عرض مشاركة واحدة
  #203  
قديم 01-06-2022, 09:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد





تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (203)
صــ53 إلى صــ 58



وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين

قوله تعالى: وعنده مفاتح الغيب قال ابن جرير: المفاتح: جمع مفتح; [ ص: 53 ] يقال مفتح ومفتاح ، فمن قال مفتح ، جمعه: مفاتح . ومن قال: مفتاح ، جمعه: مفاتيح . وفي "مفاتح الغيب" سبعة أقوال .

أحدها: أنها خمس لا يعلمها إلا الله عز وجل . روى البخاري في أفراده من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ، لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله ، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا تعلم نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى ينزل الغيث إلا الله" قال ابن مسعود: أوتي نبيكم علم كل شيء إلا مفاتيح الغيب .

والثاني: أنها خزائن غيب السماوات من الأقدار والأرزاق ، قاله ابن عباس .

والثالث: ما غاب عن الخلق من الثواب والعقاب ، وما تصير إليه الأمور ، قاله عطاء .

والرابع خزائن غيب العذاب ، متى ينزل ، قاله مقاتل . [ ص: 54 ] والخامس الوصلة إلى علم الغيب إذا استعلم ، قاله الزجاج .

والسادس: عواقب الأعمار وخواتيم الأعمال .

والسابع: ما لم يكن ، هل يكون ، أم لا يكون؟ وما يكون كيف يكون وما لا يكون ، إن كان ، كيف يكون؟ فأما البر ، فهو القفر . وفي البحر قولان . أحدهما: أنه الماء ، قاله الجمهور . والثاني: أنه القرى ، قاله مجاهد .

قوله تعالى: وما تسقط من ورقة إلا يعلمها قال الزجاج : المعنى: أنه يعلمها ساقطة وثابتة ، كما تقول: ما يجيئك أحد إلا وأنا أعرفه ، ليس تأويله: اعرفه في حال مجيئه فقط . فأما ظلمات الأرض ، فالمراد بها بطن الأرض .

وفي الرطب واليابس ، خمسة أقوال .

أحدها: أن الرطب: الماء ، واليابس: البادية . والثاني: الرطب: ما ينبت ، واليابس: ما لا ينبت ، والثالث: الرطب: الحي ، واليابس: الميت . والرابع: الرطب: لسان المؤمن يذكر الله ، واليابس: لسان الكافر لا يتحرك بذكر الله . والخامس: أنهما الشيء ينتقل من إحدى الحالتين إلى الأخرى ، فهو يعلمه رطبا ، ويعلمه يابسا . وفي الكتاب المبين قولان .

أحدهما أنه اللوح المحفوظ; قاله مقاتل . والثاني: أنه علم الله المتقن; ذكره الزجاج . فإن قيل: ما الفائدة في إحصاء هذه الأشياء في كتاب؟ فعنه ثلاثة أجوبة ، ذكرهن ابن الأنباري .

أحدها: أنه أحصاها في كتاب ، لتقف الملائكة على نفاذ علمه .

والثاني: أنه نبه بذلك عباده على تعظيم الحساب ، وأعلمهم أنه لا يفوته ما يصنعون ، لأن من يثبت ما لا ثواب فيه ولا عقاب ، فهو إلى إثبات ما فيه ثواب وعقاب أسرع . [ ص: 55 ] والثالث: أن المراد بالكتاب: العلم; فالمعنى: أنها مثبتة في علمه .
وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون

قوله تعالى: وهو الذي يتوفاكم بالليل يريد به النوم لأنه يقبض الأرواح عن التصرف بالنوم ، كما يقبض بالموت . وقال ابن عباس : يقبض أرواحكم في منامكم . وجرحتم: بمعنى كسبتم . "ثم يبعثكم" أي يوقظكم فيه ، أي: في النهار ليقضى أجل مسمى أي: لتبلغوا الأجل المسمى لانقطاع حياتكم ، فدل باليقظة بعد النوم على البعث بعد الموت .
وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون

قوله تعالى: ويرسل عليكم حفظة الحفظة: الملائكة ، وأحدهما: حافظ ، والجمع: حفظة ، مثل كاتب وكتبة ، وفاعل وفعلة . وفيما يحفظونه قولان .

أحدهما: أعمال بني آدم; قاله ابن عباس . والثاني: أعمالهم وأجسادهم ، قاله السدي .

