عرض مشاركة واحدة
  #179  
قديم 26-08-2022, 03:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,318
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ آل عمران
المجلد الخامس
الحلقة( 179)

من صــ 141 الى صـ 150



بعثوا بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان. (والجواب الثاني أن ما حصل من الضرر أمر مغمور في جنب ما حصل من النفع كالمطر الذي عم نفعه إذا خرب به بعض البيوت أو احتبس به بعض المسافرين والمكتسبين كالقصارين ونحوهم وما كان نفعه ومصلحته عامة كان خيرا مقصودا ورحمة محبوبة وإن تضرر به بعض الناس. وهذا الجواب أجاب به طوائف من المسلمين وأهل الكلام والفقه وغيرهم من الحنفية والحنبلية وغيرهم ومن الكرامية والصوفية وهو جواب كثير من المتفلسفة. وقال هؤلاء: جميع ما يحدثه في الوجود من الضرر فلا بد فيه من حكمة قال الله تعالى {صنع الله الذي أتقن كل شيء} وقال
{الذي أحسن كل شيء خلقه} والضرر الذي يحصل به حكمة مطلوبة لا يكون شرا مطلقا وإن كان شرا بالنسبة إلى من تضرر به؛ ولهذا لا يجيء في كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم إضافة الشر وحده إلى الله؛ بل لا يذكر الشر إلا على أحد وجوه " ثلاثة " إما أن يدخل في عموم المخلوقات فإنه إذا دخل في العموم أفاد عموم القدرة والمشيئة والخلق وتضمن ما اشتمل عليه من حكمة تتعلق بالعموم وإما أن يضاف إلى السبب الفاعل وإما أن يحذف فاعله. فالأول كقوله تعالى {الله خالق كل شيء} ونحو ذلك ومن هذا الباب أسماء الله المقترنة كالمعطي المانع والضار النافع المعز المذل الخافض الرافع فلا يفرد الاسم المانع عن قرينه ولا الضار عن قرينه؛ لأن اقترانهما يدل على العموم وكل ما في الوجود من رحمة ونفع ومصلحة فهو من فضله تعالى وما في الوجود من غير ذلك فهو من عدله فكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
{يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يمينه وبيده الأخرى القسط يخفض ويرفع} فأخبر أن يده اليمنى فيها الإحسان إلى الخلق ويده الأخرى فيها العدل والميزان الذي به يخفض ويرفع فخفضه ورفعه من عدله وإحسانه إلى خلقه من فضله. وأما حذف الفاعل فمثل قول الجن {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} وقوله تعالى في سورة الفاتحة {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ونحو ذلك.

وإضافته إلى السبب كقوله {من شر ما خلق} وقوله {فأردت أن أعيبها} مع قوله {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما} وقوله تعالى {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} وقوله {ربنا ظلمنا أنفسنا} وقوله تعالى {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم} وأمثال ذلك.

ولهذا ليس من أسماء الله الحسنى اسم يتضمن الشر وإنما يذكر الشر في مفعولاته كقوله {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم} {وأن عذابي هو العذاب الأليم} وقوله {إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم} وقوله {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} وقوله {إن بطش ربك لشديد} {إنه هو يبدئ ويعيد} {وهو الغفور الودود} فبين سبحانه أن بطشه شديد وأنه هو الغفور الودود.
واسم " المنتقم " ليس من أسماء الله الحسنى الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جاء في القرآن مقيدا كقوله تعالى {إنا من المجرمين منتقمون} وقوله {إن الله عزيز ذو انتقام} والحديث الذي في عدد الأسماء الحسنى الذي يذكر فيه المنتقم فذكر في سياقه {البر التواب المنتقم العفو الرءوف} ليس هو عند أهل المعرفة بالحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا ذكره الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أو عن بعض شيوخه؛ ولهذا لم يروه أحد من أهل الكتب المشهورة إلا الترمذي رواه عن طريق الوليد بن مسلم بسياق ورواه غيره باختلاف في الأسماء وفي ترتيبها: يبين أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وسائر من روى هذا الحديث عن أبي هريرة ثم عن الأعرج ثم عن أبي الزناد لم يذكروا أعيان الأسماء؛ بل ذكروا قوله صلى الله عليه وسلم {إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة} وهكذا أخرجه أهل الصحيح كالبخاري ومسلم وغيرهما ولكن روي عدد الأسماء من طريق أخرى من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة ورواه ابن ماجه وإسناده ضعيف يعلم أهل الحديث أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وليس في عدد الأسماء الحسنى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذان الحديثان كلاهما مروي من طريق أبي هريرة وهذا مبسوط في موضعه. والمقصود هنا التنبيه على أصول تنفع في معرفة هذه المسألة فإن نفوس بني آدم لا يزال يحوك فيها من هذه المسألة أمر عظيم.
وإذا علم العبد من حيث الجملة أن لله فيما خلقه وما أمر به حكمة عظيمة كفاه هذا ثم كلما ازداد علما وإيمانا ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله ويبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} فإنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح {الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها} وفي الصحيحين عنه أنه قال: {إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة فبها يتراحم الخلق حتى إن الدابة لترفع حافرها عن ولدها من تلك الرحمة واحتبس عنده تسعا وتسعين رحمة فإذا كان يوم القيامة جمع هذه إلى تلك فرحم بها عباده} أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم هؤلاء الجمهور من المسلمين وغيرهم كأئمة المذاهب الأربعة وغيرهم من السلف والعلماء الذين يثبتون حكمته فلا ينفونها - كما نفاها الأشعرية ونحوهم الذين لم يثبتوا إلا إرادة بلا حكمة ومشيئة بلا رحمة ولا محبة ولا رضى وجعلوا جميع المخلوقات بالنسبة إليه سواء لا يفرقون بين الإرادة والمحبة والرضى بل ما وقع من الكفر والفسوق والعصيان قالوا: إنه يحبه ويرضاه كما يريده وإذا قالوا لا يحبه ولا يرضاه دينا قالوا إنه لا يريده دينا وما لم يقع من الإيمان والتقوى فإنه لا يحبه ولا يرضاه عندهم كما لا يريده. وقد قال تعالى {إذ يبيتون ما لا يرضى من القول}
فأخبر أنه لا يرضاه مع أنه قدره وقضاه - لا يوافقون المعتزلة على إنكار قدرة الله تعالى وعموم خلقه ومشيئته وقدرته ولا يشبهونه بخلقه فيما يوجب ويحرم كما فعل هؤلاء ولا يسلبونه ما وصف به نفسه من صفاته وأفعاله بل أثبتوا له ما أثبته لنفسه من الصفات والأفعال ونزهوه عما نزه عنه نفسه من الصفات والأفعال وقالوا إن الله خالق كل شيء ومليكه وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو على كل شيء قدير وهو يحب المحسنين والمتقين والمقسطين ويرضى عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ولا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر ولا يرضى بالقول المخالف لأمر الله ورسوله.

