أركان الحج وواجباته
الشيخ صلاح نجيب الدق
الْحَمْدُ لِلَّهِ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا؛ أما بعدُ:
فالحج إلى بيت الله الحرام بمكة هُوَ أحدُ أركان الإسلام الخمسة، ويجب على كل مسلم قادرٍ على أداء مناسك الحج أن يَعرِفَ أركان الحج وواجباته حتى يكون حَجُّهُ صحيحًا ومقبولًا عند الله تعالى، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
أركان الحج أربعة، وهِيَ:
(1) الإحرام.
(2) الوقوف بعرفة.
(3) طواف الإفاضة.
(4) السعي بين الصفا والمروة.
هذه الأركان الأربعة لا يتم الحج إلا بها، ومَن ترك ركنًا منها لم يصح حَجهُ، وسوف نتحدث عن هذه الأركان.
الإحرام:
معنى الإحرام:
الإحرام: هُوَ نيةُ الدخول في مَنَاسِكِ الحج، أو العُمْرَة، أو هُمَا مَعًا.
الإحرام يكون مِنَ الميقات، وهو المكان الذي حدده النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، للإحرام منه، ولا يجوز للمسلم مجاوزته بدون إحرام، فمن جاوزه دون إحرام عَالمًا به أو جاهلًا ثم عَلِمَ حُكْمه بعد ذلك، وَجَبَ عليه أن يرجعَ ويُحرمَ منه ولا شيء عليه، فإن لم يرجع وَجَبَ عليه ذَبْح شاة، فإن لم يستطع، صام عشرة أيام؛ ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا عاد إلى بلده.
صفة إحرام الرجال:
يجب على الرَّجُل أن يتجرد مِن ملابسه كلها، ويرتدي إزارًا ورداءً، ولا يغطي رأسه بشيء.
• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ((أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَلْبَسُ الْقُمُصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ، إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ وَرْسٌ))؛ [البخاري، حديث 1542/ مسلم، حديث 1177].
صفة إحرام النساء:
المرأةُ تُحرِمُ في ملابسها العادية، غير أنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين.
• روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ((قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْإِحْرَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا تَلْبَسُوا الْقَمِيصَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا الْبَرَانِسَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلَانِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ وَلَا الْوَرْسُ، وَلَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ))؛ [البخاري، حديث 1838].
ستر وجه المرأة أثناء الإحرام:
قال الإمَامُ ابن قُدامَة رَحِمَهُ اللهُ: "إذَا احْتَاجَتْ إلَى سَتْرِ وَجْهِهَا، لِمُرُورِ الرِّجَالِ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنَّهَا تَسْدُلُ الثَّوْبَ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ عَطَاء وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا"؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 5، ص: 154].
• روى سعيدُ بنُ منصور عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، قَالَتْ: ((تُسْدِلُ الْمَرْأَة جِلْبَابهَا مِنْ فَوْق رَأْسهَا عَلَى وَجْههَا))؛ [إسناده صحيح، فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، ج: 3، ص: 474].
• روى الحاكمُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: ((كُنَّا نُغَطِّيَ وُجُوهَنَا مِنَ الرِّجَالِ، وَكُنَّا نَتَمَشَّطُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ))؛ [إسناده صحيح، إرواء الغليل، للألباني، ج: 4، حديث 1023].
صفة التلبية:
بَعْدَ أن يُحْرِمَ المسلمُ بالنُّسُكِ الذي يريده، يرفع صوته بالتلبية؛ وهي قَوْلُ: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ).
• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ((أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))؛ [البخاري، حديث 1549/ مسلم، حديث 1184].
يرفعُ الرجالُ أصواتهم بالتلبية مع الإكثار مِن تكرارها، والمرأة ترفع صوتها بقَدْرِ مَا تُسمعُ نفسها ورفيقاتها؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 5، ص: 160].
وقت انقطاع التلبية:
تنقطعُ التلبية في العمرة عند بداية الطواف حول الكعبة، وتنقطع في الحج عند بداية رَمْي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر (يوم العيد).
سنن الإحرام:
للإحرام سُنَنٌ ينالُ بها المُحْرِم ثوابًا عظيمًا، ولا يترتب على تركها شَيءٌ، ونستطيعُ أن نُوجِزَ سُنَنَ الإحرام في الأمور الآتية:
(1) الاغتسال:
يُسَنُّ للمحرم قبل الإحرام أن يُقَلِّمَ أظافره، ويحف شاربه، ويحلق عانته وينتف إبطه؛ لأن هذه مِن سُنَن الفطرة ثم يغتسل.
