عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 12-08-2022, 07:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,520
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد




تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(240)
الحلقة (254)
صــ 484إلى صــ 499




2929 - حدثني المثني قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعيد قال : حدثنا أبو جعفر عن الربيع : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " ، يقول : هن لحاف لكم وأنتم لحاف لهن . .

والوجه الآخر : أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه " لباسا " ، لأنه سكن له ، كما قال جل ثناؤه : ( جعل لكم الليل لباسا ) [ سورة الفرقان : 47 ] ، يعني بذلك سكنا تسكنون فيه . وكذلك زوجة الرجل سكنه يسكن إليها ، كما قال تعالى ذكره : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) [ سورة الأعراف : 189 ] [ ص: 492 ] فيكون كل واحد منهما " لباسا " لصاحبه ، بمعنى سكونه إليه . وبذلك كان مجاهد وغيره يقولون في ذلك .

وقد يقال لما ستر الشيء وواراه عن أبصار الناظرين إليه : " هو لباسه ، وغشاؤه " ، فجائز أن يكون قيل : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " ، بمعنى : أن كل واحد منكم ستر لصاحبه - فيما يكون بينكم من الجماع - عن أبصار سائر الناس .

وكان مجاهد وغيره يقولون في ذلك بما : -

2930 - حدثنا به المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " ، يقول : سكن لهن .

2931 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " ، قال قتادة : هن سكن لكم ، وأنتم سكن لهن .

2932 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " هن لباس لكم " يقول : سكن لكم " وأنتم لباس لهن " ، يقول : سكن لهن .

2933 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال عبد الرحمن بن زيد في قوله : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " ، قال : المواقعة .

2934 - حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا إبراهيم عن يزيد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قوله : " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " قال : هن سكن لكم وأنتم سكن لهن .
[ ص: 493 ] القول في تأويل قوله تعالى ( علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم )

قال أبو جعفر : إن قال لنا قائل : وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم ، التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم؟

قيل : كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين ، أحدهما : جماع النساء ، والآخر : المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حراما ذلك عليهم ، كما : -

2935 - حدثنا محمد بن المثني قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال : حدثنا ابن أبي ليلى : أن الرجل كان إذا أفطر فنام لم يأتها ، وإذا نام لم يطعم ، حتى جاء عمر بن الخطاب يريد امرأته ، فقالت امرأته : قد كنت نمت! فظن أنها تعتل فوقع بها . قال : وجاء رجل من الأنصار فأراد أن يطعم ، فقالوا : نسخن لك شيئا؟ . . . . . . قال : ثم نزلت هذه الآية : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " الآية . [ ص: 494 ]

2936 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر ، فلما دخل رمضان كانوا يصومون ، فإذا لم يأكل الرجل عند فطره حتى ينام ، لم يأكل إلى مثلها ، وإن نام أو نامت امرأته لم يكن له أن يأتيها إلى مثلها . فجاء شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك فقال لأهله : أطعموني . فقالت : حتى أجعل لك شيئا سخنا! قال : فغلبته عينه فنام . ثم جاء عمر فقالت له امرأته : إني قد نمت! فلم يعذرها ، وظن أنها تعتل ، فواقعها . فبات هذا وهذا يتقلبان ليلتهما ظهرا وبطنا ، فأنزل الله في ذلك : " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " ، وقال : " فالآن باشروهن " ، فعفا الله عن ذلك ، وكانت سنة .

2937 - حدثنا أبو كريب قال حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال : كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب وإتيان النساء . فكان رجل من الأنصار يدعى أبا صرمة يعمل في أرض له ، قال : فلما كان عند فطره نام ، فأصبح صائما قد جهد . فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما لي أرى بك جهدا! فأخبره بما كان من أمره . واختان رجل نفسه في شأن النساء ، فأنزل الله " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " ، إلى آخر الآية . . [ ص: 495 ]

2938 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثني أبي ، عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء - نحو حديث ابن أبي ليلى الذي حدث به عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى - قال : كانوا إذا صاموا ونام أحدهم ، لم يأكل شيئا حتى يكون من الغد . فجاء رجل من الأنصار وقد عمل في أرض له وقد أعيا وكل ، فغلبته عينه فنام ، وأصبح من الغد مجهودا ، فنزلت هذه الآية : " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " . .

2939 - حدثني المثني قال : حدثنا عبد الله بن رجاء البصري قال : حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر ، لم يأكل إلى مثلها ، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما ، وكان توجه ذلك اليوم فعمل في أرضه ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال : هل عندكم طعام؟ قالت : لا ولكن أنطلق فأطلب لك . فغلبته عينه فنام ، وجاءت امرأته قالت : قد نمت! فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت فيه هذه الآية : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " إلى " من الخيط الأسود " ففرحوا بها فرحا شديدا . [ ص: 496 ]

2940 - حدثني المثني قال حدثنا أبو صالح قال : حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " ، وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة . ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن " يعني انكحوهن " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " .

2941 - حدثني المثني قال : حدثنا سويد قال : أخبرنا ابن المبارك عن ابن لهيعة قال : حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة : أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال : كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام ، حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد . فرجع عمر بن [ ص: 497 ] الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده ، فوجد امرأته قد نامت ، فأرادها فقالت : إني قد نمت! فقال : ما نمت! ثم وقع بها . وصنع كعب بن مالك مثل ذلك . فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأنزل الله تعالى ذكره : " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن " . . . . الآية .

2942 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : حدثنا ثابت : أن عمر بن الخطاب واقع أهله ليلة في رمضان ، فاشتد ذلك عليه ، فأنزل الله : ( أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ) .

2943 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : [ ص: 498 ] حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " إلى : " وعفا عنكم " . كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه ، حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة ، حتى إذا صليت حرم عليه الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة . وإن عمر بن الخطاب بينما هو نائم إذ سولت له نفسه فأتى أهله لبعض حاجته ، فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة . ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة ، فإنها زينت لي فواقعت أهلي! هل تجد لي من رخصة يا رسول الله؟ قال : لم تكن حقيقا بذلك يا عمر ! فلما بلغ بيته أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن ، وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة فقال : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " إلى " علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم " يعني بذلك : الذي فعل عمر بن الخطاب فأنزل الله عفوه . فقال : " فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن " إلى : " من الخيط الأسود " فأحل لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لهم الصبح . [ ص: 499 ]

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.94 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.99%)]