عرض مشاركة واحدة
  #319  
قديم 15-08-2022, 12:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,863
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الرابع

سُورَةُ الرَّعْدِ
الحلقة (319)
صــ 311 إلى صــ 317


له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال

قوله تعالى : " له معقبات " في هاء له أربعة أقوال :

أحدها : أنها ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس .

والثاني : إلى الملك من ملوك الدنيا ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس .

والثالث : إلى الإنسان ، قاله الزجاج .

والرابع : إلى الله تعالى ، ذكره ابن جرير ، وأبو سليمان الدمشقي .

وفي المعقبات قولان :

أحدهما : أنها الملائكة ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والحسن ، وقتادة في آخرين . قال الزجاج : والمعنى : للإنسان ملائكة يعتقبون ، يأتي بعضهم بعقب بعض . وقال أكثر المفسرين : هم الحفظة ، اثنان بالنهار [ ص: 311 ] واثنان بالليل ، إذا مضى فريق ، خلف بعده فريق ، ويجتمعون عند صلاة المغرب والفجر . وقال قوم ، منهم ابن زيد : هذه الآية خاصة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عزم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس على قتله ، فمنعه الله منهما ، وأنزل هذه الآية .

والقول الثاني : أن المعقبات حراس الملوك الذين يتعاقبون الحرس ، وهذا مروي عن ابن عباس ، وعكرمة . وقال الضحاك : هم السلاطين المشركون المحترسون من الله تعالى .

وفي قوله : " يحفظونه من أمر الله " سبعة أقوال :

أحدها : يحرسونه من أمر الله ولا يقدرون ، هذا على قول من قال : هي في المشركين المحترسين من أمر الله .

والثاني : أن المعنى : حفظهم له من أمر الله ، قاله ابن عباس ، وابن جبير ، فيكون تقدير الكلام : هذا الحفظ مما أمرهم الله به .

والثالث : يحفظونه بأمر الله ، قاله الحسن ، ومجاهد ، وعكرمة . قال اللغويون : والباء تقوم مقام " من " ، وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض .

[ ص: 312 ] والرابع : يحفظونه من الجن ، قاله مجاهد ، والنخعي . وقال كعب : لولا أن الله تعالى وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم ، إذا لتخطفتكم الجن . وقال مجاهد : ما من عبد إلا وملك موكل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فإذا أراده شيء ، قال : وراءك وراءك ، إلا شيء قد قضي له أن يصيبه . وقال أبو مجلز : جاء رجل من مراد إلى علي عليه السلام ، فقال : احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك ، فقال : إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر ، فإذا جاء القدر خليا بينه وبينه ، وإن الأجل جنة حصينة .

والخامس : أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، والمعنى : له معقبات من أمر الله يحفظونه ، قاله أبو صالح ، والفراء .

والسادس : يحفظونه لأمر الله فيه حتى يسلموه إلى ما قدر له ، ذكره أبو سليمان الدمشقي ، واستدل بما روى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : يحفظونه من أمر الله ، حتى إذا جاء القدر خلوا عنه ، وقال عكرمة : يحفظونه لأمر الله .

والسابع : يحفظون عليه الحسنات والسيئات ، قاله ابن جريج . قال الأخفش : وإنما أنث المعقبات لكثرة ذلك منها ، نحو النسابة ، والعلامة ، ثم ذكر في قوله : " يحفظونه " لأن المعنى مذكر .

قوله تعالى : " إن الله لا يغير ما بقوم " أي : يسلبهم نعمه " حتى يغيروا ما بأنفسهم " فيعملوا بمعاصيه . قال مقاتل : ويعني بذلك كفار مكة .

قوله تعالى : " وإذا أراد الله بقوم سوءا " فيه قولان :

أحدهما : أنه العذاب . والثاني : البلاء .

قوله تعالى : " فلا مرد له " أي : لا يرده شيء ولا تنفعه المعقبات .

[ ص: 313 ] " وما لهم من دونه " يعني : من دون الله " من وال " أي : من ولي يدفع عنهم العذاب والبلاء .
هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال

قوله تعالى : " هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا " فيه أربعة أقوال :

أحدها : خوفا للمسافر وطمعا للمقيم ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . قال قتادة : فالمسافر خاف أذاه ومشقته والمقيم يرجو منفعته .

والثاني : خوفا من الصواعق وطمعا في الغيث ، رواه عطاء عن ابن عباس ، وبه قال الحسن .

والثالث : خوفا للبلد الذي يخاف ضرر المطر وطمعا لمن يرجو الانتفاع به ، ذكره الزجاج .

والرابع : خوفا من العقاب وطمعا في الثواب ، ذكره الماوردي . وكان ابن الزبير إذا سمع صوت الرعد يقول : إن هذا وعيد شديد لأهل الأرض .

قوله تعالى : " وينشئ السحاب الثقال " أي : ويخلق السحاب الثقال بالماء . قال الفراء : السحاب ، وإن كان لفظه واحدا ، فإنه جمع واحدته سحابة ، جعل نعته على الجمع ، كما قال : متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان [الرحمن :76] ولم يقل : أخضر ، ولا حسن .
ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال

قوله تعالى : " ويسبح الرعد بحمده " فيه قولان : [ ص: 314 ] أحدهما : أنه اسم الملك الذي يزجر السحاب ، وصوته : تسبيحه ، قاله مقاتل .