• روى الترمذيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَجَرَّدَ لِإِهْلَالِهِ وَاغْتَسَلَ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي، للألباني، حديث 664].
(2) التطيب:
يُسَنُّ للمُحرمِ (الرجال فقط) أن يضع العطر على بدنه قبل الإحرام.
• روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: ((كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ))؛ [البخاري، حديث 1539/ مسلم، حديث 1189].
(3) ارتداء إزار ورداء أبيضين:
مِنَ السُّنَّةِ أن يرتديَ المحرمُ إزارًا ورداءً أبيضين.
روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ((انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ))؛ [البخاري، حديث 1545].
• روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ))؛ [حديث صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث 3284].
(4) الإحرام عقب الصلاة:
مِنَ السُّنَّة أن يكون الإحرام عقب صلاةٍ، سَوَاء كانت فريضة أو نافلة.
• روى مسلمٌ عن جَابرِ بنِ عَبْدِاللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، قَالَ: ((صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ (ناقته) فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))؛ [مسلم، حديث 1218].
فائدة مهمة:
ينبغي عَلَى المسلم أن يَعْلَمَ أن الإحرامَ ليسَ له صلاة خاصة به؛ [مجموع فتاوى ابن تيمية، ج: 26، ص: 108، 109].
(5) رفع الصوت بالتلبية:
مِنَ السُّنَّة الإكثار مِنَ التلبية ورفع الصوت بها للرجال، وأما المرأة فيكفي أن ترفع صوتها بِقَدْرِ ما تُسْمِعُ نفْسها ورفيقاتها.
• روى أبو داودَ عَنِ السَّائِبِ الْأَنْصَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((أَتَانِي جِبْرِيلُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي وَمَنْ مَعِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ - أَوْ قَالَ بِالتَّلْبِيَةِ - يُرِيدُ أَحَدَهُمَا)) [حديث صحيح، صحيح أبي داود، للألباني، حديث 1599].
• روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي، للألباني، حديث 661].
• قَوْلُهُ: (الْعَجُّ) أي: رَفْعُ الصوت بالتلبية.
• قَوْلُهُ: (وَالثَّجُّ) أي: نَحْرُ الإبل.
• روى ابنُ مَاجَه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ، أَوْ شَجَرٍ، أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا))؛ [حديث صحيح، صحيح ابن ماجه، للألباني، حديث 2363].
(6) الاشتراط:
مِنَ السُّنَّة لمن خافَ أن يمنعه عائقٌ مِن عَدوٍّ أو مرضٍ أو ذَهاب نفقه أو نحو ذلك، مِن إتمام العُمْرَة أو الحج أن يشترطَ على الله تَعَالَى، فيقول المسلمُ بَعْدَ إحرامه: (وَإنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ، فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي).
فائدة الاشتراط:
فائدة هذا الاشتراط أن المحْرِمَ إذا منعه شيءٌ مِن إتمام حَجِّه أو عُمْرَته، فإنَّهُ يَحِلُّ مِن إحرامه حيث كان، ولا هَدْيَ عليه ولا صوم.
وأما مَن لم يشترط عند الإحرام ومُنِعَ مِن إتمام نسكه، يَحِلُّ مِن إحرامه، وَيجَبْ عليه الهدْي (يذبح شاةً)؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 5، ص: 92 - 94].
• قال اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196].
• روى مسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ((دَخَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي))؛ [مسلم، ج: 2، كتاب الحج، حديث 105].
• قَوْلُهَا: (وَأَنَا شَاكِيَةٌ)؛ أيْ: وَأَنَا مَريضَةٌ.
فائدة مهمة:
إذا كان الحاج أو المعتمر لا يخاف مِن عائق يمنعه مِن إتمام نسكه، فإنه لا ينبغي له أن يَشترط؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يشترط ولم يأمر أحدًا مِن الصحابة بالاشتراط، وإنما أمَرَ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بالاشتراط لمرضها.
الأمور المباحة أثناء الإحرام:
يُباحُ للمُحْرمِ بالحج أو العُمْرَة أثناء إحرامه الأمور الآتية:
(1) الاغتسال وغَسل ملابس الإحرام أو استبدالها بغيرها.
• روى أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ((أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّامَ الْجُحْفَةِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَصْنَعُ بِأَوْسَاخِكُمْ شَيْئًا))؛ [إسناده صحيح، مصنف أبن أبي شيبة، ج: 3، ص: 346، رقم: 14791].
