
17-06-2022, 12:10 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,234
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام
(365)
- باب اختلاف أهل الآفاق - باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان
إن من حكمة الله تعالى أن علق أوقات العبادات دخولاً وخروجاً بأشياء ملموسة مشاهدة؛ لتشمل كل الناس حتى غير المتعلمين، ومن ذلك: دخول رمضان، فإنه لا يثبت إلا برؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوماً، وإن اختلفت مطالع الهلال فلكل أهل بلد رؤيتهم.
اختلاف أهل الآفاق في الرؤية
شرح حديث: (... أولا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [اختلاف أهل الآفاق في الرؤية. أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا محمد وهو: ابن أبي حرملة أخبرني كريب: (أن أم الفضل رضي الله عنها وأرضاها بعثته إلى معاوية رضي الله عنه بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي هلال رمضان، وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، قال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت: نعم، ورآه الناس فصاموا، وصام معاوية رضي الله عنه، قال: لكن رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوماً أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)].
يقول النسائي رحمه الله: اختلاف أهل الآفاق في الرؤية، أي: في رؤية الهلال، والمقصود من هذه الترجمة هو: بيان أن الرؤية إذا حصلت في بلد، فهل تكون للناس جميعاً أو أن لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا رأوه صاموا وأفطروا، ولا يكتفون برؤية غيرهم من أهل البلاد الأخرى عندما يرونه؟ اختلف العلماء في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن رؤية أهل بلد رؤية للجميع، وأن على الناس أن يصوموا صياماً واحداً إذا رآه أهل بلد، ويستدلون على ذلك بما جاء في الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، قالوا: وهذا خطاب للجميع، وهو خطاب للأمة، فإذا رآه أحدٌ منهم، فإن على الناس أن يصوموا ويفطروا بناءً على هذه الرؤية في بلد معين.
ومن العلماء من قال: إن لكل أهل بلد رؤيتهم، وأنه لا يلزمهم أن يكتفوا برؤية غيرهم، فإذا رأوه هم صاموا وأفطروا، وإذا رآه غيرهم ولم يروه هم، فإنه لا يلزمهم، ولا يتعين عليهم؛ لأن لكل بلد رؤيتهم.
وقد أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو الدليل الذي عوّل عليه أهل هذا القول حديث ابن عباس الذي معنا، وهو أن كريباً مولى ابن عباس، أرسلته أم الفضل أم ابن عباس، وهي: لبابة بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وإخوانه: عبد الله بن عباس وغيرهم، فهي أمهم، فهي أرسلت كريب مولى ابن عباس إلى الشام في حاجة، فذهب وقضى حاجتها، ودخل عليهم شهر رمضان ليلة الجمعة، ورأوه ليلة الجمعة، فصام الناس، وصام معهم كريب، ولما كان في آخر شهر رمضان، رجع إلى المدينة فسأله ابن عباس: متى رأوا الهلال؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: أما نحن، فرأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين من يوم السبت أو نراه؛ لأنهم رأوه ليلة السبت أي: دخول رمضان، فيكون السبت تسعة وعشرين، وليلة الأحد يصير ثلاثين، فإن رأوه ليلة الأحد وإلا يكملون ثلاثين يوماً بتمام يوم الأحد، قال له: ألا تكتفي برؤية معاوية، وأهل الشام، وأصحابه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن لم يأت نصٌ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه يفيد بأنه لا يكتفي أهل بلد برؤية أهل بلد، ولكن الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، فبعض العلماء حمله على أنه خطاب للأمة جميعاً، وبعضهم حمله على أنه خطابٌ لأهل كل قطر، قالوا: وعلى هذا فهم ابن عباس رضي الله عنه من هذا الحديث أن المقصود: أن لكل أهل بلد رؤيتهم، ولا يكتفون برؤية غيرهم، وإنما يعولون على رؤيتهم هم، أو يكملون ثلاثين يوماً.
