عرض مشاركة واحدة
  #805  
قديم 16-08-2022, 08:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها


شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة


[ الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها.أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن عطاء أخبرني عبد الرحمن بن عاصم ( أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أخبرته وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثاً، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها، فانطلقت إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به، قال: صدق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها، ثم قال: إن أم كلثوم امرأة يكثر عوادها فانتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى، فانتقلت إلى عبد الله فاعتدت عنده حتى انقضت عدتها ثم خطبها أبو الجهم ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمره فيهما فقال: أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا، وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة للمبتوتة في خروجها من بيتها لسكناها، الترجمة بلفظ الرخصة غير مستقيم؛ لأن هذا ليس ترخيصاً لها في أن تترك شيئاً هو لها؛ لأنه ما دام أن المطلقة طلاقاً بائناً لا سكنى لها ولا نفقة فإنه ليس من حقها؛ لأن الرخصة تناسب غير ذلك وهو أن لها حقاً، ولكنه يرخص لها أن تترك هذا الحق، ولكن هذا ليس لها بحق، فالتعبير بالرخصة في هذا الموطن غير واضح؛ لأن خروجها أمر لابد منه؛ لأنه ليس لها حق السكنى على ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس وهي العمدة أو الدليل الذي يستدل به على أن المطلقة البائن لا سكنى لها ولا نفقة، فذكر الرخصة غير واضح؛ لأن الرخصة تقابل العزيمة، وأنه كان لها حق أن تسكن، ولكن يرخص لها إذا أرادت أن تترك هذا الحق، لكن القضية ما لها حق كما في الروايات الكثيرة عن فاطمة بنت قيس بأنه لا سكنى لها ولا نفقة.
فإذاً: التعبير بالرخصة في كونها تخرج للسكنى ليس بواضح؛ لأنه ليس أمامها بمقتضى هذه الأحاديث إلا الخروج والسكنى في غير بيت زوجها.
أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، [ ( عبد الرحمن بن عاصم أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أخبرته وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثاً، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها) ].
وكل هذا سبق أن مر كون وكيله أعطاها نفقة وأنها تقالتها، وأنه قال: ليس لك نفقة، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: صدق، ليس لك شيء، كل هذا سبق أن تقدم.
[ فانطلقت إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به ].
وزعم أنه شيء، يعني: هذا الذي أعطاه تطول به يعني: أحسن به، من الطول وهو الجود والكرم والإحسان، يعني: ليس بحق، وإنما هو من قبيل الإحسان والجميل، وليس أمراً لازماً، وهي تريد أن يكون ذلك حقاً لها لا أنه تطوع، أو تطول، أو إحسان.
[ ( قال: صدق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها )].
أم كلثوم سبق أن مر في الروايات المتقدمة أنها أم شريك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إنها يكثر زوارها ويكثر ضيفانها فانتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى لا يبصرك إذا وضعت ثيابك، فقول: أم كلثوم هنا غير مستقيم، والصحيح هو أم شريك.
[ ( أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا ) ].
يعني: تحريكه للعصا، يعني: كان لا يضع العصا عن عاتقه، وقيل: إنه ضراب للنساء، وأنه كثير الأسفار، وهنا فيه إشارة إلى أنه يضرب.
[ ( وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك ) ].
أملق من المال يعني: صعلوك لا مال له، كما تقدم في الحديث، وكلمة صعلوك تطلق على من لا مال له، فالذي لا مال له يقال له: صعلوك، يعني: أنه معدم، ما عنده شيء.
فالصعلوك الآن إذا أطلق على شخص فهي مذمة غير قضية المال، وهذا فيما إذا كان الناس لهم اصطلاح خاص، إذا أطلقت أو تعورف بها على شيء آخر ليس بطيب، فلا ينبغي أن تطلق إذا كان الناس أرادوا بها معنى آخر سيء، غير المعنى الذي تدل عليه في اللغة، فما يصلح عيب الناس، والسخرية منهم، وإطلاق العبارات التي فيها حط من شأنهم، اللهم إلا إذا كان المراد مقتضاها اللغوي وأنه لا مال له فهذا كما جاء في الحديث.
ثم كل ما في الحديث سبق أن مر إلا قضية أم كلثوم، فهذه غير ثابتة والمحفوظ والثابت هو أم شريك الذي سبق أن مر في الروايات، والحديث من رواية عبد الرحمن بن عاصم وهو مقبول، ولكن غير هذه الجملة كلما مر من الروايات يشهد له فهو ثابت ما عدا هذه الفقرة التي هي ذكر أم كلثوم والصواب أم شريك.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة

قوله: [ أخبرنا عبد الحميد بن محمد ].هو: عبد الحميد بن محمد الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن مخلد ].
هو: مخلد بن يزيد الحراني، وهو صدوق، له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب إلا الترمذي.
[ عن ابن جريج ].
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
هو: عطاء بن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن عاصم ].
عبد الرحمن بن عاصم، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن فاطمة بنت قيس ].
فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثانية

