عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13-07-2022, 10:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد






تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(185)
الحلقة (199)
صــ 85إلى صــ 91





2073 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثنا معاوية ، عن سعيد بن سويد ، عن عبد الأعلى بن هلال السلمي ، عن عرباض بن سارية : أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فذكر نحوه . [ ص: 85 ]

وبالذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

2074 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم" ، ففعل الله ذلك ، فبعث فيهم رسولا من أنفسهم يعرفون وجهه ونسبه ، يخرجهم من الظلمات إلى النور ، ويهديهم إلى صراط العزيز الحميد . [ ص: 86 ]

2075 - حدثنا موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم" ، هو محمد صلى الله عليه وسلم .

2076 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع : "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم" ، هو محمد صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : قد استجيب ذلك ، وهو في آخر الزمان .

قال أبو جعفر : ويعني تعالى ذكره بقوله : "يتلو عليهم آياتك" : يقرأ عليهم كتابك الذي توحيه إليه .
القول في تأويل قوله تعالى ( ويعلمهم الكتاب والحكمة )

قال أبو جعفر : ويعني بالكتاب : القرآن .

وقد بينت فيما مضى لم سمي القرآن "كتابا" ، وما تأويله . وهو قول جماعة من أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

2077 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : "ويعلمهم الكتاب" : القرآن .

ثم اختلف أهل التأويل في معنى "الحكمة" التي ذكرها الله في هذا الموضع .

فقال بعضهم : هي السنة .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 87 ]

2078 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ""والحكمة" ، أي السنة .

وقال بعضهم : "الحكمة" ، هي المعرفة بالدين والفقه فيه .

ذكر من قال ذلك :

2079 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قلت لمالك : ما الحكمة ؟ قال : المعرفة بالدين ، والفقه في الدين ، والاتباع له .

2080 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "والحكمة" قال : "الحكمة" : الدين الذي لا يعرفونه إلا به صلى الله عليه وسلم ، يعلمهم إياها . قال : و"الحكمة" ، العقل في الدين وقرأ : ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) [ سورة البقرة : 269 ] ، وقال لعيسى ، ( ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ) [ سورة آل عمران : 48 ] قال : وقرأ ابن زيد : ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) [ سورة الأعراف : 175 ] قال : لم ينتفع بالآيات ، حيث لم تكن معها حكمة . قال : "والحكمة" شيء يجعله الله في القلب ، ينور له به .

قال أبو جعفر : والصواب من القول عندنا في "الحكمة" ، أنها العلم بأحكام الله التي لا يدرك علمها إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمعرفة بها ، وما دل عليه ذلك من نظائره . وهو عندي مأخوذ من "الحكم" الذي بمعنى الفصل بين الحق والباطل ، بمنزلة "الجلسة والقعدة" من "الجلوس والقعود" ، يقال منه : "إن فلانا لحكيم بين الحكمة" ، يعني به : إنه لبين الإصابة في القول والفعل .

وإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الآية : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو [ ص: 88 ] عليهم آياتك ، ويعلمهم كتابك الذي تنزله عليهم ، وفصل قضائك وأحكامك التي تعلمه إياها .
القول في تأويل قوله تعالى ( ويزكيهم )

قال أبو جعفر : قد دللنا فيما مضى قبل على أن معنى "التزكية" : التطهير ، وأن معنى "الزكاة" ، النماء والزيادة .

فمعنى قوله : "ويزكيهم" في هذا الموضع : ويطهرهم من الشرك بالله وعبادة الأوثان ، وينميهم ويكثرهم بطاعة الله ، كما : -

2081 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : "يتلو عليهم آياتك ويزكيهم" قال : يعني بالزكاة ، طاعة الله والإخلاص .

