عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 08-08-2022, 02:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )





تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الزمر - (6)
الحلقة (738)
سورة الزمر
مكية
وآياتها خمس وسبعون آية

المجلد الرابع (صـــــــ 491الى صــــ 496)

إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45)
شرح الكلمات:
إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق: أي أنزلنا عليك يا رسولنا القرآن بالحق أي ملتبسا به.
وما أنت عليهم بوكيل: أي ليس عليك أمر هدايتهم فتجبرهم على الإيمان.
الله يتوفى الأنفس حين موتها: أي ينهي حياة العباد بقبض أرواحهم عند نهاية آجالهم.
والتي لم تمت في منامها: أي يتوفاها وقت النوم يحبسها عن التصرف كأنها شيء مقبوض.
فيمسك التي قضى عليها الموت: يقبضها لحكمة بالموت عليها حال النوم.
ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى: أي التي لم يحكم بموتها يرسلها فيعيش صاحبها إلى نهاية أجله المعدود له.
إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون: أي في قبض الأرواح وإرسالها، والقدرة على ذلك دلائل وبراهين على قدرة الله تعالى على البعث الذي أنكره المشركون.
أم اتخذوا من دون الله شفعاء: أي كفار مكة لا يتفكرون ولو كانوا يتفكرون لما أنكروا البعث، ولا ما اتخذوا من دون الله شفعاء لوضوح بطلان ذلك.
قل أو لو كانوا لا يملكون شيئاً: أي قل لهم أيشفع لكم شركاؤكم ولو كانوا لا يملكون شيئاً ينكر عليهم دعواهم الشفاعة لهم وهي أصنام لا تملك ولا تعقل.
قل لله الشفاعة جميعا: أي أخبرهم أن جميع الشفاعات لله وحده فشفاعة الأنبياء والشهداء والعلماء والأطفال مملوكة لله فلا يشفع أحد إلا بإذنه.
وإذا ذكر الله وحده اشمأزت: أي وإذا ذكر الله وحده كقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا إله إلا الله نفرت نفوس المشركين وانقبضت وظهر الغضب والسخط في وجوههم.
وإذا ذكر الذين من دونه: أي الأصنام والأوثان التي يعبدونها من دون الله تعالى.
إذا هم يستبشرون: أي فرحون جذلون وذلك لافتتانهم بها ونسيانهم لحق الله تعالى وهو عبادته وحده مقابل خلقه ورزقه لهم.
معنى الآيات:
إن السياق الكريم كان في عرض الصراع الدائر بين الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقومه المشركين فدافع الله تعالى عن رسوله ودفع عنه كل أذى ومكروه وتوعد خصومه بالعذاب في الدنيا والآخرة وهنا يسليه ويصبره فيقول له {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ (1) } أي القرآن {لِلنَّاسِ} أي لهداية الناس وإصلاحهم {بِالْحَقِّ} أي ملتبساً بالحق، فمن اهتدى بالقرآن فآمن وعمل صالحاً فعائد ذلك له حيث ينجو من النار ويدخل الجنة، ومن ضل لعدم قبوله هداية القرآن فأصر على الشرك والمعاصي فإنما يضل على نفسه أي عائد ضلاله على نفسه إذ هو الذي يحرم الجنة ورضا الله تعالى ويُلقى في النار خالداً فيها وعليه غضب من الله لا يفارقه أبدا.
وقوله: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} أي لم يوكل إليك أمر هدايتهم فتجد نفسك في هم من ذلك إن عليك إلا البلاغ المبين إنك لم تكلف حفظ أعمالهم ومحاسبتهم عليها، ولا أمر هدايتهم فتجبرهم على ذلك.
وقوله تعالى في الآية الثانية من هذا السياق (42) : {اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ (1) } أي يقبض أرواحها {حِينَ مَوْتِهَا} أي عند نهاية أجلها فيأمر تعالى ملك الموت فيخرج الروح بإذن الله ويقبضها، {وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} أي يقبضها بمعنى يحبسها عن التصرف، حال النوم، فإن أراد موتها قبضها ولم يردها إلى جسدها، وإن لم يرد وفاتها أرسلها فتعود إلى الجسد ويعيش صاحبها إلى الأجل المسمى له وهي (2) نهاية عمره إن في ذلك القبض للروح والإرسال، والوفاة والإحياء لآيات أي دلائل وحجج كلها قاضية بأن القادر على هذا قادر على البعث والنشور الذي كذب به المشركون كما ن صاحب هذه القدرة العظيمة هو صاحب الحق المطلق في الطاعة والعبادة ولا تنبغي العبادة إلا له. وقوله {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} وهم الأحياء بالإيمان أما الأموات وهم الكافرون فلا يجدون في ذلك آية ولا دليلاً لموتهم بالشرك والكفر.
