عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26-08-2022, 04:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ آل عمران
المجلد الخامس
الحلقة( 178)

من صــ 131 الى صـ 140





ومن حجتهم ما ذكره السائل من أن العلة إن كانت قديمة وجب تقديم المعلول؛ لأن العلة الغائية وإن كانت متقدمة على المعلول في العلم والقصد - كما يقال: أول الفكرة آخر العمل وأول البغية آخر الدرك. ويقال إن العلة الغائية بها صار الفاعل فاعلا - فلا ريب أنها متأخرة في الوجود عنه؛ فمن فعل فعلا لمطلوب يطلبه بذلك الفعل كان حصول المطلوب بعد الفعل فإذا قدر أن ذلك المطلوب الذي هو العلة قديما كان الفعل قديما بطريق الأولى. فلو قيل: إنه يفعل لعلة قديمة لزم أن لا يحدث شيء من الحوادث وهو خلاف المشاهدة وإن قيل إنه فعل لعلة حادثة لزم محذوران:
أحدهما: أن يكون محلا للحوادث؛ فإن العلة إذا كانت منفصلة عنه فإن لم يعد إليه منها حكم امتنع أن يكون وجودها أولى به من عدمها وإذا قدر أنه عاد إليه منها حكم كان ذلك حادثا فتقوم به الحوادث.
المحذور الثاني أن ذلك يستلزم التسلسل من وجهين
أحدهما: أن تلك العلة الحادثة المطلوبة بالفعل هي أيضا مما يحدثه الله تعالى بقدرته ومشيئته فإن كانت لغير علة لزم العبث كما تقدم وإن كانت لعلة عاد التقسيم فيها فإذا كان كل ما أحدثه أحدثه لعلة والعلة مما أحدثه لزم تسلسل الحوادث

الثاني: أن تلك العلة إما أن تكون مرادة لنفسها أو لعلة أخرى فإن كانت مرادة لنفسها امتنع حدوثها لأن ما أراده الله تعالى لذاته وهو قادر عليه لا يؤخر إحداثه وإن كانت مرادة لغيرها فالقول في ذلك الغير كالقول فيها ويلزم التسلسل. فهذا ونحوه من حجج من ينفي تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه.
والتقدير الثاني: قول من يجعل العلة الغائية قديمة كما يجعل العلة الفاعلية قديمة كما يقول ذلك طوائف من المسلمين كما سيأتي بيانه وكما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة القائلين بقدم العالم، وهؤلاء أصل قولهم أن المبدع للعالم علة تامة تستلزم معلولها لا يجوز أن يتأخر عنها معلولها. وأعظم حججهم قولهم: إن جميع الأمور المعتبرة في كونه فاعلا إن كانت موجودة في الأزل لزم وجود المفعول في الأزل لأن العلة التامة لا يتأخر عنها معلولها فإنه لو تأخر لم تكن جميع شروط الفعل وجدت في الأزل فإنا لا نعني بالعلة التامة إلا ما يستلزم المعلول فإذا قدر أنه تخلف عنها المعلول لم تكن تامة وإن لم تكن العلة التامة - التي هي جميع الأمور المعتبرة في الفعل وهي المقتضي التام لوجود الفعل وهي جميع شروط الفعل التي يلزم من وجودها وجود الفعل إن لم يكن جميعها في الأزل - فلا بد إذا وجد المفعول بعد ذلك من تجدد سبب حادث وإلا لزم ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح وإذا كان هناك سبب حادث فالقول في حدوثه كالقول في الحادث الأول ويلزم التسلسل.
قالوا فالقول بانتفاء العلة التامة المستلزمة للمفعول يوجب إما التسلسل وإما الترجيح بلا مرجح. ثم أكثر هؤلاء يثبتون علة غائية للفعل وهي بعينها الفاعلية ولكنهم متناقضون فإنهم يثبتون له العلة الغائية ويثبتون لفعله العلة الغائية ويقولون مع هذا ليس له إرادة بل هو موجب بالذات لا فاعل بالاختيار وقولهم باطل من وجوه كثيرة.
منها أن يقال: هذا القول يستلزم أن لا يحدث شيء وأن كل ما حدث حدث بغير إحداث محدث. ومعلوم أن بطلان هذا أبين من بطلان التسلسل وبطلان الترجيح بلا مرجح وذلك أن العلة التامة المستلزمة لمعلولها يقترن بها معلولها ولا يجوز أن يتأخر عنها شيء من معلولها فكل ما حدث من الحوادث لا يجوز أن يحدث عن هذه العلة التامة وليس هناك ما تصدر عنه الممكنات سوى الواجب بنفسه الذي سماه هؤلاء علة تامة فإذا امتنع صدور الحوادث عنه وليس هناك ما يحدثها غيره لزم أن تحدث بلا محدث.
(وأيضا فلو قدر أن غيره أحدثها فإن كان واجبا بنفسه كان القول فيه كالقول في الواجب الأول وأصل قولهم: إن الواجب بنفسه علة تامة تستلزم مقارنة معلوله له فلا يجوز أن يصدر على قولهم عن العلة التامة حادث لا بواسطة ولا بغير واسطة؛ لأن تلك الواسطة إن كانت من لوازم وجوده كانت قديمة معه فامتنع صدور الحوادث عنها وإن كانت حادثة كان القول فيها كالقول في غيرها.
وإن قدر أن المحدث للحوادث غير واجب بنفسه كان ممكنا مفتقرا إلى موجب يوجب به. ثم إن قيل أنه محدث كان من الحوادث وإن قيل أنه قديم كان له علة تامة مستلزمة له وامتنع حينئذ حدوث الحوادث عنه فإن الممكن لا يوجد هو ولا شيء من صفاته وأفعاله إلا عن الواجب بنفسه؛ فإذا قدر حدوث الحوادث عن ممكن قديم معلول لعلة قديمة قيل: هل حدث فيه سبب يقتضي الحدوث أم لا؟ فإن قيل: لم يحدث سبب لزم الترجيح بلا مرجح وإن قيل: حدث سبب لزم التسلسل كما تقدم.
(الوجه الثاني الذي يبين بطلان قولهم أن يقال: مضمون الحجة أنه إذا لم يكن ثم علة قديمة لزم التسلسل أو الترجيح بلا مرجح والتسلسل عندكم جائز فإن أصل قولهم إن هذه الحوادث متسلسلة شيئا بعد شيء وإن حركات الفلك توجب استعداد القوابل لأن تفيض عليها الصور الحادثة من العلة القديمة سواء قلتم: هي العقل الفعال أو هي الواجب الذي يصدر عنه بتوسط العقول أو غير ذلك من الوسائط وإذا كان التسلسل جائزا عندكم لم يمتنع حدوث الحوادث عن غير علة موجبة للمعلول وإن لزم التسلسل؛ بل هذا خير في الشرع والعقل من قولكم. وذلك أن الشرع أخبر أن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام وهذا مما اتفق عليه أهل الملل: المسلمون واليهود والنصارى.

