عرض مشاركة واحدة
  #227  
قديم 18-06-2022, 11:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,135
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد



تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الْأَعْرَافِ
الحلقة (227)
صــ197 إلى صــ 202




[ ص: 196 ] وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون

قوله تعالى: بما كنتم تكسبون قال مقاتل: من الشرك والتكذيب .
إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين

قوله تعالى: إن الذين كذبوا بآياتنا أي: بحججنا وأعلامنا التي تدل على توحيد الله ونبوة الأنبياء ، وتكبروا عن الإيمان بها لا تفتح لهم أبواب السماء قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر: "تفتح"; بالتاء ، وشددوا التاء الثانية . وقرأ أبو عمرو: "لا تفتح" بالتاء خفيفة . ساكنة الفاء . وقرأ حمزة ، والكسائي: "لا يفتح" بالياء مضمومة خفيفة . وقرأ اليزيدي عن اختياره: "لا تفتح" بتاء مفتوحة أبواب السماء بنصب الباء ، فكأنه أشار إلى أفعالهم . وقرأ الحسن: بياء مفتوحة ، مع نصب الأبواب ، كأنه يشير إلى الله عز وجل . وفي معنى الكلام أربعة أقوال .

أحدها: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وهو قول أبي موسى الأشعري ، والسدي في آخرين ، والأحاديث تشهد به .

والثاني: لا تفتح لأعمالهم ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث: لا تفتح لأعمالهم ولا لدعائهم ، رواه عطاء عن ابن عباس .

والرابع: لا تفتح لأرواحهم ولا لأعمالهم ، قاله ابن جريج ، ومقاتل . [ ص: 197 ] وفي السماء قولان .

أحدهما: أنها السماء المعروفة ، وهو المشهور .

والثاني: أن لمعنى: لا تفتح لهم أبواب الجنة ولا يدخلونها ، لأن الجنة في السماء ، ذكره الزجاج .

قوله تعالى: حتى يلج الجمل في سم الخياط الجمل: هو الحيوان المعروف . فإن قال قائل: كيف خص الجمل دون سائر الدواب ، وفيها ما هو أعظم منه؟ فعنه جوابان .

أحدهما: أن ضرب المثل بالجمل يحصل المقصود; والمقصود أنهم لا يدخلون الجنة ، كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة ، ولو ذكر أكبر منه أو أصغر منه ، جاز ، والناس يقولون: فلان لا يساوي درهما ، وهذا لا يغني عنك فتيلا ، وإن كنا نجد أقل من الدرهم والفتيل .

والثاني: أن الجمل أكبر شأنا عند العرب من سائر الدواب ، فإنهم يقدمونه في القوة على غيره ، لأنه يوقر بحمله فينهض به دون غيره من الدواب ، ولهذا عجبهم من خلق الإبل ، فقال: أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت [الغاشية:17] ، فآثر الله ذكره على غيره لهذا المعنى . ذكر الجوابين ابن الأنباري . قال: وقد روى شهر بن حوشب عن ابن عباس أنه قرأ: "حتى يلج الجمل" بضم الجيم وتشديد الميم ، وقال: هو القلس الغليظ .

قال المصنف: وهي قراءة أبي رزين ، ومجاهد ، وابن محيصن ، وأبي مجلز ، وابن يعمر ، وأبان عن عاصم . قال: وروى مجاهد عن ابن عباس: "حتى يلج الجمل" بضم الجيم وفتح الميم وتخفيفها . [ ص: 198 ] قلت: وهي قراءة قتادة ، وقد رويت عن سعيد بن جبير ، وأنه قرأ: "حتى يلج الجمل" بضم الجيم وتسكين الميم . قلت: وهي قراءة عكرمة .

قال ابن الأنباري: فالجمل يحتمل أمرين: يجوز أن يكون بمعنى الجمل ، ويجوز أن يكون بمعنى جملة من الجمال ، قيل في جمعها: جمل ، كما يقال حجرة ، وحجر ، وظلمة ، وظلم . وكذلك من قرأ: "الجمل" يسوغ له أن يقول: الجمل ، بمعنى الجمل ، وأن يقول: الجمل ، جمع جملة ، مثل بسرة ، وبسر . وأصحاب هذه القراءات يقولون: الحبل والحبال ، أشبه بالإبرة والخيوط من الجمال . وروى عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه قرأ: "الجمل" بضم الجيم والميم ، وبالتخفيف ، وهي قراءة الضحاك ، والجحدري . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء: "الجمل" بفتح الجيم ، وبسكون الميم خفيفة .

قوله تعالى: في سم الخياط السم في اللغة: الثقب . وفيها ثلاث لغات: فتح السين ، وبها قرأ الأكثرون ، وضمها ، وبه قرأ ابن مسعود ، وأبو رزين ، وقتادة ، وابن محيصن ، وطلحة بن مصرف ، وكسرها ، وبه قرأ أبو عمران الجوني ، وأبو نهيك ، والأصمعي عن نافع . قال ابن القاسم: والخياط: المخيط ، بمنزلة اللحاف والملحف ، والقرام والمقرم . وقد قرأ ابن مسعود ، وأبو رزين ، وأبو مجلز: في "سم المخيط" وقال الزجاج : الخياط: الإبرة ، وسمها: ثقبها . والمعنى: أنهم لا يدخلون الجنة . أبدا قال ابن قتيبة: هذا كما يقال: لا يكون ذلك حتى يشيب الغراب ، ويبيض القار .

قوله تعالى: وكذلك نجزي المجرمين أي: مثل ذلك نجزي الكافرين أنهم لا يدخلون الجنة .
[ ص: 199 ] لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون

قوله تعالى: لهم من جهنم مهاد المهاد الفراش .

