
21-08-2022, 06:06 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,674
الدولة :
|
|
رد: ثقافة الأهداف
ثقافة الأهداف
نسمة السيد ممدوح
يتحدث د. إبراهيم الفقي في كتابه "سيطر على حياتك" عن النجاح باعتباره القدرة على تحقيق التوازن بين جوانب الحياة الخمسة للفرد، وتلك الجوانب هي:
1- الجانب الروحاني: متمثلاً في عَلاقة الإنسان بربه.
2- الجانب الشخصي: متمثلاً في عَلاقة الإنسان بأفراد أسرته وعائلته، وكذلك عَلاقاته الشخصية، التعليم، الترفيه، والإجازات.
3- الجانب المِهْنِي: متمثلاً في عمل الفرد وقدرته على التعلم واكتساب المزيد من المهارات لتطوير أدائه المهني.
4- الجانب المادي: متمثلاً في دخل الفرد الحالي، وقدرته على استثمار أمواله وتحقيق المزيد من الأرباح، قدرته على سداد ديونه، وكذلك خطة اعتزاله العمل في المستقبل، وتأمين احتياجاته.
5- الجانب الصحي: متمثلاً في مستوى صحة الفرد، وزنه، عاداته الغذائية.
ويشير د. إبراهيم إلى أن تحقيق النجاح من خلال إحداث التوازن بين الجوانب الخمسة يستلزم القدرة على وضعِ أهداف محددة في كل جانب، والسعي لبلوغها، كذلك تنظيم الوقت بشكل جيد.
ويحاول البعض تعريفَ النجاح من خلال تقديم وصفٍ للأشخاص الناجحين رجالاً ونساءً، فنجد أن من بين صفات الناجحين توقُّع النجاح، ويشير قانون التوقعات إلى أن كل ما تتوقعه بثقة تامة سيحدث في حياتك فعلاً، وعلى هذا قد تمتلك كل أدوات النجاح من معرفة ومهارة ورغبة، ومع ذلك تظل دون الناجحين؛ لافتقادك للتوقع، والأشخاص السعداء أو الناجحون يُركِّزون توقُّعاتهم على نقاط القوة والتميز لديهم، على عكس التعساء ممَّن يركزون على نقاط الضعف والجوانب السلبية لديهم.
ومن بين صفات الناجحين كذلك الانضباط الذاتي، ويعني التحكم في الذات؛ فالانضباط الذاتي هو الصفة الوحيدة التي تجعل الشخص العادي يقوم بعمل أشياء فوق العادة، وهو الاستمرار في التصرف، وهو القوة التي تصل بك للأفضل.
ويتحدث "د. براين تريسي" في كتابه "الأهداف" عن صفة أخرى للناجحين، وهي كونهم مُحددين، ويرى أن بلوغ النجاح يحتاج لاستقراء الذات، والتحرك من الداخل للخارج، ويرصد خمسة مستويات أو حلقات ينتقل بينها الفرد، فإذا قام بتعديل أول تلك الحلقات، ثم تدرج منها للخارج، فسيصل للنجاح، وتلك الحلقات هي: القيم، المعتقدات، التوقعات، الاتجاهات، وأخيرًا التصرفات أو السلوك، ويرى أن الناجحين يحملون قيمًا إيجابية، وبالتالي معتقدات إيجابية تؤدي إلى توقعات إيجابية، ومن ثَمَّ توجُّه إيجابي، وأخيرًا سلوك أو تصرف إيجابي وناجح، وعلى هذا فالشخص الناجح هو شخصٌ يحملُ بداخله في الأساس قيمًا إيجابية، ويقود "د. براين" الشخصَ لمعرفة قِيَمه من خلال مراقبة سلوكه؛ لأنه انعكاس أخير لتلك القيم.
ومن بين صفات الناجحين كذلك النزاهة، والمقصود بها ارتباط الشخص بقِيَمه العليا، حتى وإن كان بمعزلٍ عن الجميع؛ فهو يملكُ بداخله ليس فقط قيمًا إيجابية، وإنما قيمًا عليا يتمسَّك بها؛ كالأمانة على سبيل المثال.
كما أن من بين صفات الناجحين البحثَ عن الجوانب الإيجابية والمشرقة والمفيدة في كل موقف، تبنِّي النظرة البعيدة للمستقبل، كذلك الحديث عن حلول المشكلات لا عن المشكلات ذاتها، مما دفع البعض لوصف النجاح محصورًا في الصفة الأخيرة بالقول: إن النجاح هو القدرة على حل المشكلات.
وبما أن الناجحين هم أشخاصٌ قادرون على بلوغ الأهداف وتحقيقها، كان من الضروري أن يتعلم الفرد أولاً كي يصبح ناجحًا:
كيف يحدد أهدافه؟
وما الذي يتوجب عليه فعله لتحويلها إلى أرض الواقع؟
الأهداف: ما هي الأهداف؟
كيف تحدد أهدافك؟
كيف تحقق أهدافك؟
عندما توجَّهنا لعيِّنة الدراسة بالسؤال التالي:
هل تمتلك هدفًا واحدًا محددًا تسعى إليه، أم أن لديك العديد من الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها معًا؟
تجاهل 21% من الأفراد الإجابة على هذا السؤال، في حين اتفق البقية على وجود أهداف متعددة في حياتهم، وليس هدفًا واحدًا، ويبدو أن تجاهل نسبة 21% للسؤال دليلٌ على أن الخُمُسَ تقريبًا لا يُدرِكون قيمة الأهداف، أو لا يحملون ثقافة الهدف وتحديده والسعي لبلوغه، وقد تحدث "د. براين تريسي" عن هذا الأمر بالتحديد في كتابه "الأهداف" عند محاولته الإجابة على السؤال:
لماذا لا يحدد الناس أهدافهم؟
وهنا طرح عدة أسباب، هي:
1 - أنهم يعتقدون بأن الأهداف غير مهمَّة، ويرجع هذا إلى البيئة التي ينشأ فيها الفرد، ومدى تقدير تلك البيئة للأهداف والسعي إلى تحقيقها.
