
12-08-2022, 06:18 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,772
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(210)
الحلقة (224)
صــ 269إلى صــ 275
2399 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبيه ، [ ص: 269 ] عن أبي الضحى قال : لما نزلت " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " ، قال المشركون : إن كان هذا هكذا فليأتنا بآية! فأنزل الله تعالى ذكره : " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار " ، الآية .
2400 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج قال حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، قال حدثني سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى قال : لما نزلت : " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم " ، قال المشركون : إن كان هذا هكذا فليأتنا بآية ، فأنزل الله تعالى ذكره : " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار " ، الآية .
2401 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، قال : حدثني سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى قال : لما نزلت هذه الآية ، جعل المشركون يعجبون ويقولون : تقول إلهكم إله واحد ، فلتأتنا بآية إن كنت من الصادقين! فأنزل الله : " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار " ، الآية .
2402 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج عن عطاء بن أبى رباح أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : أرنا آية! فنزلت هذه الآية : "إن في خلق السماوات والأرض " .
2403 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد قال : سألت قريش اليهود فقالوا : حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات! فحدثوهم بالعصا وبيده البيضاء للناظرين . وسألوا النصارى عما جاءهم به عيسى من الآيات ، فأخبروهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله . فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا ، فنزداد يقينا ، ونتقوى به على عدونا . فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه ، فأوحى إليه : [ ص: 270 ] إني معطيهم ، فأجعل لهم الصفا ذهبا ، ولكن إن كذبوا عذبتهم عذابا لم أعذبه أحدا من العالمين .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ذرني وقومي فأدعوهم يوما بيوم . فأنزل الله عليه : "إن في خلق السماوات والأرض " ، الآية : إن في ذلك لآية لهم ، إن كانوا إنما يريدون أن أجعل لهم الصفا ذهبا ، فخلق الله السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار ، أعظم من أن أجعل لهم الصفا ذهبا ليزدادوا يقينا .
2404 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار " ، فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : غير لنا الصفا ذهبا إن كنت صادقا أنه منه! فقال الله : إن في هذه الآيات لآيات لقوم يعقلون . وقال : قد سأل الآيات قوم قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ، أن الله تعالى ذكره نبه عباده على الدلالة على وحدانيته وتفرده بالألوهية ، دون كل ما سواه من الأشياء بهذه الآية . وجائز أن تكون نزلت فيما قاله عطاء ، وجائز أن تكون فيما قاله سعيد بن جبير وأبو الضحى ، ولا خبر عندنا بتصحيح قول أحد الفريقين يقطع العذر ، فيجوز أن يقضي أحد لأحد الفريقين بصحة قول على الآخر . وأي القولين كان صحيحا ، فالمراد من الآية ما قلت .
[ ص: 271 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن في خلق السماوات والأرض )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "إن في خلق السماوات والأرض " إن في إنشاء السماوات والأرض وابتداعهما .
ومعنى "خلق " الله الأشياء : ابتداعه وإيجاده إياها ، بعد أن لم تكن موجودة .
وقد دللنا فيما مضى على المعنى الذي من أجله قيل : "الأرض " ، ولم تجمع كما جمعت السماوات ، فأغنى ذلك عن إعادته
فإن قال لنا قائل : وهل للسموات والأرض خلق هو غيرها فيقال : "إن في خلق السماوات والأرض " ؟
قيل : قد اختلف في ذلك . فقال بعض الناس : لها خلق هو غيرها . واعتلوا في ذلك بهذه الآية ، وبالتي في سورة : الكهف : ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ) [ سورة الكهف : 51 ] وقالوا : لم يخلق الله شيئا إلا والله له مريد . قالوا : فالأشياء كانت بإرادة الله ، والإرادة خلق لها . [ ص: 272 ]
وقال آخرون : خلق الشيء صفة له ، لا هي هو ، ولا غيره . قالوا : لو كان غيره لوجب أن يكون مثله موصوفا . قالوا : ولو جاز أن يكون خلقه غيره ، وأن يكون موصوفا ، لوجب أن تكون له صفة هي له خلق . ولو وجب ذلك كذلك ، لم يكن لذلك نهاية . قالوا : فكان معلوما بذلك أنه صفة للشيء . قالوا : فخلق السماوات والأرض صفة لهما ، على ما وصفنا . واعتلوا أيضا - بأن للشيء خلقا ليس هو به - من كتاب الله بنحو الذي اعتل به الأولون .