قوله تعالى: توفته رسلنا وقرأ حمزة: "توفاه رسلنا" وحجته أنه فعل مسند إلى مؤنث غير حقيقي ، وإنما التأنيث للجمع ، فهو مثل: وقال نسوة [يوسف:30] . وفي المراد بالرسل ثلاثة أقوال .

أحدها أنهم أعوان ملك الموت قاله ابن عباس وقال النخعي: أعوانه يتوفون النفوس ، وهو يأخذها منهم .

[ ص: 56 ] والثاني: أن المراد بالرسل: ملك الموت وحده ، قاله مقاتل .

والثالث: أنهم الحفظة ، قاله الزجاج .

قوله تعالى: وهم لا يفرطون قال ابن عباس : لا يضيعون . فإن قيل: كيف الجمع بين قوله: توفته رسلنا وبين قوله: قل يتوفاكم ملك الموت ، [السجدة:11 ] فعنه جوابان

أحدهما: أنه يجوز أن يريد بالرسل ملك الموت وحده ، وقد يقع الجمع على الواحد . والثاني: أن أعوان ملك الموت يفعلون بأمره ، فأضيف الكل إلى فعله .

وقيل: توفي أعوان ملك الموت بالنزع ، وتوفي ملك الموت بأن يأمر الأرواح فتجيب ، ويدعوها فتخرج ، وتوفي الله تعالى بأن يخلق الموت في الميت .
ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين

قوله تعالى: ثم ردوا إلى الله يعني العباد . وفي متولي الرد قولان .

أحدهما: أنهم الملائكة ، ردتهم بالموت إلى الله تعالى .

والثاني: أنه الله عز وجل ، ردهم بالبعث في الآخرة . وفي معنى ردهم إلى الله تعالى قولان .

أحدهما: أنهم ردوا إلى المكان الذي لا يملك الحكم فيه إلا الله وحده .

والثاني: أنهم ردوا إلى الله تدبيره وحده; لأنه لما أنشأهم كان منفردا بتدبيرهم ، فلما مكنهم من التصرف ، صاروا في تدبير أنفسهم ، ثم كفهم عنه بالموت ، فصاروا مردودين . إلى تدبيره [ ص: 57 ] قوله تعالى: ألا له الحكم يعني القضاء . وبيان سرعة الحساب ، في [البقرة] .
قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون

قوله تعالى: قل من ينجيكم قرأ عاصم ، وحمزة والكسائي ، وأبو جعفر: " قل من ينجيكم قل الله ينجيكم" مشددين . وقرأ يعقوب ، والقزاز عن عبد الوارث: بسكون النون وتخفيف الجيم . قال الزجاج : والمشددة أجود للكثرة . وظلمات البر والبحر: شدائدها; والعرب تقول لليوم الذي تلقى فيه شدة يوم مظلم ، حتى إنهم يقولون: يوم ذو كواكب ، أي: قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل . قال الشاعر:


فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا


[ ص: 58 ] قوله تعالى: تدعونه تضرعا أي مظهرين الضراعة ، وهي شدة الفقر إلى الشيء ، والحاجة .

قوله تعالى: وخفية قرأ عاصم إلا حفصا: "وخفية" بكسر الخاء; وكذلك في [الأعراف] . وقرأ الباقون بضم الخاء ، وهما لغتان . قال الفراء: وفيها لغة أخرى بالواو ، ولا تصلح في القراءة ، خفوة ، وخفوة . ومعنى الكلام ، أنكم تدعونه في أنفسكم ، كما تدعونه ظاهرا: "لئن أنجيتنا" كذلك قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، وأبو عمرو: "لئن أنجيتنا" وقرأ عاصم ، وحمزة والكسائي: "لئن أنجانا" بألف ، لمكان الغيبة في قوله: "تدعونه" . وكان حمزة ، والكسائي: وخلف يميلون الجيم .

قوله تعالى: من هذه يعني: في أي شدة وقعتم ، قلتم: "لئن أنجيتنا من هذه" . قال ابن عباس : و"الشاكرون" هاهنا: المؤمنون . وكانت قريش تسافر في البر والبحر ، فإذا ضلوا الطريق وخافوا الهلاك ، دعوا الله مخلصين ، فأنجاهم . فأما "الكرب" فهو الغم الذي يأخذ بالنفس ، ومنه اشتقت الكربة .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.96 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]