[ أخبرنا محمد بن رافع حدثنا حجين بن المثنى حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أنها أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت فاطمة أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها، قال عروة: أنكرت عائشة ذلك على فاطمة ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم فيما يتعلق بخروجها من بيتها وإذن الرسول صلى الله عليه وسلم لها، وأنه لا سكنى لها ولا نفقة.
[ أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت فاطمة أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها ].
زعمت بمعنى أخبرت.
[فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها ].
يعني: أنه كان يرى أنها تبقى في بيت زوجها، وأن من حقها السكنى في بيت زوجها، والمسألة فيها ثلاثة أقوال في المبتوتة: فمن العلماء من قال: إن لها السكنى والنفقة جميعاً، ومنهم من قال: ليس لها سكنى ولا نفقة، ومنهم من قال: لها السكنى دون النفقة، فأنكر مروان، وقيل: إنه رجع عن ذلك إلى ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس.
[ قال عروة: أنكرت عائشة ذلك على فاطمة ].
أنكرت عائشة على فاطمة، يعني: ما جاء في حديثها أو ما جاء عنها من أن المطلقة المبتوتة لا سكنى لها، لكن الحديث جاء من طرق كثيرة صحيحة وهو واضح الدلالة على أنه لا سكنى لا ولا نفقة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا محمد بن رافع ].هو: محمد بن رافع النيسابوري وهو قشيري وهو شيخ الإمام مسلم وأكثر مسلم من الرواية عنه، وصحيفة همام بن منبه التي روى منها مسلم أحاديث كثيرة إنما هي من طريق محمد بن رافع شيخه هذا، وهو مثله هو بلديه لأنه من بلده وهو أيضاً من قبيلته قشيري وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن حجين بن المثنى ].
حجين بن المثنى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن الليث عن عقيل ].
هو: الليث بن سعد وقد مر ذكره، وعقيل هو: ابن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثالثة

[ أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا حفص حدثنا هشام عن أبيه عن فاطمة رضي الله عنها، أنها قالت: قلت: يا رسول الله، زوجي طلقني ثلاثاً وأخاف أن يقتحم علي، فأمرها فتحولت ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: إن زوجها طلقها ثلاثاً وأنها تخاف أن يقتحم عليها، فأمرها فتحولت، الأحاديث التي سبق أن مرت، فيها ما يدل على أنها كانت تريد السكنى، وتريد النفقة، ولما راجعت الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: لا سكنى ولا نفقة، فأحقيتها غير ثابتة في السكنى، بل الثابت من أحاديث فاطمة نفسها أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وهي أحاديث صحيحة ثابتة عنها، وقد مر جملة كبيرة منها هنا وقبل ذلك مر من طرق عديدة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثالثة

قوله: [ أخبرنا محمد بن المثنى ].هو: محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب الزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن حفص ].
وهو: ابن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو: هشام بن عروة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام ].
وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يعقوب بن ماهان بصري عن هشيم حدثنا سيار وحصين ومغيرة وداود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وذكر آخرين عن الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقالت: طلقها زوجها ألبتة فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وقوله: خاصمته يعني: خاصمت وكيله، وسبق أن مر في بعض الروايات أنها قالت لوكيله كذا وقال لها: ليس لك حق، وذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: صدق، فالمخاصمة مع الوكيل وليست معه؛ لأنه كان غائباً، وقد أوصى هذا الوكيل أن يقدم لها طعاماً، ولكنها سخطته، فلما كلمته قال لها: ليس لك حق، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لك سكنى ولا نفقة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق رابعة

قوله: [ أخبرنا يعقوب بن ماهان بصري ].يعقوب بن ماهان بصري، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن هشيم ].
هو: هشيم بن بشير الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سيار ].
هو: سيار أبو الحكم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحصين ].
هو: حصين بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومغيرة ].
ومغيرة بن مقسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وداود بن أبي هند ].
داود بن أبي هند، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ وإسماعيل بن أبي خالد ].
إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وذكر آخرين عن الشعبي ].
وذكر آخرين يعني: ليس هؤلاء وحدهم بل معهم غيرهم، وهشيم روى عن هذا العدد وعن غيره، ولكن الذي جاء ذكره في الإسناد هو هذا العدد، وترك الذين وراء ذلك وحصلت الإشارة إليهم بقوله: وذكر آخرين.
[ عن الشعبي ].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي، هو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق خامسة


