
13-07-2022, 10:56 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,405
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(184)
الحلقة (198)
صــ 78إلى صــ 84
2066 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء : "وأرنا مناسكنا" قال : ذبحنا . [ ص: 78 ]
2067 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : مذابحنا .
2067 م - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
2067 م - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
2067 م - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال عطاء : سمعت عبيد بن عمير يقول : "وأرنا مناسكنا" قال : أرنا مذابحنا .
وقال آخرون : "وأرنا مناسكنا" بتسكين "الراء" ، وزعموا أن معنى ذلك : وعلمنا ، ودلنا عليها - لا أن معناه : أرناها بالأبصار . وزعموا أن ذلك نظير قول حطائط بن يعفر ، أخي الأسود بن يعفر :
أريني جوادا مات هزلا لأنني أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا
يعني بقوله : "أريني" ، دليني عليه وعرفيني مكانه ، ولم يعن به رؤية العين . [ ص: 79 ]
وهذه قراءة رويت عن بعض المتقدمين .
ذكر من قال ذلك :
2068 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قال عطاء : "أرنا مناسكنا" ، أخرجها لنا ، علمناها .
2069 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج قال : قال ابن المسيب : قال علي بن أبي طالب : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت ، قال : "فعلت أي رب ، فأرنا مناسكنا" - أبرزها لنا ، علمناها - فبعث الله جبريل ، فحج به .
قال أبو جعفر : والقول واحد ، فمن كسر "الراء" جعل علامة الجزم سقوط "الياء" التي في قول القائل : "أرينه" "أرنه" ، وأقر الراء مكسورة كما كانت قبل الجزم . ومن سكن "الراء" من "أرنا" ، توهم أن إعراب الحرف في "الراء" ، فسكنها في الجزم ، كما فعلوا ذلك في "لم يكن" و"لم يك" .
وسواء كان ذلك من رؤية العين أو من رؤية القلب . ولا معنى لفرق من فرق بين رؤية العين في ذلك ورؤية القلب .
وأما"المناسك" فإنها جمع "منسك" ، وهو الموضع الذي ينسك لله فيه ، ويتقرب إليه فيه بما يرضيه من عمل صالح : إما بذبح ذبيحة له ، وإما بصلاة أو طواف أو سعي ، وغير ذلك من الأعمال الصالحة . ولذلك قيل لمشاعر الحج [ ص: 80 ] "مناسكه" ، لأنها أمارات وعلامات يعتادها الناس ، ويترددون إليها .
وأصل "المنسك" في كلام العرب : الموضع المعتاد الذي يعتاده الرجل ويألفه ، يقال : "لفلان منسك" ، وذلك إذا كان له موضع يعتاده لخير أو شر . ولذلك سميت "المناسك" "مناسك" ، لأنها تعتاد ، ويتردد إليها بالحج والعمرة ، وبالأعمال التي يتقرب بها إلى الله .
وقد قيل : إن معنى "النسك" : عبادة الله . وأن"الناسك" إنما سمي"ناسكا" بعبادة ربه .
فتأول قائلو هذه المقالة قوله : "وأرنا مناسكنا" ، وعلمنا عبادتك ، كيف نعبدك ؟ وأين نعبدك ؟ وما يرضيك عنا فنفعله ؟
وهذا القول ، وإن كان مذهبا يحتمله الكلام ، فإن الغالب على معنى "المناسك" ما وصفنا قبل ، من أنها "مناسك الحج" التي ذكرنا معناها .
وخرج هذا الكلام من قول إبراهيم وإسماعيل على وجه المسألة منهما ربهما لأنفسهما . وإنما ذلك منهما مسألة ربهما لأنفسهما وذريتهما المسلمين . فلما ضما ذريتهما المسلمين إلى أنفسهما ، صارا كالمخبرين عن أنفسهما بذلك . وإنما قلنا إن ذلك كذلك ، لتقدم الدعاء منهما للمسلمين من ذريتهما قبل في أول الآية ، وتأخره بعد في الآية الأخرى . فأما الذي في أول الآية فقولهما : " ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك " ، ثم جمعا أنفسهما والأمة المسلمة من ذريتهما ، في مسألتهما ربهما أن يريهم مناسكهم فقالا "وأرنا مناسكنا" . وأما التي في الآية التي بعدها : "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم" ، فجعلا المسألة لذريتهما خاصة . [ ص: 81 ]
وقد ذكر أنها في قراءة ابن مسعود : "وأرهم مناسكهم" ، يعني بذلك وأر ذريتنا المسلمة مناسكهم .
القول في تأويل قوله تعالى ( وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ( 128 ) )
قال أبو جعفر : أما "التوبة" ، فأصلها الأوبة من مكروه إلى محبوب . فتوبة العبد إلى ربه ، أوبته مما يكرهه الله منه ، بالندم عليه ، والإقلاع عنه ، والعزم على ترك العود فيه . وتوبة الرب على عبده : عوده عليه بالعفو له عن جرمه ، والصفح له عن عقوبة ذنبه ، مغفرة له منه ، وتفضلا عليه .
فإن قال لنا قائل : وهل كان لهما ذنوب فاحتاجا إلى مسألة ربهما التوبة ؟
قيل : إنه ليس أحد من خلق الله ، إلا وله من العمل - فيما بينه وبين ربه - ما يجب عليه الإنابة منه والتوبة . فجائز أن يكون ما كان من قبلهما ما قالا من ذلك ، وإنما خصا به الحال التي كانا عليها ، من رفع قواعد البيت . لأن ذلك كان أحرى الأماكن أن يستجيب الله فيها دعاءهما ، وليجعلا ما فعلا من ذلك سنة يقتدى بها بعدهما ، وتتخذ الناس تلك البقعة بعدهما موضع تنصل من الذنوب إلى الله . وجائز أن يكونا عنيا بقولهما : "وتب علينا" ، وتب على الظلمة من أولادنا وذريتنا - الذين أعلمتنا أمرهم - من ظلمهم وشركهم ، حتى ينيبوا إلى طاعتك . فيكون ظاهر الكلام على الدعاء لأنفسهما ، والمعني به ذريتهما . كما [ ص: 82 ] يقال : "أكرمني فلان في ولدي وأهلي ، وبرني فلان" ، إذا بر ولده .
وأما قوله : "إنك أنت التواب الرحيم" ، فإنه يعني به : إنك أنت العائد على عبادك بالفضل ، والمتفضل عليهم بالعفو والغفران - الرحيم بهم ، المستنقذ من تشاء منهم برحمتك من هلكته ، المنجي من تريد نجاته منهم برأفتك من سخطك .
القول في تأويل قوله تعالى ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك )
قال أبو جعفر : وهذه دعوة إبراهيم وإسماعيل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهي الدعوة التي كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول : "أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى " : -
2070 - حدثنا بذلك ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان الكلاعي : أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، أخبرنا عن نفسك . قال : نعم ، أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، صلى الله عليه وسلم . [ ص: 83 ]
2071 - حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال : حدثنا أبو اليمان قال : حدثنا أبو كريب ، عن أبي مريم ، عن سعيد بن سويد ، عن العرباض بن سارية السلمي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إني عند الله في أم الكتاب ، خاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته . وسوف أنبئكم بتأويل ذلك : أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى قومه ، ورؤيا أمي .
2072 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني معاوية - ، وحدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني قال : حدثني أبي قال : حدثنا [ ص: 84 ] الليث بن سعد ، عن معاوية بن صالح - قالا جميعا ، عن سعيد بن سويد ، عن عبد الله بن هلال السلمي ، عن عرباض بن سارية السلمي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|