عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 01-06-2022, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,504
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد






تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (210)
صــ95 إلى صــ 100



قوله تعالى: مشتبها وغير متشابه فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: مشتبها في المنظر ، وغير متشابه في الطعم ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

والثاني مشتبها ورقه ، مختلفا ثمره ، قاله قتادة ، وهو في معنى الأول .

والثالث: منه ما يشبه بعضه بعضا ، ومنه ما يخالف . قال الزجاج : وإنما قرن الزيتون بالرمان ، لأنهما شجرتان تعرف العرب أن ورقهما يشتمل على الغصن من أوله إلى آخره . قال الشاعر: [ ص: 95 ]


بورك الميت الغريب كما بو رك نضح الرمان والزيتون


ومعناه: أن البركة في ورقه اشتماله على عوده كله .

قوله تعالى: ( انظروا إلى ثمرة ) قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم: " انظروا إلى ثمره " ، " وكلوا من ثمره " [الأنعام:141] ، و " ليأكلوا من ثمره " [يس: 35]: بالفتح في ذلك . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف: بالضم فيهن . قال الزجاج : يقال: ثمرة ، وثمر ، وثمار ، وثمر; فمن قرأ: "إلى ثمره" بالضم أراد جمع الجمع . وقال أبو علي: يحتمل وجهين . أحدهما هذا ، وهو أن يكون الثمر جمع ثمار .

والثاني: أن تكون الثمر جمع ثمرة ، وكذلك: أكمة ، وأكم ، وخشبة وخشب . قال الفراء: يقول: انظروا إليه أول ما يعقد ، وانظروا إلى ينعه ، وهو نضجه وبلوغه . وأهل الحجاز يقولون: ينع ، بفتح الياء ، وبعض أهل نجد يضمونها . قال ابن قتيبة: يقال ينعت الثمرة ، وأينعت: إذا أدركت ، وهو الينع والينع . وقرأ الحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والأعمش ، وابن محيصن: "وينعه" بضم الياء . قال الزجاج : الينع: النضج . قال الشاعر:


في قباب حول دسكرة حولها الزيتون قد ينعا


وبين الله تعالى لهم بتصريف ما خلق ، ونقله من حال إلى حال لا يقدر عليه الخلق ، أنه كذلك يبعثهم .

[ ص: 96 ] قوله تعالى: إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون قال ابن عباس : يصدقون أن الذي أخرج هذا النبات قادر على أن يحيي الموتى . وقال مقاتل: يصدقون بالتوحيد .
وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون

قوله تعالى: وجعلوا لله شركاء الجن جعلوا ، بمعنى وصفوا . قال الزجاج : نصب "الجن" من وجهين .

أحدهما: أن يكون مفعولا ، فيكون المعنى: وجعلوا لله الجن شركاء; ويكون الجن مفعولا ثانيا ، كقوله: وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا [الزخرف:19] .

والثاني: أن يكون الجن بدلا من شركاء ، ومفسرا للشركاء . وقرأ أبو المتوكل ، وأبو عمران ، وأبو حيوة ، والجحدري: "شركاء الجن" برفع النون; وقرأ ابن أبي عبلة ، ومعاذ القارئ "الجن" بخفض النون .

وفي معنى جعلهم الجن شركاء ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم أطاعوا الشياطين في عبادة الأوثان ، فجعلوهم شركاء لله ، قاله الحسن ، والزجاج .

والثاني: قالوا: إن الملائكة بنات الله فهم شركاؤه ، كقوله: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا [الصافات:158] فسمى الملائكة جنا لاجتنانهم ، قاله قتادة ، والسدي ، وابن زيد .

والثالث: أن الزنادقة قالوا: الله خالق النور والماء والدواب والأنعام ، وإبليس خالق الظلمة والسباع والحيات والعقارب ، وفيهم نزلت هذه الآية . قاله ابن السائب .

[ ص: 97 ] قوله تعالى: وخلقهم في الكناية قولان .

أحدهما: أنها ترجع إلى الجاعلين له الشركاء ، فيكون المعنى: وجعلوا للذي خلقهم شركاء لا يخلقون .

والثاني: أنها ترجع إلى الجن ، فيكون المعنى والله خلق الجن ، فكيف يكون الشريك لله محدثا؟ ذكرهما الزجاج .