[ أخبرني أبو بكر بن إسحاق الصاغاني حدثنا أبو الجواب حدثنا عمار هو عمار عن أبي إسحاق عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي فأردت النقلة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم فاعتدي فيه، فحصبه الأسود وقال: ويلك، لم تفتي بمثل هذا، قال عمر: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1] ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الشعبي عن فاطمة قالت: طلقني زوجي فأردت النقلة، فأتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( انتقلي إلى بيت ابن عمك فاعتدي فيه).
فاعتدي فيه، يعني أنها خرجت من بيت زوجها إلى بيت ابن عمها.
[ثم قال: فحصبه الأسود] يعني: حصب الشعبي وقال له: كيف تفتي بهذا وعمر يقول: لا نترك كتاب ربنا لقول امرأة، يعني: الآية التي أشار إليها واتقوا الله ربكم لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطلاق:1] فـعمر رضي الله عنه أخذ بعموم هذه الآية، وجعل كل المطلقات لهن حق السكنى، وقال لـفاطمة بنت قيس: عليك أن تأتي بشاهدين، وهو رضي الله عنه وأرضاه قال هذا من باب التثبت، وكان من عادته وطريقته أنه يتثبت ويطلب الشهود على ذلك، كما جاء في قضية الاستئذان ثلاثاً مع أبي موسى الأشعري، وفي قضايا أخرى، وهذا منها؛ لأنه كان عنده العموم، فهو يريد أن يتحقق وأن يستثبت في الشيء الذي يخالف هذا العموم.
ومن المعلوم أن قول الصحابي الواحد إذا ثبت بالإسناد عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعتبر ويعول عليه، وهذا هو المتبع في النصوص، والآية إنما جاءت عامة، والذي جاء في قصة فاطمة بنت قيس خاص.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق خامسة


قوله: [ أخبرني أبو بكر بن إسحاق الصاغاني ].هو محمد بن إسحاق، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي الجواب ].
هو الأحوص بن الجواب، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن عمار هو ابن رزيق ].
لا بأس به، وكلمة: لا بأس به تعادل كلمة: صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبي إسحاق ].
أبو إسحاق السبيعي هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي عن فاطمة ].
قد مر ذكرهما.


خروج المتوفى عنها بالنهار


شرح حديث: (اخرجي فجدي نخلك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خروج المتوفى عنها بالنهار. أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: ( طلقت خالته فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: اخرجي فجدي نخلك؛ لعلك أن تصدقي وتفعلي معروفاً ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي باب خروج المتوفى عنها بالنهار، يريد بها: أن المتوفى عنها تخرج لحاجتها بالنهار، لكن الحديث الذي أورده إنما هو في المطلقة، وليس في المتوفى عنها، وفي السنن الكبرى خروج المبتوتة في الطلاق، يعني: ليس في الوفاة، فلعل النسائي عندما عبر بهذه الترجمة في السنن الصغرى في المتوفى عنها بالقياس على المطلقة، سواء كانت مبتوتة أو غير مبتوتة، فجعل الحكم واحداً، وألحق المتوفى عنها بالمطلقات كونهن يخرجن بالنهار لحاجتهن فكذلك المتوفى عنها، فهو ليس فيه التنصيص على ذكر خروج المتوفى عنها، وإنما هو نص في المطلقة، وإلحاق المتوفى عنها إنما هو بطريق القياس، وأورد النسائي حديث جابر بن عبد الله قال: طلقت خالته، فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها ].
يعني: كونها خرجت وهي مطلقة.
[ فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اخرجي فجدي نخلك ].
فقال: اخرجي، وجدي نخلك، وهنا في الترجمة التنصيص على النهار، وليس فيه ذكر النهار، ولكن كونها تخرج تجد، وإنما يكون الجداد بالنهار، وقد جاء في سورة ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] قصة أصحاب الجنة الذين ذهبوا في الليل حتى لا يأتيهم أحد، والجداد إنما يكون في النهار، حتى يحصل الإعطاء لمن يأتي إليهم، ومن هو محتاج يسأل بهذه المناسبة.. مناسبة الجداد، فكونها تجد إنما يكون في النهار ولا يكون في الليل؛ لأن الجداد في الليل فيه حرمان الفقراء الذين يتطلعون ويأتون إلى أصحاب البساتين عندما يجدون نخلهم ليعطوهم وليفيدوهم من ذلك الشيء الذي أعطاهم الله إياه، فذكر النهار ليس موجوداً في الحديث، ولكنه فيه شيء يدل عليه؛ من أجل تتصدق وتعمل معروفاً، وهذا إنما يكون في النهار، وقد ذم الله عز وجل أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصرمنها في الليل، ويصبحون وليس هناك شيء، فعوقبوا بأن أهلكها الله عز وجل، وحرموا الذي أرادوه بقصدهم السيء، وهو حرمان الفقراء الذين يتطلعون إلى الإحسان، ويستفيدون منهم إذا كانوا يفعلون ذلك بالنهار دون الليل.
[ قال: اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تصدقي، وتفعلي معروفاً ].
فعل المعروف قيل: أن تتصدق من الفرض، وفعل المعروف في النفل، ويمكن أن يكون كل منهما بمعنى واحد؛ لأن التصدق هو من فعل المعروف، ثم أيضاً الزكاة المفروضة لا بد منها، ولكن الذي يبدو أن القضية هي في التطوع والإحسان، وإلا فإن الفرض أمر محتم لا بد من خروجه، ولكن الشيء الذي يرجى ويؤمل هو أنها إذا جدت نخلها في النهار أنه يأتيها الفقراء والمساكين، فترشدهم وتعينهم وتحسن إليهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (اخرجي فجدي نخلك ...)


قوله: [ أخبرنا عبد الحميد بن محمد عن مخلد عن ابن جريج عن أبي الزبير ].الثلاثة الأولون مر ذكرهم، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.55%)]