عرض مشاركة واحدة
  #608  
قديم 17-06-2022, 11:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,331
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز

(359)


- باب أرواح المؤمنين وغيرهم

جاء في الأحاديث كثير من دلائل النبوة لرسول الله كالإخبار عن أحوال أرواح الموتى والخطاب معهم، والإخبار عن أجساد الموتى غير الأنبياء أنها تفنى إذا دفنوا في قبورهم إلا عجب الذنب.
أرواح المؤمنين وغيرهم

شرح حديث: (إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: أرواح المؤمنين وغيرهم.أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة حتى يبعثه الله عز وجل إلى جسده يوم القيامة)].
يقول النسائي رحمه الله: باب أرواح المؤمنين وغيرهم. أي: إذا نزعت الأرواح من الأجساد بالموت، فإن أرواح المؤمنين تكون في الجنة، وقد جاء في حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، الذي أورده النسائي في بيان أن أرواح المؤمنين أنها على صورة (طير في الجنة)، وفي بعض الروايات (تعلق في شجر الجنة)، أي: تأكل وترعى في شجرها، فهي على صورة طير، وجاء في بعض الأحاديث في حق أرواح الشهداء أنها في أجواف طير خضر، وأما أرواح المؤمنين فهي على صورة طير تعلق في الجنة حتى يبعثه الله عز وجل إلى جسده.
قوله: [(حتى يبعثه الله عز وجل إلى جسده يوم القيامة)].
يعني: حتى يرده إلى جسده الرد الكامل، وإلا فإن الأرواح لها اتصال بالأجساد، وتعاد إلى الأجساد، فتكون في الجنة ولها تعلق بالأجساد، ولا يعني: أن الأجساد لا علاقة لها بالأرواح، وأمور الغيب يجب الإيمان والتصديق بها، وإن كان لا يدرك الإنسان كنهها، فأمور الآخرة وأمور البرزخ وأمور الغيب ليست مثل ما هو مشاهد في الدنيا، فالأرواح تكون في الجنة ومع ذلك لها اتصال في الأجساد، كما أنه جاء في بعض الأحاديث أن الإنسان يكون في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة إن كان من المؤمنين، وباب إلى النار إن كان من الكافرين، ويصل إليه عذاب النار ونعيم الجنة، يصل نعيم الجنة إلى من يستحقه، وعذاب النار إلى من يستحقه في القبر، ومن المعلوم أن الجنة في السماء، وسقفها عرش الرحمن، ومع ذلك فإن الله يفتح له في قبره باباً إلى الجنة، ويفتح لمن دخل في النار باباً إلى النار.
أورد النسائي حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، أنه كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما نسمة المؤمن طائر في الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده يوم القيامة) أي: أن الأرواح تكون في الجنة على صورة طير، وأنها تعلق في الأشجار أي: تأكل منها وتنتفع بها أي: أشجار الجنة، هذه أرواح المؤمنين، ولكن لها ارتباط واتصال بالأجساد على الكيفية التي شاء الله عز وجل والتي يعلم الله سبحانه وتعالى، أما الشهداء فقد جاء في أنها في أجواف طير خضر، وقد قال بعض أهل العلم: إن الله تعالى خص الشهداء بأن جعل أرواحهم في أجواف كطير خضر؛ لأنها لما كانت أرواحهم في أجسادهم، وقد أرخصوها في سبيل الله، وقدموا أنفسهم في الجهاد في سبيل حتى استشهدوا، فالله تعالى جعل لتلك الأرواح أجواف طير، فكما كانت في أجساد في الدنيا نقلها الله من جسدٍ في الدنيا إلى أجواف طيرٍ في الجنة، فهي في جسم في الدنيا، فتكون في أجواف طير في الآخرة؛ وأما أرواح المؤمنين فإنها تكون على صورة طير، كما جاء في هذا الحديث، وهذا في عموم المؤمنين، أما خصوص المجاهدين في سبيل الله فقد جاء فيها أنها في أجواف طير كما سمعتم.

تراجم رجال إسناد حديث: (إنما نسمة المؤمن طائر في شجر الجنة ...)

