عرض مشاركة واحدة
  #260  
قديم 04-07-2022, 12:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,995
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ التَّوْبَةِ
الحلقة (260)
صــ414 إلى صــ 420


والثالث: كانوا اثني عشر ألفا ، قاله قتادة ، وابن زيد ، وابن إسحاق ، والواقدي .

والرابع: أحد عشر ألفا وخمسمائة ، قاله مقاتل . قال ابن عباس : فقال ذلك اليوم سلمة بن سلامة بن وقش ، وقد عجب لكثرة الناس: لن تغلب اليوم من قلة فساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه ، ووكلوا إلى كلمة الرجل ، فذلك قوله: إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وقال سعيد بن المسيب: القائل لذلك أبو بكر الصديق . وحكى ابن جرير أن القائل لذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل: بل العباس . وقيل: رجل من بني بكر .

قوله تعالى: وضاقت عليكم الأرض بما رحبت أي: برحبها . قال الفراء: والباء هاهنا بمنزلة "في" كما تقول: ضاقت عليكم الأرض في رحبها وبرحبها .

الإشارة إلى القصة

قال أهل العلم بالسيرة: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة تآمر عليه أشراف هوازن وثقيف ، فجاؤوا حتى نزلوا أوطاس ، وأجمعوا المسير إليه ، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما التقوا أعجبتهم كثرتهم فهزموا .

وقال البراء بن عازب: لما حملنا عليهم انكشفوا ، فأكببنا على الغنائم ، فأقبلوا بالسهام ، فانكشف المسلمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبعضهم يقول: [ ص: 415 ] ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ جماعة من أصحابه منهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، والعباس ، وأبو سفيان بن الحارث .

وبعضهم يقول: لم يبق معه سوى العباس وأبي سفيان فجعل النبي يقول للعباس: "ناد يا معشر الأنصار ، يا أصحاب السمرة ، يا أصحاب سورة البقرة" فنادى ، وكان صيتا ، فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلى أولادها ، يقولون: يا لبيك ، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى قتالهم ، فقال: "الآن حمي الوطيس" أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب" ثم قال للعباس: "ناولني الحصيات" فناوله ، فقال: "شاهت الوجوه" ورمى بها ، وقال: "انهزموا ورب الكعبة" ، فقذف الله في قلوبهم الرعب فانهزموا . وقيل: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفا من تراب ، فرماهم به فانهزموا . وكانوا يقولون: ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه بالتراب .

ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم

قوله تعالى: ثم أنزل الله سكينته أي: بعد الهزيمة . قال أبو عبيدة: هي فعيلة من السكون ، وأنشد:

[ ص: 416 ]
لله قبر غالها ماذا يجن لقد أجن سكينة ووقارا


وكذلك قال المفسرون: الأمن والطمأنينة .

قوله تعالى: وأنزل جنودا لم تروها قال ابن عباس : يعني الملائكة . وفي عددهم يومئذ ثلاثة أقوال .

أحدها: ستة عشر ألفا ، قاله الحسن . والثاني: خمسة آلاف ، قاله سعيد بن جبير . والثالث: ثمانية ، قاله مجاهد ، يعني ثمانية آلاف . وهل قاتلت الملائكة يومئذ ، أم لا؟ فيه قولان .

وفي قوله: وعذب الذين كفروا أربعة أقوال .

أحدها: بالقتل ، قاله ابن عباس ، والسدي . والثاني: بالقتل والهزيمة ، قاله ابن أبزى ، ومقاتل . والثالث: بالخوف والحذر ، ذكره الماوردي . والرابع: بالقتل ، والأسر ، وسبي الأولاد ، وأخذ الأموال ، ذكره بعض ناقلي التفسير .

قوله تعالى: ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء أي: يوفقه للتوبة من الشرك .
يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم

قوله تعالى: إنما المشركون نجس قال أبو عبيدة: معناه: قذر . قال الزجاج : يقال لكل شيء مستقذر: نجس . وقال الفراء: لا تكاد العرب تقول: نجس ، إلا وقبلها رجس ، فإذا أفردوها قالوا: نجس .

[ ص: 417 ] وفي المراد بكونهم نجسا ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم أنجاس الأبدان ، كالكلب والخنزير ، حكاه الماوردي عن الحسن ، وعمر بن عبد العزيز . وروى ابن جرير عن الحسن قال: من صافحهم فليتوضأ .

والثاني: أنهم كالأنجاس لتركهم ما يجب عليهم من غسل الجنابة ، وإن لم تكن أبدانهم أنجاسا ، قاله قتادة .

والثالث: أنه لما كان علينا اجتنابهم ، كما تجتنب الأنجاس ، صاروا بحكم الاجتناب كالأنجاس ، وهذا قول الأكثرين ، وهو الصحيح .

