عرض مشاركة واحدة
  #203  
قديم 10-07-2022, 11:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,558
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم



الفوائد والأحكام في سورة البقرة من (135-138)

1- دعوة اليهود والنصارى إلى ما هم عليه من الباطل والضلال، وزعمهم أنه الحق والهدى، لقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ﴾ [البقرة: 135].

2- أن من يدعو إلى الباطل والضلال ويزعم أنه الحق والهدى من هذه الأمة ففيه شبه من اليهود والنصارى، كما يفعل أهل العقائد الباطلة كالرافضة وغيرهم، وكما يفعل أهل التحلل والسفور وأهل التغريب وذلك مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة شبرا بشبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن"[1].

3- أن الملة التي يجب اتباعها، وهي خير الملل وأفضلها، وفيها كمال الاهتداء هي ملة إبراهيم عليه السلام؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ﴾ [البقرة: 135].

4- فضل إبراهيم عليه السلام وإمامته؛ لأن الله أضاف ملة الإسلام إليه، وأمر باتباعه، ووصفه بتجريد التوحيد وعدم الشرك؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [البقرة: 135]، وقدمه على من ذكر في الآيات من الرسل، فقال: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾ [البقرة: 136].

5- في قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [البقرة: 135] تعريض بأهل الكتاب وما هم عليه من الشرك بالله، مما يبطل دعواهم اتباع إبراهيم عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 30].

وقال تعالى: ﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 31].

6- وجوب الإيمان بالله؛ بوجوده وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته؛ لقوله تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ﴾ [البقرة: 136]، وأن الإيمان بالله تعالى أصل الإيمان وأساسه؛ ولهذا قدم في الآية.

7- وجوب الإيمان بما أنزل إلينا على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الوحي في الكتاب والسنة قولاً واعتقاداً وعملاً؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا ﴾ [آل عمران: 84].

وقدم هذا في الذكر على الإيمان بما أنزل على إبراهيم وغيره ممن ذكروا في الآية تقديماً للأهم والأفضل والأعظم وهو القرآن الكريم، ولأن من مقتضى الإيمان به: العمل به بخلاف الإيمان بغيره مما أنزل على الرسل فلا يقتضي العمل بذلك.

8- وجوب الإيمان بما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، والأسباط، وثبوت نبوتهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ﴾ [آل عمران: 84] وقوله تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ ﴾ [النساء: 163].

9- إثبات العلو لله عز وجل؛ لأن المنزل على الرسل من عنده- سبحانه وتعالى.

10- أن ما أوحاه عز وجل إلى رسله وأنبيائه منزل من عنده غير مخلوق.

11- وجوب الإيمان بما أوتي موسى وعيسى والنبيون كلهم من الآيات الشرعية والكونية، وأنهم مبلغون عن الله تعالى ؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 136].

12- فضل موسى وعيسى عليهما السلام؛ لأن الله نص عليهما فقال: ﴿ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى ﴾ [البقرة: 136] فهما من أولي العزم من الرسل وأفضل أنبياء بني إسرائيل.

13- أن الإيمان بالرسل والكتب منه ما هو على طريق التفصيل، وهذا فيما فصل لنا وقص علينا من الرسل والكتب، ومنه ما هو على طريق الإجمال، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 136]، وقال تعالى: ﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ [النساء: 164].

14- إثبات ربوبية الله عز وجل الخاصة لأنبيائه، وأنهم مبلغون عن الله تعالى ؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾.

15- لا يجوز التفريق في الإيمان بين أحد من الرسل، بل يجب الإيمان بهم جميعاً، فمن آمن ببعضهم وكفر ببعض فليس بمؤمن، وكذا يجب الإيمان بكل ما أنزل إليهم، فمن آمن ببعض ما أنزل الله وكفر ببعض فليس بمؤمن؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 136] أي: في الإيمان بهم وبما أنزل عليهم.

16- وجوب الاستسلام لله عز وجل والإخلاص له وحده؛ لقوله تعالى: ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ ﴾ [البقرة: 139].

17- لا بد من الجمع بين الاستسلام والانقياد لله تعالى باطناً وظاهراً، بين الإيمان والإسلام؛ لقوله تعالى: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ﴾ [البقرة: 136]، وقوله: ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136].

18- لا هداية لليهود والنصارى ولا لغيرهم إلا بالإيمان بما آمن به محمد صلى الله عليه وسلم وأمته؛ وهو ما أنزل عليه صلى الله عليه وسلم من القرآن والسنة، وما أنزل على الأنبياء والرسل قبله؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾ [البقرة: 137].

19- أن من لم يؤمن بما أنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم وما أنزل على من قبله من الأنبياء والرسل فهو ضال؛ لمفهوم قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾ فمفهوم هذا أنهم إن لم يؤمنوا بذلك فهم على ضلال.

20- لا حجة لمن تولى عن الإيمان من اليهود والنصارى وغيرهم إلا الشقاق والمخالفة لأمر الله عز وجل ؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ﴾ [البقرة: 137].

21- مشاقة اليهود والنصارى ومخالفتهم للرسول صلى الله عليه وسلم ولما جاء به ولأهل الإيمان منذ بعثته صلى الله عليه وسلم.

22- الوعيد الشديد لمن تولى عن الإيمان من اليهود والنصارى وغيرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 137].

23- وعد الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سيكفيه شر من تولى عن الإيمان من أهل الكتاب، وهكذا حصل، فظهر صلى الله عليه وسلم عليهم وفتح حصونهم، فأجلى بعضهم، وقتل بعضهم، وسبى بعضهم، وأذل بعضهم بأخذ الجزية منهم.

24- الإرشاد إلى التوكل على الله عز وجل وحده؛ لأنه سبحانه هو الكافي، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3].

25- إثبات اسم الله تعالى: ﴿ السَّمِيعُ ﴾ [البقرة: 137] وما يدل عليه من إثبات صفة السمع الواسع لله عز وجل الذي يسمع جميع الأقوال والأصوات، ويجيب الدعوات؛ لقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ [البقرة: 137].

26- إثبات اسم الله تعالى: ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137] وما يدل عليه من إثبات صفة العلم الواسع لله عز وجل لكل شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137].

27- وجوب مراقبة الله عز وجل في الأقوال والأفعال في جميع الأحوال؛ لأنه سبحانه واسع السمع، واسع العلم لا يخفى عليه شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137].

28- في قوله عز وجل: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 137] تأكيد لوعده عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم بكفايته، وتأكيد لوعيده عز وجل لمن تولوا عن الإيمان.

29- في اجتماع سعة السمع مع سعة العلم في حقه عز وجل زيادة كماله إلى كمال.

30- وجوب التزام دين الله والتمسك به؛ لقوله تعالى: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 138] أي: الزموا صبغة الله، أي: دينه وتمسكوا به.

31- عظمة الدين الإسلامي وشرفه وأحقيته؛ لأن الله عز وجل أضافه إلى نفسه فقال: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 138]؛ لأنه سبحانه هو الذي أحقه وشرعه.

32- لا دين أحسن من دين الله عز وجل؛ كمالاً وشمولاً وخلوداً وصدقاً وعدلاً، وصلاحاً للبشرية في دينها ودنياها وأخراها، وعدم اختلاف؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾ [البقرة: 138].

33- وجوب إخلاص العبادة لله عز وجل، والذل والخضوع له وحده، وأن في ذلك الشرف والفخر والعز والسؤدد؛ لقوله تعالى: ﴿ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾ [البقرة: 138].

المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»

[1] سبق تخريجه.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 30.84 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]