الركوب بعد الفراغ من الجنازة
شرح حديث: (خرج رسول الله على جنازة أبي الدحداح ... فركب ومشينا معه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [الركوب بعد الفراغ من الجنازة.أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو نعيم ويحيى بن آدم حدثنا مالك بن مغول عن سماك عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة أبي الدحداح فلما رجع أتي بفرس معروري، فركب ومشينا معه)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الركوب بعد الفراغ من الجنازة، أي: بالانصراف، فالركوب في الذهاب والإياب، إلى المقبرة سائغ، وهذا يتعلق في الإياب والرجوع من المقبرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما فرغ من دفن الجنازة أتي بفرس معروري فركب عليه، والمعروري هو الذي عري، ليس عليه سرج، وليس عليه شيء يركب عليه، فهو دال على ما ترجم له من جهة الركوب بعد الفراغ من الجنازة، كما أن الركوب في الذهاب إليها جاءت به الأحاديث التي سبق أن مر ذكرها، وهو أن الراكب يكون وراءها، والماشي يكون وراءها، وأمامها، ويمينها، وشمالها، وهذا الحديث يتعلق بالانصراف، وأنه يركب وهو منصرف، وآيب من المقبرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (خرج رسول الله على جنازة أبي الدحداح ... فركب ومشينا معه)
قوله:
[أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو نعيم].
هو الفضل بن دكين الكوفي، مشهور بكنيته أبي نعيم، وهو من شيوخ البخاري، ويروي عنه النسائي بواسطة؛ لأنه من كبار شيوخ البخاري، والنسائي يروي عنه بواسطة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، ووصف بأنه فيه تشيع، ولكن قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح: صح عنه أنه قال: ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية، ومن المعلوم أن من يكون كذلك لا يضره ما يوصف به من التشيع؛ لأن كونه لا يسب معاوية، ويخبر بأن الملائكة ما كتبت عليه أنه سب معاوية فهذا يدل على سلامة لسانه، وعلى سلامة قلبه من الوقوع في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن الوقوع في معاوية رضي الله عنه من أسهل الأشياء على من لم يوفق لسلوك طريق أهل السنة والجماعة، فالكلام فيه سهل عليهم، فـأبو نعيم الفضل بن دكين يقول: (ما كتبت عليّ الحفظة أنني سببت معاوية).
[يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن مغول].
هو مالك بن مغول الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سماك].
هو سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جابر بن سمرة].
هو جابر بن سمرة بن جنادة، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة
سفر المرأة مع أم وأخي زوجها لأجل الحج
السؤال: امرأة تريد أن تحج، ولكن زوجها لا يستطيع المجيء لسبب ما، وليس لديها محرم غير زوجها؛ حيث إن أقاربها وأبويها كفار، والآن تريد أن تحج مع أم زوجها وأخي زوجها، فهل هذا جائز؟
الجواب: ليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم).
مداخلة: فضيلة الشيخ! الله يحفظكم. إذا كان قريبها كافراً فهل يكون لها محرماً؟
الشيخ: الكافر لا يذهب إلى مكة؛ لأنه الآن في الحج، والكافر لا يكون لها محرماً، ولا يسافر بها، يعني: حتى في غير الحج. فهي غير مستطيعة، ومن الاستطاعة وجود محرم.
مناداة الزوجة لأم زوجها بلفظ العمة والخالة
السؤال: هل للمرأة أن تنادي أم زوجها بلفظ عمتي مثلاً أو خالتي؟
الجواب: المناداة بهذا لا بأس بها، ومن المعلوم أن إطلاق لفظ العم هو من الآداب التي يتأدب بها الصغار مع الكبار، بحيث يقول له: يا عم، وهو ليس من قرابته، أو كذلك يقول له: يا بني، وهو ليس ابناً له، مثل ما كان الرسول يقول لـأنس: يا بني، وكذلك بعض الصحابة كان يقول بعضهم لبعض: يا عم، وهو ليس من أعمامه، والحديث الذي فيه ذكر الشابين اللذين كانا عن يمين عبد الرحمن بن عوف وشماله في غزوة بدر، وكان أحدهما الذي عن يمينه غمزه وقال له: يا عم، أتعرف أبا جهل؟ قال: وماذا تريد منه؟ قال: إنه يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأقرب منا أجلاً، والحاصل أنه قال له: يا عم، والثاني الذي عن يساره قال له: يا عم، وقال له مثل ما قال الأول، فلما رأى أبا جهل قال: هو هذا, فذهبا إليه وقتلاه، فمحل الشاهد قول كل منهما لـعبد الرحمن بن عوف: يا عم، وهما أنصاريان، وعبد الرحمن بن عوف من المهاجرين.
ضابط الكثرة في المبيت في مزدلفة ومنى
السؤال: ذكرتم أن المبيت بمزدلفة ومنى الواجب أن يكون أكثر الليل، فما ضابط الكثرة، ومدة الليل في هذه الأيام متسعة؟
الجواب: معلوم أن الكثرة هي أغلب الليل، يعني: ما زاد شيء على النصف، تصدق الكثرة فيه، لكن الذي ينبغي أن يكون أغلب الليل، وأن يكون الشيء الذي هو خارج منى شيئاً قليلاً بالنسبة للذي كان فيه بمنى.