2 - أنهم لا يعرِفون كيف يُحدِّدون أهدافهم، وهنا نجدُه يشير إلى أمرٍ بالغ الأهمية، وهو الفرق بين الهدف والأمنية، والغالبية يحملون أمنيات وليس أهدافًا، ومن أمثلة تلك الأمنيات "كن سعيدًا" - "اجمَع ثروة" - أو "تمتَّع بحياة أُسَرية سعيدة".
ويقول د. براين:
"كل هذه ليست أهدافًا على الإطلاق، إنها مجرد خيالات شائعة بين كل الناس، إن الهدف شيء مختلف تمامًا عن الأمنية، إنه واضح ومكتوب ومحدد، يمكن وصفه بسرعة وسهولة لشخص آخر، ويمكنك قياسه، ويمكنك معرفة ما إذا كنت قد حقَّقته أم لا".
3 - إنهم يخشَون الفشل، إن خوف الأشخاص من الفشل وما يتبعه من آلام وخسائر معنوية ومادية، يجعلهم يُحجِمون عن تحديد أهداف خوفًا من الفشل في تحقيقها.
4 - إنهم يخشَون الرفض، فخوف الأشخاص من المحيطين بهم ورفضهم لهم وعدم تقبُّلهم لفشلِهم في تحقيق أهدافهم، يجعلهم يحجمون عن وضع أهداف محدَّدة من الأساس.
وهنا يقدم د. براين نصيحتَه بجعل الأهداف سريَّة، فيقول: لا تدعِ الآخرين يعرفون أهدافك، ولكن دَعْهم يرون إنجازاتك.
وعودة إلى عيِّنة الدراسة، فقد أظهرت الإجابات تباينًا وخلطًا شديدًا في المفاهيم، كما بينت نقص الثقافة فيما يتعلق بالأهداف وأنواعها وتكوينها، ومع ذلك جاءت بعض الإجابات تشير إلى تقسيم الأهداف إلى أهدافٍ كلية عامة وأخرى جزئية، وبالرغم من ذلك جاء وصف تلك الأهداف بما وصفه "د. براين" بالأمنيات، ومن أمثلة ذلك: "النجاح في تربية الأولاد تربية إسلامية مصرية" - "النجاح في الحياة العملية" - "إرضاء الله" - "إرضاء الوالدين"، وهكذا جاءت الأهداف بعيدةً تمامًا عن الوصف الدقيق الذي أشار إليه د. براين، والذي حدد فيه الهدف بأنه: واضح، مكتوب، مقيَّد بحدود زمنية، يسهل وصفه، ويمكن قياسه.
ونقسم الأهداف في حياة كل شخص إلى:
• أهداف قصيرة الأمد: تُنجَز في فترة قصيرة من ساعة وحتى ستة أشهر.
• أهداف متوسطة المدى: تنجز في فترة ما بين ستة أشهر وخمس سنوات.
• أهداف طويلة المدى: تنجز في فترة ما بين خمس سنوات وعشرين سنة.
وإذا لم تكن تملِكُ أهدافًا محدَّدة تحت أي نوع من تلك الأنواع، فعليك أن تبدأ فورًا، وأن تقرأ عن الأهداف، وكيف تتكوَّن، وإذا كنت كذلك فإليك المفاتيح السبعة لتحديد الأهداف - التي يعني فشلُك في أحدها سببًا في فشلك في تحديد أهدافك، ومن ثَم تحقيقها -:
المفتاح الأول: يجب أن تكون أهدافك واضحةً ومحددة ومكتوبة ومفصَّلة.
المفتاح الثاني: يجب أن تكون أهدافك قابلة للقياس وموضوعية.
المفتاح الثالث: يجب أن تكون أهدافك مقيَّدة بوقت من الجداول الزمنية والمواعيد النهائية وشبه النهائية، وفي الواقع لا توجد أهداف غير واقعية، وإنما توجد مواعيد نهائية غير واقعية.
المفتاح الرابع: يجب أن تكون الأهداف بمثابة تحدٍّ لك، يجب أن تجعلك تبذل مجهودًا قويًّا بعض الشيء، يجب أن تكون أبعدَ عن أي شيء أنجزته في الماضي، ويجب أن تكون احتمالية نجاح أهدافك وتحقُّقها مقارِبةً نسبةَ 50 %.
المفتاح الخامس: يجب أن تكون أهدافك متوافقةً مع قِيَمك، ومنسجمة بعضها مع بعض، فلا تتبنَّ هدفينِ متعارضين مع بعضهما البعض، أو مع قِيَمك الشخصية.
المفتاح السادس: يجب أن تكون أهدافك متوازنة بين جوانب حياتك، وهذا يعود بنا لِما ذكره د. إبراهيم الفقي في حديثه عن النجاح، وهو بلوغ الأهداف في جوانب الحياة الخمسة، وذكر منها الجانب الروحي والشخصي والمِهْني والصحي والمادي.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|