
17-06-2022, 11:56 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة :
|
|
رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله
شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الجنائز
(357)
- باب عذاب القبر
لقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة على إثبات عذاب القبر، وأنه حق لا شك فيه، وثبتت مشروعية التعوذ منه ومن شر فتنته.
عذاب القبر
شرح حديث: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ... نزلت في عذاب القبر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب عذاب القبر.أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبيه عن خيثمة عن البراء رضي الله عنه قال: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )[إبراهيم:27] قال: نزلت في عذاب القبر.
يقول النسائي رحمه الله: عذاب القبر، أي: إثباته، وأنه حق، وأن عذاب القبر واقع، وأن ذلك ثابت في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك النعيم في القبر ثابت، فالنعيم ثابت لمن يستحقه، والعذاب ثابت لمن يستحقه، وقد جاء في القرآن الكريم بعض الآيات الدالة على إثبات عذاب القبر، ومن أوضح ما جاء فيه في القرآن قول الله عز وجل لآل فرعون: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46] فإن هذه الآية الكريمة تدل على أن آل فرعون يعذبون في النار قبل يوم البعث والنشور، فلهذا قال: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً )[غافر:46] ثم قال: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ )[غافر:46]، فينتقلون من عذاب شديد إلى عذاب أشد، فهذه الآية الكريمة دالة على إثبات عذاب القبر، وهذه الآية الكريمة التي معنا أيضاً فيها من تفسير البراء بن عازب رضي الله عنه، ما يدل على أنها نزلت في عذاب القبر، وهي قول الله عز وجل: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ )[إبراهيم:27] فإنه جاء عن البراء بن عازب كما في الحديث الذي معنا أنها نزلت في عذاب القبر، ففي ذلك بيان إثبات عذاب القبر، وبيان أن السنة تفسر القرآن وتبينه، وتدل عليه، وبيان أن قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا إنما هو من بيان سبب النزول، وأن ذلك مما يعول عليه، ويعتمد عليه في فهم النصوص، وفي فهم الآيات القرآنية، والمراد من ذكر عذاب القبر أي: ما يترتب على الفتنة، وعلى الاختبار، فإنه يترتب عليه العذاب ويترتب عليه النعيم؛ لأنه قبل العذاب والنعيم يكون هناك اختبار وامتحان، وهي الفتنة، وعلى ضوء النتيجة في الامتحان والاختبار، يكون النعيم أو العذاب، فهنا قال: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )[إبراهيم:27] أي: عندما يمتحنون ويختبرون، وإذا ثبت من ثبت فالنتيجة أنه ينعم في قبره، وإذا لم يثبت وخذل من خذل، ولم يوفق في الجواب على السؤال الذي يسأله عنه منكر ونكير، فإنه عند ذلك يعذب.
إذاً: فالعذاب أثر ونتيجة للاختبار، ومن آثار الاختبار والامتحان الذي دلت عليه الآية وهو: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ )[إبراهيم:27] يعني: عند السؤال يثبتهم في الدنيا، وفي الآخرة، يثبتهم في الدنيا بالتمسك بالحق والإبقاء على الحق، والشهادة لله بالوحدانية، ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، والتمسك بالدين الذي جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ لأن القبر السؤال عنه في ثلاثة أمور: سؤال عن الرب، وعن الدين، وعن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه هي الأصول الثلاثة التي انبنى عليها هذا الدين، وهي: الإيمان بالرب، والإيمان بالرسول، والتمسك بالدين الذي جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، ولهذا جاء في الحديث ذكر هذه الثلاثة، جاء في صحيح مسلم من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، قال: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً) وكذلك جاء عند الآذان عند ذكر شهادة أن محمداً رسول الله يقول الإنسان عندما يسمع الأذان: رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، هذه أصول ثلاثة، وعلى هذه الأصول الثلاثة بنى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، رسالته العظيمة المختصرة المفيدة التي هي: الأصول الثلاثة وأدلتها، وهذه الأصول الثلاثة معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الرسالة القيمة لا يستغني عنها مسلم، يعني: سواء كان عامياً أو متعلماً، رسالة عظيمة نفيسة فيها بيان هذه الأمور التي يتعين معرفتها، وهي معرفة الإنسان ربه، ودينه، ونبيه بالأدلة من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي رسالة قيمة مشتملة على الأمور أو الأصول التي يسأل عنها في القبر، وهي التي جاءت في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً).
