عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 13-07-2022, 09:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,703
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد






تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(178)
الحلقة (192)
صــ 36إلى صــ 42




2002 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ، وهو الصلاة عند مقامه في الحج .

و"المقام" هو الحجر الذي كانت زوجة إسماعيل وضعته تحت قدم إبراهيم حين غسلت رأسه ، فوضع إبراهيم رجله عليه وهو راكب ، فغسلت شقه ، ثم رفعته من تحته وقد غابت رجله في الحجر ، فوضعته تحت الشق الآخر ، فغسلته ، فغابت رجله [ ص: 36 ] أيضا فيه ، فجعلها الله من شعائره ، فقال : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا ، ما قاله القائلون : إن" مقام إبراهيم " ، هو المقام المعروف بهذا الاسم ، الذي هو في المسجد الحرام ، لما روينا آنفا عن عمر بن الخطاب ، ولما : -

2003 - حدثنا يوسف بن سلمان قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الركن ، فرمل ثلاثا ، ومشى أربعا ، ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ : "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" . فجعل المقام بينه وبين البيت ، فصلى ركعتين .

فهذان الخبران ينبئان أن الله تعالى ذكره إنما عنى ب" مقام إبراهيم " الذي أمرنا الله باتخاذه مصلى - هو الذي وصفنا .

ولو لم يكن على صحة ما اخترنا في تأويل ذلك خبر عن رسول الله صلى الله عليه [ ص: 37 ] وسلم ، لكان الواجب فيه من القول ما قلنا . وذلك أن الكلام محمول معناه على ظاهره المعروف ، دون باطنه المجهول ، حتى يأتي ما يدل على خلاف ذلك ، مما يجب التسليم له . ولا شك أن المعروف في الناس ب" مقام إبراهيم " هو المصلى الذي قال الله تعالى ذكره : "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"

[ قال أبو جعفر : وأما قوله تعالى : "مصلى" ] ، فإن أهل التأويل مختلفون في معناه . فقال بعضهم : هو المدعى .

ذكر من قال ذلك :

2004 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " قال : مصلى إبراهيم مدعى .

وقال آخرون : معنى ذلك : اتخذوا مصلى تصلون عنده .

ذكر من قال ذلك :

2005 - حدثني بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : أمروا أن يصلوا عنده .

2006 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : هو الصلاة عنده .

قال أبو جعفر : فكأن الذين قالوا : تأويل : "المصلى" ههنا ، المدعى ، وجهوا "المصلى" إلى أنه "مفعل" ، من قول القائل : "صليت" بمعنى دعوت .

[ ص: 38 ] وقائلو هذه المقالة ، هم الذين قالوا : إن مقام إبراهيم هو الحج كله .

فكان معناه في تأويل هذه الآية : واتخذوا عرفة والمزدلفة والمشعر والجمار ، وسائر أماكن الحج التي كان إبراهيم يقوم بها مداعي تدعوني عندها ، وتأتمون بإبراهيم خليلي عليه السلام فيها ، فإني قد جعلته لمن بعده - من أوليائي وأهل طاعتي - إماما يقتدون به وبآثاره ، فاقتدوا به .

وأما تأويل القائلين القول الآخر ، فإنه : اتخذوا أيها الناس من مقام إبراهيم مصلى تصلون عنده ، عبادة منكم ، وتكرمة مني لإبراهيم .

وهذا القول هو أولى بالصواب ، لما ذكرنا من الخبر عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
القول في تأويل قوله تعالى ( وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "وعهدنا" ؛ وأمرنا ، كما : -

2007 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما عهده ؟ قال : أمره .

2008 - حدثني يونس قال : أخبرني ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "وعهدنا إلى إبراهيم" قال : أمرناه .