حكم الرمي والحلق قبل يوم النحر للنافر من مزدلفة ليلاً
السؤال: إذا نفر من مزدلفة الساعة الثانية ليلاً فهل له أن يرمي الجمرة، وأن يحلق، ويتحلل في هذا الوقت؟
الجواب: الذين لهم حق الانصراف، ومغادرة مزدلفة في آخر الليل هم الذين يرخص لهم أن يرموا الجمرة، ولهم أن يحلقوا، ولهم أن يطوفوا، فكل ذلك لهم أن يفعلوه.
تفسير معنى حديث: (إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء)
السؤال: حديث: (إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء) هل يعني هذا أنه لو نبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم لوجد فيه كما دفن؟
الجواب: نعم هذا هو معناه، أن الأنبياء عندما يدفنون في قبورهم يبقون فيها إلى يوم البعث والنشور، لا تتأثر أجسادهم، ولا تأكلها الأرض، فهذا هو معنى الحديث.
الدليل على اشتراط قرب العهد في جواز الصلاة على القبر
السؤال: ما الدليل على التفريق بين قرب العهد وبعده على الصلاة على القبر؟
الجواب: فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا في عهدٍ قريب) يعني: فلو أن إنساناً علم بموت شخص بعد سنة فلا يأتي ويصلي على القبر؛ لأن هذا بعيد.
وصف حديث في الصحيحين بالحسن إذا كان في إسناده رجل صدوق
السؤال: إذا كان الحديث عند البخاري، ومسلم وفي إسناده رجل صدوق، فهل نقول بأن الحديث حسن وهو في الصحيحين؟
الجواب: هو ثقة عند البخاري، ومسلم، ولهذا يقال له: صحيح، ولا يقال له: حسن.
كيفية معرفة موت الإنسان
السؤال: إذا انقطع نفس الإنسان، ولم يعلم هل هو ميت أم حي، فكيف يعرف حاله؟
الجواب: من السهل معرفة حاله في الوقت الحاضر، وذلك عن طريق الأطباء، وقبل ذلك كانوا يعرفون ذلك، ولكن أحياناً وفي حالات نادرة كانوا يكفنون الشخص، ويذهبون به للدفن، ثم بعد ذلك يتحرك، فيرجعون به، وقد ذكروا في ترجمة سعير بن الخمس، وهو من رجال مسلم واسمه واسم أبيه من الأسماء المفردة التي ما تكررت التسمية بها، فاسمه سعير، وأبوه الخمس، فهي من الأسماء المفردة، ذكروا في ترجمته أنه أصابه إغماء فغسلوه، وكفنوه، وحملوه على النعش، ثم بعد ذلك تحرك، فرجعوا به، وعاش بعد ذلك وولد له ابن اسمه: مالك.
حكم قتل المحرم للذباب
السؤال: هل للمحرم أن يقتل الذباب؟
الجواب: نعم، هذه الأشياء التي هي مؤذية مثل: الذباب والبعوض إذا رشها له ذلك.
وكذلك العقرب، والحية، والعقرب جاء فيها النص.
حكم استقبال القبلة داخل البنيان عند قضاء الحاجة
السؤال: هل يجوز استقبال القبلة داخل البنيان عند قضاء الحاجة؟
الجواب: الأولى أن لا يستقبل، والذي ينبغي أن تبنى المراحيض وليست متجهة إلى القبلة ولا مستدبرة لها، وإنما تكون في الجهتين اللتين ليس فيهما استقبال ولا استدبار، وإذا وجدت الحمامات، أو المراحيض إلى جهة الاستقبال والاستدبار، فللإنسان أن يفعل ذلك، ولكن عندما تبنى المراحيض فالمشروع أن يكون اتجاهها إلى غير جهة القبلة لا استقبالاً، ولا استدباراً، فتكون في مثل المدينة للشرق والغرب، فهذا هو الذي ينبغي، وإذا وجدت المراحيض واستعملها الإنسان فلا بأس بذلك؛ لأن عبد الله بن عمر رضي الله عنه جاء في حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، ولكن الإنسان يحرص على أن لا يستدبر الكعبة، ولا يستقبلها، لا في بنيان، ولا في غيره، وإن احتاج إلى ذلك في البنيان؛ لوجود المراحيض على هذه الصفة المستقبلة للقبلة والمستدبرة لها فله أن يستعملها على وضعها، ولهذا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: فلما قدمنا الشام وجدنا المراحيض بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها يسيراً، ونستغفر الله.
