عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-06-2022, 03:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,140
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )




تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة الرعد - (2)
الحلقة (521)
تفسير سورة الرعد مكية
المجلد الثالث (صـــــــ 13الى صــــ 19)


سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَة ُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)
شرح الكلمات:
وسارب بالنهار: أي ظاهر في سربه أي طريقه.
له معقبات: أي ملائكة تتعقبه بالليل والنهار.
من أمر الله: أي بأمر الله تعالى وعن إذنه وأمره.
لا يغير ما بقوم: أي من عافية ونعمة إلى بلاء وعذاب.
ما بأنفسهم: من طهر وصفاء بالإيمان والطاعات إلى الذنوب والآثام.
وما لهم من دونه من وال: أي وليس لهم من دون الله من يلبي أمرهم فيدفع عنهم العذاب.
من خيفته: أي من الخوف منه وهيبته وجلاله.
وهو شديد المحال: أي القوة والمماحلة.
معنى الآيات:
ما زال السياق في ذكر جلال الله وعظيم قدرته وسعة علمه، قال تعالى في هذه الآية: {سواء منكم1 من أسر القول ومن جهر به} فالله يعلم السر والجهر وأخفى {ومن هو مستخف بالليل} يمشى في ظلامه ومن هو {سارب بالنهار} أي يمشي في سربه2 وطر يقه مكشوفاً معلوماً لله تعالى، وقوله تعالى: {له معقبات3 من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} جائز أن يعود الضمير في "له" على من هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، فيكون المراد من المعقبات الحرس والجلاوزة الذين يحرسون السلطان من أمر الله تعالى في نظرهم، ولكن إذا أراده الله بسوء فلا مرد له وما له من دون الله من وال يتولى حمايته والدفاع عنه، وجائز أن يعود على الله تعالى ويكون المراد من المعقبات الملائكة الحفظة4 والكتبة للحسنات والسيئات ويكون معنى من أمر الله5 أي بأمره تعالى وإذنه، والمعنى صحيح في التوجيهين للآية وإلى الأول ذهب ابن جرير وإلى الثاني ذهب جمهور المفسرين، وقوله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} يخبر تعالى عن سنة من سننه في خلقه ماضية فيهم وهي أنه تعالى لا يزيل نعمة أنعم بها على قوم من عافية وأمن ورخاء بسبب إيمانهم وصالح أعمالهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من طهارة وصفاء بسبب ارتكابهم للذنوب وغشيانهم للمعاصي نتيجة الإعراض عن كتاب الله وإهمال شرعه وتعطيل حدوده والانغماس في الشهوات والضرب في سبيل الضلالات، وقوله تعالى: {وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال} هذا إخبار منه تعالى بأنه إذا أراد بقوم أو فردٍ أو جماعة سوءاً ما أي ما يسوءهم من بلاء وعذاب فلا مرد له بحال من الأحوال بل لا بد وأن يمسهم، ولا يجدون من دون الله من وال يتولى صرف العذاب عنهم، أما من الله تعالى فإنهم إذا أنابوا إليه واستغفروه وتابوا إليه فإنه تعالى يكشف عنهم السوء ويصرف عنهم العذاب، وقوله تعالى: {هو الذي يريكم البرق خوفاً} من الصواعق من جهة وطمعاً في المطر من جهة أخرى {وينشىء السحاب الثقال} أي وهو الذي ينشئ6 أي يبدء السحاب الثقال الذي يحمل الأمطار {ويسبح الرعد بحمده} 7 أي وهو الذي يسبح الرعد بحمده وهو ملك موكل بالسحاب يقول:سبحان الله وبحمده، وقوله: {والملائكة8 من خيفته} 9 أي خيفة الله وهيبته وجلاله فهي لذلك تسبحه أي تنزهه عن الشريك والشبيه والولد بألفاظ يعلمها الله تعالى، وقوله تعالى: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله} 10 أي في وجوده وصفاته وتوحيده وطاعته {وهو شديد المحال} 11 هذه الآية نزلت فعلاً في رجل12 بعث إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يدعوه إلى الإسلام فقال الرجل الكافر لمن جاء من قبل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من رسول الله؟ وما الله أمن ذهب هو أم من فضة أم من نحاس؟ فنزلت عليه صاعقة أثناء كلامه فذهبت بقحف رأسه، ومعنى شديد المحال أي القوة والأخذ والبطش.
هداية الآيات
من هداية الآيات:

