
13-07-2022, 11:01 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,362
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(193)
الحلقة (207)
صــ 141إلى صــ 147
القول في تأويل قوله تعالى ( قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ( 142 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك عز وجل : قل يا محمد - لهؤلاء الذين قالوا لك ولأصحابك : ما ولاكم عن قبلتكم من بيت المقدس ، التي كنتم على التوجه إليها ، إلى التوجه إلى شطر المسجد الحرام ؟ - : لله ملك المشرق والمغرب يعني بذلك : ملك ما بين قطري مشرق الشمس ، وقطري مغربها ، وما بينهما من العالم يهدي من يشاء من خلقه ، فيسدده ، ويوفقه إلى الطريق القويم ، وهو "الصراط [ ص: 141 ] المستقيم " - ويعني بذلك : إلى قبلة إبراهيم الذي جعله للناس إماما - ويخذل من يشاء منهم ، فيضله عن سبيل الحق .
وإنما عنى جل ثناؤه بقوله : "يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " ، قل يا محمد : إن الله هدانا بالتوجه شطر المسجد الحرام لقبلة إبراهيم ، وأضلكم - أيها اليهود والمنافقون وجماعة الشرك بالله - فخذلكم عما هدانا له من ذلك .
القول في تأويل قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " ، كما هديناكم أيها المؤمنون بمحمد عليه السلام وبما جاءكم به من عند الله ، فخصصناكم بالتوفيق لقبلة إبراهيم وملته ، وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل ، كذلك خصصناكم ففضلناكم على غيركم من أهل الأديان ، بأن جعلناكم أمة وسطا .
وقد بينا أن "الأمة " ، هي القرن من الناس والصنف منهم وغيرهم .
وأما "الوسط " ، فإنه في كلام العرب الخيار . يقال منه : "فلان وسط الحسب في قومه " ، أي متوسط الحسب ، إذا أرادوا بذلك الرفع في حسبه ، و "هو وسط في قومه ، وواسط " ،
كما يقال : "شاة يابسة اللبن ويبسة اللبن " ، وكما قال جل ثناؤه : [ ص: 142 ] ( فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا ) [ سورة طه : 77 ] ، وقال زهير بن أبي سلمى في "الوسط " :
هم وسط ترضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم
قال أبو جعفر : وأنا أرى أن "الوسط " في هذا الموضع ، هو "الوسط " الذي بمعنى : الجزء الذي هو بين الطرفين ، مثل "وسط الدار " محرك الوسط مثقله ، غير جائز في "سينه " التخفيف .
وأرى أن الله تعالى ذكره إنما وصفهم بأنهم "وسط " ، لتوسطهم في الدين ، فلا هم أهل غلو فيه ، غلو النصارى الذين غلوا بالترهب ، وقيلهم في عيسى ما قالوا فيه - ولا هم أهل تقصير فيه ، تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله ، وقتلوا أنبياءهم ، وكذبوا على ربهم ، وكفروا به ؛ ولكنهم أهل توسط واعتدال فيه . فوصفهم الله بذلك ، إذ كان أحب الأمور إلى الله أوسطها .
وأما التأويل ، فإنه جاء بأن "الوسط " العدل . وذلك معنى الخيار ، لأن الخيار من الناس عدولهم .
ذكر من قال : "الوسط " العدل .
2165 - حدثنا سلم بن جنادة ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله [ ص: 143 ] عليه وسلم في قوله : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال : عدولا .
2166 - حدثنا مجاهد بن موسى ومحمد بن بشار قالا : حدثنا جعفر بن عون ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
2167 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال : "عدولا .
2168 - حدثني علي بن عيسى قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، عن حفص بن غياث ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : "جعلناكم أمة وسطا " قال : عدولا . [ ص: 144 ]
2169 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال : عدولا .
2170 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله عز وجل : " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال : عدولا .
2171 - حدثنا المثنى قال : حدثنا حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
2172 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "أمة وسطا " قال : عدولا .
2173 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "أمة وسطا " قال : عدولا .
2174 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : "أمة وسطا " قال : عدولا . [ ص: 145 ]
2175 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " ، يقول : جعلكم أمة عدولا .
2176 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن رشدين بن سعد قال : أخبرنا ابن أنعم المعافري ، عن حبان بن أبي جبلة ، يسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال : الوسط العدل .
2177 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء ومجاهد وعبد الله بن كثير : "أمة وسطا " ، قالوا : عدولا . قال مجاهد : عدلا .
2178 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا " قال : هم وسط بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الأمم .
القول في تأويل قوله تعالى ( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )
قال أبو جعفر : "والشهداء " جمع "شهيد " .
فمعنى ذلك : وكذلك جعلناكم أمة وسطا عدولا [ لتكونوا ] [ ص: 146 ] شهداء لأنبيائي ورسلي على أممها بالبلاغ ، أنها قد بلغت ما أمرت ببلاغه من رسالاتي إلى أممها ، ويكون رسولي محمد صلى الله عليه وسلم شهيدا عليكم ، بإيمانكم به وبما جاءكم به من عندي ، كما : -
2179 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يدعى بنوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له : هل بلغت ما أرسلت به ؟ فيقول : نعم . فيقال لقومه : هل بلغكم ؟ فيقول : ما جاءنا من نذير! فيقال له : من يعلم ذاك ؟ فيقول : محمد وأمته . فهو قوله : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " .
2180 - حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا جعفر بن عون قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه - إلا أنه زاد فيه : فيدعون ويشهدون أنه قد بلغ .
2181 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد : "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس " - بأن الرسل قد بلغوا - "ويكون الرسول عليكم [ ص: 147 ] شهيدا " . بما عملتم ، أو فعلتم .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|