
10-07-2022, 07:35 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة :
|
|
رد: بحث تفسيري للآيتين [35-36] من سورة البقرة
بحث تفسيري للآيتين [35-36] من سورة البقرة
سهى بسيوني
المسائل التفسيرية في قوله تعالى
{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)}
1: معنى {فأزلهما}
قيل في معناها قولان
الأول : (فأزلّهما) : بتشديد اللام :أي اغواهما وأكسبهما الخطيئة .
ذكره التيمي واليزيدي والقيسي وابن عطية .
الثاني:( فأزالهما) :أي نحاهما من إزالة الشيء عن الشيء
وهذان القولان ذكرهما البلخي والدينوري و ابن جرير والزجاج والرازي والسيوطي
ورجح ابن جرير قراءة التضعيف {فأزلّهما} وقال : (لأنّ اللّه جلّ ثناؤه قد أخبر في الحرف الّذي يتلوه بأنّ إبليس أخرجهما ممّا كانا فيه، وذلك هو معنى قوله: فأزالهما، فلا وجه إذ كان معنى الإزالة معنى التّنحية والإخراج أن يقال: فأزالهما الشّيطان عنها فأخرجهما ممّا كانا فيه، فيكون كقوله فأزالهما الشيطان عنها فأزالهما مما كانا فيه).
2: سبب تسمية الشيطان بهذا الاسم
الشيطان في اللغة: الغالي في الكفر من الجن والإنس.وفي لغة العرب الأرض الشطون البعيدة.كما ذكره الزجاج
عن عكرمة قال: «إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن»). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 87]
3: الحكمة من اضافة الإخراج إلى إبليس في قوله { فأخرجهما}
أضاف الله إخراج آدم من الجنة إلى الشيطان مع أنه سبحانه هو المخرج لهما ، لأنه قد تسبب في إخراجهما من الجنة بإغوائمها وتزيين المعصية لهما . ذكره الطبري وقال والدليل أن الله هو المخرج لهما على الحقيقة قوله سبحانه :{ وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو}.
4- كيف استزل إبليس آدم عليه السلام وزوجته؟
اختلف في كيفية ذلك
- فروي عن ابن عباس وابن مسعود وجمهور العلماء : أن الإغواء كان مشافهة والدليل قوله تعالى { وقاسمهما }.
- وقال بعضهم: إن إبليس لما دخل إلى آدم كلمه في حاله، فقال: يا آدم ما أحسن هذا لو أن خلدا كان، فوجد إبليس السبيل إلى إغوائه، فقال: هل أدلك على شجرة الخلد.
- وقال بعضهم: دخل الجنة في فم الحية وهي ذات أربع كالبختية، بعد أن عرض نفسه على كثير من الحيوان فلم تدخله إلا الحية، فخرج إلى حواء وأخذ شيئا من الشجرة، وقال: انظري ما أحسن هذا فأغواها حتى أكلت، ثم أغوى آدم، وقالت له حواء: كل فإني قد أكلت فلم يضرني فأكل فبدت لهما سوءاتهما، وحصلا في حكم الذنب.
- وقالت طائفة: إن إبليس لم يدخل الجنة إلى آدم بعد أن أخرج منها، وإنما أغوى آدم بشيطانه وسلطانه ووساوسه التي أعطاه الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
ذكر هذه الأقوال ابن عطية ، وذكر نحوها السيوطي.ورجح أبو جعفر أن إبليس قد باشر مخاطبتهما بنفسه إما ظاهرا للعيان وإما مستجنا في غيره ولم يكن خطابه لهما وسوسة.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن عباس قال: «إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم، فكل الدواب أبى ذلك عليه، حتى كلم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي إن أدخلتني الجنة، فحملته بين نابين حتى دخلت به، فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها
5- عود الضمير في قوله تعالى{ عنها}
قال ابن عطية : والضمير في {عنها} عائد على الشّجرة في قراءة من قرأ «أزلهما»، ويحتمل أن يعود على الجنّة فأما من قرأ «أزالهما» فإنه يعود على الجنّة فقط .
وقال مثله بن كثير
6- معنى قوله تعالى { فأخرجهما مما كانا فيه}
أي مما كانا فيه من رغد العيش وسعة نعيم الجنة إلى شقاء الدنيا، ومن الطاعة إلى المعصية ومن علو المنزلة إلى سفل مكان الذنب . ذكره ابن عطيه وذكر نحوه ابن جرير ،وابن كثير
7- معنى الهبوط
قال ابن عطية : الهبوط النزول لأسفل، وقال ابن جرير : يقال هبط فلانٌ أرض كذا ووادي كذا: إذا حلّ ذلك، كما قال الشّاعر
أيدي الرّكاب بهم من راكسٍ فلقا ما زلت أرمقهم حتّى إذا هبطت
8- من المخاطب في قوله تعالى {اهبطوا}
اختلف فيمن خوطب بالهبوط في الآية مع اتفاقهم أن آدم وزوجته معنيين في الآية
-قيل : آدم وزوجته وإبليس .