قوله تعالى: وخرقوا له بنين وبنات وقرأ نافع: وخرقوا بالتشديد ، للمبالغة والتكثير ، لأن المشركين ادعوا الملائكة بنات الله ، والنصارى المسيح ، واليهود عزيرا . وقرأ ابن عباس ، وأبو رجاء ، وأبو الجوزاء: وحرفوا بحاء غير معجمة وبتشديد الراء وبالفاء . وقرأ ابن السميفع ، والجحدري: "خارقوا" بألف وخاء معجمة . قال السدي: أما "البنون" فقول اليهود: عزير ابن الله ، وقول النصارى: المسيح ابن الله; وأما "البنات" فقول مشركي العرب: الملائكة بنات الله . قال الفراء: خرقوا ، واخترقوا ، وخلقوا ، واختلقوا ، بمعنى افتروا . وقال أبو عبيدة: خرقوا: جعلوا . قال الزجاج : ومعنى: "بغير علم": أنهم لم يذكروه من علم ، إنما ذكروه تكذبا .
بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل

قوله تعالى: أنى يكون له ولد قال الزجاج : أي: من أين يكون له ولد ، [ ص: 98 ] والولد لا يكون إلا من صاحبة؟! واحتج عليهم في نفي الولد بقوله: وخلق كل شيء فليس مثل خالق الأشياء ، فكيف يكون الولد لمن لا مثل له؟! فإذا نسب إليه الولد ، فقد جعل له مثل .
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير

قوله تعالى: لا تدركه الأبصار في الإدراك قولان .

أحدهما: أنه بمعنى الإحاطة . والثاني: بمعنى الرؤية . وفي "الأبصار" قولان . أحدهما: أنها العيون ، قاله الجمهور . والثاني: أنها العقول ، رواه عبد الرحمن بن مهدي عن أبي حصين القارئ . ففي معنى الآية ثلاثة أقوال .

أحدها: لا تحيط به الأبصار ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن المسيب ، وعطاء . وقال الزجاج : معنى الآية: الإحاطة بحقيقته ، وليس فيها دفع للرؤية ، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرؤية ، وهذا مذهب أهل السنة والعلم والحديث .

والثاني: لا تدركه الأبصار إذا تجلى بنوره ، الذي هو نوره رواه عكرمة عن ابن عباس .

والثالث: لا تدركه الأبصار في الدنيا ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومقاتل . ويدل على أن الآية مخصوصة بالدنيا ، قوله: وجوه [ ص: 99 ] يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [القيامة:23 ، 22] فقيد النظر إليه بالقيامة ، وأطلق في هذه الآية والمطلق يحمل على المقيد .

و قوله تعالى: وهو يدرك الأبصار فيه القولان . قال الزجاج : وفي هذا الإعلام دليل على أن خلقه لا يدركون الأبصار ، أي: لا يعرفون حقيقة البصر ، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه ، دون أن يبصر من غيرهما من أعضائه; فأعلم الله أن خلقا من خلقه لا يدرك المخلوقون كنهه ، ولا يحيطون بعلمه; فكيف به عز وجل؟! فأما "اللطيف" فقال أبو سليمان الخطابي: هو البر بعباده ، الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون . قال ابن الأعرابي: اللطيف: الذي يوصل إليك أربك في رفق; ومنه قولهم: لطف الله بك; ويقال: هو الذي لطف عن أن يدرك بالكيفية . وقد يكون اللطف بمعنى الدقة والغموض ، ويكون بمعنى الصغر في نعوت الأجسام ، وذلك مما لا يليق بصفات الباري سبحانه . وقال الأزهري: اللطيف من أسماء الله معناه: الرفيق بعباده; والخبير: العالم بكنه الشيء ، المطلع على حقيقته .
قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها وما أنا عليكم بحفيظ

قوله تعالى: قد جاءكم بصائر من ربكم البصائر: جمع بصيرة وهي الدلالة التي توجب البصر بالشيء والعلم به . قال الزجاج : والمعنى: قد جاءكم القرآن الذي فيه البيان والبصائر فمن أبصر فلنفسه نفع ذلك "ومن عمي" فعلى نفسه ضرر ذلك ، لأن الله عز وجل غني عن خلقه . وما أنا عليكم بحفيظ أي: لست آخذكم بالإيمان أخذ الحفيظ والوكيل ، وهذا قبل الأمر بالقتال .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.37 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]