والثاني : أنه الصوت المسموع . وإنما خص الرعد بالتسبيح ، لأنه من أعظم الأصوات . قال ابن الأنباري : وإخباره عن الصوت بالتسبيح مجاز ، كما يقول القائل : قد غمني كلامك .

قوله تعالى : " والملائكة من خيفته " في هاء الكناية قولان :

أحدهما : أنها ترجع إلى الله عز وجل ، وهو الأظهر . قال ابن عباس : يخافون الله ، وليس كخوف ابن آدم ، لا يعرف أحدهم من على يمينه ومن على يساره ، ولا يشغله عن عبادة الله شيء .

والثاني : أنها ترجع إلى الرعد ، ذكره الماوردي .

قوله تعالى : " ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء " اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :

أحدها : أنها نزلت في أربد بن قيس ، وعامر بن الطفيل ، أتيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان الفتك به ، فقال : " اللهم اكفنيهما بما شئت " ، فأما أربد فأرسل الله عليه صاعقة في يوم صائف صاح فأحرقته ، وأما عامر فأصابته غدة فهلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، هذا قول الأكثرين ، منهم ابن جريج ، وأربد هو أخو لبيد بن ربيعة لأمه .

[ ص: 315 ] والثاني : أنها نزلت في رجل جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حدثني يا محمد عن إلهك : أياقوت هو ؟ أذهب هو ؟ فنزلت على السائل صاعقة فأحرقته ، ونزلت هذه الآية ، قاله علي عليه السلام . قال مجاهد : وكان يهوديا . وقال أنس بن مالك : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعض فراعنة العرب يدعوه إلى الله تعالى ، فقال للرسول : وما الله ، أمن ذهب هو ، أم من فضة ، أم من نحاس ؟ فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : " ارجع إليه فادعه " فرجع ، فأعاد عليه الكلام ، إلى أن رجع إليه ثالثة ، فبينما هما يتراجعان الكلام ، إذ بعث الله سحابة حيال رأسه ، فرعدت ووقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه ، ونزلت هذه الآية .

والثالث : أنها في رجل أنكر القرآن وكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله عليه صاعقة فأهلكته ، ونزلت هذه الآية ، قاله قتادة .

قوله تعالى : " وهم يجادلون في الله " فيه قولان :

أحدهما : يكذبون بعظمة الله ، قاله ابن عباس .

والثاني : يخاصمون في الله ، حيث قال قائلهم : أهو من ذهب ، أم من فضة ؟ على ما تقدم بيانه .

قوله تعالى : " وهو شديد المحال " فيه خمسة أقوال :

[ ص: 316 ] أحدها : شديد الأخذ ، قاله علي عليه السلام .

والثاني : شديد المكر ، شديد العداوة ، رواه الضحاك عن ابن عباس .

والثالث : شديد العقوبة ، قاله أبو صالح عن ابن عباس ، وقال مجاهد في رواية عنه : شديد الانتقام . وقال أبو عبيدة : شديد العقوبة والمكر والنكال ، وأنشد للأعشى :


فرع نبع يهتز في غصن المجـ ـد ، غزير الندى ، شديد المحال

إن يعاقب يكن غراما وإن يعـ
ـط جزيلا فإنه لا يبالي


وقال ابن قتيبة : شديد المكر واليد ، وأصل المحال : الحيلة

والرابع : شديد القوة ، قاله مجاهد . قال الزجاج : يقال : ماحلته محالا : إذا قاويته حتى تبين له أيكما الأشد ، والمحل في اللغة : الشدة .

والخامس : شديد الحقد ، قاله الحسن البصري فيما سمعناه عنه مسندا من طرق ، وقد رواه عنه جماعة من المفسرين منهم ابن الأنباري ، والنقاش ، ولا يجوز هذا في صفات الله تعالى . قال النقاش : هذا قول منكر عند أهل الخبر والنظر في اللغة لا يجوز أن تكون هذه صفة من صفات الله عز وجل . والذي أختاره في هذا ما قاله علي عليه السلام : شديد الأخذ ، يعني : أنه إذا أخذ الكافر والظالم لم يفلته من عقوباته .
[ ص: 317 ] له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال

قوله تعالى : " له دعوة الحق " فيه قولان :

أحدهما : أنها كلمة التوحيد ، وهي : لا إله إلا الله ، قاله علي ، وابن عباس ، والجمهور ، فالمعنى: له من خلقه الدعوة الحق ، فأضيفت الدعوة إلى الحق ، لاختلاف اللفظين .

والثاني : أن الله عز وجل هو الحق ، فمن دعاه دعا الحق ، قاله الحسن .

قوله تعالى : " والذين يدعون من دونه " يعني : الأصنام يدعونها آلهة . قال أبو عبيدة : المعنى : والذين يدعون غيره من دونه .

قوله تعالى : " لا يستجيبون لهم " أي : لا يجيبونهم .

قوله تعالى : " إلا كباسط كفيه إلى الماء " فيه خمسة أقوال :

أحدها : أنه العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه ، قاله علي عليه السلام ، وعطاء .

والثاني : أنه الرجل العطشان قد وضع كفيه في الماء وهو لا يرفعهما ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث : أنه العطشان يرى خياله في الماء من بعيد ، فهو يريد أن يتناوله فلا يقدر عليه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

والرابع : أنه الرجل يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا ، قاله مجاهد .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 50.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.24%)]