عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 01-06-2022, 09:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,234
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد






تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (220)
صــ155 إلى صــ 160



أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين

قوله تعالى: أن تقولوا سبب نزولها: أن كفار مكة قالوا: قاتل الله [ ص: 155 ] اليهود والنصارى ، كيف كذبوا أنبياءهم; فوالله لو جاءنا نذير وكتاب ، لكنا أهدى منهم ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل . قال الفراء: "أن" في موضع نصب في مكانين . أحدهما: أنزلناه لئلا تقولوا . والآخر: من قوله: واتقوا أن تقولوا . وذكر الزجاج عن البصريين ، أن معناه: أنزلناه ، كراهة أن تقولوا; ولا يجيزون إضمار "لا" فأما الخطاب بهذه الآية ، فهو لأهل مكة; والمراد إثبات الحجة عليهم بإنزال القرآن كي لا يقولوا يوم القيامة: إن التوراة والإنجيل أنزلا على اليهود والنصارى ، وكنا غافلين عما فيهما . "ودراستهم": قراءتهم الكتب . قال الكسائي: وإن كنا عن دراستهم لغافلين لا نعلم ما هي ، لأن كتبهم لم تكن بلغتنا ، فأنزل الله كتابا بلغتهم لتنقطع حجتهم .
أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون

قوله تعالى: لكنا أهدى منهم قال الزجاج : إنما كانوا يقولون هذا ، لأنهم مدلون بالأذهان والأفهام ، وذلك أنهم يحفظون أشعارهم وأخبارهم ، وهم أميون لا يكتبون . فقد جاءكم بينة أي: ما فيه البيان وقطع الشبهات . قال ابن عباس : فقد جاءكم بينة أي: حجة ، وهو النبي ، والقرآن ، والهدى ، والبيان ، والرحمة ، والنعمة . فمن أظلم أي: أكفر . ممن كذب بآيات الله يعني محمدا والقرآن . وصدف عنها : أعرض فلم يؤمن بها . وسوء العذاب: قبيحه .
[ ص: 156 ] هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون

قوله تعالى: هل ينظرون أي: ينتظرون إلا أن تأتيهم الملائكة قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر: "تأتيهم" بالتاء . وقرأ حمزة ، والكسائي: يأتيهم بالياء . وهذا الإتيان لقبض أرواحهم . وقال مقاتل المراد بالملائكة: ملك الموت وحده .

قوله تعالى: أو يأتي ربك قال الحسن: أو يأتي أمر ربك . وقال الزجاج : أو يأتي إهلاكه وانتقامه ، إما بعذاب عاجل ، أو بالقيامة .

قوله تعالى: أو يأتي بعض آيات ربك وروى عبد الوارث إلا القزاز: بتسكين ياء "أو يأتي وفتحها الباقون . وفي هذه الآية أربعة أقوال .

أحدها: أنه طلوع الشمس من مغربها ، رواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه قال ابن مسعود . وفي رواية زرارة بن أوفى عنه ، وعبد الله بن عمرو ، ومجاهد وقتادة ، والسدي . وقد روى البخاري ، ومسلم في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس ، آمن من عليها ، فذلك حين لا ينفع نفسا [ ص: 157 ] إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا" . وروى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ، طبع على كل قلب بما فيه ، [و]كفى الناس العمل"

والثاني: أنه طلوع الشمس والقمر من مغربهما ، رواه مسروق عن ابن مسعود .

والثالث: أنه إحدى الآيات ، الثلاث طلوع الشمس من مغربها ، والدابة ، وفتح يأجوج ومأجوج ، روى هذا المعنى القاسم عن ابن مسعود .

والرابع أنه طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض ، قاله أبو هريرة; والأول أصح . والمراد بالخير هاهنا العمل الصالح وإنما لم ينفع الإيمان . والعمل الصالح; حينئذ ، لظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان . وقال الضحاك: من أدركه بعض الآيات وهو على عمل صالح مع إيمانه ، قبل منه ، كما يقبل منه قبل الآية . وقيل إن الحكمة في طلوع الشمس من مغربها ، أن الملحدة والمنجمين ، زعموا أن ذلك لا يكون ، فيريهم الله قدرته ، ويطلعها من المغرب كما أطلعها من المشرق ، ولتحقق عجز نمرود حين قال له إبراهيم: فأت بها من المغرب ، فبهت [البقرة:258] .

[ ص: 158 ]

فصل

وفي قوله: قل انتظروا إنا منتظرون قولان .