فإن قيل: إنه خلقها بسبب حادث قبل ذلك كان خيرا من قولكم إنها قديمة أزلية معه في الشرع وكان أولى في العقل؛ لأن العقل ليس فيه ما يدل على قدم هذه الأفلاك حتى يعارض الشرع وهذه الحجة العقلية إنما تقتضي أنه لا يحدث شيء إلا بسبب حادث فإذا قيل: إن السموات والأرض خلقها الله تعالى بما حدث قبل ذلك لم يكن في حجتكم العقلية ما يبطل هذا.

(الوجه الثالث أن يقال: حدوث حادث بعد حادث بلا نهاية إما أن يكون ممكنا في العقل أو ممتنعا؛ فإن كان ممتنعا في العقل لزم أن الحوادث جميعها لها أول كما يقول ذلك من يقوله من أهل الكلام وبطل قولهم بقدم حركات الأفلاك وإن كان ممكنا أمكن أن يكون حدوث ما أحدثه الله تعالى كالسموات والأرض موقوفا على حوادث قبل ذلك كما تقولون أنتم فيما يحدث في هذا العالم من الحيوان والنبات والمعادن والمطر والسحاب وغير ذلك فيلزم فساد حجتكم على التقديرين.
ثم يقال: إما أن تثبتوا لمبدع العالم حكمة وغاية مطلوبة وإما أن لا تثبتوا؛ فإن لم تثبتوا بطل قولكم بإثبات العلة الغائية وبطل ما تذكرونه من حكمة الباري تعالى في خلق الحيوان وغير ذلك من المخلوقات
و (أيضا فالوجود يبطل هذا القول؛ فإن الحكمة الموجودة في الوجود أمر يفوق العد والإحصاء كإحداثه سبحانه لما يحدثه من نعمته ورحمته وقت حاجة الخلق إليه كإحداث المطر وقت الشتاء بقدر الحاجة وإحداثه للإنسان الآلات التي يحتاج إليها بقدر حاجته وأمثال ذلك مما ليس هذا موضع بسطه وإن أثبتم له حكمة مطلوبة - وهي باصطلاحكم العلة الغائية - لزمكم أن تثبتوا له المشيئة والإرادة بالضرورة فإن القول: بأن الفاعل فعل كذا لحكمة كذا بدون كونه مريدا لتلك الحكمة المطلوبة جمع بين النقيضين؛ وهؤلاء المتفلسفة من أكثر الناس تناقضا ولهذا يجعلون العلم هو العالم، والعلم هو الإرادة والإرادة هي القدرة وأمثال ذلك كما قد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع.
وأما التقدير الثالث: وهو أنه فعل المفعولات وأمر بالمأمورات لحكمة محمودة فهذا قول أكثر الناس من المسلمين وغير المسلمين وقول طوائف من أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم وقول طوائف من أهل الكلام من المعتزلة والكرامية والمرجئة وغيرهم وقول أكثر أهل الحديث والتصوف وأهل التفسير وقول أكثر قدماء الفلاسفة وكثير من متأخريهم كأبي البركات وأمثاله؛ لكن هؤلاء على أقوال.

