عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-06-2022, 09:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد





تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (215)
صــ125 إلى صــ 130




[ ص: 125 ] يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين

قوله تعالى: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم قرأ الحسن ، وقتادة: "تأتكم" بالتاء ، رسل منكم واختلفوا في الرسالة إلى الجن على أربعة أقوال .

أحدها: أن الرسل كانت تبعث إلى الإنس خاصة ، وأن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الإنس والجن ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثاني: أن رسل الجن ، هم الذين سمعوا القرآن ، فولوا إلى قومهم منذرين ، روي عن ابن عباس أيضا . وقال مجاهد: الرسل من الإنس ، والنذر من الجن ، وهم قوم يسمعون كلام الرسل ، فيبلغون الجن ما سمعوا .

والثالث: أن الله تعالى بعث إليهم رسلا منهم ، كما بعث إلى الإنس رسلا منهم ، قاله الضحاك ، ومقاتل ، وأبو سليمان ، وهو ظاهر الكلام .

والرابع: أن الله تعالى لم يبعث إليهم رسلا منهم ، وإنما جاءتهم رسل الإنس ، قاله ابن جريج ، والفراء ، والزجاج . قالوا: ولا يكون الجمع في قوله: ألم يأتكم رسل منكم مانعا أن تكون الرسل من أحد الفريقين ، كقوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان [الرحمن:22] ، وإنما هو خارج من الملح وحده .

وفي دخول الجن الجنة إذا آمنوا قولان .

أحدهما: يدخلونها ، ويأكلون ويشربون ، قاله الضحاك .

والثاني: أن ثوابهم أن يجاروا من النار ويصيروا ترابا ، رواه سفيان عن ليث . [ ص: 126 ] قوله تعالى: يقصون عليكم آياتي أي: يقرؤون عليكم كتابي . وينذرونكم أي: يخوفونكم بيوم القيامة . وفي قوله: شهدنا على أنفسنا قولان .

أحدهما: أقررنا على أنفسنا بإنذار الرسل لنا .

والثاني: شهد بعضنا على بعض بإنذار الرسل إياهم . ثم أخبرنا الله تعالى بحالهم ، فقال: وغرتهم الحياة الدنيا أي: بزينتها ، وإمهالهم فيها . وشهدوا على أنفسهم أي: أقروا أنهم كانوا في الدنيا كافرين . وقال مقاتل: ذلك حين شهدت عليهم جوارحهم بالشرك والكفر .
ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون

قوله تعالى: ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم قال الزجاج : ذلك الذي قصصنا عليك من أمر الرسل ، وأمر عذاب من كذب ، لأنه لم يكن ربك مهلك القرى بظلم ، أي: لا يهلككم حتى يبعث إليهم رسولا . قال ابن عباس : "بظلم" أي: بشرك وأهلها غافلون لم يأتهم رسول .
ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون

قوله تعالى: ولكل درجات مما عملوا أي: لكل عامل بطاعة الله أو بمعصيته درجات ، أي: منازل يبلغها بعمله ، إن كان خيرا فخير ، وإن كان شرا فشر . وإنما سميت درجات لتفاضلها في الارتفاع والانحطاط ، كتفاضل الدرج .

قوله تعالى: عما يعملون قرأ الجمهور بالياء; وقرأ ابن عامر بالتاء على الخطاب .
وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين [ ص: 127 ] قوله تعالى: وربك الغني يريد: الغني عن خلقه ذو الرحمة قال ابن عباس : بأوليائه وأهل طاعته . وقال غيره: بالكل . ومن رحمته تأخير الانتقام من المخالفين . إن يشأ يذهبكم بالهلاك; وقيل: هذا الوعيد لأهل مكة; ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم أي: ابتدأكم من ذرية قوم آخرين يعني: آباءهم الماضين . إن ما توعدون به من مجيء الساعة والحشر لآت وما أنتم بمعجزين أي: بفائتين . قال أبو عبيدة: يقال: أعجزني كذا ، أي: فاتني وسبقني .
قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون

قوله تعالى: على مكانتكم وقرأ أبو بكر عن عاصم: "مكاناتكم" على الجمع قال ابن قتيبة: أي: على موضعكم ، يقال: مكان ومكانة ، ومنزل ومنزلة . وقال الزجاج : اعملوا على تمكنكم . قال: ويجوز أن يكون المعنى: اعملوا على ما أنتم عليه . تقول للرجل إذا أمرته أن يثبت على حال: كن على مكانتك .

قوله تعالى: إني عامل أي: عامل ما أمرني به ربي فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم: "تكون" بالتاء . وقرأ حمزة ، والكسائي: بالياء . وكذلك خلافهم في [القصص:37] ، ووجه التأنيث ، اللفظ ، ووجه التذكير ، أنه ليس بتأنيث حقيقي . وعاقبة الدار: الجنة . والظالمون هاهنا: المشركون . فإن قيل: ظاهر هذه الآية أمرهم بالإقامة على ما هم عليه ، وذلك لا يجوز . فالجواب: أن معنى هذا الأمر المبالغة في الوعيد; فكأنه قال: أقيموا على ما أنتم عليه ، إن رضيتم بالعذاب ، قاله الزجاج . [ ص: 128 ] فصل

وفي هذه الآية قولان .

أحدهما: أن المراد بها التهديد; فعلى هذا هي محكمة .