أحدهما: أن المراد به التهديد ، فهو محكم .

والثاني: أنه أمر بالكف عن القتال ، فهو منسوخ بآية السيف .
إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون

قوله تعالى: إن الذين فرقوا دينهم قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، " فرقوا " مشددة . وقرأ حمزة ، والكسائي: " فارقوا " بألف . وكذلك قرؤوا في [الروم:32]; فمن قرأ:" فرقوا " أراد: آمنوا ببعض ، وكفروا ببعض . ومن قرأ: " فارقوا" أراد: باينوا . وفي المشار إليهم أربعة أقوال .

أحدها: أنهم أهل الضلالة من هذه الأمة ، قاله أبو هريرة .

والثاني: أنهم اليهود والنصارى ، قاله ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة; والسدي .

والثالث: اليهود ، قاله مجاهد .

والرابع: جميع المشركين ، قاله الحسن . فعلى هذا القول ، دينهم: الكفر الذي يعتقدونه دينا ، وعلى ما قبله ، دينهم: الذي أمرهم الله به . والشيع: الفرق والأحزاب . قال الزجاج : ومعنى "شيعت" في اللغة: اتبعت . والعرب تقول: شاعكم السلام ، وأشاعكم ، أي: تبعكم . [ ص: 159 ] قال الشاعر:


ألا يا نخلة من ذات عرق برود الظل شاعكم السلام


وتقول:

أتيتك غدا ، أو شيعة ، أي: أو اليوم الذي يتبعه . فمعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضا ، وليس كلهم متفقين .

وفي قوله تعالى: لست منهم في شيء قولان .

أحدهما: لست من قتالهم في شيء; ثم نسخ بآية السيف ، وهذا مذهب السدي .

والثاني: لست منهم ، أي: أنت بريء منهم ، وهم منك برءاء ، إنما أمرهم إلى الله في جزائهم ، فتكون الآية محكمة .
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون

قوله تعالى: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وقرأ يعقوب ، والقزاز عن عبد الوارث: "عشر" بالتنوين ، "أمثالها" بالرفع . قال ابن عباس : يريد: من عملها ، كتبت له عشر حسنات . ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا جزاء "مثلها" . وفي الحسنة والسيئة هاهنا قولان .

أحدهما: أن الحسنة: قول لا إله إلا الله . والسيئة: الشرك ، قاله ابن مسعود ، ومجاهد ، والنخعي .

والثاني: أنه عام في كل حسنة وسيئة . روى مسلم في "صحيحه" من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد ، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغفر فإن قيل: [ ص: 160 ] إذا كانت الحسنة كلمة التوحيد ، فأي مثل لها حتى يجعل جزاء قائلها عشر أمثالها؟ فالجواب: أن جزاء الحسنة معلوم القدر عند الله ، فهو يجازي فاعلها بعشر أمثاله ، وكذلك السيئة . وقد أشرنا إلى هذا في "المائدة" عند قوله: فكأنما قتل الناس جميعا [المائدة:32] . فإن قيل: المثل مذكر ، فلم قال: عشر أمثالها والهاء إنما تسقط في عدد المؤنث؟ فالجواب: أن الأمثال خلقت حسنات; مؤنثة وتلخيص المعنى: فله عشر حسنات أمثالها ، فسقطت الهاء من عشر ، لأنها عدد مؤنث ، كما تسقط عند قولك: عشر نعال ، وعشر جباب .
قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين

قوله تعالى: قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم قال الزجاج : أي: دلني على الدين الذي هو دين الحق . ثم فسر ذلك بقوله: دينا قيما قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو: " قيما " مفتوحة القاف ، مشددة الياء . والقيم: المستقيم . وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي: " قيما" بكسر القاف وتخفيف الياء . قال الزجاج : وهو مصدر ، كالصغر والكبر . وقال مكي: من خففه بناه على "فعل" وكان أصله أن يأتي بالواو ، فيقول: قوما كما قالوا: عوض ، وحول ، ولكنه شذ عن القياس . قال الزجاج : ونصب قوله: دينا قيما محمول على المعنى ، لأنه لما قال: هداني دل على عرفني دينا; ويجوز أن يكون على البدل من قوله: إلى صراط مستقيم فالمعنى: هداني صراطا مستقيما دينا قيما . وحنيفا منصوب على الحال من إبراهيم ، والمعنى: هداني ملة إبراهيم في حال حنيفيته .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.31 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]