
12-08-2022, 03:41 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,876
الدولة :
|
|
رد: الروضة الوائلية
• ونقل عمرٌو في "البيان" قول بعض الحكماء: ((لا تصطنعوا إلى ثلاثة معروفًا: اللئيم فإنه بمنزلة الأرض السَّبِخَة، والفاحش فإنه يرى أن الذي صنعت إليه إنما هو لمخافة فُحشه، والأحمق فإنه لا يعرف قدر ما أَسديت إليه. وإذا اصطنعت إلى الكرام فازدرع المعروف واحصُِد الشكر)).
قال: ((وواضع المعروف في غير أهله كالمُسْرِج في الشمس، والزارع في السَّبَخ)).
وقالوا: ((مَن لم يعرف سوء ما يُولِي؛ لم يعرف حُسن ما يولَى)).
• ومن وصية عبد الله بن شداد لابنه:
((وَضَعْ - يا بُني - الصنائعَ عند الكرام ذوي الأحساب، ولا تَضَعَنَّ معروفك عند اللئام فتضيعَه؛ فإن الكريم يَشكرك ويَرْصُدُك بالمكافأة، وإن اللئيم يَحْسِبُ ذلك حتمًا، ويَؤول أمرُك معه إلى المذلة)).
• وقد قال الشاعر:
إذا أوليتَ معروفًا لئيمًا
فعَدَّك قد قتلْتَ له قتيلا
فَعُدْ من ذاك مُعْتَذِرًا إليه
وقل: "إني أتيتُك مُسْتَقيلا
فإنْ تَغْفِرْ فَمُجْتَرَمٌ عظيمٌ
وإنْ عاقبتَ لم تظلم فَتِيلا"
وإنْ أَوْلَيْتَ ذلك ذا وفاءٍ
فقد أودعتَه شُكرًا طويلا
• طالع كتاب "تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب" المنسوب لأبي بكر محمد بن خلف بن المرزبان، المتوفى سنة تسع وثلاث مئة، ترَ عجبًا.
♦♦♦♦
[بطلان قصة وأد عمر بن الخطاب ابنتَه]
إن قصة وأد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لابنته، وهي تنفض التراب عن لحيته، والتي تلوكها ألسنة كثير من خطبائنا، لا أصل لها.
وحسنًا ما قال الأستاذ عباسٌ العقاد فيها[7]، بعد إذ ساق خلاصتها:
((هي قصة يَعتَورها الشك من ناحية ضحكها، ومن ناحية بكائها، ومن ناحية اجتماعهما في لحظة واحدة لتمكين واضع القصة من التفرقة بين عصر عمرَ في جاهليته وإسلامه.
وأدعى ما فيها من الشك تلك الخاتمة التي يتم بها اختراع الفجيعة والبلوغ بها إلى ذروتها، وهي نفض الطفلة الصغيرة ترابَ حفرتها عن لحية أبيها.
فالوأد لم يكن بالعادة الشائعة بين جميع القبائل العربية، ولم يشتهر بنو عدي خاصة بهذه العادة، ولا اشتهرت بها أسرة الخطاب التي عاشت منها فيما نعلم فاطمةُ أخت عمرَ، وحفصة أكبر أولاده، وهي التي كُنِّيَ أبا حفص باسمها.
وقد وُلِدَتْ حفصةُ قبل البعث الإسلامي بخمس سنوات فلم يَئِدْها، فلماذا وأد الصغرى المزعومة وهي في السن التي تفهم فيها كيف تنفض التراب عن لحية أبيها؟!!
ولماذا انقطعت أخبار هذه الصغرى المزعومة فلم يذكرها أحد من إخوانها وأخواتها، ولا أحد من عمومتها وخُئولتها؟!!
ما نحسبها إلا إحدى جنايات الأغراب على مَن خُلِقوا وفي سيرتهم مثال للإغراب والإعجاب.
فهي اختراعة تضعفها قرائن التاريخ، وتضعفها خلائق عمر التي لا تتبدل هذا التبدل من النقيض إلى النقيض بين جاهليته وإسلامه.
وقد كان عمر في جاهليته لم يُسلم بعدُ يوم أشفق على أخته وهي دامية الوجه، وكان في جاهليته يوم أحب أخاه حبه المفرط وبقي عليه؛ فليس وقوع القصة المزعومة في الجاهلية مانعًا لغرابتها، ومقرِّبًا لتصديقها، وغير هذا الأب وهذا الأخ يطيق هذه القسوة التي لا تطاق.
إن قليلًا من الآباء مَن أحب أبناءه كما أحب عمر أبناءه، وإن قليلًا من الإخوة مَن أحب أخًا كما أحب عمر أخاه زيدًا، فما سَمع اسمَه بعد مقتله إلا سالت عبرته، وما هبت الصَّبَا كما قال إلا وجد نسيم زيد وتمنى نظم الشعر لينظمه في رثائه)).
هذا، وللأستاذة سناء زهران بحث نفيس في بيان بطلان ذي القصة، جدير بالمراجعة.
♦♦♦♦
[قل: أهم من ذلك، ولا تقل: الأهم من ذلك]
• ((الأهم من ذلك أن تفعل كذا وكذا))!.. ((الأَولى من هذا كَيْت وكيت))!.. ((الأفضل من ذاك ذَيْت وذيت))!..
هاته التراكيبُ تقع عينك عليها كثيرًا في كتابات بعض المحدَثين، وهي عند النحاة بمبعدة من السلامة؛ والصواب في شكلها أن يقال: ((أهم من ذلك أن تفعل كذا وكذا))، أو: ((الأهم أن تفعل كذا وكذا)).
وتعليل هذا يرجع إلى أن أفعل التفضيل إذا جاء معرفًا بـ(ال) فيجب أمران:
1- أن يطابق أفعل التفضيل موصوفه المتقدم في نوعه وعدده.
2- وأن يمتنع اقتران المفضل عليه بـ(من). وما ورد من ذلك في الشعر فشاذ، يُروى ولا يقاس عليه، وقد ذكروا له تأويلاً.
♦♦♦♦
[في عزو الحديث]
إذا كان الحديث مخرجًا في أحد دواوين الإسلام الستة المشهورة فلا يسوغ عند البصراء بالحديث العدول في العزو عنها إلى غيرها استقلالاً إلا لفائدة.
قال مُغَلْطَاي بن قَلِيج:
((ليس لحديثي عزو حديث في أحد الستة لغيرها إلا لزيادة ليست فيها، أو لبيان سنده ورجاله)).
نقله الْمُناوي في غير موضع من "الفيض".
[1] استد - بالسين المهملة: أي: استقام. ومَن رواه بالشين المعجمة فقد أخطأ؛ قال الإمام العلامة عبد الملك بن قُريب الأصمعي [المتوفى سنة ست عشرة ومائتين]: ((اشتد بالشين ليس بشيء)). نقله الجوهري (رحمه الله) في "الصحاح".
ولأبي حيان رأي انظره في "البصائر" (2/180)، وتجد في حاشية الصفحة عينها تخريج الأبيات المزبورة أعلاه.
[2] أظنني رأيته في كتاب "شوقي" للأستاذ شوقي ضيف.
[3] في "حلية الأولياء" [(6/390) = (6/367/رقم 9277) ط/ مكتبة الإيمان].
[4] في "العزلة" (ص207).
[5] "مجمع الأمثال" للميداني، و"ربيع الأبرار" للزمخشري.
[6] أي: قد شُق بطنه.
[7] (1/599-600/ الأعمال الكاملة/ عبقرية عمر).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|