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة والتي حصل لها انتشار وأتباع عنوا بها وخدموها فتميزت على غيرها بهذا السبب، وإلا فإن هناك من العلماء في زمنهم وبعد زمنهم، وقبل زمنهم من كانوا أصحاب اجتهاد، ولكن ما حصل لهم مثل ما حصل لهؤلاء الأئمة الأربعة؛ كان في أزمانهم وقريباً من أزمانهم مثل: الليث بن سعد المصري فقيه مصر ومحدثها، ومثل: أبي عمرو عبد الرحمن الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، وكذلك سفيان الثوري، وإسحاق بن راهويه وغيرهم من الأئمة الأجلاء المشهود لهم بالفقه، والذين جمعوا بين الفقه والحديث، ولهم اجتهادات ولهم أقوال كثيرة منثورة في كتب الفقه والحديث، وفي كتب التفسير، فعندما يأتي مثلاً مسائل قال فلان كذا، وقال فلان كذا، وقال فلان كذا، لكن أصحاب المذاهب الأربعة اشتهروا؛ لأنه حصل لهم أتباع، وحصل لهم تلاميذ وأناس عنوا بمذاهبهم، فاشتهروا بذلك، وإلا فإن هناك من هو مثلهم في الفقه، وفي التمكن في العلم مثل الذين أشرت إليهم في أقطارٍ مختلفة.
بل قد عرفنا أن المدينة فيها فقهاء سبعة مشهورون بهذا اللقب: (الفقهاء السبعة)، ومعروفون في الفقه، ومعروفون في الحديث، وفي كل زمن في الأزمان المتقدمة، يعني: فيه أناس علماء أجلة جمعوا بين الفقه والحديث، ولهم اجتهادات، ولهم أقوال مشهورة ومنثورة في الكتب، لكن ما حصل لهم مثل ما حصل لهؤلاء من وجود أتباع عنوا بأقوالهم ومذاهبهم، كما حصل لهؤلاء الأئمة الأربعة.
والإمام مالك حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة جميعاً.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وهو ثقة فقيه، معروف بالفقه والحديث، وإمام مشهور، وهو من صغار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن كعب بن مالك، وهو تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب.
[أن أباه].
هو كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا والذين نزل فيهم القرآن بقول الله عز وجل: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِي نَ )[التوبة:117] ثم قال: (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا )[التوبة:118] فهو أحد هؤلاء الثلاثة الذين نزل فيهم القرآن، وأنزل الله توبته عليهم في آيات تتلى في كتاب الله عز وجل، هو أحد هؤلاء الثلاثة كعب بن مالك رضي الله عنه.
ثم إن هذا الحديث بهذا الإسناد رواه الإمام أحمد في مسنده عن الإمام الشافعي، والإمام الشافعي رواه عن الإمام مالك، ففي إسناد هذا الحديث عند الإمام أحمد ثلاثة من أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة يروي بعضهم عن بعض، وكل منهم يكنى بأبي عبد الله، مالك كنيته أبو عبد الله، والشافعي كنيته أبو عبد الله، وأحمد كنيته أبو عبد الله، فهم يكنون بكنية واحدة هي: أبو عبد الله.
ولما ذكر ابن كثير هذا الحديث في سورة آل عمران عند قوله: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ )[آل عمران:169] ذكر هذا الحديث، وعزاه إلى المسند، وقال: هذا إسناد عزيز يعني: نادر وقوي، ففيه ندرة من حيث أن الأحاديث التي تصب في هذه السلسلة ليست كثيرة، وأيضاً فيه قوة من جهة أن فيه هؤلاء الأئمة الأجلاء، قال: هذا إسناد عزيز اجتمع فيه ثلاثة من أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة.
وكعب بن مالك أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.