(منهم من قال: إن الحكمة المطلوبة مخلوقة منفصلة عنه أيضا؛ كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة والشيعة ومن وافقهم؛ وقالوا: الحكمة في ذلك إحسانه إلى الخلق؛ والحكمة في الأمر تعويض المكلفين بالثواب؛ وقالوا إن فعل الإحسان إلى الغير حسن محمود في العقل؛ فخلق الخلق لهذه الحكمة من غير أن يعود إليه من ذلك حكم؛ ولا قام به فعل ولا نعت.

فقال لهم الناس: أنتم متناقضون في هذا القول لأن الإحسان إلى الغير محمود لكونه يعود منه على فاعله حكم يحمد لأجله؛ إما لتكميل نفسه بذلك؛ وإما لقصده الحمد والثواب بذلك؛ وإما لرقة وألم يجده في نفسه يدفع بالإحسان ذلك الألم وإما لالتذاذه وسروره وفرحه بالإحسان؛ فإن النفس الكريمة تفرح وتسر وتلتذ بالخير الذي يحصل منها إلى غيرها فالإحسان إلى الغير محمود لكون المحسن يعود إليه من فعله هذه الأمور حكم يحمد لأجله أما إذا قدر أن وجود الإحسان وعدمه بالنسبة إلى الفاعل سواء لم يعلم أن مثل هذا الفعل يحسن منه بل مثل هذا يعد عبثا في عقول العقلاء وكل من فعل فعلا ليس فيه لنفسه لذة ولا مصلحة ولا منفعة بوجه من الوجوه لا عاجلة ولا آجلة كان عابثا ولم يكن محمودا على هذا وأنتم عللتم أفعاله فرارا من العبث فوقعتم في العبث؛ فإن العبث هو الفعل الذي ليس فيه مصلحة ولا منفعة ولا فائدة تعود على الفاعل؛ ولهذا لم يأمر الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من العقلاء أحدا بالإحسان إلى غيره ونفعه ونحو ذلك إلا لما له في ذلك من المنفعة والمصلحة وإلا فأمر الفاعل بفعل لا يعود إليه منه لذة ولا سرور ولا منفعة ولا فرح بوجه من الوجوه لا في العاجل ولا في الآجل لا يستحسن من الآمر.
ونشأ من هذا الكلام نزاع بين المعتزلة وغيرهم ومن وافقهم في " مسألة التحسين والتقبيح العقلي " فأثبت ذلك المعتزلة وغيرهم ومن وافقهم من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأهل الحديث وغيرهم وحكوا ذلك عن أبي حنيفة نفسه ونفى ذلك الأشعرية ومن وافقهم من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم واتفق الفريقان على أن الحسن والقبح إذا فسرا بكون الفعل نافعا للفاعل ملائما له وكونه ضارا للفاعل منافرا له أنه يمكن معرفته بالعقل كما يعرف بالشرع وظن من ظن من هؤلاء أن الحسن والقبح المعلوم بالشرع خارج عن هذا وهذا ليس كذلك بل جميع الأفعال التي أوجبها الله تعالى وندب إليها هي نافعة لفاعليها ومصلحة لهم.
وجميع الأفعال التي نهى الله عنها هي ضارة لفاعليها ومفسدة في حقهم والحمد والثواب المترتب على طاعة الشارع نافع للفاعل ومصلحة له والذم والعقاب المترتب على معصيته ضار للفاعل ومفسدة له.
والمعتزلة أثبتت الحسن في أفعال الله تعالى لا بمعنى حكم يعود إليه من أفعاله. ومنازعوهم لما اعتقدوا أن لا حسن ولا قبح في الفعل إلا ما عاد إلى الفاعل منه حكم نفوا ذلك وقالوا: القبيح في حق الله تعالى هو الممتنع لذاته وكل ما يقدر ممكنا من الأفعال فهو حسن؛ إذ لا فرق بالنسبة إليه عندهم بين مفعول ومفعول وأولئك أثبتوا حسنا وقبحا لا يعود إلى الفاعل منه حكم يقوم بذاته إذ عندهم لا يقوم بذاته لا وصف ولا فعل ولا غير ذلك وإن كانوا قد يتناقضون.
ثم أخذوا يقيسون ذلك على ما يحسن من العبد ويقبح فجعلوا يوجبون على الله سبحانه ما يوجبون على العبد ويحرمون عليه من جنس ما يحرمون على العبد ويسمون ذلك العدل والحكمة مع قصور عقلهم عن معرفة حكمته وعدله ولا يثبتون له مشيئة عامة ولا قدرة تامة فلا يجعلونه على كل شيء قديرا ولا يقولون " ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن " ولا يقرون بأنه خالق كل شيء ويثبتون له من الظلم ما نزه نفسه عنه سبحانه فإنه قال {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما}