وفي المراد بالغواشي ثلاثة أقوال .

أحدها: اللحف ، قاله ابن عباس ، والقرظي ، وابن زيد . والثاني: ما يغشاهم من فوقهم من الدخان ، قاله عكرمة . والثالث: غاشية فوق غاشية من النار ، قاله الزجاج . قال ابن عباس : والظالمون هاهنا الكافرون .
ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الأنهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون

قوله تعالى: ونزعنا ما في صدورهم من غل . فيمن عني بهذه الآية أربعة أقوال .

أحدها: أهل بدر . روى الحسن عن علي رضي الله عنه أنه قال: فينا والله أهل بدر نزلت: ونزعنا ما في صدورهم من غل وروى عمرو بن الشريد عن علي أنه قال: إني لأرجو أن أكون أنا ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، من الذين قال الله: ونزعنا ما في صدورهم من غل

والثاني: أنهم أهل الأحقاد من أهل الجاهلية حين أسلموا . روى كثير النواء عن أبي جعفر قال: نزلت هذه الآية في علي ، وأبي بكر ، وعمر ، قلت لأبي جعفر: فأي غل هو؟ قال: غل الجاهلية ، كان بين بني هاشم وبني تيم وبني عدي في [ ص: 200 ] الجاهلية شيء ، فلما أسلم هؤلاء ، تحابوا ، فأخذت أبا بكر الخاصرة ، فجعل علي يسخن يده ويكمد بها خاصرة أبي بكر ، فنزلت هذه الآية .

والثالث: أنهم عشرة من الصحابة: أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود ، قاله أبو صالح .

والرابع: أنها في صفة أهل الجنة إذا دخلوها . روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه تعالى وسلم أنه قال: "يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، حتى إذا هذبوا ونقوا ، أذن لهم في دخول الجنة . فوالذي نفسي بيده ، لأحدهم أهدى بمنزلة في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" . وقال ابن عباس : أول ما يدخل أهل الجنة الجنة ، تعرض لهم عينان ، فيشربون من إحدى العينين ، فيذهب الله ما في قلوبهم من غل وغيره مما كان في الدنيا ، ثم يدخلون إلى العين الأخرى ، فيغتسلون منها ، فتشرق ألوانهم وتصفوا ، وجوههم ، وتجري عليهم نضرة النعيم .

[ ص: 201 ] فأما النزع ، فهو قلع الشيء من مكانه . والغل: الحقد الكامن في الصدر .

وقال ابن قتيبة: الغل: الحسد والعداوة .

قوله تعالى: الحمد لله الذي هدانا لهذا قال الزجاج : معناه: هدانا لما صيرنا إلى هذا . قال ابن عباس : يعنون ما وصلوا إليه من رضوان الله وكرامته . وروى عاصم بن ضمرة عن علي كرم الله وجهه قال: تستقبلهم الولدان كأنهم لؤلؤ منثور ، فيطوفون بهم كإطافتهم بالحميم جاء من الغيبة ، ويبشرونهم بما أعد الله لهم ، ويذهبون إلى أزواجهم فيبشرونهم ، فيستخفهن الفرح ، فيقمن على أسكفة الباب ، فيقلن: أنت رأيته ، أنت رأيته؟ قال: فيجيء إلى منزله فينظر في أساسه ، فإذا صخر من لؤلؤ ، ثم يرفع بصره ، فلولا أن الله ذلله لذهب بصره ، ثم ينظر أسفل من ذلك ، فإذا هو بالسرر الموضونة ، والفرش المرفوعة ، والذرابي المبثوثة ، فعند ذلك قالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله كلهم قرأ "وما كنا" بإثبات الواو ، غير ابن عامر ، فإنه قرأ "ما كنا لنهتدي" بغير واو ، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام . قال أبو علي: وجه الاستغناء عن الواو ، أن القصة ملتبسة بما قبلها ، فأغنى التباسها به عن حرف العطف ، ومثله رابعهم كلبهم [الكهف:22] .

قوله تعالى: لقد جاءت رسل ربنا بالحق هذا قول أهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا . ونودوا أن تلكم الجنة قال الزجاج : إنما قال "تلكم" لأنهم وعدوا بها في الدنيا ، فكأنه قيل لهم: هذه تلكم التي وعدتم بها . وجائز أن يكون هذا قيل لهم حين عاينوها قبل دخولهم إليها . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وابن عامر ، "أورثتموها" غير مدغمة . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي "أورتموها" مدغمة ، وكذلك قرؤوا في [الزخرف:72] قال [ ص: 202 ] أبو علي: من ترك الإدغام ، فلتباين مخرج الحرفين ، ومن أدغم فلأن التاء والثاء مهموستان متقاربتان . وفي معنى أورثتموها أربعة أقوال .

أحدها: ما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار ، فأما الكافر فإنه يرث المؤمن منزله من النار ، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة" فذلك قوله: أورثتموها بما كنتم تعملون . وقال بعضهم: لما سمي الكفار أمواتا بقوله: أموات غير أحياء . [النحل:21] . وسمى المؤمنين أحياء بقوله: لينذر من كان حيا [يس:70] أورث الأحياء الموتى .

والثاني: أنهم أورثوها عن الأعمال ، لأنها جعلت جزاء لأعمالها ، وثوابا عليها ، إذ هي عواقبها ، حكاه أبو سليمان الدمشقي . .

والثالث: أن دخول الجنة برحمة الله ، واقتسام الدرجات بالأعمال . فلما كان يفسر نيلها لا عن عوض ، سميت ميراثا . والميراث: ما أخذته عن غير عوض .

والرابع: أن معنى الميراث هاهنا: أن أمرهم يؤول إليها كما يؤول الميراث إلى الوارث .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 42.97 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.34 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]