عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 12-08-2022, 07:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد




تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(213)
الحلقة (227)
صــ 290إلى صــ 296




2419 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن - وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد - جميعا قالا حدثنا سفيان ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد بمثله . [ ص: 290 ]

2420 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "وتقطعت بهم الأسباب " قال : المودة .

2421 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

2422 - حدثني القاسم قال : حدثني الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال : تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا .

2423 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى قال : أخبرني قيس بن سعد ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره : "وتقطعت بهم الأسباب " قال : المودة .

2424 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : "وتقطعت بهم الأسباب " ، أسباب الندامة يوم القيامة ، وأسباب المواصلة التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها ، ويتحابون بها ، فصارت عليهم عداوة يوم القيامة ، ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ، ويلعن بعضكم بعضا ، ويتبرأ بعضكم من بعض . وقال الله تعالى ذكره : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) [ سورة الزخرف : 67 ] ، فصارت كل خلة عداوة على أهلها إلا خلة المتقين .

2425 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "وتقطعت بهم الأسباب " قال : هو الوصل الذي كان بينهم في الدنيا .

2426 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : "وتقطعت بهم الأسباب " ، يقول : الأسباب ، الندامة .



وقال بعضهم : بل معنى "الأسباب " ، المنازل التي كانت لهم من أهل الدنيا . [ ص: 291 ]

ذكر من قال ذلك :

2427 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "وتقطعت بهم الأسباب " ، يقول : وتقطعت بهم المنازل .

2428 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس : "وتقطعت بهم الأسباب " قال : الأسباب المنازل .

وقال آخرون : "الأسباب " ، الأرحام .

ذكر من قال ذلك :

2429 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج ، وقال ابن عباس : "وتقطعت بهم الأسباب " قال : الأرحام .

وقال آخرون : "الأسباب " ، الأعمال التي كانوا يعملونها في الدنيا .

ذكر من قال ذلك :

2430 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما "وتقطعت بهم الأسباب " ، فالأعمال .

2431 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "وتقطعت بهم الأسباب " قال : أسباب أعمالهم ، فأهل التقوى أعطوا أسباب أعمالهم وثيقة ، فيأخذون بها فينجون ، والآخرون أعطوا أسباب أعمالهم الخبيثة ، فتقطع بهم فيذهبون في النار . [ ص: 292 ]

قال أبو جعفر : "والأسباب " ، الشيء يتعلق به . قال : و"السبب " الحبل . "والأسباب " جمع "سبب " ، وهو كل ما تسبب به الرجل إلى طلبته وحاجته . فيقال للحبل "سبب " ، لأنه يتسبب بالتعلق به إلى الحاجة التي لا يوصل إليها إلا بالتعلق به . ويقال للطريق "سبب " ، للتسبب بركوبه إلى ما لا يدرك إلا بقطعه . وللمصاهرة "سبب " ، لأنها سبب للحرمة . وللوسيلة "سبب " ، للوصول بها إلى الحاجة ، وكذلك كل ما كان به إدراك الطلبة ، فهو "سبب " لإدراكها .

فإذ كان ذلك كذلك ، فالصواب من القول في تأويل قوله : "وتقطعت بهم الأسباب " أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر أن الذين ظلموا أنفسهم - من أهل الكفر الذين ماتوا وهم كفار - يتبرأ عند معاينتهم عذاب الله المتبوع من التابع ، وتتقطع بهم الأسباب .

وقد أخبر تعالى ذكره في كتابه أن بعضهم يلعن بعضا ، وأخبر عن الشيطان أنه يقول لأوليائه : ( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) [ سورة إبراهيم : 22 ] ، وأخبر تعالى ذكره أن الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ، وأن الكافرين لا ينصر يومئذ بعضهم بعضا ، فقال تعالى ذكره : ( وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون ) [ سورة الصافات : 24 - 25 ] وأن الرجل منهم لا ينفعه نسيبه ولا ذو رحمه ، وإن كان نسيبه لله وليا ، فقال تعالى ذكره في ذلك : ( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ) [ سورة التوبة : 114 ] وأخبر تعالى ذكره أن أعمالهم تصير عليهم حسرات .

وكل هذه المعاني أسباب يتسبب في الدنيا بها إلى مطالب ، فقطع الله منافعها في الآخرة عن الكافرين به ، لأنها كانت بخلاف طاعته ورضاه ، فهي منقطعة [ ص: 293 ] بأهلها . فلا خلال بعضهم بعضا نفعهم عند ورودهم على ربهم ،

ولا عبادتهم أندادهم ولا طاعتهم شياطينهم ؛ ولا دافعت عنهم أرحام فنصرتهم من انتقام الله منهم ، ولا أغنت عنهم أعمالهم ، بل صارت عليهم حسرات . فكل أسباب الكفار منقطعة .