أي لا يخاف أن يظلم فيحمل عليه من سيئات غيره ولا يهضم من حسناته. وقال تعالى {ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد} وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البطاقة الذي رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما {يجاء برجل من أمتي يوم القيامة فتنشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل مد البصر فيقال له: هل تنكر من هذا شيئا؟. فيقول: لا يا رب فيقال له: ألك عذر ألك حسنة؟ فيقول لا يا رب فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة وإنه لا ظلم عليك اليوم قال فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة}. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يظلم بل يثاب على ما أتى به من التوحيد كما قال تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}.

وجمهور هؤلاء الذين يسمون أنفسهم " عدلية " يقولون: من فعل كبيرة واحدة أحبطت جميع حسناته وخلد في نار جهنم. فهذا الذي سماه الله ورسوله ظلما يصفون الله به مع دعواهم تنزيهه عن الظلم ويسمون تخصيصه من يشاء برحمته وفضله وخلقه ما خلقه لما له فيه من الحكمة البالغة ظلما. والكلام في هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع ولكن نبهنا على مجامع أصول الناس في هذا المقام.
وهؤلاء المعتزلة ومن وافقهم من الشيعة يوجبون على الله سبحانه أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له في دينه وتنازعوا في وجوب الأصلح في دنياه ومذهبهم أنه لا يقدر أن يفعل مع مخلوق من المصلحة الدينية غير ما فعل ولا يقدر أن يهدي ضالا ولا يضل مهتديا.
وأما سائر الطوائف الذين يقولون بالتعليل من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وأهل الكلام كالكرامية وغيرهم والمتفلسفة أيضا فلا يوافقونهم على هذا؛ بل يقولون إنه يفعل ما يفعل سبحانه لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى وقد يعلم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه وقد لا يعلمون ذلك. والأمور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة ورحمة عامة كإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كما قال تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} فإن إرساله كان من أعظم النعمة على الخلق وفيه أعظم حكمة للخالق ورحمة منه لعباده كما قال تعالى {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} وقال تعالى
{وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} وقال {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} وقال تعالى {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} قالوا هو محمد. صلى الله عليه وسلم فإذا قال قائل: فقد تضرر برسالته طائفة من الناس كالذين كذبوه من المشركين وأهل الكتاب كان عن هذا جوابان:

أحدهما أنه نفعهم بحسب الإمكان فإنه أضعف شرهم الذي كانوا يفعلونه لولا الرسالة بإظهار الحجج والآيات التي زلزلت ما في قلوبهم وبالجهاد والجزية التي أخافتهم وأذلتهم حتى قل شرهم ومن قتله منهم مات قبل أن يطول عمره في الكفر فيعظم كفره فكان ذلك تقليلا لشره والرسل - صلوات الله عليهم -

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 44.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 43.83 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.41%)]