استحضار الأهداف أو المقاصد.
3 - الحفظ.
4 - التركيز.
5 - الوقت.
6 - الترتيل.
7 - الجهر والتغني.
8 - التَّكْرار.
9 - التحزيب.
10 - الربط[2].

ثالثًا: مفاتيح الإنجاز:
تعريفها: مفاتيح الإرادة والإدارة، مهمتها تحويل القول إلى فعل، والعلم إلى عمل، والنظر إلى تطبيق، والتخطيط إلى تنفيذ.

المِفتاح الأول: التحديد، وله ست أدوات، هي:
(ماذا - لماذا - كم - كيف - أين - متى).

الثاني: التحديث أو التذكير.

الثالث: التوكل.

الرابع: التركيز.

الخامس: التعقيب والمتابعة.

السادس: التيسير.

السابع: التنفيذ[3].

المبحث السادس: مقاصد القراءة بقلب
تم توضيحها في المفتاح الثاني من مفاتيح التدبر.


المبحث السابع: تدريبات القراءة بقلب
معنى التدريب: أي التعويد والتربية والترسيخ والتثبيت لمثل هذه الأعمال، وأن تكون بأعلى المقاييس والمواصفات المطلوبة، هذه التدريبات يتم تطبيقها على عدد من مجالات القراءة، وهي:
ذكر الله عز وجل.
الصلاة.
قراءة القرآن.
القراءة قبل النوم.
القراءة العامة.

أهم مجالين عليهما مدار النجاح: الأول والثاني.

المبحث الثامن: قياس القراءة بقلب
المسألة الأولى: بدون قياس لا يوجد حماس:
في كل أمر تقوم ببنائه وتطويره حين لا يوجد قياس يُبيِّنُ أثر الجهد المبذول، ويوضح الفرق بين الأمس واليوم، فإنه لا يوجد حماس وهمة ونشاط للمُضِيِّ فيه والاستمرار في عمله.

القراءة بقلب هي مهارة لها مقاييس، يتفاوت الناس في مقدار قوتهم فيها، لا بد من الوضوح العملي الرقمي لهذه المهارة، وأن يعرف كل إنسان مقدار قوة القراءة بقلب لديه مثل ما يعرف مقدار وزنه.

القراءة تزيد وتنقص، وذلك يرجع إلى أمرين:
الأول: التدريب والرياضة.
الثاني: الحفظ التربوي.

فكلما زاد مقدار الثروة اللُّغوية، زادت قوة القراءة بقلب.

قد يقول بعض الناس: قمت بالتدريب والرياضة ولم أرَ أثرًا؟!

فالجواب عن ذلك أحد الأمور:
الأول: أنه لم يستطع القياس بطريقة صحيحة.
الثاني: أنه لم يطبق التدريب واستخدام المفاتيح بشكل صحيح.
الثالث: أنه مستعجل؛ يريد أن يرى الفرق الكبير في الوقت القصير.

كل هؤلاء لا مكان لهم في تطوير القراءة بقلب؛ وإنما هي لمن:
1 - تمهَّل وتأنَّى، وصبَر وجاهد، ولم يبخل على نفسه؛ بل يكثِرُ من القراءة بقلب قدر طاقته واستطاعته.
2 - طبَّقَ المفاتيح بكل دقة.
3 - تمكَّن من القياس الصحيح.

المسألة الثانية: قياس قوة القراءة بقلب:
قياس قوة القراءة بقلب تتأثر بكل ما يَشغَلُ القلب؛ ولذلك فإن قوة التركيز متغيِّرة باستمرار، لكن المقياس المعتبر هو الذي يؤخذ في مواصفات محددة؛ مثل:
1 - أن يكون في مكان معزول عن أي صوت أو صورة.
2 - أن تكون الحالة النفسية غير متأثرة برغبة أو تثاقُل.
3 - أن تكون الكلمات المكررة غير جديدة، بل معتادًا عليها.

والقياس يكون باستخدام ساعة توقيت يتم تشغيلها عند بداية القراءة، وإيقافها متى شئت أو حين يحصل سهو وشرود للقلب عما تم تحديد قراءته.

من أهم مقاييس مدى التقدم في مهارة القراءة بقلب هو تدريب قراءة القرآن في الصلاة، وتقاس قوة التدريب بعدد الأوجه التي يتم قراءتها يوميًّا، بشرط أن تكون مستوفيةً للشروط والمواصفات المذكورة في التدريب.

المسألة الثالثة: قياس وربط العلم بالعمل "الحفظ التربوي":
هي اختبارات وصفية يمكن تحويلها إلى أرقام بالتقدير والتحكيم، ومن ذلك:
1- قوة التحكم بالانفعالات والمشاعر في المواقف اليومية.
2- نشاط البدن وانخفاض الحاجة للراحة أو النوم.
3- القدرة على ترك عادات عميقة وقديمة والإقلاع عنها.
4- قوة الإرادة في ترك طعام ترى المصلحة في تركه.
5 - قوة التحكم بالخواطر؛ أي منع أي خواطر مزعجة لا تريدها.
6 - الانضباط أو التقيد بالمواعيد.
7 - قوة الانتباه للكلمات التي تسمعها من الآخرين والتحكم فيها.
8 - الهدوء والرفق في مخاطبة الآخرين وانتقاء العبارات.
9- نقص حالات النسيان.
10- نقص حالات الغضب أو الاستعجال.


[1] الحفظ التربوي للقرآن وصناعة الإنسان (ص: 65).

[2] كتاب: "مفاتيح تدبر القرآن والنجاح في الحياة".

[3] كتاب: "مفاتيح إنجاز الأهداف وبرنامج مواعيد".



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 28.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 27.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]