1- سعة علم الله تعالى.
2- الحرس والجلاوزة لمن يستخدمهم لحفظه من أمر الله تعالى لن يغنوا عنه من أمر الله شيئاً.
3- تقرير عقيدة أن لكل فرد ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار منهم الكرام الكاتبون، ومنهم الحفظة للإنسان من الشياطين والجان.
4- بيان سنة أن النعم لا تزول إلا بالمعاصي.
5- استحباب قول سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته عند سماع الرعد لورود ذلك عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألفاظ مختلفة.
__________

1 هذه الآية كالنتيجة لما تقدم من الدلائل على علم الله وقدرته وحكمته الموجبة لألوهيته وفيها تعريض بالمشركين المتآمرين على قتل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أذيته، وسواء: بمعنى مستو، وهو اسم يكون بين شيئين كالسر هنا والجهر أي: مستوى عنده السر والجهر.
2 السَّرب: بفتح السين وسكون الراء: الطريق، والسارب: اسم فاعل من سرب إذا ذهب.
3 جمع معقبة وهو مأخوذ من العقب الذي هو مؤخر الرجل فكل من اتبع آخر فقد تعقبه فهو متعقِّب له، وعقبه يعقبه فهو عاقب له: إذا جاء بعده، والمعقبات هنا: الملائكة لحديت "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" إذا صعدت ملائكة النهار أعقبتها ملائكة الليل وهكذا.
4 الحفظة: جمع حافظ: ملائكة موكلون بالعبد يحفظونه من بين يديه ومن خلفه من الجن، والشياطين، فإذا جاء أمر الله أي: قدره تخلّوا عنه والكتبة: جمع كاتب: ملك يكتب الحسنات وآخر يكتب السيئات.
5 ذكر القرطبي: أن العلماء رحمهم الله تعالى ذكروا أن الله سبحانه وتعالى جعل أوامره على وجهين. أحدهما: قضى وقوعه وحلوله بصاحبه فهذا لا يدفعه أحد، والثاني: قضى مجيئه ولم يقض حلوله ووقوعه بل قضى صرفه بالتوبة والدعاء والصدقة.
6 إنشاء السحاب: تكوينه من عدم بإثارة الأبخرة التي تتجمع سحاباً، والسحاب اسم جمع لسحابة، وسميت سحابة لأنها تسحب من مكان إلى مكان.
7 الباء للملابسة: أي يسبّح الله تسبيحاً ملابساً لحمده، والتسبيح، التنزيه.
8 والملائكة تسبح أيضاً من خوف الله تعالى.
9 {من خيفته} من: تعليلية أي: لأجل الخوف منه تعالى.
10 {يجادلون} : المفعول محذوف تقديره: يجادلونك وأتباعك المؤمنين في شأن توحيد الله تعالى ولقائه ونبوة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
11 (المحال) إن كان من الحول والميم زائدة فهو بمعنى شديد القوى، وإن كانت الميم أصلية فالمحال: بكسر الميم: فهو فِعال بمعنى الكيد، وفعله محل وتمحّل إذا تحيّل، إذ المجادلون كانوا يتحيلون في أسئلتهم، فأعلمهم الله أنه أقوى منهم، وأشد كيداً منهم.
12 قيل: نزلت في يهودي، وقيل: في أربد بن ربيعة، وعامر بن الطفيل، وقد هلك أربد بصاعقة نزلت به، وهلك عامر بغدة نبتت في جسمه فمات منها وهو في بيت امرأة من بني سلول.

****************************** *********

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 47.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.51 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]