فمعنى الآية : وأمرنا إبراهيم وإسماعيل بتطهير بيتي للطائفين . "والتطهير" الذي أمرهما الله به في البيت ، هو تطهيره من الأصنام ، وعبادة الأوثان فيه ، ومن الشرك بالله . [ ص: 39 ]

فإن قال قائل : وما معنى قوله : "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين" ؟ وهل كان أيام إبراهيم - قبل بنائه البيت - بيت يطهر من الشرك وعبادة الأوثان في الحرم ، فيجوز أن يكونا أمرا بتطهيره ؟

قيل : لذلك وجهان من التأويل ، قد قال بكل واحد من الوجهين جماعة من أهل التأويل .

أحدهما : أن يكون معناه : وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن ابنيا بيتي مطهرا من الشرك والريب كما قال تعالى ذكره : ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار ) ، [ سورة التوبة : 109 ] ، فكذلك قوله : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي " ، أي ابنيا بيتي على طهر من الشرك بي والريب ، كما : -

2009 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي " ، يقول : ابنيا بيتي [ للطائفين ] .

فهذا أحد وجهيه .

والوجه الآخر منهما : أن يكونا أمرا بأن يطهرا مكان البيت قبل بنيانه ، والبيت بعد بنيانه ، مما كان أهل الشرك بالله يجعلونه فيه - على عهد نوح ومن قبله - من الأوثان ، ليكون ذلك سنة لمن بعدهما ، إذ كان الله تعالى ذكره قد جعل إبراهيم إماما يقتدي به من بعده ، كما : -

2010 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : [ ص: 40 ] "أن طهرا" قال : من الأصنام التي يعبدون ، التي كان المشركون يعظمونها .

2011 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير : " أن طهرا بيتي للطائفين " قال : من الأوثان والريب .

2012 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، مثله .

2013 - حدثني أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : من الشرك .

2014 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا أبو إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن مجاهد : "طهرا بيتي للطائفين" قال : من الأوثان .

2015 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : "طهرا بيتي للطائفين" قال : من الشرك وعبادة الأوثان .

2016 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، بمثله - وزاد فيه : وقول الزور .
القول في تأويل قوله تعالى ( للطائفين )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى "الطائفين" في هذا الموضع . فقال بعضهم : هم الغرباء الذين يأتون البيت الحرام من غربة .

ذكر من قال ذلك : [ ص: 41 ]

2017 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر بن عياش قال : حدثنا أبو حصين ، عن سعيد بن جبير في قوله : "للطائفين" قال : من أتاه من غربة .

وقال آخرون : بل "الطائفون" هم الذين يطوفون به ، غرباء كانوا أو من أهله .

ذكر من قال ذلك :

2018 - حدثنا محمد بن العلاء قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عطاء : "للطائفين" قال : إذا كان طائفا بالبيت فهو من"الطائفين" .

وأولى التأويلين بالآية ما قاله عطاء . لأن "الطائف" هو الذي يطوف بالشيء دون غيره . والطارئ من غربة لا يستحق اسم "طائف بالبيت" ، إن لم يطف به .
القول في تأويل قوله تعالى ( والعاكفين )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "والعاكفين" ، والمقيمين به . "والعاكف على الشيء" ، هو المقيم عليه ، كما قال نابغة بني ذبيان :


عكوفا لدى أبياتهم يثمدونهم رمى الله في تلك الأكف الكوانع
[ ص: 42 ]

وإنما قيل للمعتكف"معتكف" ، من أجل مقامه في الموضع الذي حبس فيه نفسه لله تعالى .

ثم اختلف أهل التأويل في من عنى الله بقوله : "والعاكفين" .

فقال بعضهم : عنى به الجالس في البيت الحرام بغير طواف ولا صلاة .

ذكر من قال ذلك :

2019 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عطاء قال : إذا كان طائفا بالبيت فهو من الطائفين ، وإذا كان جالسا فهو من العاكفين .

وقال بعضهم : "العاكفون" ، هم المعتكفون المجاورون .

ذكر من قال ذلك :

2020 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا شريك ، عن جابر ، عن مجاهد وعكرمة : "طهرا بيتي للطائفين والعاكفين" قال : المجاورون .



وقال بعضهم : "العاكفون" ، هم أهل البلد الحرام .

ذكر من قال ذلك :


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 30.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.04%)]