وقالوا: مع أنه خالق كل شيء وربه ومليكه فقد فرق بين المخلوقات أعيانها وأفعالها كما قال تعالى: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} وكما قال: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} وقال تعالى: {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار}.

وقال تعالى:{وما يستوي الأعمى والبصير} {ولا الظلمات ولا النور} {ولا الظل ولا الحرور} {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} وأمثال ذلك مما يبين الفرق بين المخلوقات وانقسام الخلق إلى شقي وسعيد كما قال تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} وقال تعالى: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} وقال تعالى: {يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما} وقال تعالى: {ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون} {فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون} {وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون} ونظائر هذا في القرآن كثيرة.
وينبغي أن يعلم أن هذا المقام زل فيه طوائف من أهل الكلام والتصوف وصاروا فيه إلى ما هو شر من قول المعتزلة ونحوهم من القدرية فإن هؤلاء يعظمون الأمر والنهي والوعد والوعيد وطاعة الله ورسوله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لكن ضلوا في القدر واعتقدوا أنهم إذا أثبتوا مشيئة عامة وقدرة شاملة وخلقا متناولا لكل شيء لزم من ذلك القدح في عدل الرب وحكمته وغلطوا في ذلك.

فقابل هؤلاء قوم من العلماء والعباد وأهل الكلام والتصوف فأثبتوا القدر وآمنوا بأن الله رب كل شيء ومليكه وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وأنه خالق كل شيء وربه ومليكه وهذا حسن وصواب؛ لكنهم قصروا في الأمر والنهي والوعد والوعيد وأفرطوا حتى خرج غلاتهم إلى الإلحاد فصاروا من جنس المشركين الذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} فأولئك القدرية وإن كانوا يشبهون المجوس من حيث إنهم أثبتوا فاعلا لما اعتقدوه شرا غير الله سبحانه فهؤلاء شابهوا المشركين الذين قالوا:

{لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} فالمشركون شر من المجوس فإن المجوس يقرون بالجزية باتفاق المسلمين وقد ذهب بعض العلماء إلى حل نسائهم وطعامهم وأما المشركون فاتفقت الأمة على تحريم نكاح نسائهم وطعامهم ومذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه وغيرهما أنهم لا يقرون بالجزية وجمهور العلماء على أن مشركي العرب لا يقرون بالجزية وإن أقرت المجوس فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل الجزية من أحد من المشركين؛ بل قال {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؛ فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل}.
والمقصود هنا أن من أثبت القدر واحتج به على إبطال الأمر والنهي فهو شر ممن أثبت الأمر والنهي ولم يثبت القدر وهذا متفق عليه بين المسلمين وغيرهم من أهل الملل بل بين جميع الخلق فإن من احتج بالقدر وشهود الربوبية العامة لجميع المخلوقات ولم يفرق بين المأمور والمحظور والمؤمنين والكفار وأهل الطاعة وأهل المعصية لم يؤمن بأحد من الرسل ولا بشيء من الكتب وكان عنده آدم وإبليس سواء ونوح وقومه سواء وموسى وفرعون سواء والسابقون الأولون وكفار مكة سواء. وهذا الضلال قد كثر في كثير من أهل التصوف والزهد والعبادة لا سيما إذا قرنوا به توحيد أهل الكلام المثبتين للقدر والمشيئة من غير إثبات المحبة والبغض والرضى والسخط الذين يقولون: " التوحيد " هو توحيد الربوبية.
و " الإلهية " عندهم هي القدرة على الاختراع ولا يعرفون توحيد الإلهية ولا يعلمون أن الإله هو المألوه المعبود وأن مجرد الإقرار بأن الله رب كل شيء لا يكون توحيدا حتى يشهد أن لا إله إلا الله كما قال تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}. قال عكرمة: تسألهم من خلق السموات والأرض فيقولون الله وهم يعبدون غيره وهؤلاء يدعون التحقيق والفناء في التوحيد ويقولون إن هذا نهاية المعرفة وإن العارف إذا صار في هذا المقام لا يستحسن حسنة ولا يستقبح سيئة لشهوده الربوبية العامة والقيومية الشاملة. وهذا الموضع وقع فيه من الشيوخ الكبار من شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.

(وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ... (167)

قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
فقوله: {وليعلم الذين نافقوا} ظاهر فيمن أحدث نفاقا وهو يتناول من لم ينافق قبل ومن نافق ثم جدد نفاقا ثانيا. وقوله: {هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان} يبين أنهم لم يكونوا قبل ذلك أقرب منهم بل إما أن يتساويا وإما أن يكونوا للإيمان أقرب وكذلك كان؛ فإن ابن أبي لما انخزل عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد. انخزل معه ثلث الناس قيل: كانوا نحو ثلاثمائة وهؤلاء لم يكونوا قبل ذلك كلهم منافقين في الباطن إذ لم يكن لهم داع إلى النفاق.
فإن ابن أبي كان مظهرا لطاعة النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به؛ وكان كل يوم جمعة يقوم خطيبا في المسجد يأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن ما في قلبه يظهر إلا لقليل من الناس إن ظهر وكان معظما في قومه؛ كانوا قد عزموا على أن يتوجوه ويجعلوه مثل الملك عليهم؛ فلما جاءت النبوة بطل ذلك فحمله الحسد على النفاق وإلا فلم يكن له قبل ذلك دين يدعو إليه؛ وإنما كان هذا في اليهود فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بدينه وقد أظهر الله حسنه ونوره مالت إليه القلوب لا سيما لما نصره الله يوم بدر ونصره على يهود بني قينقاع صار معه الدين والدنيا؛ فكان المقتضي للإيمان في عامة الأنصار قائما وكان كثير منهم يعظم ابن أبي تعظيما كثيرا ويواليه ولم يكن ابن أبي أظهر مخالفة توجب الامتياز؛ فلما انخزل يوم أحد وقال: يدع رأيي ورأيه ويأخذ برأي الصبيان - أو كما قال - انخزل معه خلق كثير منهم من لم ينافق قبل ذلك.

(ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون (169)

قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
وأما ما أخبر الله به من حياة الشهيد ورزقه وما جاء في الحديث الصحيح من دخول أرواحهم الجنة فذهب طوائف إلى أن ذلك مختص بهم دون الصديقين وغيرهم.
والصحيح الذي عليه الأئمة وجماهير أهل السنة: أن الحياة والرزق ودخول الأرواح الجنة ليس مختصا بالشهيد، كما دلت على ذلك النصوص الثابتة ويختص الشهيد بالذكر لكون الظان يظن أنه يموت فينكل عن الجهاد فأخبر بذلك ليزول المانع من الإقدام على الجهاد والشهادة. كما نهى عن قتل الأولاد خشية الإملاق؛ لأنه هو الواقع. وإن كان قتلهم لا يجوز مع عدم خشية الإملاق.

(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173)

(فصل)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
وما يروى أن الخليل لما ألقي في المنجنيق قال له جبريل: سل قال " حسبي من سؤالي علمه بحالي " ليس له إسناد معروف وهو باطل بل الذي ثبت في الصحيح عن ابن عباس أنه قال: " حسبي الله ونعم الوكيل " قال ابن عباس: قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين: {قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} وقد روي أن جبريل قال: هل لك من حاجة؟ قال " أما إليك فلا " وقد ذكر هذا الإمام أحمد وغيره.

وأما سؤال الخليل لربه عز وجل فهذا مذكور في القرآن في غير موضع فكيف يقول حسبي من سؤالي علمه بحالي والله بكل شيء عليم وقد أمر العباد بأن يعبدوه ويتوكلوا عليه ويسألوه لأنه سبحانه جعل هذه الأمور أسبابا لما يرتبه عليها من إثابة العابدين وإجابة السائلين. وهو سبحانه يعلم الأشياء على ما هي عليه فعلمه بأن هذا محتاج أو هذا مذنب لا ينافي أن يأمر هذا بالتوبة والاستغفار ويأمر هذا بالدعاء وغيره من الأسباب التي تقضى بها حاجته كما يأمر هذا بالعبادة والطاعة التي بها ينال كرامته. ولكن العبد قد يكون مأمورا في بعض الأوقات بما هو أفضل من الدعاء كما روي في الحديث {من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين} وفي الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من شغله قراءة القرآن عن ذكري ومسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين} قال الترمذي حديث حسن غريب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.58%)]