عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 05-08-2022, 01:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,001
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله



تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ النِّسَاءِ
المجلد الخامس
صـ 1427 الى صـ 1434
الحلقة (240)


قال تعالى في حق نوح: يا نوح اهبط بسلام منا [هود: من الآية 48] وقال عن الخليل: قال سلام عليك سأستغفر لك ربي [مريم: من الآية 47] وقال في قصة لوط: قالوا سلاما قال سلام [هود: من الآية 69] [ ص: 1427 ] وقال عن يحيى: وسلام عليه [مريم: من الآية 15] وقال عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى [النمل: من الآية 59] وقال عن الملائكة: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد: من الآية 24] وقال عن نفسه المقدسة: سلام قولا من رب رحيم [يس: 58] وقال: فقل سلام عليكم [الأنعام: 54].

وأما بالألف واللام فقوله عن موسى عليه السلام: فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى [طه: من الآية 47] وقال عن عيسى عليه السلام: والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا [مريم: 33] فثبت أن الكل جائز. انتهى.

[ ص: 1428 ] قال الإمام أبو الحسن الواحدي: أنت في تعريف السلام وتنكيره بالخيار. انتهى.

ولكثرة ورود التنكير في القرآن - على ما بيناه - فضله بعضهم على التعريف.

الرابعة: في فضله:

روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي، عن عمران بن حصين - رضي الله عنه -: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "السلام عليكم" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عشر ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عشرون ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ثلاثون قال الترمذي : حديث حسن. وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف.

وقال البزار: قد روي هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه، هذا أحسنها إسنادا.

وفي رواية لأبي داود من رواية معاذ بن أنس - رضي الله عنه - زيادة على هذا، قال: ثم أتى آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته قال: أربعون قال: هكذا تكون الفضائل .

وفيه رد على من زعم أنه لا يزاد على (وبركاته) لا يقال: رواية (ومغفرته) عند أبي داود هي من طريق أبي مرحوم واسمه عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، وأبو مرحوم ضعفه يحيى، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به؛ لأنا نقول: قد حسن الترمذي روايته عن سهل بن معاذ، وصححها أيضا هو وابن خزيمة والحاكم وغيرهم.

قال النسائي: لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه.

عود:

وروى الطبراني عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من قال: السلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله [ ص: 1429 ] كتبت عشرون حسنة، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتبت له ثلاثون حسنة .

وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا مر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلس فقال: سلام عليكم، فقال: عشر حسنات ثم مر آخر فقال: سلام عليكم ورحمة الله فقال: عشرون حسنة ثم مر آخر فقال: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال: ثلاثون حسنة فقام رجل من المجلس ولم يسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أوشك ما نسي صاحبكم، إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، وإن قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة .

وروى الطبراني بإسناد جيد عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبخل الناس من بخل بالسلام ورواه أيضا عن أبي هريرة، ولأحمد والبزار نحوه عن جابر.

وروى الطبراني عن حذيفة بن اليمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده تناثرت خطاياهما كما تتناثر ورق الشجر قال المنذري: ورواته لا أعلم فيهم مجروحا.

وروى البزار، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا التقى الرجلان المسلمان فسلم أحدهما على صاحبه، فإن أحبهما إلى الله أحسنهما بشرا لصاحبه، فإذا تصافحا نزلت عليهما مائة رحمة؛ للبادئ منهما تسعون، وللمصافح عشرة .

وروى أبو داود عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام .

[ ص: 1430 ] الخامسة: في بعض أحكامه المأثورة روى أبو داود عن علي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم .

وفي الموطأ عن زيد بن أسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم قال النووي: هذا مرسل صحيح الإسناد.

وفي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله، ترى ما لا نرى (تريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم).

قال النووي: ووقع في بعض روايات الصحيحين (وبركاته) ولم يقع في بعضها، وزيادة الثقة مقبولة.

وفي سنن أبي داود، عن غالب القطان، عن رجل قال: حدثني أبي عن جدي قال: بعثني أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ائته فأقرئه السلام، فأتيته فقلت: إن أبي يقرئك السلام، فقال: عليك وعلى أبيك السلام .

قال النووي: هذا وإن كان رواية عن مجهول فأحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم، فيستفاد منه الرد على المبلغ كالمسلم.

وروى أبو داود، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه [ ص: 1431 ] فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه ففيه أن من سلم عليه إنسان، ثم لقيه على قرب ندب التسليم عليه ثانيا وثالثا.

وروى الشيخان عن أبي هريرة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير .

وروى الشيخان عن أنس: أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله.

