عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25-08-2022, 11:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(248)
الحلقة (262)
صــ 556إلى صــ 563







القول في تأويل قوله تعالى ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون ( 189 ) )

قال أبو جعفر : قيل : نزلت هذه الآية في قوم كانوا لا يدخلون - إذا أحرموا - بيوتهم من قبل أبوابها . [ ص: 556 ]

ذكر من قال ذلك :

3075 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء يقول : كانت الأنصار إذا حجوا ورجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها . قال : فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه ، فقيل له في ذلك ، فنزلت هذه الآية : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " .

3076 - حدثني سفيان بن وكيع قال : حدثني أبي ، عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال : كانوا في الجاهلية إذا أحرموا ، أتوا البيوت من ظهورها ، ولم يأتوا من أبوابها ، فنزلت : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " . . الآية .

3077 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال : سمعت داود عن قيس بن حبتر : أن ناسا كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا حائطا من بابه ، ولا دارا من بابها أو بيتا ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دارا ، وكان رجل من الأنصار يقال له : " رفاعة بن تابوت " فجاء فتسور الحائط ، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما خرج من باب الدار - أو قال : من باب البيت - خرج معه رفاعة ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حملك على ذلك؟ قال : يا رسول الله ، رأيتك خرجت منه ، فخرجت منه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني رجل أحمس! فقال : إن تكن رجلا أحمس ، فإن ديننا واحد! فأنزل الله تعالى ذكره : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها " .

3078 - [ ص: 557 ] حدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " يقول : ليس البر بأن تأتوا البيوت من كوات في ظهور البيوت وأبواب في جنوبها تجعلها أهل الجاهلية . فنهوا أن يدخلوا منها ، وأمروا أن يدخلوا من أبوابها .

3079 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

3080 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم [ ص: 558 ] قال : كان ناس من أهل الحجاز إذا أحرموا لم يدخلوا من أبواب بيوتهم ودخلوا من ظهورها ، فنزلت : " ولكن البر من اتقى " الآية .

3081 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد في قوله : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها " قال : كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم نقب كوة في ظهر بيته فجعل سلما ، فجعل يدخل منها . قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ومعه رجل من المشركين ، قال : فأتى الباب ليدخل ، فدخل منه . قال : فانطلق الرجل ليدخل من الكوة . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شأنك؟ فقال : إني أحمس! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أحمس .

3082 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن الزهري قال : كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء يتحرجون من ذلك ، وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فتبدو له الحاجة بعد ما يخرج من بيته فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء ، فيفتح الجدار من ورائه ، ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته . فتخرج إليه من بيته ، حتى بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل زمن الحديبية بالعمرة ، فدخل حجرة ، فدخل رجل على أثره ، من الأنصار من بني سلمة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إني أحمس! قال الزهري : وكانت الحمس لا يبالون ذلك . فقال الأنصاري : وأنا أحمس! يقول : وأنا على دينك ، فأنزل الله تعالى ذكره : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " .

3084 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " وليس البر بأن تأتوا البيوت " الآية كلها . قال قتادة : كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية ، إذا أهل أحدهم بحج أو عمرة لا يدخل دارا من بابها ، إلا أن يتسور حائطا تسورا ، وأسلموا وهم كذلك . فأنزل الله تعالى ذكره [ ص: 559 ] في ذلك ما تسمعون ، ونهاهم عن صنيعهم ذلك ، وأخبرهم أنه ليس من البر صنيعهم ذلك ، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها .

3085 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي قوله : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " فإن ناسا من العرب كانوا إذا حجوا لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها كانوا ينقبون في أدبارها ، فلما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك وهو مسلم . فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم باب البيت احتبس الرجل خلفه وأبى أن يدخل ، قال : يا رسول الله ، إني أحمس! - يقول : إني محرم - وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون " الحمس " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أيضا أحمس! فادخل . فدخل الرجل ، فأنزل الله تعالى ذكره : " وأتوا البيوت من أبوابها " .

3086 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها " وأن رجالا من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوه شيئا أحرم فأمن ، فإذا أحرم لم يلج من باب بيته واتخذ نقبا من ظهر بيته . فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كان بها رجل محرم كذلك - وأن أهل المدينة كانوا يسمون البستان " الحش " - وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستانا ، فدخله من بابه ، ودخل معه ذلك المحرم ، فناداه رجل من ورائه : يا فلان ، إنك محرم وقد دخلت! فقال : أنا أحمس! فقال : يا رسول الله ، إن كنت محرما فأنا محرم ، وإن كنت أحمس فأنا أحمس! فأنزل الله تعالى ذكره : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " ، إلى آخر الآية ، فأحل الله للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها .

3087 - حدثت عن عمار بن الحسن قال حدثنا عبد الله بن أبي جعفر [ ص: 560 ] عن أبيه ، عن الربيع قوله : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها " قال : كان أهل المدينة وغيرهم إذا أحرموا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها ، وذلك أن يتسوروها ، فكان إذا أحرم أحدهم لا يدخل البيت إلا أن يتسوره من قبل ظهره . وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم بيتا لبعض الأنصار ، فدخل رجل على أثره ممن قد أحرم ، فأنكروا ذلك عليه ، وقالوا : هذا رجل فاجر! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لم دخلت من الباب وقد أحرمت؟ فقال : رأيتك يا رسول الله دخلت فدخلت على أثرك! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني أحمس! - وقريش يومئذ تدعى الحمس - فلما أن قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال الأنصاري : إن ديني دينك! فأنزل الله تعالى ذكره : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " الآية .

3088 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج : قلت لعطاء قوله : " وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها " قال : كان أهل الجاهلية يأتون البيوت من ظهورها ويرونه برا ، فقال : " البر " ، ثم نعت " البر " وأمر بأن يأتوا البيوت من أبوابها قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن كثير : أنه سمع مجاهدا يقول : كانت هذه الآية في الأنصار يأتون البيوت من ظهورها ، يتبررون بذلك .

قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : وليس البر أيها الناس بأن تأتوا البيوت في حال إحرامكم من ظهورها ، ولكن البر من اتقى الله فخافه وتجنب محارمه ، وأطاعه بأداء فرائضه التي أمره بها ، فأما إتيان البيوت من ظهورها فلا بر لله فيه ، فأتوها من حيث شئتم من أبوابها وغير أبوابها ، ما لم تعتقدوا تحريم إتيانها من أبوابها في حال من الأحوال ، فإن ذلك غير جائز لكم اعتقاده ، لأنه مما لم أحرمه عليكم .
[ ص: 561 ] القول في تأويل قوله تعالى ( واتقوا الله لعلكم تفلحون )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : واتقوا الله أيها الناس ، فاحذروه وارهبوه بطاعته فيما أمركم به من فرائضه ، واجتناب ما نهاكم عنه ، لتفلحوا فتنجحوا في طلباتكم لديه ، وتدركوا به البقاء في جناته والخلود في نعيمه . وقد بينا معنى " الفلاح " فيما مضى قبل بما يدل عليه .
القول في تأويل قوله تعالى ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ( 190 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية .

فقال بعضهم : هذه الآية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك . وقالوا : أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين ، والكف عمن كف عنهم ، ثم نسخت ب " براءة " .

ذكر من قال ذلك :

3089 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد وابن أبي جعفر عن أبي جعفر عن الربيع في قوله : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " قال : هذه أول آية نزلت في القتال [ ص: 562 ] بالمدينة فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من يقاتله ، ويكف عمن كف عنه ، حتى نزلت " براءة " - ولم يذكر عبد الرحمن : " المدينة " .

3090 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " إلى آخر الآية ، قال : قد نسخ هذا! وقرأ قول الله : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة ) [ سورة التوبة : 36 ] ، وهذه الناسخة ، وقرأ : ( براءة من الله ورسوله ) حتى بلغ : ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) إلى : ( إن الله غفور رحيم ) [ سورة التوبة : 1 - 5 ] .

وقال آخرون : بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين بقتال الكفار ، لم ينسخ . وإنما الاعتداء الذي نهاهم الله عنه ، هو نهيه عن قتل النساء والذراري . قالوا : والنهي عن قتلهم ثابت حكمه اليوم . قالوا : فلا شيء نسخ من حكم هذه الآية .

ذكر من قال ذلك :

3091 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن صدقة الدمشقي عن يحيى بن يحيى الغساني قال : كتبت إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن قوله : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ، قال : فكتب إلي : " إن ذلك في النساء والذرية ومن لم ينصب لك الحرب منهم " .

3092 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، أمروا بقتال الكفار .

3093 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله . [ ص: 563 ]

3094 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " يقول : لا تقتلوا النساء ولا الصبيان ولا الشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده ، فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم .

3095 - حدثني ابن البرقي قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة عن سعيد بن عبد العزيز قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة : " إني وجدت آية في كتاب الله : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " أي : لا تقاتل من لا يقاتلك ، يعني : النساء والصبيان والرهبان " .

قال أبو جعفر : وأولى هذين القولين بالصواب ، القول الذي قاله عمر بن عبد العزيز . لأن دعوى المدعي نسخ آية يحتمل أن تكون غير منسوخة ، بغير دلالة على صحة دعواه ، تحكم . والتحكم لا يعجز عنه أحد .

وقد دللنا على معنى " النسخ " ، والمعنى الذي من قبله يثبت صحة النسخ ، بما قد أغنى عن إعادته في هذا الموضع .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]