عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 18-06-2022, 11:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الْأَعْرَافِ
الحلقة (228)
صــ203 إلى صــ 208




ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون

قوله تعالى: فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا أي: من العذاب؟ وهذا سؤال تقرير وتعيير . قالوا نعم . قرأ الجمهور بفتح العين في سائر القرآن ، وكان الكسائي يكسرها . قال الأخفش: هما لغتان .

قوله تعالى: فأذن مؤذن بينهم أي: نادى مناد . أن لعنة الله قرأ ابن كثير في رواية قنبل ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، "أن لعنة الله" خفيفة النون ساكنة . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي: "أن" بالتشديد ، "لعنة الله" بالنصب . قال الأخفش: "وأن" في قوله: أن تلكم الجنة [الأعراف: 43] وقوله: أن لعنة الله ، وقوله: أن الحمد لله [يونس:10] ، و: أن قد وجدنا ، هي أن الثقيلة خففت .

قال الشاعر:

في فتية
كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل


[ ص: 204 ] وأنشد أيضا:


أكاشرة وأعلم أن كلانا على ما ساء صاحبه حريص


ومعناه: أنه كلانا; وتكون أن قد وجدنا في معنى: أي . قال ابن عباس : والظالمون هاهنا: الكافرون .

قوله تعالى: الذين يصدون عن سبيل الله أي: أذن المؤذن أن لعنة الله على الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ، وهو الإسلام . ويبغونها عوجا مفسر في [آل عمران:99] . وهم بالآخرة أي: وهم بكون الآخرة كافرون .
وبينهما حجاب وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون

قوله تعالى: وبينهما حجاب أي بين الجنة والنار حاجز ، وهو السور الذي ذكره الله تعالى في قوله: فضرب بينهم بسور له باب [الحديد:13] ، فسمي هذا السور بالأعراف لارتفاعه . قال ابن عباس : الأعراف: هو السور الذي بين الجنة والنار ، له عرف كعرف الديك . وقال أبو هريرة: الأعراف: جبال بين الجنة والنار ، فهم على أعرافها ، يعني: على ذراها ، خلقتها كخلقة عرف الديك . قال اللغويون: الأعراف عند العرب: كل ما ارتفع من الأرض وعلا; يقال لكل عال: عرف ، وجمعه: أعراف . [ ص: 205 ] قال الشاعر:


كل كناز لحمه نياف كالعلم الموفي على الأعراف


وقال الآخر:


ورثت بناء آباء كرام علوا بالمجد أعراف البناء


وفي "أصحاب الأعراف" قولان .

أحدهما: أنهم من بني آدم ، قاله الجمهور . وزعم مقاتل أنهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة . وفي أعمالهم تسعة أقوال .

أحدها: أنهم قوم قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم ، فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم ، ومنعهم من دخول النار قتلهم في سبيل الله ، وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والثاني: أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، فلم تبلغ حسناتهم دخول الجنة ، ولا سيئاتهم دخول النار ، قاله ابن مسعود ، وحذيفة ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، والشعبي ، وقتادة ،

والثالث: أنهم أولاد الزنا ، رواه صالح مولى التوأمة عن ابن عباس .

والرابع: أنهم قوم صالحون فقهاء علماء ، قاله الحسن ، ومجاهد; فعلى هذا يكون لبثهم على الأعراف على سبيل النزهة . [ ص: 206 ] والخامس: أنهم قوم رضي عنهم آباؤهم دون أمهاتهم ، أو أمهاتهم دون آبائهم ، رواه عبد الوهاب بن مجاهد عن إبراهيم .

والسادس: أنهم الذين ماتوا في الفترة ولم يبدلوا دينهم ، قاله عبد العزيز بن يحيى .

والسابع: أنهم أنبياء حكاه ابن الأنباري .

والثامن: أنهم أولاد المشركين ، ذكره المنجوفي في تفسيره .

والتاسع: أنهم قوم عملوا لله لكنهم راؤوا في عملهم ، ذكره بعض العلماء .