وقال آخرون : خلق السماوات والأرض ، وخلق كل مخلوق ، هو ذلك الشيء بعينه لا غيره .
فمعنى قوله : "إن في خلق السماوات والأرض " : إن في السماوات والأرض .
القول في تأويل قوله تعالى ( واختلاف الليل والنهار )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "واختلاف الليل والنهار " ، وتعاقب الليل والنهار عليكم أيها الناس .
وإنما "الاختلاف " في هذا الموضع "الافتعال " من "خلوف " كل واحد منهما الآخر ، كما قال تعالى ذكره : ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ) [ سورة الفرقان : 62 ] .
بمعنى : أن كل واحد منهما يخلف مكان صاحبه ، إذا ذهب الليل جاء النهار بعده ، وإذا ذهب النهار جاء الليل خلفه . ومن ذلك قيل : "خلف فلان فلانا في أهله بسوء " ، ومنه قول زهير :
بها العين والآرام يمشين خلفة وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم [ ص: 273 ]
وأما "الليل " . فإنه جمع "ليلة " ، نظير "التمر " الذي هو جمع "تمرة " . وقد يجمع "ليال " ، فيزيدون في جمعها ما لم يكن في واحدتها . وزيادتهم "الياء " في ذلك نظير زيادتهم إياها في "رباعية وثمانية وكراهية " .
وأما "النهار " ، فإن العرب لا تكاد تجمعه ، لأنه بمنزلة الضوء . وقد سمع في جمعه "النهر " ، قال الشاعر :
لولا الثريدان هلكنا بالضمر ثريد ليل وثريد بالنهر
ولو قيل في جمع قليله "أنهرة " كان قياسا .
القول في تأويل قوله تعالى ( والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره : إن في الفلك التي تجري في البحر .
و"الفلك " هو السفن ، واحده وجمعه بلفظ واحد ، ويذكر ويؤنث ، كما قال تعالى ذكره في تذكيره في آية أخرى : ( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ) [ سورة يس : 41 ] ، فذكره .
وقد قال في هذه الآية : "والفلك التي تجري في البحر " ، وهي مجراة ، لأنها [ ص: 274 ] إذا أجريت فهي "الجارية " ، فأضيف إليها من الصفة ما هو لها .
وأما قوله : "بما ينفع الناس " ، فإن معناه : ينفع الناس في البحر .
القول في تأويل قوله تعالى ( وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " وما أنزل الله من السماء من ماء " ، وفي ما أنزله الله من السماء من ماء ، وهو المطر الذي ينزله الله من السماء .
وقوله : "فأحيا به الأرض بعد موتها " ، وإحياؤها : عمارتها ، وإخراج نباتها . و"الهاء " التي في "به " عائدة على "الماء " و"الهاء والألف " في قوله : "بعد موتها " على الأرض .
و"موت الأرض " ، خرابها ، ودثور عمارتها ، وانقطاع نباتها ، الذي هو للعباد أقوات ، وللأنام أرزاق .
القول في تأويل قوله تعالى ( وبث فيها من كل دابة )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وبث فيها من كل دابة " ، وإن فيما بث في الأرض من دابة . [ ص: 275 ]
ومعنى قوله : "وبث فيها " ، وفرق فيها ، من قول القائل : "بث الأمير سراياه " ، يعني : فرق .
و"الهاء والألف " في قوله : "فيها " ، عائدتان على "الأرض " .
"والدابة " "الفاعلة " ، من قول القائل : "دبت الدابة تدب دبيبا فهي دابة " . "والدابة " ، اسم لكل ذي روح كان غير طائر بجناحيه ، لدبيبه على الأرض .
القول في تأويل قوله تعالى ( وتصريف الرياح )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وتصريف الرياح " ، وفي تصريفه الرياح ، فأسقط ذكر الفاعل وأضاف الفعل إلى المفعول ، كما تقول : "يعجبني إكرام أخيك " ، تريد : إكرامك أخاك .
"وتصريف " الله إياها ، أن يرسلها مرة لواقح ، ومرة يجعلها عقيما ، ويبعثها عذابا تدمر كل شيء بأمر ربها ، كما : -

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|