شرح حديث: (... ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) في أهل قليب بدر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سليمان وهو ابن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كنا مع عمر رضي الله تعالى عنه، بين مكة والمدينة أخذ يحدثنا عن أهل بدر، فقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينا مصارعهم بالأمس قال: هذا مصرع فلان إن شاء الله غداً، قال عمر رضي الله تعالى عنه: والذي بعثه بالحق ما أخطئوا تيك، فجعلوا في بئر فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فنادى: يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان، هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً، فإني وجدت ما وعدني الله حقاً؟ فقال عمر: تكلم أجساداً لا أرواح فيها، فقال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم)].أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في قصة الكفار الذين قتلوا في بدر، وألقوا في القليب، قال عمر رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام، كان يخبرهم بمصارعهم بالأمس، يعني: اليوم الذي قبل يوم المعركة، يقول: فلان يقتل هنا، وفلان يقتل هنا، وفلان يكون هذا مكانه، فيريهم أماكنهم قبل أن يأتي اليوم الذي يكون فيه القتال، وقبل أن يكون اليوم الذي قتلوا فيه، أطلعه الله عز وجل، وأخبر أصحابه بالأماكن التي يصرع فيها كل واحد من هؤلاء الصناديد من صناديد الكفار، فلان هذا مكانه، وهذا مكانه، وهذا مكانه وهكذا يريهم عليه الصلاة والسلام، أماكنهم قبل اليوم الذي حصل فيه قتلهم.
قال: فما تجاوزوا تيك. أي: تلك الأماكن التي أشار إليها رسول الله عليه الصلاة والسلام، كل وجد في المكان الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من كمال قدرة الله سبحانه وتعالى، ومن إطلاع الله عز وجل على ما شاء من غيبه، فإنه أخبر أن فلان يقتل وأنه يقتل في المكان الفلاني الذي بينه لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد وجد، وتحقق ذلك بالفعل طبقاً لما أشار إليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن كل واحد ما تجاوز المكان الذي أشار إليه النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فهو من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام، ومن الأمور الخارقة للعادة، حيث أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، بقتل أناس قبل أن توجد المعركة، وأخبر بمكان كل واحد منهم، ثم وقع طبقاً لما أخبر به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو من دلائل نبوته، وأنه رسول الله حقاً، وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ثم إنهم ألقوا في قليب، جروا ورموا في قليب في بدر، فجاءهم النبي عليه الصلاة والسلام وناداهم بأسمائهم: يا فلان، يا فلان، يا فلان، إني وجدت ما وعدني ربي حقاً، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً، يخاطبهم بأسمائهم ويناديهم، قال عمر رضي الله عنه: كيف تخاطب أجساداً لا أرواح فيها؛ لأنه يعلم بأنه عندما يحصل الموت تخرج الروح من الجسد، فتبقى الجسد بدون روح، لكن كما عرفنا الأرواح تعاد إلى الأجساد، وحديث البراء بن عازب الطويل المشهور: إذا وضع الإنسان في قبره تعاد إليه روحه، ويأتيه ملكان ويجلسانه، ويسأل ويجيب، إن كان من الموفقين أتى بالجواب الطيب الذي يثبته الله عليه، وإن كان من المخذولين كان بخلاف ذلك، والعياذ بالله.
وقوله: [(تخاطب أجساداً لا أرواح فيها)]، يعني: أنهم قد ماتوا، لكن الروح لها اتصال بالجسد، وحديث البراء بن عازب دل أن الروح ترجع إلى الجسد، لكن لا يعني أنها تكون موجودة في الأجساد دائماً، بل تذهب ويكون لها اتصال بالأجساد، والله على كل شيء قدير.
النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) يعني: أنهم يسمعون، وأنتم لستم أسمع منهم وإن كنتم بجواري، والله تعالى أسمعهم ذلك، لكن هذا لا يعني: أن كل ميت يسمع إذا خوطب؛ لأن هذا دليل خاص، والنبي عليه الصلاة والسلام، خاطبهم؛ لأن في ذلك تكبيتاً وتقريعاً لهم، لأنهم توغلوا في الإيذاء للرسول عليه الصلاة والسلام، واشتدوا في إيذائه عليه الصلاة والسلام، وحصل منهم ما حصل، فخاطبهم هذه المخاطبة، فلا يدل على أن الميت يخاطب، وأنه يسمع من يخاطبه مطلقاً، وإنما هذا حصل مع هؤلاء في هذه القصة، وفي هذه الحادثة فقط، والله تعالى على كل شيء قدير.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]