والقول الثاني: أنهم ملائكة ، قاله أبو مجلز ، واعترض عليه ، فقيل: إنهم رجال ، فكيف تقول: ملائكة؟ فقال: إنهم ذكور وليسوا بإناث . وقيل: معنى قوله: وعلى الأعراف رجال أي: على معرفة أهل الجنة من أهل النار ، ذكره الزجاج ، وابن الأنباري . وفيه بعد وخلاف للمفسرين .

قوله تعالى: يعرفون كلا بسيماهم أي: يعرف أصحاب الأعراف أهل الجنة وأهل النار . وسيما أهل الجنة: بياض الوجوه ، وسيما أهل النار: سواد الوجوه ، وزرقة العيون . والسيما: العلامة . وإنما عرفوا الناس ، لأنهم على مكان عال يشرفون فيه على أهل الجنة والنار ، ونادوا يعني: أصحاب الأعراف أصحاب الجنة أن سلام عليكم . وفي قوله: لم يدخلوها وهم يطمعون قولان .

أحدهما: أنه إخبار من الله تعالى لنا أن أصحاب الأعراف لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون في دخولها ، قاله الجمهور .

والثاني: أنه إخبار من الله تعالى لأهل الأعراف إذا رأوا زمرة يذهب بها إلى الجنة أن هؤلاء لم يدخلوها وهم يطمعون في دخولها ، هذا قول السدي .
وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين [ ص: 207 ] قوله تعالى: وإذا صرفت أبصارهم يعني أصحاب الأعراف . والتلقاء: جهة اللقاء ، وهي جهة المقابلة . وقال أبو عبيدة: تلقاء أصحاب النار ، أي: حيالهم .
ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون

قوله تعالى: ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم روى أبو صالح عن ابن عباس قال: ينادون: يا وليد بن المغيرة ، يا أبا جهل بن هشام ، يا عاص بن وائل ، يا أمية بن خلف ، يا أبي بن خلف ، يا سائر رؤساء الكفار ، ما أغنى عنكم جمعكم في الدنيا المال والولد . وما كنتم تستكبرون أي: تتعظمون عن الإيمان .
أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون

قوله تعالى: أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة فيه قولان .

أحدهما: أن أهل النار أقسموا أن أهل الأعراف داخلون النار معنا ، وأن الله لن يدخلهم الجنة ، فيقول الله لأهل النار: أهؤلاء يعني أهل الأعراف الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة رواه وهب بن منبه عن ابن عباس . قال حذيفة: بينا أصحاب الأعراف هنالك ، اطلع عليهم ربهم فقال لهم: "ادخلوا الجنة فإني قد غفرت لكم"

والثاني: أن أهل الأعراف يرون في الجنة الفقراء والمساكين الذين كان الكفار يستهزؤون بهم ، كسلمان ، وصهيب ، وخباب ، فينادون الكفار: أهؤلاء [ ص: 208 ] الذين أقسمتم وأنتم في الدنيا لا ينالهم الله برحمة قاله ابن السائب . فعلى هذا ينقطع كلام أهل الأعراف عند قوله: برحمة ، ويكون الباقي من خطاب الله لأهل الجنة . وقد ذكر المفسرون في قوله: ادخلوا الجنة ثلاثة أقوال .

أحدها: أن يكون خطابا من الله لأهل الأعراف ، وقد ذكرناه .

والثاني:[أن] يكون خطابا من الله لأهل الجنة .

والثالث: أن يكون خطابا من أهل الأعراف لأهل الجنة ، ذكرهما الزجاج . فعلى هذا الوجه الأخير ، يكون معنى قول أهل الأعراف لأهل الجنة: ادخلوا الجنة : اعلوا إلى القصور المشرفة ، وارتفعوا إلى المنازل المنيفة ، لأنهم قد رأوهم في الجنة . وروى مجاهد عن عبد الله بن الحارث قال: يؤتى بأصحاب الأعراف إلى نهر يقال له: الحياة ، عليه قضبان الذهب مكللة باللؤلؤ فيغمسون فيه ، فيخرجون ، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ، ويقال لهم: تمنوا ما شئتم ، ولكم سبعون ضعفا ، فهم مساكين أهل الجنة .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]