عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 10-08-2022, 04:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,659
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون (47) والأرض فرشناها فنعم الماهدون (48) ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (49) ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين (50) ولا تجعلوا مع الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين (51)
شرح الكلمات:
والسماء بنيناها بأيد: أي وبنينا السماء بقوة ظاهرة في رفع السماء وإحكام البناء.
وإنا لموسعون: أي لقادرون على البناء والتوسعة.
والأرض فرشناها: أي مهدناها فجعلناها كالمهاد أي الفراش الذي يوضع على المهد.
فنعم الماهدون: أي نحن أثنى الله تعالى على نفسه بفعله الخيري الحسن الكبير.
ومن كل شيء خلقنا زوجين: أي وخلقنا من كل شيء صنفين أي ذكرا وأنثى، خيرا وشرا، علوا وسفلا.
لعلكم تذكرون: أي تذكرون أن خالق الأزواج كلها هو إله فرد فلا يعبد معه غيره.
ففروا إلى الله: أي إلى التوبة بطاعته وعدم معصيته.
إني لكم منه نذير مبين: أي إني وأنا رسول الله إليكم منه تعالى نذير مبين بين النذارة أي أخوفكم عذابه.
ولا تجعلوا مع الله إلها آخر: أي لا تعبدوا مع الله إلها أي معبودا آخر إذ لا معبود بحق إلا هو.
إني لكم منه نذير مبين: إني لكم منه تعالى نذير بين النذارة أخوفكم عذابه إن عبدتم معه غيره.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في عرض مظاهر القدرة الإلهية الموجبة له تعالى الربوبية لكل شيء والألوهية على عباده. فقال تعالى: {والسماء1 بنيناها بأيد وإنا لموسعون} فهذا أكبر مظهر من مظاهر القدرة الإلهية إنه بناء السماء وإحكام ذلك البناء وارتفاعه وما تعلق به من كواكب ونجوم وشمس وقمر تم هذا الخلق بقوة الله التي لا توازيها قوة. وقوله {وإنا لموسعون} أي لقادرون على توسعته أكثر مما هو عليه، وذلك لسعة قدرتنا.
ومظهر ثان هو في قوله: {والأرض2 فرشناها فنعم الماهدون} والأرض فرشها بساطا ومهدها مهادا فنعم الماهدون نحن نعم الماهد الله تعالى لها إذ غيره لا يقدر على ذلك ولا يتأتى له، وثالث مظاهر القدرة في قوله: {ومن كل شيء3 خلقنا زوجين لعلكم تذكرون} فهذا لفظ عام يعم سائر المخلوقات وأنها كلها أزواج وليس فيها فرد قط.
والذوات كالصفات فالسماء يقابلها الأرض، والحر يقابله البرد، والذكر يقابله الأنثى، والبر يقابله البحر، والخير يقابله الشر، والمعروف يقابله المنكر، فهي أزواج بمعنى أصناف كما أن سائر الحيوانات هي أزواج من ذكر وأنثى. وقوله {لعلكم تذكرون} أي خلقنا من كل شيء زوجين رجاء أن تذكروا فتعلموا أن خالق هذه الأزواج هو الله الفرد الصمد الواحد الأحد لا إله غيره ولا رب سواه فتعبدوه وحده ولا تشركوا به سواه من سائر خلقه.
وقوله تعالى {ففروا إلى4 الله إني لكم منه نذير مبين} أي بعد أن تبين لكم أيها الناس أنه لا إله غير الله ففروا إليه تعالى أي بالإيمان به وبطاعته وبفعل فرائضه وترك نواهيه اهربوا إلى الله يا عباد الله بالإسلام إليه والانقياد لطاعته إني لكم منه تعالى نذير من عقاب شديد، ونذارتي بينة لا شك فيها وأنصح لكم أن لا تجعلوا مع الله إلها آخر أي معبودا غيره تعالى تعبدونه إن الشرك به يحبط أعمالكم ويحرم عليكم الجنة فلا تدخلوها أبدا واعلموا أني لكم منه عز وجل نذير مبين.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:

1- تقرير التوحيد والبعث بمظاهر القدرة الإلهية التي لا يعجزها شيء ومظاهر العلم والحكمة المتجلية في كل شيء.
2- ظاهرة الزوجية في الكون في الذرة انبهر لها العقل الإنساني وهي مما سبق إليه القرآن الكريم وقرره في غير موضع منه: سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون. فدل هذا قطعا على أن القرآن وحي الله وأن من أوحى به إليه وهو محمد بن عبد الله لن يكون إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- التحذير من الشرك فإنه ذنب عظيم لا يغفر إلا بالتوبة الصحيحة النصوح.
__________

1 هذا عرض آخر قدرة الله تعالى وعلمه وحكمته الدالة على قدرته على البعث الآخر (والسماء) : منصوب على الاشتغال، والأيد جمع يد وكثر إطلاقه على القوة نحو: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) أي: القوة، والموسع: القادر على توسعة ما يريد توسعته من رزق وغيره.
2 نصب الأرض على الاشتغال، والفرش: البسط يقال: فرش البساط: إذا نشره وقوله: (فنعم الماهدون) أثنى تعالى على نفسه بهذه المنة على خلقه وهي: بسط الأرض وتمهيدها للحياة عليها وفي هذا تعليم للعباد أن يحمدوا الله ويشكروه: فله الحمد تعالى وله المنة.
3 في خلق الله تعالى للذكر والأنثى والتناسل منهما دليل ظاهر على البعث الذي ينكره الكافرون فمن فكر في إيجاد الحياة من جماد النطفة سهل عليه الإيمان بالحياة الثانية بعد انتهاء هذه ولذا عقب على ذلك بجملة (لعلكم تذكرون) وهي جملة تعليلية.
4 الفاء للتفريع إنه بعد أن بين للمشركين ضلالهم وخطأهم في الشرك والكفر وإنكار البعث بما ساق من الأدلة وأبرز عن البراهين القطعية قال لرسوله: قل لهم أيها الناس ففروا إلى الله أي: اهربوا إليه لينجيكم من الخسران فإنه ليس لكم إلا هو فآمنوا به واعبدوه ووحدوه وعلل ذلك بقوله لهم {إني لكم منه نذير مبين} .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.20 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.52%)]