قوله تعالى: فلا يقربوا المسجد الحرام قال أهل التفسير: يريد جميع الحرم . (بعد عامهم هذا) وهو سنة تسع من الهجرة ، وهي السنة التي حج فيها أبو بكر وقرئت (براءة) . وقد أخذ أحمد رضي الله عنه بظاهر الآية ، وأنه يحرم عليهم دخول الحرم ، وهو قول مالك ، والشافعي . واختلفت الرواية عنه في دخولهم غير المسجد الحرام من المساجد ، فروي عنه المنع أيضا إلا لحاجة ، كالحرم ، وهو قول مالك . وروي عنه جواز ذلك ، وهو قول الشافعي . وقال أبو حنيفة: يجوز لهم دخول المسجد الحرام ، وسائر المساجد .

قوله تعالى: وإن خفتم عيلة وقرأ سعد بن أبي وقاص ، وابن مسعود ، والشعبي ، وابن السميفع: "عايلة" . قال سعيد بن جبير: لما نزلت إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا شق على المسلمين ، وقالوا: من يأتينا بطعامنا؟ وكانوا يقدمون عليهم بالتجارة فنزلت وإن خفتم عيلة . . الآية . قال الأخفش: العيلة الفقر . يقال : عال يعيل عيلة: إذا افتقر . وأعال إعالة فهو [ ص: 418 ] يعيل: إذا صار صاحب عيال . وقال أبو عبيدة: العيلة هاهنا مصدر عال فلان: إذا افتقر وأنشد:


وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل


وللمفسرين في قوله: "وإن" قولان .

أحدهما: أنها للشرط ، وهو الأظهر .

والثاني: أنها بمعنى "وإذ" ، قاله عمرو بن فائد . قالوا: وإنما خاف المسلمون الفقر ، لأن المشركين كانوا يحملون التجارات إليهم ، ويجيئون بالطعام وغيره .

وفي قوله: فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه أنزل عليهم المطر عند انقطاع المشركين عنهم ، فكثر خيرهم ، قاله عكرمة .

والثاني: أنه أغناهم بالجزية المأخوذة من أهل الكتاب ، قاله قتادة ، والضحاك .

والثالث: أن أهل نجد ، وجرش ، وأهل صنعاء أسلموا ، فحملوا الطعام إلى مكة على الظهر ، فأغناهم الله به ، قاله مقاتل .

قوله تعالى: إن الله عليم قال ابن عباس : عليم بما يصلحكم ، (حكيم) فيما حكم في المشركين .
[ ص: 419 ] قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون

قوله تعالى: قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله قال المفسرون: نزلت في اليهود والنصارى . قال الزجاج : ومعناها: لا يؤمنون بالله إيمان الموحدين ، لأنهم أقروا بأنه خالقهم وأنه له ولد ، وكذلك إيمانهم بالبعث لأنهم لا يقرون بأن أهل الجنة يأكلون ويشربون . وقال الماوردي : إقرارهم باليوم الآخر يوجب الإقرار بحقوقه ، وهم لا يقرون بها ، فكانوا كمن لا يقر به .

قوله تعالى: ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله قال سعيد بن جبير: يعني الخمر والخنزير .

قوله تعالى: ولا يدينون دين الحق في الحق قولان .

أحدهما: أنه اسم الله ، فالمعنى: دين الله ، قاله قتادة .

والثاني: أنه صفة للدين: والمعنى ولا يدينون الدين الحق; فأضاف الاسم إلى الصفة . وفي معنى "يدينون" قولان .

[ ص: 420 ] أحدهما: أنه بمعنى الطاعة ، والمعنى: لا يطيعون الله طاعة حق ، قاله أبو عبيدة . والثاني: أنه من دان: الرجل يدين كذا: إذا التزمه . ثم في جملة الكلام قولان .

أحدهما: أن المعنى: لا يدخلون في دين محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه ناسخ لما قبله .

والثاني: لا يعملون بما في التوراة من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى: حتى يعطوا الجزية قال ابن الأنباري: الجزية الخراج المجعول عليهم; سميت جزية ، لأنها قضاء لما عليهم: أخذ من قولهم: جزى يجزي: إذا قضى; ومنه; قوله تعالى: لا تجزي نفس عن نفس شيئا [البقرة:48] ، وقوله "ولا تجزي عن أحد بعدك" . وفي قوله: (عن يد) ستة أقوال .

أحدها: عن قهر ، قاله قتادة ، والسدي . وقال الزجاج : عن قهر وذل .

والثاني: أنه النقد العاجل ، قاله شريك ، وعثمان بن مقسم .

والثالث: أنه إعطاء المبتدئ بالعطاء ، لا إعطاء المكافئ ، قاله ابن قتيبة .

والرابع: أن المعنى: عن اعتراف للمسلمين بأن أيديهم فوق أيديهم .

والخامس: عن إنعام عليهم بذلك ، لأن قبول الجزية منهم إنعام عليهم ، حكاهما الزجاج .

والسادس: يؤدونها بأيديهم ، ولا ينفذونها مع رسلهم ، ذكره الماوردي .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]