عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-07-2022, 10:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } 60 { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً } 61 { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } 62 { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } 63 { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } 64 { فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } 65 { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } 66 { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } 67 { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } 68 { قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً }69

شرح الكلمات:

وإذ قال موسى لفتاه: أي أذكر إذ قال موسى بن عمران نبي بني إسرائيل لفتاه يوشع بن نون بن افرايم بن يوسف عليه السلام.

مجمع البحرين: أي حيث ألتقى البحران بحر فارس وبحر الروم.

حقبا: الحقب الزمن وهو ثمانون سنة والجمع أحقاب.

سبيله في البحر سرباً: أي طريقه في البحر سرباً أي طريقاً كالنفق.

فلما جاوزا: أي المكان الذي فيه الصخرة ومنه اتخذ الحوت طريقه في البحر سرباً.

في البحر عجباً: أي عجباً لموسى حيث تعجب من إحياء الحوت واتخاذه في البحر طريقاً كالنفق في الجبل.

قصصاً: أي يتتبعان آثار أقدامهما.

عبداً من عبادنا: هو الخضر عليه السلام.

مما علمت رشداً: أي ما هو رشاد إلى الحق ودليل على الهدى.

ما لم تحط به خبراً: أي علماً.

ولا أعصي لك أمراً: أي انتهى إلى ما تأمرني به وإن لم يكن موافقاً هواي.

معنى الآيات:

هذه قصة موسى 1مع الخضر عليهما السلام وهي تقرر نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتؤكدها. إذ مثل هذا القصص الحق لا يتأتى لأحد أن يقصه ما لم يتلقه وحياً من الله عزوجل. قال تعالى: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ } أي أذكر يا رسولنا تدليلاً على توحيدنا ولقائنا ونبوتك. إذ قال موسى بن عمران نبينا إلى بني إسرائيل لفتاه2 يوشع بن نون { لاۤ أَبْرَحُ } أي سائراً { حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ 3ٱلْبَحْرَيْنِ } حيث أرشدني ربي إلى لقاء عبدٍ هناك من عباده هو أكثر مني علماً حتى أتعلم منه علماً ازيده على علمي، { أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً 4} أي أواصل سيري زمناً طويلاً حتى أظفر بهذا العبد الصالح لأتعلم عنه. قوله تعالى: { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا } أي بين البحرين وهما بحر الروم وبحر فارس عند باب المندب حيث التقى البحر الأحمر والبحر الهندي. أو البحر الأبيض والأطلنطي عند طنجة والله أعلم بأيها أراد. وقوله { نَسِيَا حُوتَهُمَا } أي نسي الفتى الحوت، إذ هو الذي كان يحمله، ولكن نسب النسيان إليهما جرياً على المتعارف من لغة العرب5، وهذا الحوت قد جعله الله تعالى علامة لموسى على وجود الخضر حيث يفقد الحوت، إذ القصة كما في البخاري تبتدئ بأن موسى خطب يوماً في بنى إسرائيل فأجاد وأفاد فأعجب به شاب من بني إسرائيل فقال له: هل يوجد من هو أعلم منك يا موسى؟ فقال: لا. فأوحى إليه ربه فوراً بلى عبدنا خضر، فتاقت نفسه للقياه للتعلم عنه، فسأل ربه ذلك، فأرشده إلى مكان لقياه وهو مجمع البحرين، وجعل له الحوت علامة فأمره أن يأخذ طعامه حوتاً وأعلمه أنه إذا فقد الحوت فثم يوجد عبدالله خضر ومن هنا لما بلغا مجمع البحرين واستراحا فنام 6موسى والفتى شبه نائم وإذا بالحوت يخرج من المكتل (وعاء) ويشق طريقه إلى البحر فينجاب عنه البحر فيكون كالطاق أو النفق آية موسى.
ويغلب النوم على يوشع فينام فلما استراحا قاما مواصلين سيرهما ونسي الفتى وذهب من نفسه خروج الحوت من المكتل ودخوله في البحر لغلبة النوم فلما مشيا مسافة بعيدة وشعرا بالجوع وقد جاوزا المنطقة التي هي مجمع البحرين7 قال موسى للفتى { آتِنَا 8غَدَآءَنَا } وعلل ذلك بقوله: { لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } أي تعباً. هنا قال الفتى لموسى ما قصَّ الله تعالى: قال مجيباً لموسى { أَرَأَيْتَ } أي أتذكر { إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ } التي استراحا عندها { فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ } وقال كالمعتذر، { وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ9 وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ } أي طريقه { فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } أي حيي بعد موت ومشى حتى انتهى إلى البحر وانجاب له البحر فكان كالسرب فيه أي النفق فأجابه موسى بما قص تعالى: { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ } وذلك لأن الله تعالى جعل لموسى فقدان الحوت علامة على مكان الخضر الذي يوجد فيه { فَٱرْتَدَّا } أي رجعا { عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً } أي يتتبعان آثار أقدامهما { فَوَجَدَا } خضراً كما قال تعالى: { فَوَجَدَا عَبْداً10 مِّنْ عِبَادِنَآ } وهو خضر { آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا } أي نبوة { وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } وهو علم غيب خاص به { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ } مستعطفاً له { هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } أي مما علمك الله رشداً أي رشاداً يَدُلّنِي على الحق وتحصل لي به هداية فأجابه خضر بما قال تعالى: { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } يريد أنه يرى منه أموراً لا يقره عليها وخضر لا بد يفعلها فيتضايق موسى لذلك ولا يطيق الصبر، وعلل له عدم استطاعته الصبر بقوله { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } أي علماً كاملاً. فأجابه موسى وقد صمم على الرحلة لطلب العلم مهما كلفه الثمن فقال { سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً } أي سأنتهي إلى ما تأمرني وإن لم يكن موافقاً لما أحب وأهوى.

