عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01-06-2022, 09:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,047
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد





تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (219)
صــ149 إلى صــ 154



ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون [ ص: 149 ] قوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده إنما خص مال اليتيم ، لأن الطمع فيه ، لقلة مراعيه وضعف مالكه ، أقوى .

وفي قوله: إلا بالتي هي أحسن أربعة أقوال .

أحدها: أنه أكل الوصي المصلح للمال بالمعروف وقت حاجته ، قاله ابن عباس ، وابن زيد .

والثاني: التجارة فيه ، قاله سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والضحاك ، والسدي .

والثالث: أنه حفظه له إلى وقت تسليمه إليه ، قاله ابن السائب .

والرابع: أنه حفظه عليه ، وتثميره له ، قاله الزجاج . قال: و"حتى" محمولة على المعنى; فالمعنى: احفظوه عليه حتى يبلغ أشده ، فإذا بلغ أشده ، فادفعوه إليه . فأما الأشد ، فهو استحكام قوة الشباب والسن . قال ابن قتيبة: ومعنى الآية: حتى يتناهى في النبات إلى حد الرجال . يقال: بلغ أشده: إذا انتهى منتهاه قبل أن يأخذ في النقصان . وقال أبو عبيدة: الأشد لا واحد له منه; فإن أكرهوا على ذلك ، قالوا: شد ، بمنزلة: ضب ، والجمع: أضب . قال ابن الأنباري: وقال جماعة من البصريين: واحد الأشد: شد ، بضم الشين . وقال بعض البصريين: واحد الأشد: شدة ، كقولهم: نعمة ، وأنعم . وقال بعض أهل اللغة: الأشد: اسم لا واحد له . وللمفسرين في الأشد ثمانية أقوال .

أحدها: أنه ثلاث وثلاثون سنة ، رواه ابن جبير عن ابن عباس .

والثاني: ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة ، قاله أبو صالح عن ابن عباس .

والثالث: أربعون سنة ، روي عن عائشة عليها السلام . [ ص: 150 ] والرابع: ثماني عشرة سنة ، قاله سعيد بن جبير ، ومقاتل .

والخامس: خمس وعشرون سنة ، قاله عكرمة .

والسادس: أربع وثلاثون سنة ، قاله سفيان الثوري .

والسابع: ثلاثون سنة ، قاله السدي . وقال: ثم جاء بعد هذه الآية: حتى إذا بلغوا النكاح [النساء:6] فكأنه يشير إلى النسخ .

والثامن: بلوغ الحلم ، قاله زيد بن أسلم ، والشعبي ، ويحيى بن يعمر ، وربيعة ، ومالك بن أنس ، وهو الصحيح . ولا أظن بالذين حكينا عنهم الأقوال التي قبله فسروا هذه الآية بما ذكر عنهم ، وإنما أظن أن الذين جمعوا التفاسير ، نقلوا هذه الأقوال من تفسير قوله تعالى: " ولما بلغ أشده " [يوسف:22 ، والقصص:14] إلى هذا المكان; وذلك نهاية الأشد ، وهذا ابتداء تمامه; وليس هذا مثل ذاك . قال ابن جرير: وفي الكلام محذوف ، ترك ذكره اكتفاء بدلالة ما ظهر عما حذف ، لأن المعنى: حتى يبلغ أشده; فإذا بلغ أشده ، فآنستم منه رشدا فادفعوا إليه ماله .

قال المصنف: إن أراد بما ظهر ما ظهر في هذه الآية ، فليس بصحيح; وإنما استفيد إيناس الرشد والإسلام من آية أخرى; وإنما أطلق في هذه الآية ما قيد في غيرها ، فحمل المطلق على المقيد .

قوله تعالى: وأوفوا الكيل أي: أتموه ولا تنقصوا منه . والميزان أي: وزن الميزان . والقسط: العدل . لا نكلف نفسا إلا وسعها أي: ما يسعها ، ولا تضيق عنه . قال القاضي أبو يعلى: لما كان الكيل والوزن يتعذر فيهما التحديد بأقل القليل ، كلفنا الاجتهاد في التحري ، دون تحقيق الكيل والوزن .

قوله تعالى: وإذا قلتم فاعدلوا أي: إذا تكلمتم أو شهدتم ، فقولوا الحق ، [ ص: 151 ] ولو كان المشهود له أو عليه ذا قرابة . وعهد الله يشتمل على ما عهده إلى الخلق وأوصاهم به ، وعلى ما أوجبه الإنسان على نفسه من نذر وغيره . ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون أي: لتذكروه وتأخذوا به . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو: "تذكرون"[الأنعام:153] "ويذكرون"[الأنعام:126] "ويذكر الإنسان"[مريم:67] و أن يذكر [الفرقان:62] ، و"ليذكروا"[الإسراء: 41] مشددا ذلك كله . وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم ، وابن عامر كل ذلك بالتشديد إلا قوله: أولا يذكر الإنسان [مريم:67] فإنهم خففوه . روى أبان ، وحفص عن عاصم: "يذكرون" خفيفة الذال في جميع القرآن . قرأ حمزة ، والكسائي:" يذكرون" مشددا إذا كان بالياء ، ومخففا إذا كان بالتاء .
وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون

قوله تعالى: وأن هذا صراطي مستقيما قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو: "وأن" بفتح الألف مع تشديد النون . قال الفراء: إن شئت جعلت "أن" مفتوحة بوقوع "أتل" عليها; وإن شئت جعلتها خفضا ، على معنى: ذلكم وصاكم به ، وبأن هذا صراطي مستقيما . وقرأ ابن عامر بفتح الألف أيضا ، إلا أنه خفف النون ، فجعلها مخففة من الثقيلة; وحكم إعرابها حكم تلك . وقرأ حمزة ، والكسائي: بتشديد النون مع كسر الألف . قال الفراء: وكسر الألف على الاستئناف . وفي الصراط قولان .

أحدهما: أنه القرآن . والثاني: الإسلام . وقد بينا إعراب قوله: "مستقيما" أيضا . فأما "السبل" فقال ابن عباس : هي الضلالات . وقال مجاهد: [ ص: 152 ] البدع والشبهات . وقال مقاتل: أراد ما حرموا على أنفسهم من الأنعام والحرث . فتفرق بكم عن سبيله أي: فتضلكم عن دينه .
ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون

قوله تعالى: ثم آتينا موسى الكتاب قال الزجاج : "ثم" هاهنا للعطف على معنى التلاوة; فالمعنى: أتل ما حرم ربكم ، ثم أتل عليكم ما آتاه الله موسى .

وقال ابن الأنباري: الذي بعد "ثم" مقدم على الذي قبلها في النية; والتقدير: ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى: تماما على الذي أحسن في قوله: "تماما" قولان .

أحدهما: أنها كلمة متصلة بما بعدها; تقول: أعطيتك كذا ، تماما على كذا ، وتماما لكذا ، وهذا قول الجمهور .

والثاني: أن قوله: "تماما" كلمة قائمة بنفسها ، غير متصلة بما بعدها; [ ص: 153 ] والتقدير: آتينا موسى الكتاب تماما ، أي: في دفعة واحدة ، لم نفرق إنزاله كما فرق إنزال القرآن ، ذكره أبو سليمان الدمشقي .

وفي المشار إليه بقوله: "أحسن" أربعة أقوال .

أحدها: أنه الله عز وجل . ثم في معنى الكلام قولان . أحدهما: تماما على إحسان الله إلى أنبيائه ، قاله ابن زيد . والثاني: تماما على إحسان الله تعالى إلى موسى; وعلى هذين ، القولين ، يكون "الذي" بمعنى "ما"

والقول الثاني: أنه إبراهيم; الخليل عليه السلام; فالمعنى: تماما للنعمة على إبراهيم الذي أحسن في طاعة الله ، وكانت نبوة موسى نعمة على إبراهيم ، لأنه من ولده ، ذكره الماوردي .

والقول الثالث: أنه كل محسن من الأنبياء ، وغيرهم . وقال مجاهد: تماما على المحسنين ، أي: تماما لكل محسن . وعلى هذا القول ، يكون "الذي" بمعنى "من" ، "وعلى" بمعنى لام الجر; ومن هذا قول العرب: أتم عليه ، وأتم له . قال الراعي:

رعته أشهرا وخلا عليها

أي: لها .

قال ابن قتيبة: ومثل هذا أن تقول: أوصي بمالي للذي غزا وحج; تريد: للغازين والحاجين . [ ص: 154 ] والقول الرابع: أنه موسى . ثم في معنى: أحسن قولان .

أحدهما: أحسن في الدنيا بطاعة الله عز وجل . قال الحسن ، وقتادة: تماما لكرامته في الجنة إلى إحسانه في الدنيا . وقال الربيع: هو إحسان موسى بطاعته . وقال ابن جرير: تماما لنعمنا عنده على إحسانه في قيامه بأمرنا ونهينا .

والثاني: أحسن من العلم وكتب الله القديمة; وكأنه زيد على ما أحسنه من التوراة; ويكون "التمام" بمعنى الزيادة ، ذكره ابن الأنباري . فعلى هذين القولين ، يكون "الذي" بمعنى: "ما" وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو رزين ، والحسن ، وابن يعمر: "على الذي أحسن" بالرفع . قال الزجاج : معناه: على الذي هو أحسن الأشياء . وقرأ عبد الله بن عمرو ، وأبو المتوكل ، وأبو العالية: "على الذي أحسن" برفع الهمزة وكسر السين وفتح النون; وهي تحتمل الإحسان ، وتحتمل العلم .

قوله تعالى: وتفصيلا لكل شيء أي: تبيانا لكل شيء من أمر شريعتهم مما يحتاجون إلى علمه ، لكي يؤمنوا بالبعث والجزاء .
وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون

قوله تعالى: وهذا كتاب أنزلناه مبارك يعني القرآن ، فاتبعوه واتقوا أن تخالفوه لعلكم ترحمون قال الزجاج : لتكونوا راجين للرحمة .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.11 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]