عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 25-08-2022, 04:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,216
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الموافقات - أبو إسحاق الشاطبي -----متجدد إن شاء الله



الموافقات
أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي
الجزء الرابع
الحلقة (170)
صـ401 إلى صـ 410



والعاشر : حديث أنس في الكبائر : قال عليه الصلاة والسلام فيها : [ ص: 401 ] الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، وقول الزور ، وثم أحاديث أخر فيها ذكر الكبائر ، وجميعها تفسير لقوله تعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية [ النساء : 31 ] وهذا النمط في السنة كثير ولكن القرآن لا يفي بهذا المقصود على شرط النص والإشارة العربية التي تستعملها العرب أو نحوها ، وأول شاهد في هذا الصلاة ، والحج ، والزكاة والحيض ، والنفاس ، واللقطة ، والقراض ، والمساقاة ، والديات ، والقسامات ، وأشباه ذلك من أمور لا تحصى ; فالملتزم لهذا لا يفي بما ادعاه إلا أن يتكلف في ذلك مآخذ لا يقبلها كلام العرب ولا يوافق على مثلها السلف الصالح ، ولا العلماء الراسخون في العلم .

ولقد رام بعض الناس فتح هذا الباب الذي شرع في التنبيه عليه ; فلم يوف به إلا على التكلف المذكور ، والرجوع إلى المآخذ الأول في مواضع كثيرة لم يتأت له فيها نص ولا إشارة إلى خصوصات ما ورد في السنة ; فكان ذلك نازلا بقصده الذي قصد [ ص: 402 ] وهذا الرجل المشار إليه لم ينصب نفسه في هذا المقام إلا لاستخراج معاني الأحاديث التي خرج مسلم بن الحجاج في كتابه المسند الصحيح ، دون ما سواها مما نقله الأئمة سواه ، وهو من غرائب المعاني المصنفة في علوم القرآن والحديث ، وأرجو أن يكون ما ذكر هنا من المآخذ موفيا بالغرض في الباب ، والله الموفق للصواب .
فصل

وقد ظهر مما تقدم الجواب عما أوردوا من الأحاديث التي قالوا إن القرآن لم ينبه عليها ; فقوله عليه الصلاة والسلام : يوشك رجل منكم متكئا على أريكته إلى آخره لا يتناول ما نحن فيه ; فإن الحديث إنما جاء فيمن يطرح السنة معتمدا على رأيه في فهم القرآن وهذا لم ندعه في مسألتنا هذه ، بل هو رأي أولئك الخارجين عن الطريقة المثلى ، وقوله : ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله صحيح على الوجه المتقدم ; إما بتحقيق المناط الدائر بين الطرفين الواضحين والحكم عليه ، وإما بالطريقة القياسية ، وإما بغيرها من المآخذ المتقدمة .

ومر الجواب عن تحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها ، وتحريم كل [ ص: 403 ] ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، وعن العقل .

وأما فكاك الأسير ; فمأخوذ من قوله تعالى : وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر [ الأنفال : 72 ] وهذا فيمن لم يهاجر إذا لم يقدر على الهجرة إلا بالانتصار بغيره فعلى الغير النصر ، والأسير في هذا المعنى أولى بالنصر ، فهو مما يرجع إلى النظر القياسي .

وأما أن لا يقتل مسلم بكافر ; فقد انتزعها العلماء من الكتاب كقوله : ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [ النساء : 141 ] وقوله : لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة [ الحشر : 20 ] وهذه الآية أبعد ، ولكن الأظهر أنه لو كان حكمها موجودا في القرآن على التنصيص أو نحوه لم يجعلها علي خارجة عن القرآن ; حيث قال : ما عندنا إلا كتاب الله ، وما في هذه الصحيفة إذ لو كان في القرآن لعد الثنتين دون قتل المسلم بالكافر ، ويمكن أن يؤخذ حكم المسألة مأخذ القياس المتقدم ; لأن الله تعالى قال : الحر بالحر والعبد بالعبد [ البقرة : 178 ] [ ص: 404 ] فلم يقد من الحر للعبد ، والعبودية من آثار الكفر ; فأولى أن لا يقاد من المسلم للكافر وأما إخفار ذمة المسلم ; فهو من باب نقض العهد ، وهو في القرآن ، وأقرب الآيات إليه قوله تعالى : والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار [ الرعد : 25 ] وفي الآية الأخرى : أولئك هم الخاسرون [ البقرة : 27 ] وقد مر تحريم المدينة وانتزاعه من القرآن ، وأما من تولى قوما بغير إذن مواليه ; فداخل بالمعنى في قطع ما أمر الله به أن يوصل .

وأيضا ; فإن الانتفاء من ولاء صاحب الولاء الذي هو لحمة كلحمة النسب كفر لنعمة ذلك الولاء ، كما هو في الانتساب إلى غير الأب ، وقد قال تعالى فيها : والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون [ النحل : 72 ] وصدق هذا المعنى ما في الصحيح من قوله : أيما عبد أبق من مواليه ; [ ص: 405 ] فقد كفر حتى يرجع إليهم .

وفيه : إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة ، وحديث معاذ ظاهر في أن ما لم يصرح به في القرآن ، ولا حصل بيانه فيه ; فهو مبين في السنة ، وإلا ; فالاجتهاد يقضي عليه ، وليس فيه معارضة لما تقدم .
[ ص: 406 ] المسألة الخامسة

حيث قلنا إن الكتاب دال على السنة ، وإن السنة إنما جاءت مبينة له ; فذلك بالنسبة إلى الأمر والنهي والإذن أو ما يقتضي ذلك ، وبالجملة ما يتعلق بأفعال المكلفين من جهة التكليف ، وأما ما خرج عن ذلك من الأخبار عما كان أو ما يكون مما لا يتعلق به أمر ولا نهي ولا إذن فعلى ضربين : أحدهما أن يقع في السنة موقع التفسير للقرآن ; فهذا لا نظر في أنه بيان له ; كما في قوله تعالى : وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة [ البقرة : 58 ] قال : دخلوا يزحفون على أوراكهم .

وفي قوله : فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم [ البقرة : 59 ] قال : قالوا : حبة في شعرة .

وفي قوله : وكذلك جعلناكم أمة وسطا الآية [ البقرة : 143 ] ; قال : يدعى نوح فيقال : هل بلغت ؟ فيقول : نعم فيدعى قومه فيقال : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير ، وما أتانا من أحد فيقال من شهودك ؟ فيقول : محمد وأمته قال : فيؤتى بكم تشهدون أنه قد بلغ ; فذلك قول الله : [ ص: 407 ] وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [ البقرة : 143 ] وفي قوله : كنتم خير أمة أخرجت للناس [ آل عمران : 110 ] قال إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله .

[ ص: 408 ] وفي قوله : بل أحياء عند ربهم يرزقون [ آل عمران : 169 ] إن أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش إلى آخر الحديث [ ص: 409 ] وقال : ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل الآية [ الأنعام : 158 ] : الدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها وفي قوله : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية [ الأعراف : 172 ] قال : لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على آدم ، فقال : أي رب ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك الحديث [ ص: 410 ] وفي قوله : لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد [ هود : 80 ] قال : يرحم الله لوطا ، كان يأوي إلى ركن شديد ; فما بعث الله من بعده نبيا إلا في ذروة من قومه


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 23.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 22.49 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]