فلا معنى أبلغ - في تأويل قوله : "وتقطعت بهم الأسباب " - من صفة الله [ ذلك ] وذلك ما بينا من [ تقطع ] جميع أسبابهم دون بعضها ، على ما قلنا في ذلك . ومن ادعى أن المعني بذلك خاص من الأسباب ، سئل عن البيان على دعواه من أصل لا منازع فيه ، وعورض بقول مخالفه فيه . فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله .
القول في تأويل قوله تعالى ( وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا )

قال أبو جعفر : يعني بقوله تعالى ذكره : "وقال الذين اتبعوا " ، وقال أتباع الرجال - الذين كانوا اتخذوهم أندادا من دون الله يطيعونهم في معصية الله ، ويعصون ربهم في طاعتهم ، إذ يرون عذاب الله في الآخرة - : "لو أن لنا كرة " .

يعني "بالكرة " ، الرجعة إلى الدنيا ، من قول القائل : "كررت على القوم أكر كرا " ، و"الكرة " المرة الواحدة ، وذلك إذا حمل عليهم راجعا عليهم بعد الانصراف عنهم ، كما قال الأخطل : [ ص: 294 ]


ولقد عطفن على فزارة عطفة كر المنيح وجلن ثم مجالا


وكما : -

2432 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة : " وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا " ، أي : لنا رجعة إلى الدنيا .

2433 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع : "وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة " قال : قالت الأتباع : لو أن لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا .

وقوله : "فنتبرأ منهم " منصوب ، لأنه جواب للتمني ب "الفاء " . لأن القوم تمنوا رجعة إلى الدنيا ليتبرءوا من الذين كانوا يطيعونهم في معصية الله ، كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا ، المتبوعون فيها على الكفر بالله ، إذ عاينوا عظيم النازل بهم من عذاب الله ، فقالوا : يا ليت لنا كرة إلى الدنيا فنتبرأ منهم ، و ( يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) [ سورة الأنعام : 27 ]
[ ص: 295 ] القول في تأويل قوله تعالى ( كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم )

قال أبو جعفر : ومعنى قوله : " كذلك يريهم الله أعمالهم " ، يقول : كما أراهم العذاب الذي ذكره في قوله : "ورأوا العذاب " ، الذي كانوا يكذبون به في الدنيا ، فكذلك يريهم أيضا أعمالهم الخبيثة التي استحقوا بها العقوبة من الله "حسرات عليهم " يعني : ندامات .

"والحسرات " جمع "حسرة " . وكذلك كل اسم كان واحده على "فعلة " مفتوح الأول ساكن الثاني ، فإن جمعه على "فعلات " مثل "شهوة وتمرة " تجمع "شهوات وتمرات " مثقلة الثواني من حروفها . فأما إذا كان نعتا فإنك تدع ثانيه ساكنا مثل "ضخمة " ، تجمعها "ضخمات " و"عبلة " تجمعها "عبلات " ، وربما سكن الثاني في الأسماء ، كما قال الشاعر :


عل صروف الدهر أو دولاتها يدلننا اللمة من لماتها

فتستريح النفس من زفراتها


فسكن الثاني من "الزفرات " ، وهي اسم . وقيل : إن "الحسرة " أشد الندامة . [ ص: 296 ]

فإن قال لنا قائل : فكيف يرون أعمالهم حسرات عليهم ، وإنما يتندم المتندم على ترك الخيرات وفوتها إياه ؟ وقد علمت أن الكفار لم يكن لهم من الأعمال ما يتندمون على تركهم الازدياد منه ، فيريهم الله قليله! بل كانت أعمالهم كلها معاصي لله ، ولا حسرة عليهم في ذلك ، وإنما الحسرة فيما لم يعملوا من طاعة الله ؟

قيل : إن أهل التأويل في تأويل ذلك مختلفون ، فنذكر في ذلك ما قالوا ، ثم نخبر بالذي هو أولى بتأويله إن شاء الله .

فقال بعضهم : معنى ذلك : كذلك يريهم الله أعمالهم التي فرضها عليهم في الدنيا فضيعوها ولم يعملوا بها ، حتى استوجب ما كان الله أعد لهم ، لو كانوا عملوا بها في حياتهم ، من المساكن والنعم غيرهم بطاعته ربه . فصار ما فاتهم من الثواب - الذي كان الله أعده لهم عنده لو كانوا أطاعوه في الدنيا ، إذ عاينوه عند دخول النار أو قبل ذلك - أسى وندامة وحسرة عليهم .

ذكر من قال ذلك :

2434 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم " ، زعم أنه يرفع لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها ، لو أنهم أطاعوا الله ، فيقال لهم : تلك مساكنكم لو أطعتم الله ، ثم تقسم بين المؤمنين ، فيرثونهم . فذلك حين يندمون .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]