فالأمر كله يرجع إلى الاختلاف في فهم قوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، فمنهم من فهمه بأنه خطابٌ للأمة، ومنهم من فهمه بأنه خطابٌ لأهل كل قطر، وأهل كل جهة، فإنهم يصومون برؤيتهم، ويفطرون برؤيتهم، والذي جاء في حديث ابن عباس ليس نصاً صريحاً في أنهم لا يكتفون، ولو ثبت في ذلك نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان التعويل عليه، لكنه حيث لم يثبت نص، فإن الذي يظهر أن قوله: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، أنه خطاب للأمة جميعاً، وعلى هذا، فإن رؤية أهل بلد رؤية للجميع، وعلى الجميع أن يصوموا برؤية أهل البلد، لكن، إذا كان أهل البلد الذين لم يروا الهلال أفتاهم علماؤهم بأنهم يتابعون ذلك البلد أو لا يتابعونه، فإن على أهل البلد أن يكونوا متفقين، ولا يكونون مختلفين بأن يصوم أحد، ويفطر أحد، بل إذا كان علماء البلد أفتوا بأنهم يصومون تبعاً لغيرهم، فإن على الناس أن يتابعوهم، وإذا أفتوا بأنهم يتقيدون برؤيتهم هم، ولا يكتفون برؤية غيرهم، فإن على أهل البلد أن يتابعوهم، ولا ينبغي الاختلاف في البلد الواحد، بأن يكون أحد يصوم وأحد يفطر، بل يكون الصوم والإفطار للجميع، سواءً كانوا متابعين لغيرهم ممن رآه، أو بانين على رؤيتهم هم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أولا تكتفي برؤية معاوية وأصحابه؟ قال: لا)
قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد وهو ابن أبي حرملة].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وكلمة: [هو ابن أبي حرملة] هذه زادها من دون تلميذه.
هو علي بن حجر، أو النسائي، أو من دون النسائي، أما إسماعيل بن جعفر فإنه لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن أبي حرملة، بل ينسبه كما يريد.
[أخبرني كريب].
هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما أم الفضل الهلالية، فإنها ليست لها رواية في هذا الحديث، وإنما جاء ذكرها لأنها هي التي أرسلت كريباً إلى الشام، وأنه ذهب لحاجتها، واستهل عليهم شهر رمضان في يوم الجمعة.
قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان، وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك
شرح حديث: (جاء رجل إلى رسول الله فقال: رأيت الهلال... فنادى النبي أن صوموا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان، وذكر الاختلاف فيه على سفيان في حديث سماك. أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أخبرنا الفضل بن موسى عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا اله إلا الله؛ وأن محمداً عبده ورسوله؟ قال: نعم. فنادى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن صوموا)].
أورد هذه الترجمة وهي: باب قبول شهادة الواحد على هلال شهر رمضان، يعني: على دخول شهر رمضان، مقصود النسائي من هذه الترجمة هو: التعويل على قبول شهادة الواحد في دخول شهر رمضان، وقد أورد النسائي فيه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه رأى هلال رمضان، فقال: [(أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بأن ينادى في الناس بأن يصوموا)]، أي: أنه ثبت دخول الشهر بشهادة هذا الرجل المسلم الذي تحقق من إسلامه بكونه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، هل يعول على قبول شهادة الواحد أو أنه لا بد من شهادة اثنين؟ فمن العلماء من عوّل على قبول شهادة الواحد، واستدل على هذا بهذا الحديث، وفيه كلام من جهة أنه جاء من طريق سماك بن حرب، وقد جاء موصولاً ومرسلاً، وجاء عنه من طرق مختلفة، وقد قال الحافظ ابن حجر: إن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، فمرةً يرويه مرسلاً، ومرةً يرويه متصلاً، وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: فرأى الناس الهلال فرأيته، فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر الناس بأن يصوموا، ومنهم من قال: إنه لا بد فيه من شهادة اثنين، ويستدل على ذلك بالحديث الذي سيأتي، وهو أنه (إذا شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا، وأمسكوا)، أي: أنه يعول على شهادة اثنين، والمسألة خلافية بين أهل العلم من حيث الاكتفاء في قبول شهادة الواحد، أو أنه لا بد من إضافة شاهد إليه في ذلك.
وحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه فيه الدلالة على قبول شهادة الواحد، حتى ولو كان غير معروف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن سأله: أيشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ للتحقق من إسلامه، وأنه من المسلمين، فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر من ينادي في الناس بأن يصوموا، أي: بناءً على هذه الرؤية.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|