هداية الآيات:

1- عتب الله تعالى على رسوله يا موسى عليه السلام عندما سئل هل هناك من هو أعلم منك فقال لا وكان المفروض أن يقول على الأقل الله أعلم. فعوقب لذلك فكلف هذه الرحلة الشاقة.

2- استحباب الرفقة في السفر، وخدمة التلميذ للشيخ، إذ كان يوشع يخدم موسى بحمل الزاد.

3- طروء النسيان على الانسان مهما كان صالحاً.

4- مراجعة الصواب بعد الخطأ خير من التمادي على الخطأ { فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً }؟

5- تجلي قدرة الله تعالى في إحياء الحوت بعد الموت، وانجياب الماء عليه حتى كان كالطاق فكان للحوت سرباً ولموسى وفتاه عجباً.

وبه استدل موسى أي بهذا العجب على مكان خضر فوجده هناك.

6- استحباب طلب المزيد من العلم مهما كان المرء عالماً وهنا أورد الحديث التالي وهو خير من قنطار ذهباً لمن حفظه وعمل به وهو قول ابن عباس رضي الله عنه قال سأل موسى ربه: قال رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني، قال: فأي عبيدك أقضى؟ قال الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال: أي رب أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علم نفسه عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى، وللأثر بقية ذكره ابن جرير عند تفسير هذه الآيات.
______________________________________
1 ذهب نوف البكالي إلى أن موسى هذا هو موسى بن منشا بن يوسف عليه السلام وردّ هذا عليه ابن عباس رضي الله عنهما رداً عنيفاً كما في البخاري فالصحيح أنه موسى بن عمران رسول الله إلى بني إسرائيل.
2 اختلف في فتى موسى مَنْ هو؟ قيل: إنه كان شاباً يخدمه ولذا أطلق عليه لفظ الفتى على جهة حسن الأدب، قال ابن العربي. ظاهر القرآن أنه عبد وما دام صح الحديث بأنه يوشع بن نون فلا حاجة إلى البحث والتنقيب.
3 أي ملتقاهما. وهما بحر الأردن وبحر القلزم على الراجح الصحيح.
4 قال النحاس: الحقب: زمان من الدهر مبهم غير محدود وجمعه أحقاب وورد الحقب مقدراً بثمانين سنة، إلاّ أنه في قول موسى هذا مراده الأوّل وهو زمن غير محدود.
5 نحو قوله: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} مع أنه لا يخرج إلاّ من البحر الملح ونحو قوله: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} مع العلم أن الرسل من الإنس فقط.
6 في البخاري: أن موسى عليه السلام قال ليوشع لا أكلفك إلاّ أن تخبرني حيث يفارقك الحوت قال الفتى: ما كلّفت كثيراً.
7 هذا يُرجح أن يكون البحران: نهر الأردن وبحيرة طبريّة.
8 في الآية دليل على وجوب حمل الزاد في السفر ففي هذا رد على المتصوفة الذين يخرجون بلا زاد بدعوى التوكل ثمّ هم يسألون الناس، وشاهد هذا آية البقرة إذ نزلت في أناس من اليمن كانوا يحجون ولا يتزودون فنزل قوله تعالى: {وتزودّوا..} الآية.
9 أن: وما دخلت عليه تسبك بمصدر فيقال: وما أنساني ذكره إلاّ الشيطان.
10 في البخاري: "فوجدا خضراً على طنْفَسة خضراء على كبد البحر مسجىَّ بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه فسلّم عليه موسى فكشف عن وجهه فقال: هل بأرضك من سلام؟ من أنت؟ قال: أنا موسى.." الخ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 21.14 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]