عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-06-2022, 09:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد





تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (214)
صــ119 إلى صــ 124



وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون

قوله تعالى: وإذا جاءتهم آية سبب نزولها: أن أبا جهل قال: زاحمتنا بنو عبد مناف في الشرف ، حتى إذا صرنا كفرسي رهان ، قالوا: منا نبي يوحى إليه . والله لا نؤمن به ولا نتبعه أو أن يأتينا وحي كما يأتيه ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل قال الزجاج : الهاء والميم تعود على الأكابر الذين جرى ذكرهم . وقال أبو سليمان: تعود على المجادلين في تحريم الميتة . قال مقاتل: والآية: انشقاق القمر ، والدخان . قال ابن عباس في قوله: مثل ما أوتي رسل الله قال: حتى يوحى إلينا ، ويأتينا جبريل فيخبرنا أن محمدا صادق . قال الضحاك: سأل كل واحد منهم أن يختص بالرسالة والوحي .

قوله تعالى: ( الله أعلم حيث يجعل رسالاته ) وقرأ ابن كثير ، وحفص عن عاصم: "رسالته" بنصب التاء على التوحيد; والمعنى: أنهم ليسوا لها بأهل ، وذلك أن الوليد بن المغيرة قال: والله لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك ، لأني أكبر منك سنا ، وأكثر منك مالا ، فنزل قوله تعالى: ( الله أعلم حيث يجعل رسالاته ) وقال أهل المعاني: الأبلغ في تصديق الرسل أن لا يكونوا قبل [ ص: 119 ] مبعثهم مطاعين في قومهم ، لأن الطعن كان يتوجه عليهم ، فيقال: إنما كانوا رؤوسا فاتبعوا ، فكان الله أعلم حيث جعل الرسالة ليتيم أبي طالب ، دون أبي جهل ، والوليد ، وأكابر مكة .

قوله تعالى: سيصيب الذين أجرموا صغار قال أبو عبيدة: الصغار: أشد الذل . وقال الزجاج : المعنى: هم ، وإن كانوا أكابر في الدنيا ، فسيصيبهم صغار عند الله ، أي: صغار ثابت لهم عند الله . وجائز أن يكون المعنى: سيصيبهم عند الله صغار . وقال الفراء: معناه: صغار من عند الله ، فحذفت "من" . وقال أبو روق: صغار في الدنيا ، وعذاب شديد في الآخرة ،
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون

قوله تعالى: فمن يرد الله أن يهديه قال مقاتل: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي جهل .

قوله تعالى: يشرح صدره قال ابن الأعرابي: الشرح: الفتح . قال ابن قتيبة: ومنه يقال: شرحت لك الأمر ، وشرحت اللحم: إذا فتحته . وقال: ابن عباس: (يشرح صدره) أي: يوسع قلبه للتوحيد والإيمان . وقد روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ، فقيل له: يا رسول الله ، وما هذا الشرح؟ قال: "نور يقذفه الله في القلب ، فينفتح القلب" قالوا: فهل لذلك من أمارة؟ قال: "نعم" قيل: وما هي؟ [ ص: 120 ] قال: "الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل نزوله"

قوله تعالى: ضيقا قرأ الأكثرون بالتشديد . وقرأ ابن كثير: "ضيقا" ، وفى[الفرقان:13]: مكانا ضيقا بتسكين الياء خفيفة . قال أبو علي: الضيق ، والضيق: مثل الميت ، والميت .

قوله تعالى: حرجا قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي: (حرجا) بفتح الراء . وقرأ نافع ، وأبو بكر عن عاصم: بكسر الراء . قال الفراء: وهما لغتان . وكذلك قال يونس بن حبيب النحوي: هما لغتان ، إلا أن الفتح أكثر من ألسنة العرب من الكسر ، ومجراهما مجرى الدنف والدنف . وقال الزجاج : الحرج في اللغة: أضيق الضيق .

قوله تعالى: ( كأنما يصاعد ) قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي: "يصعد" بتشديد الصاد والعين وفتح الصاد من غير ألف . وقرأ أبو بكر عن عاصم: "يصاعد" بتشديد الصاد وبعدها ألف . وقرأ ابن كثير: "يصعد" بتخفيف الصاد والعين من غير ألف والصاد ساكنة . وقرأ ابن مسعود ، وطلحة: "تصعد" بتاء من غير ألف . وقرأ أبي بن كعب: "يتصاعد" بألف وتاء . قال الزجاج : قوله: ( كأنما يصاعد في السماء ) و"يصعد" أصله: "يتصاعد" ، "ويتصعد" إلا أن التاء تدغم في الصاد [ ص: 121 ] لقربها منها ، والمعنى: كأنه قد كلف أن يصعد إلى السماء إذا دعي إلى الإسلام من ضيق صدره عنه . ويجوز أن يكون المعنى: كأن قلبه يصعد في السماء نبوا عن الإسلام والحكمة . وقال الفراء: ضاق عليه المذهب ، فلم يجد إلا أن يصعد في السماء ، وليس يقدر على ذلك . وقال أبو علي: "يصعد" و"يصاعد": من المشقة ، وصعوبة الشيء ، ومنه قول عمر: ما تصعدني شيء كما تصعدتني خطبة النكاح ، أي: ما شق علي شيء مشقتها .

قوله تعالى: كذلك أي: مثل ما قصصنا عليك . يجعل الله الرجس وفيه خمسة أقوال .

أحدها: أنه الشيطان ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . يعني: أن الله يسلطه عليهم .