( قاله الفراء والبلخي وذكره ابن جرير عن أبي العالة وابن زيد وذكره الهمذاني عن مجاهد وذكه ابن عطية عن الحسن)
-وقال بعضهم :آدم وزوجته والحية .لأن إبليس قد كان أهبط قبل عند معصيته.
( ذكره ابن جرير عن سفيان بن وكيع والسيوطي عن وقتادة)
-وقال الآخرين آدم وزوجته وإبليس والحية.
(قاله الدينوري وذكره ابن جرير عن ابن عباس و مجاهد وذكره الرازي والسيوطي عن ابن عباس وزاد السيوطي عن مجاهد وقتادة و ابن عطية عن السدي)
9- هل كان هبوط المخاطبين بوقت واحد ؟
فيه قولان :
الأول : هبوط آدم وزوجته وعدوهما ابليس كان بوقت واحد ودل على ذلك قوله {وقلنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ} فجمع الله إياهم في الخبر يدل على أن الهبوط كان بوقت واحد وهو ما ذهب إليه ابن جرير.
الثاني: اهبط إبليس أولا بدليل قوله{ اخرج منها فإنك رجيم} ثم أهبط آدم وزوجته بعد ذلك ، وجمع الله لرسوله عليه الصلاة والسلام قصة هبوطهم لأنهم اجتمعوا في الهبوط وإن كانت أوقاتهم متفرقة . وهذا ما ذهب إليه ابن عطية.
10- طبيعة العداوة مابين آدم وزوجته ، وإبليس والحية
-أما عن عداوة إبليس آدم وذريته فحسده إياه واستكباره عن السجود له ، وعداوته إياه لآدم كفر بالله.
-وأمّا عداوة آدم وذرّيّته إبليس، فعداوة المؤمنين إيّاه لكفره باللّه وعصيانه لربّه في تكبّره عليه ومخالفته أمره؛ وذلك من آدم ومؤمني ذرّيّته إيمانٌ باللّه.ذكر القولين السابقين ابن عطية
-وأمّا عداوة ما بين آدم وذرّيّته، والحيّة
فقيل لما كان منها من إدخال إبليس الجنة ، كما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «ما سالمناهنّ منذ حاربناهنّ فمن تركهنّ خشية ثأرهنّ فليس منّا). وهو ما ما ذهب إليه ابن جرير
وقيل لأذاها بني آدم عن ابن عبّاسٍ، قال: سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: عن قتل الحيّات، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خلقت هي والإنسان كلّ واحدٍ منهما عدوٌّ لصاحبه إن رآها أفزعته، وإن لدغته أوجعته، فاقتلها حيث وجدتها»). [جامع البيان: 1/ 571-575]
وهذه الأقوال ذكرها ابن جرير والسيوطي عن ابن عباس
11- مكان هبوط كلا من آدم ، وحواء ، وابليس ، والحية
فيه أقول:
- فقيل أن آدم أنزل بدحنا في الهند وحواء في جدة والحية بأصبهان وإبليس بدستيميان من البصرة .( وقيل أن دجنا بين مكة والطائف)
ذكره الرازي عن ابن عباس والسدي وابن كثير عن الحسن البصري ونحوه عن ابن عباس والسدي
- وقيل أن آدم أنزل بالصفا وحواء بالمروة .
ذكره الرازي وابن كثير والسيوطي عن ابن عمر
وروي أن آدم نزل على جبل من جبال سرنديب وأن حواء نزلت بجدة، وأن الحية نزلت بأصبهان، وقيل: بميسان، وأن إبليس نزل على الأبلة). [المحررالوجيز: 1 /184-188]
ذكره ابن عطية
12- تأويل قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر}
المستقر في كلام العرب هو موضع الإستقرار . وقد اختلف في المراد به على قولين
الأول : قوله تعالى { ولكم في الأرض مستقر} كقوله {الذي جعل لكم الأرض فراشا}.أي موضع استقرار وثبات.
ذكره ابن جرير عن الربيع وابن زيد والرازي عن أبي العالية
والثاني : قالوا أي لكم في الأرض قرار في القبور. ذكره ابن جرير عن ابن عباس و السدي والرازي عن ابن عباس
ورجح ابن جرير: أين ماكان موضع الانسان من الأرض فهي مستقره إلى أن يرجع إلى مسكنه من الجنة.
13- معنى قوله تعالى { ومتاع إلى حين}
المتاع ما يستمتع به من أكل ولبس وحياة . ذكره ابن عطية عن السدي.
واختلف في المقصود بالحين
-فقيل : بلاغ إلى الموت . (ذكره ابن جرير والرازي عن ابن عباس)
-وقيل: بلاغ إلى الساعة . (ذكره ابن جرير عن مجاهد والرازي عن ابن عباس)
ورجح ابن جرير هذا القول وحجته أن الله قد جعل الأرض للانسان متاع أيام حياته يستقر عليها ويغتذي بما يخرج منها وبعد مماته لجثته كفاتا .وبما أن الله لم يضع في الاية دلالة تدل على بعض المتاع دون بعض كان الخبر عاما إلى أن تبدل الأرض غير الأرض.
-وقيل: بلاغ إلى أجل . ذكره ابن جرير عن الربيع وذكره القيسي .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|