وعلى هذا فعذاب القبر حق ثابت تواترت به الأحاديث، وجاء في بعض الآيات ما يدل عليه، فهو حق يجب الإيمان به والتصديق، وهو يحصل في الحياة البرزخية التي هي بعد الموت وقبل البعث؛ لأن الحياة أو أنواع الحياة ثلاثة: الحياة الدنيوية، والحياة البرزخية، والحياة الأخروية بعد البعث، وكل حياة تختلف عن الأخرى، والحياة البرزخية هي الحياة في القبر، فينعم الإنسان إذا كان من الموفقين، ويعذب إذا كان بخلاف ذلك، والعياذ بالله، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في إثبات عذاب القبر، وأنه حق، وأنه يجب الإيمان به، والتصديق به لثبوته في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، الذي أورده النسائي فيه بيان سبب نزول هذه الآية، وفيه: بيان أن السنة تبين القرآن وتفسره، وتدل عليه؛ لأنه جاء عن البراء بن عازب أنها نزلت في عذاب القبر، أي: في السؤال في عذاب القبر وما يترتب على السؤال من نعيم وعذاب نتيجة لهذا السؤال، كل ذلك حق ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ... نزلت في عذاب القبر)
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].هو ابن بهرام المروزي وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري المحدث المشهور، الإمام الناقد، المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة ثبت حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو مشهور بالفقه، ومشهور بالحديث، جمع بين الحديث والفقه، فهو من أئمة الحديث، ومن أئمة الفقه، وكثيراً ما يأتي ذكره في كتب الفقه في بيان أقواله وآرائه، فهو محدث فقيه، وقد ذكر الحازمي في كتابه: شروط الأئمة الخمسة أنهم عندما يريدون أن يميزوا شخصاً عن شخص في الحفظ، والإتقان يحصرون أغلاطه، أي: يعدون أغلاطه، فمن كانت أغلاطه أكثر أو أقل، فإنهم يفاوتون بين الأشخاص في التقدم والتثبت بعد أغلاطهم التي غلطوا فيها وهي قليلة، فمن وجدوه غلط أقل، قدموه في الحفظ والإتقان على من غلط أكثر؛ ولهذا ذكروا عن سفيان الثوري، وعن شعبة، وكل منهما أمير في الحديث قارنوا بين الشخصين وقدموا سفيان على شعبة، مع أن كل منهم في القمة، لكن لكون هذا له أغلاط وهذا له أغلاط، وهذا أقل من هذا، فقدموا هذا على هذا.
[عن أبيه].
هو سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن خيثمة].
هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء].
هو البراء بن عازب وهو صحابي ابن صحابي رضي الله تعالى عنهما، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (يثبت الله الذين آمنوا... قال: نزلت في عذاب القبر) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )[إبراهيم:27] قال: نزلت في عذاب القبر، يقال له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، وديني دين محمد صلى الله عليه وسلم، فذلك قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )[إبراهيم:27])].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، عن البراء بن عازب وهو مثل الذي قبله، في بيان أن قول الله عز وجل: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ )[إبراهيم:27] أنها نزلت في عذاب القبر، وأن هذا التثبيت إنما هو عند السؤال عن الرب، والدين، والنبي، وأنه يجيب إذا كان موفقاً بحيث يثبته الله، ويسدده الله، فيكون جوابه صواباً، فيكون عند ذلك من المنعمين، وإذا كان بخلاف ذلك والعياذ بالله، فإنه يكون من المعذبين أو يحصل له العذاب في قبره، فالحديث دال على إثبات عذاب القبر، وفيه: بيان أن سبب نزول هذه الآية أنها نزلت في عذاب القبر، فهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه زيادة إيضاح وبيان للسؤال، والتثبيت عند السؤال، وأنه يكون عن السؤال عن الرب، وعن الدين، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (يثبت الله الذين آمنوا... قال: نزلت في عذاب القبر) من طريق أخرى
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].هو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، ومثله في ذلك محمد بن المثنى الملقب الزمن، وكذلك يعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهم من صغار شيوخ البخاري، وماتوا جميعاً في سنة واحدة قبل وفاة البخاري بأربع سنوات.
إذاً: البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، وهؤلاء الثلاثة من شيوخه ماتوا سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
ومحمد، هنا غير منسوب، ويسمى مثل ذلك المهمل، إذا ذكر الشخص ولم ينسب، فاسمه في المصطلح المهمل، بخلاف ما إذا لم يذكر الاسم ولكن أبهم بأن قيل: رجل، أو امرأة، فذاك يقال له: المبهم، فالمبهم ما فيه ذكر الاسم، والمهمل فيه ذكر الاسم، لكن ما فيه نسب، ما نسب حتى يتميز ويعرف، محمد ومحمد كثير، اسمه محمد الشخص الذي يروي عنه محمد بن بشار، هو غير منسوب فيقال له: المهمل، ومعرفة ذلك بمعرفة الشيوخ والتلاميذ، ومن المعلوم أن شعبة إذا جاء عنه شخص اسمه محمد مهملاً، فالمراد به محمد بن جعفر غندر، وكذلك محمد بن بشار ومحمد بن المثنى إذا جاء لهم شيخ لم ينسب اسمه محمد، فالمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر، فمحمد هذا هو غندر، محمد بن جعفر البصري، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن حجاج الواسطي ثم البصري، لأنه كان من أهل واسط ثم كان من أهل البصرة، ولهذا عندما يكون الإنسان سكن بلدين يذكرونهما، ولكن يذكرون الأولى والأخيرة، ويأتون بكلمة ثم التي تدل على الترتيب وعلى أن هذا كان هذا ثم هذا، فهو واسطي ثم بصري، فهو عندما ينسب الإنسان إلى بلاد متعددة، ويكون سكنها ونزل فيها، يذكرونها ويأتون بثم تبين أن كل من النسبتين صحيحة وأنه ليس فيه غلط، وأن واحدة كانت متقدمة، والثانية متأخرة، فما قبل ثم هو الأول، وما بعد ثم هو المسكن الأخير، فهو الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من الذين وصفوا بأنهم من أمراء المؤمنين في الحديث.
[عن علقمة بن مرثد].
أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن عبيدة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء].
هو البراء بن عازب، وقد مر ذكره في الحديث الذي قبل هذا.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|