ولفظ أبي داود: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غلمان يلعبون فسلم عليهم.

وعند ابن السني فيه، فقال: السلام عليكم يا صبيان .

وروى أبو داود عن أسماء بنت يزيد قالت: مر علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نسوة فسلم علينا.

وروى الترمذي نحوه، وروى الشيخان عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم .

ورويا عن أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة [ ص: 1432 ] الأوثان واليهود والمسلمين فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وروى مسلم ، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه .

قال النووي : روينا في موطأ مالك أنه سئل عمن سلم على اليهودي أو النصراني هل يستقيله ذلك ؟ فقال: لا، قال أبو سعد المتولي الشافعي : لو أراد تحية ذمي فعلها بغير السلام، بأن يقول: هداك الله أو أنعم الله صباحك.

قال النووي: هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به، إذا [ ص: 1433 ] احتاج إليه فيقول: صبحت بالخير أو بالسعادة أو بالعافية، أو صبحك الله بالسرور أو بالسعادة والنعمة أو بالمسرة أو ما أشبه ذلك.

السادسة: قال الحسن البصري : السلام تطوع والرد فريضة.

قال ابن كثير : وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة: أن الرد واجب على من سلم عليه، فيأثم إن لم يفعل؛ لأنه خالف أمر الله في قوله: فحيوا بأحسن منها أو ردوها انتهى، وفي ترك الرد إهانة وازدراء وهو حرام، ولذا ندب للجمع المسلم عليهم أن يجيبوا كلهم؛ إظهارا للإكرام ومبالغة فيه، وإن كان الفرض يسقط ببعضهم.
القول في تأويل قوله تعالى:

الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا [87]

الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة أي: ليبعثنكم من قبوركم ويحشرنكم إلى حساب يوم القيامة في صعيد واحد، فيجازي كل عامل بعمله.

قال الزمخشري : القيامة والقيام كالطلابة والطلاب، وهي قيامهم من القبور أو قيامهم للحساب، قال الله تعالى: يوم يقوم الناس لرب العالمين [المطففين: 6].

لا ريب فيه أي: لا شك في يوم القيامة أو في الجمع.

ومن أصدق من الله حديثا إنكار لأن يكون أحد أصدق منه تعالى في حديثه وخبره ووعده ووعيده، وبيان لاستحالته؛ لأنه نقص وقبيح؛ إذ من كذب لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يجر منفعة بكذبه أو يدفع مضرة، أو هو جاهل بقبحه، أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في أخباره، ولا يبالي بأيهما نطق، فظهر استحالة الكذب عليه جل شأنه، والغير - وإن دلت الدلائل على صدقه - فكذبه ممكن إذا لم ينظر إليها.

[ ص: 1434 ] فوائد:

الأولى: قال الرازي : في كيفية النظم وجهان:

أحدهما: أنا بينا أن المقصود من قوله: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها أن لا يصير الرجل المسلم مقتولا، ثم إنه تعالى أكد ذلك بالوعيد في قوله: إن الله كان على كل شيء حسيبا ثم بالغ في تأكيد ذلك الوعيد بهذه الآية، فبين في هذه الآية أن التوحيد والعدل متلازمان ، فقوله: لا إله إلا هو إشارة إلى التوحيد، وقوله: ليجمعنكم إلى يوم القيامة إشارة إلى العدل، وهو كقوله: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط [آل عمران: من الآية 18] وكقوله في طه: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري [طه: 14] وهو إشارة إلى التوحيد، ثم قال: إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى [طه: 15] وهو إشارة إلى العدل، فكذا في هذه الآية بين أنه يجب في حكمه وحكمته أن يجمع الأولين والآخرين في عرصة القيامة، فينتصف للمظلومين من الظالمين، ولا شك أنه تهديد شديد.

الوجه الثاني: كأنه تعالى يقول: من سلم عليكم وحياكم فاقبلوا سلامه وأكرموه وعاملوه بناء على الظاهر، فإن البواطن إنما يعرفها الله الذي لا إله إلا هو، إنما تنكشف بواطن الخلق للخلق في يوم القيامة.

الثانية: قوله: لا إله إلا هو إما خبر للمبتدأ و(ليجمعنكم) إلخ ... جواب قسم محذوف، والجملة القسمية مستأنفة لا محل لها أو خبر ثان، وإما اعتراض والجملة القسمية خبر.

الثالثة: تعدية (ليجمعنكم) بـ(إلى) لكونه بمعنى الحشر كما بينا، أو لكون (إلى) بمعنى (في) كما أثبته أهل العربية، وقوله تعالى:

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.67%)]