وقوله تعالى في الآية الثالثة (43) : {أَمِ اتَّخَذُوا (3) مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعَاءَ} أي بل اتخذ المشركون الذين كان المفروض فيهم أن يهتدوا على الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة لو كانوا يتفكرون بدل أن يهتدوا إلى توحيد الله اتخذوا من دونه أوثاناً سموها شفعاء يرجون شفاعتها لدى الله في قضاء حوائجهم. وذلك لجهلهم وسخف عقولهم. قال تعالى لرسوله: {قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ} أي قل لهم أيشفعون لكم ولو كانوا لا يملكون شيئا من أسباب الشفاعة ومقتضياتها ولو كانوا لا يعقلون معنى الشفاعة ولا يفهمونه لأنهم أصنام وأحجار والاستفهام للتبكيت والتقريع. لو كان القوم يشعرون. ثم أمر تعالى رسوله أن يعلن عن الحقيقة وإن كانت عند المشركين مُرة {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} أي جميع أنواع الشفاعة هي ملك لله مختصة به فلا يشفع أحد إلا بإذنه، إذاً فاطلبوا الشفاعة من مالكها الذي له ملك السموات والأرض، لا ممن هو مملوك له، ولا يعقل حتى معنى الشفاعة ولا يفهمها وقوله ثم إليه ترجعون أي بعد الموت أحببتم أم كرهتم؟ فاتخذوا لكم يداً عنده بالإيمان به وتوحيده في عبادته.
وقوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} هذا كشف عن حال المشركين، وما هم عليه من الجهل والسفه إنه إذا سمعوا لا إله إلا الله ينفرون وينقبضون ويظهر ذلك غضباً في وجوههم، يكادون يسطون على من قال لا إله إلا الله، وإذا ذكر الذين من دونه أي وإذا ذكر الأصنام التي يعبدونها من دون الله إذا هم يستبشرون فرحون مسرورون، وهذا عائد إلى افتتانهم بأصنامهم، ونسيانهم لحقوق ربهم عليهم وهي الإيمان به وعبادته وحده مقابل ما خلقهم ورزقهم ودبر حياتهم، ولكن أنى لأهل ظلمة النفس وانتكاس القلب أن يعوا ويفهموا؟.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحمله على الصبر والثبات في أصعب الظروف.
2- مظاهر قدرة الله في الموت والحياة مما يقتضي الإيمان به وبلقائه وتوحيده.
3- إبطال حجة المشركين في عبادة الأوثان من أجل الشفاعة لهم إذا الشفاعة كلها لله.
4- بيان خطأ من يطلب الشفاعة من غير الله، إذ لا يملك الشفاعة إلا هو (1) .
5- بيان سفه المشركين وضلالهم في غضبهم عند سماع التوحيد، وفرحهم عند سماع الشرك.
__________

1 - في الآية مزيد بيان شرفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإنزال الكتاب عليه وتقرير رسالته، واللام في للناس للتعليل والباء في بالحق للملابسة. وفي الكلام محذوف تقديره لنفع الناس وهدايتهم بقرينة قوله بعد "فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه".
2 - المراد بالأنفس الناس الذين يموتون إذ لفظ النفس يطلق على الذات ويطلق على الروح قال ابن عباس وغيره من المفسرين إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها فإذا أراد جميعها الرجوع إلى الأجساد أمسك الله أرواح الأموات عنده وأرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها، قال علي رضي الله عنه فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها إلى جسدها فهي الرؤيا الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها فلقيها الشياطين وتخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة.
3 - شاهد هذا من السنة حديث الصحيحين وفيه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض بداخله إزاره فإنه لا يدري من خلفه عليه ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. والشاهد في أمساك الروح في المنام وإرسالها.
4 - أم هذه هي المنقطعة وهي للإضراب الانتقالي وهو انتقال من تشنيع شركهم إلى إبطال معاذيرهم في شركهم.
5 - الشفاعة أمر معنوي فملكها معناه تحصيل إجابتها إذ الأمور المعنوية لا تملك.

**********************************

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.81 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]