الجمع والقصر في السفر ولزوم الجماعة على المسافر
السؤال: هل إذا وصل المسافر إلى البلد الذي سافر إليه له أن يقصر أربعة أيام ويجمع، وهل تلزمه الجماعة؟
الجواب: إذا كان الإنسان سيقيم أربعة أيام فأقل فيعتبر مسافراً، وله حق القصر والجمع، فله أن يقصر إذا صلى وحده، والأولى له ألا يجمع، وإن جمع فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو مقيم، يعني: ليس سائراً، وليس منتقلاً، وجاداً به السير، بل جمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في تبوك، وهو مقيم بها وهو مسافر غير جادٍ به السير، لكن الإنسان عليه أن يحضر الجماعة، وإذا سمع النداء فعليه أن يذهب للمسجد ولا يصلي في البيت بحجة أنه مسافر، بل عليه أن يذهب إلى المسجد، ويصلي مع الجماعة، وإذا صلى مع إمام مقيم فإن عليه أن يتم، وليس له أن يقصر، وإنما القصر إذا صلى وحده.
حكم الفرش المتنجس الذي يشق إخراجه لغسله
السؤال: إذا أصاب الفرش نجاسة وشق إخراجه لغسله، فما الحكم حينئذٍ؟
الجواب: إن أمكن إخراجه غسل، وإلا فإنه يكاثر عليه الماء، ويصب عليه الماء، ويكثر من غسله حتى يتحقق بأن النجاسة زالت، وكونه يشق فهذا لا يشق؛ لأنه كما أدخل يخرج، لكنه يمكن أن يكاثر عليه الماء، وأن يصب عليه الماء، وأن يكثر حتى يتحقق من طهارته.
معنى صفة الجبار لله عز وجل
السؤال: ما معنى صفة الجبار لله عز وجل؟
الجواب: الجبار اسم من أسماء الله، وصفته الجبروت، يعني: صاحب هذا الوصف، والجبار كما هو معلوم لفظه واضح؛ لأن بعض الأسماء تتقارب، لكن بينها فرق، مثل الجبار المتكبر، وبعض الناس يوصف بأنه جبار، لكنه مذموم، ويكون وصف ذم إذا أضيف إلى المخلوق، وأما إذا أضيف إلى الخالق فهو كمال ومدح.
قصر الصلاة لمن يسكن في منزل خارج منى بقليل
السؤال: هل يقصر من يسكن في منزل خارج منى بقليل؟
الجواب: الحجاج يقصرون الصلاة، وأما أهل مكة فإنهم يقصرون في منى، وفي عرفات، وفي مزدلفة مع الحجاج، ولكنهم إذا كانوا في منازلهم أو كانوا في غير منى فإنهم لا يقصرون.
حكم إقامة جماعة أخرى في مسجد لا تقام فيه جمعة
السؤال: هل للإنسان أن يصلي في جماعة بعد أن فاتته الجماعة الأولى؟ علماً أن للمسجد إماماً راتباً، ولكن لا يصلى فيه الجمعة؟.
الجواب: على كل قضية الجمعة، يعني: ما كل مسجد يصلى فيه جمعة، ولكن كونه يصلى فيه، وله إمام راتب فهذه هي الجماعة، وإذا فاتت الجماعة وجاءوا وقد فاتتهم الصلاة فلهم أن يصلوا جماعة، ولمن صلى الجماعة أن يصلي معهم؛ سواء كان إماماً، أو مأموماً، ولكن تكون له نافلة، أي: الذي صلى مع الجماعة وأراد أن يصلي مع الذي فاتته الصلاة أو مع الذين فاتتهم الصلاة؛ سواء كان إماماً، أو مأموماً، سواء كان الجماعة الذين فاتتهم الصلاة عدداً، وصلى واحد منهم ببعضهم، أو جاء واحد قد صلى وصلى معهم عند إعادة الصلاة كل ذلك سائغ.
صحة ادعاء نسخ النهي عن الجمع بين اسم النبي وكنيته بموته صلى الله عليه وسلم
السؤال: هل النهي الذي ورد بين الجمع بين اسم النبي صلى الله عليه وسلم وكنيته منسوخ بموته عليه الصلاة والسلام أم لا؟
الجواب: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (سموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي) بعض العلماء يقول: إن هذا خاص بزمنه عليه الصلاة والسلام، وبعض العلماء يقول: إن هذا مستمر، ومن المعلوم أن الذي فيه الراحة والطمأنينة كون الإنسان يتكنى بغير هذه الكنية، لا شك أن هذا هو الذي فيه الاحتياط، وفيه طمأنينة النفس تماماً.
مدى إمكانية الإحرام من منى بالحج
السؤال: هل يمكن للشخص أن يحرم من منى للحج؟
الجواب: يمكن إذا كان نازلاً بمنى، وجاء اليوم الثامن وهو بمنى، فله أن يحرم من منى، ولا يلزمه أن ينزل إلى مكة، بل يحرم من منزله؛ سواء كان بمكة أو بمنى، إن كان بمكة فإنه يحرم ويذهب إلى منى، وإن كان مقيماً بمنى قبل يوم ثمانية فإنه يحرم من منزله بمنى، ولا يحتاج الأمر إلى أن ينزل مكة ليحرم فيها ثم يرجع.