والثاني: أنه المأتم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثالث: أنه ما لا خير فيه قاله مجاهد .

والرابع: أنه العذاب ، قاله عطاء ، وابن زيد ، وأبو عبيدة .

والخامس: أنه اللعنة في الدنيا والعذاب في الآخرة ، قاله الزجاج : وهذه الآية تقطع كلام القدرية ، إذ قد صرحت بأن الهداية والإضلال متعلقة بإرادة الله تعالى:
وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون

قوله تعالى: وهذا صراط ربك فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنه القرآن ، قاله ابن مسعود . والثاني: التوحيد ، قاله ابن عباس . [ ص: 122 ] والثالث: ما هو عليه من الدين ، قاله عطاء . ومعنى استقامته: أنه يؤدي بسالكه إلى الفوز . قال مكي بن أبي طالب: و"مستقيما" نصب على الحال من "صراط" وهذه الحال يقال لها: الحال المؤكدة ، لأن صراط الله ، لا يكون إلا مستقيما ، ولم يؤت بها لتفرق بين حالتين ، إذ لا يتغير صراط الله عن الاستقامة أبدا ، وليست هذه الحال كحال من قولك: "هذا زيد راكبا" ، لأن زيدا قد يخلو من الركوب .
لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون

قوله تعالى: لهم دار السلام يعني الجنة . وفي تسميتها بذلك أربعة أقوال .

أحدها: أن السلام هو الله ، وهي داره ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، والسدي .

والثاني: أنها دار السلامة التي لا تنقطع قاله الزجاج .

والثالث: أن تحية أهلها فيها السلام ، ذكره أبو سليمان الدمشقي .

والرابع: أن جميع حالاتها مقرونة بالسلام ، ففي ابتداء دخولهم: (ادخلوها بسلام) [الحجر:46] وبعد استقرارهم: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم [الرعد:34 ، 33] . وقوله: إلا قيلا سلاما سلاما [الواقعة:35] ، وعند لقاء الله سلام قولا من رب رحيم ، [يس:58] ، وقوله: تحيتهم يوم يلقونه سلام [الأحزاب:44] . ومعنى: عند ربهم أي: مضمونة لهم عنده ، وهو وليهم أي: متولي إيصال المنافع إليهم ، ودفع المضار عنهم بما كانوا يعملون من الطاعات .
[ ص: 123 ] ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم

قوله تعالى: ويوم نحشرهم جميعا يعني الجن والإنس . وقرأ حفص عن عاصم: "يحشرهم" بالياء . قال أبو سليمان: يعني: المشركين وشياطينهم الذين كانوا يوحون إليهم بالمجادلة لكم فيما حرمه الله من الميتة .

قوله تعالى: يا معشر الجن فيه إضمار ، فيقال لهم: يا معشر; والمعشر: الجماعة ، أمرهم واحد ، والجمع: المعاشر .

وقوله: قد استكثرتم من الإنس أي: من إغوائهم وإضلالهم . وقال أولياؤهم من الإنس يعني الذين أضلهم الجن . ربنا استمتع بعضنا ببعض فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أن استمتاع الإنس بالجن: أنهم كانوا إذا سافروا ، فنزلوا واديا ، وأرادوا مبيتا ، قال أحدهم: أعوذ بعظيم هذا الوادي من شر أهله; واستمتاع الجن بالإنس: أنهم كانوا يفخرون على قومهم ، ويقولون: قد سدنا الإنس حتى صاروا يعوذون بنا ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل ، والفراء .

والثاني: أن استمتاع الجن بالإنس: طاعتهم لهم فيما يغرونهم به من الضلالة والكفر والمعاصي . واستمتاع الإنس بالجن: أن الجن زينت لهم الأمور التي يهوونها ، وشهوها إليهم حتى سهل عليهم فعلها ، روى هذا المعنى عطاء عن ابن عباس ، وبه قال محمد بن كعب ، والزجاج . [ ص: 124 ] والثالث: أن استمتاع الجن بالإنس: إغواؤهم إياهم . واستمتاع الإنس بالجن: ما يتلقون منهم من السحر والكهانة ونحو ذلك . والمراد بالجن في هذه الآية: الشياطين .

قوله تعالى: وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا فيه قولان .

أحدهما: الموت ، قاله الحسن ، والسدي . والثاني: الحشر ، ذكره الماوردي .

قوله تعالى: قال النار مثواكم قال الزجاج : المثوى: المقام; "وخالدين" منصوب على الحال . المعنى: النار مقامكم في حال خلود دائم إلا ما شاء الله هو استثناء من يوم القيامة ، والمعنى: خالدين فيها مذ يبعثون إلا ما شاء الله من مقدار حشرهم من قبورهم ، ومدتهم في محاسبتهم . ويجوز أن تكون إلا ما شاء الله أن يزيدهم من العذاب . وقال بعضهم: إلا ما شاء الله من كونهم في الدنيا بغير عذاب; وقيل في هذا غير قول ، ستجدها مشروحة في (هود) إن شاء الله .
وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون

قوله تعالى: وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا في معناه أربعة أقوال .

أحدها: نجعل بعضهم أولياء بعض رواه سعيد عن قتادة .

والثاني: نتبع بعضهم بعضا في النار بأعمالهم من الموالاة ، وهي المتابعة ، رواه معمر عن قتادة .

والثالث: نسلط بعضهم على بعض قاله ابن زيد .

والرابع: نكل بعضهم إلى بعض ولا نعينهم ، ذكره الماوردي .

قوله تعالى: بما كانوا يكسبون أي: من المعاصي .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.53 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]