والثاني: أن المراد بها ترك القتال; فعلى هذا هي منسوخة بآية السيف .
وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون

قوله تعالى: وجعلوا لله مما ذرأ قال ابن قتيبة: ذرأ ، بمعنى خلق . من الحرث وهو الزرع . والأنعام : الإبل والبقر والغنم . وكانوا إذا زرعوا ، خطوا خطا ، فقالوا: هذا لله ، وهذا لآلهتنا فإذا حصدوا ما جعلوه لله فوقع منه شيء فيما جعلوه لآلهتهم ، تركوه وقالوا: هي إليه محتاجة; وإذا حصدوا ما جعلوه لآلهتهم ، فوقع منه شيء في مال الله ، أعادوه إلى موضعه وكانوا يجعلون من الأنعام شيئا لله; فإذا ولدت إناثها ميتا أكلوه ، وإذا ولدت أنعام آلهتهم ميتا عظموه فلم يأكلوه . وقال الزجاج : معنى الآية: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ، وجعلوا لشركائهم نصيبا ، يدل عليه قوله تعالى: فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا ، فدل بالإشارة إلى النصيبين على نصيب الشركاء; وكانوا إذا زكا ما لله ، ولم يزك ما لشركائهم ، ردوا الزاكي على أصنامهم ، وقالوا: هذه أحوج ، والله غني; وإذا زكا ما للأصنام ، ولم يزك ما لله ، أقروه على ما به . قال [ ص: 129 ] المفسرون: وكانوا يصرفون ما جعلوا لله إلى الضيفان والمساكين . فمعنى قوله: فلا يصل إلى الله أي: إلى هؤلاء . ويصرفون نصيب آلهتهم في الزرع إلى النفقة على خدامها . فأما نصيبها في الأنعام ، ففيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه كان للنفقة عليها أيضا . والثاني: أنهم كانوا يتقربون به ، فيذبحونه لها . والثالث: أنه البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام . وقال الحسن: كان إذا هلك ما لأوثانهم غرموه ، وإذا هلك ما لله لم يغرموه . وقال ابن زيد: كانوا لا يأكلون ما جعلوه لله حتى يذكروا عليه اسم أوثانهم ، ولا يذكرون الله على ما جعلوه للأوثان . فأما قوله: "بزعمهم" فقرأ الجمهور: بفتح الزاي; وقرأ الكسائي ، والأعمش: بضمها . وفي الزعم ثلاث لغات: ضم الزاي ، وفتحها ، وكسرها . ومثله: السقط ، . والسقط والسقط ، والفتك ، والفتك ، والفتك; والزعم ، والزعم ، والزعم . قال الفراء: فتح الزاي في الزعم ، لأهل الحجاز; وضمها لأسد; وكسرها لبعض قيس فيما يحكي الكسائي .

وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون

قوله تعالى: وكذلك زين أي: ومثل ذلك الفعل القبيح فيما قسموا بالجهل زين . قال ابن الأنباري: ويجوز أن يكون "وكذلك" مستأنفا غير مشار به إلى ما قبله; فيكون المعنى: وهكذا زين . وقرأه الجمهور: "زين" ، بفتح الزاي والياء ، ونصب اللام من "قتل" وكسر الدال من "أولادهم" ورفع "الشركاء"; وجه هذه القراءة ظاهر . وقرأ ابن عامر: بضم زاي "زين" [ ص: 130 ] ورفع اللام [من"قتل"] ، من قتل ونصب الدال من "أولادهم" وخفض "الشركاء" . قال أبو علي" ومعناها: قتل شركائهم أولادهم; ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به ، وهذا قبيح ، قليل في الاستعمال . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، والحسن: "زين" بالرفع ، "قتل" بالرفع أيضا ، "أولادهم" بالجر ، "شركاؤهم" رفعا . قال الفراء: رفع القتل إذ لم يسم فاعله; ورفع الشركاء بفعل نواه ، كأنه قال زينه لهم شركاؤهم . وكذلك قال سيبويه في هذه القراءة; قال: كأنه قيل: من زينه؟ فقال: شركاؤهم . قال مكي بن أبي طالب: وقد روي عن ابن عامر أيضا أنه قرأ بضم الزاي ، ورفع اللام ، وخفض الأولاد والشركاء; فيصير الشركاء اسما للأولاد ، لمشاركتهم للآباء في النسب والميراث والدين .

وللمفسرين في المراد بشركائهم أربعة أقوال .

أحدها: أنهم الشياطين ، قاله الحسن ، ومجاهد ، والسدي . والثاني: شركاؤهم في الشرك ، قاله قتادة . والثالث: قوم كانوا يخدمون الأوثان ، قاله الفراء ، والزجاج . والرابع: أنهم الغواة من الناس ، ذكره الماوردي . وإنما أضيف الشركاء إليهم ، لأنهم هم الذين اختلقوا ذلك وزعموه .

وفي الذي زينوه لهم من قتل أولادهم قولان .

أحدهما: أنه وأد البنات أحياء خيفة الفقر ، قاله مجاهد .

والثاني: أنه كان يحلف أحدهم ، أنه إن ولد له كذا وكذا غلاما أن ينحر أحدهم ، كما حلف عبد المطلب في نحر عبد الله ، قاله ابن السائب ، ومقاتل .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.85 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]