
05-08-2022, 05:43 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة :
|
|
رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27)
شرح الكلمات:
فآمن له لوط: أي آمن بإبراهيم لوط وهو ابن أخيه هاران ولم يؤمن من قومه سواه.
مهاجر إلى ربي: أي إلى حيث أعبد ربي فلا أفتن في ديني.
ووهبنا له إسحاق ويعقوب: أي هاجر لأجلنا فأكرمناه في دار هجرته فوهبنا له ذرية هم إسحاق الابن ويعقوب الحفيد.
في ذريته النبوة والكتاب: فكل الأنبياء بعده من ذريته وكل الكتب التي أنزلت بعده فهي في ذريته.
وآتيناه أجره في الدنيا: وذلك بالرزق الحسن والثناء الحسن على ألسنة كافة الناس من أهل الأديان الإلهية.
وإنه في الآخرة من الصالحين: أي هو أحدهم، فيكرم كما يكرمون بالدرجات العلا، والصالحون هم أنبياء الله ورسله وأولياؤه وصالحو عباده.
معنى الآيات:
هذا آخر قصص إبراهيم الخليل في هذا السياق الكريم فأخبر تعالى أن إبراهيم بعد الجهاد الطويل في الدعوة إلى عبادة الرحمن الرحيم لم يؤمن له ولم يتابعه على الحق الذي دعا إليه إلا لوط بن هاران أخيه فقال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ} أي إبراهيم {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى (1) رَبِّي} فترك بلاد قومه من (2) سواد العراق وارتحل إلى أرض الشام فأكرمه الله تعالى جزاء هجرته إلى ربه عز وجل بما أخبر به في هذا السياق حيث قال: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ (3) وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} وهبه أي أعطاه ولده إسحاق بن سارة وولد إسحاق وهو يعقوب، وجعل كافة الأنبياء من ذريته وجعل الكتاب فيهم أيضاً فالتوراة أنزلت على موسى، والزبور على داود، والإنجيل على عيسى وهم من ذرية إبراهيم، والقرآن الكريم أنزل على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو من ذرية إسماعيل بن إبراهيم وقول إبراهيم هو كما قال: {إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} وصف ربه بالعزة والحكمة. فقال: {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ (4) الْحَكِيمُ} أي الغالب القاهر {الْحَكِيمُ} الذي وضع كل شيء في موضعه، ودلائل العزة أن أنجى إبراهيم من أيدي الظلمة الطغاة ومن مظاهر الحكمة أن نقله من أرض لا خير فيها إلى أرض كلها خير وأكرمه فيها بما ذكره في قوله {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} حيث رزقه أطيب الأرزاق في دار هجرته ورزقه الثناء الحسن من كل أهل الأديان الإلهية كاليهودية والنصرانية، والإسلام وهو خاتم الأديان هذا في الدنيا وأما في الآخرة فإنه من الصالحين ذوي الدرجات العلا والمنازل العالية في مواكب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1- بيان حصيلة دعوة إبراهيم كذا سنة وأنها كانت إيمان واحد بها وهو لوط عليه السلام وفي هذا تسلية
للرسول الكريم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
2- بيان إكرام الله تعالى لمن يهاجر إليه ويترك أهله وداره.
3- بيان ما أكرم الله تعالى به إبراهيم من خير الدنيا والآخرة جزاء صبره على دعوة الله تعالى.
__________
1 - المهاجرة: مفاعلة من الهجر الذي هو الترك لما كان ملازما له. وحرف إلى الأصل فيه الانتهاء، وهي هنا أفادت التعليل: أي لأجل ربي إذ هو الذي أمره بها من أجل أن يعبده في دار هجرته هو وأهله.
2 - من قرية كوثا من سواد الكوفة إلى حران ثم إلى الشام، ومعه ابن أخيه لوط بن تارخ، وامرأته سارة، وهو أول من هاجر في سبيل الله وأول من هاجر من أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سبيل الله تعالى: عثمان بن عفان مع زوجته رقية بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أرض الحبشة.
3 - هذه الهبة كان قبلها هبة إسماعيل إذ ولد قبل إسحاق عليهم السلام.
4 - هذه الجملة واقعة موقع التعليل لمضمون جملة (إني مهاجر إلى ربي) لأن من كان عزيزا يعتز به جاره، ومن كان حكيماً لا يأمر بغير ما هو خير للمأمور الممتثل لأمره.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|