2082 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج قوله : "ويزكيهم" قال : يطهرهم من الشرك ، ويخلصهم منه .
القول في تأويل قوله تعالى ( إنك أنت العزيز الحكيم ( 129 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بذلك : إنك يا رب أنت"العزيز" القوي الذي لا يعجزه شيء أراده ، فافعل بنا وبذريتنا ما سألناه وطلبناه منك ؛ و"الحكيم" الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل ، فأعطنا ما ينفعنا وينفع ذريتنا ، ولا ينقصك ولا ينقص خزائنك . [ ص: 89 ]
القول في تأويل قوله تعالى ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم " ، وأي الناس يزهد في ملة إبراهيم ، ويتركها رغبة عنها إلى غيرها ؟

وإنما عنى الله بذلك اليهود والنصارى ، لاختيارهم ما اختاروا من اليهودية والنصرانية على الإسلام . لأن "ملة إبراهيم " هي الحنيفية المسلمة ، كما قال تعالى ذكره : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ) [ سورة آل عمران : 67 ] ، فقال تعالى ذكره لهم : ومن يزهد عن ملة إبراهيم الحنيفية المسلمة إلا من سفه نفسه ، كما : -

2083 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ، رغب عن ملته اليهود والنصارى ، واتخذوا اليهودية والنصرانية ، بدعة ليست من الله ، وتركوا ملة إبراهيم - يعني الإسلام - حنيفا ؛ كذلك بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بملة إبراهيم .

2084 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه" قال : رغبت اليهود والنصارى عن ملة إبراهيم ، وابتدعوا اليهودية والنصرانية ، وليست من الله ، وتركوا ملة إبراهيم : الإسلام .
[ ص: 90 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إلا من سفه نفسه )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "إلا من سفه نفسه" ، إلا من سفهت نفسه . وقد بينا فيما مضى أن معنى "السفه" ، الجهل .

فمعنى الكلام : وما يرغب عن ملة إبراهيم الحنيفية ، إلا سفيه جاهل بموضع حظ نفسه فيما ينفعها ، ويضرها في معادها ، كما : -

2085 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "إلا من سفه نفسه" قال : إلا من أخطأ حظه .

وإنما نصب"النفس" على معنى المفسر . ذلك أن "السفه" في الأصل للنفس ، فلما نقل إلى "من" ، نصبت"النفس" ، بمعنى التفسير . كما يقال : "هو أوسعكم دارا" ، فتدخل "الدار" في الكلام على أن السعة فيها ، لا في الرجل . فكذلك "النفس" أدخلت لأن السفه للنفس لا ل"من" . ولذلك لم يجز أن يقال : سفه أخوك . وإنما جاز أن يفسر بالنفس ، وهي مضافة إلى معرفة ، لأنها في تأويل نكرة .

وقال بعض نحويي البصرة : إن قوله : "سفه نفسه" جرت مجرى "سفه" إذا كان الفعل غير متعد ، وإنما عداه إلى "نفسه" و"رأيه" وأشباه ذلك مما هو في المعنى نحو "سفه" ، إذا هو لم يتعد . فأما "غبن" و"خسر" فقد يتعدى إلى غيره ، يقال : "غبن خمسين ، وخسر خمسين" .
[ ص: 91 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ولقد اصطفيناه في الدنيا )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "ولقد اصطفيناه في الدنيا" ، ولقد اصطفينا إبراهيم . و"الهاء" التي في قوله : "اصطفيناه" ، من ذكر إبراهيم .

و"الاصطفاء"
"الافتعال" من "الصفوة" ، وكذلك "اصطفينا" "افتعلنا" منه ، صيرت تاءها طاء لقرب مخرجها من مخرج الصاد .

ويعني بقوله : "اصطفيناه" : اخترناه واجتبيناه للخلة ، ونصيره في الدنيا لمن بعده إماما .

وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن أن من خالف إبراهيم فيما سن لمن بعده ، فهو لله مخالف ، وإعلام منه خلقه أن من خالف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو لإبراهيم مخالف . وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أنه اصطفاه لخلته ، وجعله للناس إماما ، وأخبر أن دينه كان الحنيفية المسلمة . ففي ذلك أوضح البيان من الله تعالى ذكره عن أن من خالفه فهو لله عدو لمخالفته الإمام الذي نصبه الله لعباده .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإنه في الآخرة لمن الصالحين ( 130 ) )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وإنه في الآخرة لمن الصالحين" ، وإن إبراهيم في الدار الآخرة لمن الصالحين .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 29.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 28.70 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]