• روى أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ((لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ الْمُحْرِمُ، وَيَغْسِلَ ثِيَابَهُ))؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 352، رقم: 14851].
(2) تمشيط شعر الرأس واللحية برفق.
• روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: ((انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي))؛ [البخاري، حديث: 1556/ مسلم، حديث: 1211].
• قَوْلُهُ: (انْقُضِي رَأْسَكِ)؛ أَيْ: حلِّي ضفائر شَعرك.
• قَوْلُهُ: (وَامْتَشِطِي)؛ أَيْ: سَرِّحِي بِالْمُشْطِ.
(3) استخدام السواك:
• روى أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ((لاَ بَأْسَ بِالسِّوَاكِ لِلْمُحْرِمِ))؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 491، رقم: 12911].
(4) الاحتجام والتبرع بالدم.
• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ: ((احْتَجَمَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي رَأْسِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ)) (البخاري، حديث: 5700/ مسلم، حديث: 1202].
(5) الاستظلال بالمظلة والخيمة وغيرها للوقاية مِن حرارة الشمس، واستخدام نظارة العين، وسماعة الأذن.
• روى مُسلمٌ عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: ((حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ وَبِلَالًا، وَأَحَدُهُمَا آخِذٌ بِخِطَامِ نَاقَةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَالْآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ مِنَ الْحَرِّ، حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ))؛ [مسلم، حديث: 1298].
(6) لبس الساعة وخاتم الفضة للرجال، وأما الحلي مِن الذهب فللنساء فقط.
• قَالَ عَطَاءٌ بْنُ أبي رَباَح رَحِمَهُ اللهُ: "يَتَخَتَّمُ (الْمُحْرِمُ) وَيَلْبَسُ الهِمْيَانَ"؛ [صحيح البخاري، ج: 2، ص: 136].
• روى أَبُو بَكْر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ نِسَاءَ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَبَنَاتِهِ كُنَّ يَلْبَسْنَ الْحُلِيَّ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 715، رقم: 14414].
• روى أَبُو بَكْر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بن الأَسْوَدِ: ما تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ مِنَ الْحُلِيِّ؟ فَقَالَ: مَا كَانَتْ تَلْبَسُ وَهِيَ مُحِلَّةٌ؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 716، رقم: 14420].
(7) استخدام الحزام والمشابك للإحرام.
• روى البيهقيُّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا سُئِلَتْ عَنِ الْهِمْيَانِ، لِلْمُحْرِمِ، فَقَالَتْ: وَمَا بَأْسٌ لِيَسْتَوْثِقَ مِنْ نَفَقَتِهِ؛ [إسناده صحيح، حجة النبي، للألباني، ص: 29].
• قَوْلُهُ: (الْهِمْيَانِ) هُوَ: الحزام الذي يُوضَعُ فيه النقود ويُشد على الوسط كما يفعل كثيرٌ مِنَ الحجاج.
• قالَ البخاريُّ رَحِمَهُ اللهُ: طَافَ عَبْدُاللهِ بْن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَدْ حَزَمَ عَلَى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ؛ [صحيح البخاري، ج: 2، ص: 136].
(8) خلع الضرس وقطع الأظافر إذا انكسرت.
• روى أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: ((إذَا انْكَسَرَ ظُفُرُ الْمُحْرِمِ فَلْيَقُصَّهُ))؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 490، رقم: 12903].
• رَوَى مَالكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ ظُفْرٍ لَهُ انْكَسَرَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ سَعِيدٌ: اقْطَعْهُ؛ [إسناده صحيح، موطأ الإمام مالك، ج: 1، ص: 482، رقم: 1036].
• رَوَى ابْنُ أبي شَيْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ قَالاَ: إذَا اشْتَكَى الْمُحْرِمُ ضِرْسَهُ نَزَعَهُ، وَإِذَا انْكَسَرَ نَزَعَهُ، قَالَ مَنْصُورٌ: وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 491، رقم: 12918].
(9) حَك الرأس والجسد.
• رَوَى مالكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم تُسْأَلُ عَنِ الْمُحْرِمِ: أَيَحُكُّ جَسَدَهُ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَلْيَحْكُكْهُ وَلْيَشْدُدْ؛ [إسناده صحيح، موطأ الإمام مالك، ج: 1، ص: 481، رقم: 1033].
(10) قتل الحشرات والحيوانات الضارة التي تهاجم الحاج أو المعتمر.
• روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ، مَنْ قَتَلَهُنَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ: العَقْرَبُ، وَالفَأْرَةُ، وَالكَلْبُ العَقُورُ، وَالغُرَابُ، وَالحِدَأَةُ))؛ [البخاري، حديث: 3315/ مسلم، حديث: 1199].
• قَوْلُهُ: (الكَلْبُ العَقُورُ): هُوَ كُلُّ حَيَوَانٍ يَعْقِرُ؛ أَيْ: يَجْرَحُ وَيَقْتُلُ وَيَفْتَرِسُ، مِثْلُ: الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ، وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ؛ [النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، ج: 3، ص: 275].
(11) صيد البحر والقيام بالبيع والشراء والصناعة؛ [حجة النبي، للألباني، ص: 26، الفقه الإسلامي، للزحيلي، ج: 3، ص: 254].
• قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [المائدة: 96].
• روى أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي أُمَيْمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الرَّجُلِ يَحُجُّ، وَيَحْمِلُ مَعَهُ تِجَارَةً؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا ﴾ [المائدة: 2]؛ [إسناده صحيح، مصنف ابن أبي شيبة، ج: 3، ص: 582، رقم: 13534].
محظورات الإحرام:
محظورات الإحرام على ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
محظورات على الرجال والنساء معًا:
(1) إزالة الشَّعر مِنَ الرأس وسائر الجسم عَمْدًا بحَلْقٍ أو غيره.
(2) تقليم أظافر اليدين والقدمين، وارتداء القفازين.
(3) استعمال العطور بعد الإحرام، في البدن أو الثوب.
(4) جماع الزوجة أو دواعي ذلك مِنَ النظر بشهوة أو التقبيل ونحوه.
(5) قَتْلُ صيد البر، أو المعاونة في ذلك، أو تنفير طير الحرم، أو قطع شجر الحرم، إلا الإذْخِر، وهو نبات طيب الرائحة.
(6) الخِطبة أو عَقدُ النكاح لنفسه، أو لغيره.
(7) أخْذُ لُقطة الحرم، إلا لمن يريد تعريفها.
(8) المخاصمة والجدال بالباطل؛ لأن ذلك يُؤدي إلى البغضاء بين المسلمين؛ [الحج والعمرة، لابن باز، ص: 24 - 28].
القسم الثاني:
محظورات خاصة بالرجال فقط؛ وهي:
(1) لبس المخيط، ويشمل كل ما هو مُفصلٌ على هيئة أعضاء الجسم، كالفنيلة أو السراويل، أو الجوربين، ونحو ذلك.
(2) تغطية الرأس بملاصق، كالعمامة والطاقية، ومَا شَابَه ذلك؛ [الحج والعمرة، لابن باز، ص: 24، 28، المنهج، لابن عثيمين، ص: 37، 42].
القسم الثالث:
محظورات خاصة بالنساء فقط؛ وهي: ارتداء النقاب؛ [الحج والعمرة، لابن باز، ص: 24، 28، المنهج، لابن عثيمين، ص: 37، 42].
فدية محظورات الإحرام:
يجبُ أن يكون مِنَ المعلوم أن المسلم إذا فعل شيئًا مِن محظورات الإحرام ناسيًا أو جاهلًا أو نائمًا أو مُكْرَهًا، فلا إثم عليه، ولا فدية، ولكن متى زال العذر، فعَلِمَ الجاهل وتَذكَّر الناسي، واستيقظ النائم، وزال الإكراه، فإنه يجب عليه التخلي عن المحظورات فورًا، فإن استمر عليه مع زوال العذر، فهو آثم، وعليه الفدية؛ [المنهج، لابن عثيمين، ص: 43].
قال سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ [الأحزاب: 5].
• روى أحمدُ عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاس، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ))؛ [حديث صحيح، صحيح الجامع، للألباني، حديث 1731].
• فدية قَص أو حَلْق الشعر، وقص الأظافر، ولبس المخيط، والمباشرة بشهوة، وتغطية الرأس، ووضع الطيب، وارتداء النقاب والقفازين للمرأة، هي: اختيار واحدة مِن ثلاث:
إما ذَبْح شاة، أو إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام؛ [المغني، لابن قدامة، ج: 5، ص: 119، 160].
• قال اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ [البقرة: 196].
• روى الشيخانِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ (الْقَمْلَ)، قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ انْسُكْ بِشَاةٍ))؛ [البخاري، حديث 1814/ مسلم، حديث 1201].
يتبع