عرض مشاركة واحدة
  #201  
قديم 01-06-2022, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,740
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد




تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء الثالث
سُورَةُ الانعام
الحلقة (201)
صــ41 إلى صــ 46


فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين


قوله تعالى: فقطع دابر القوم الذين ظلموا قال ابن السائب: دابرهم: [ ص: 41 ] الذي يتخلف في آخرهم . والمعنى: أنهم استؤصلوا . وقال أبو عبيدة: دابرهم: آخرهم الذي يدبرهم . قال ابن قتيبة: هو كما يقال: اجتث أصلهم .

قال المفسرون: وإنما حمد نفسه على قطع دابرهم ، لأن ذلك إنعام على رسلهم الذين كذبوهم ، وعلم الحمد على كفايته شر الظالمين .
قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون

قوله تعالى: قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم أي أذهبها ، وختم على قلوبكم حتى لا تعرفون شيئا من إله غير الله يأتيكم به في هاء "به" ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها تعود على الفعل: والمعنى: يأتيكم بما أخذ الله منكم ، قاله الزجاج . وقال الفراء: إذا كنيت عن الأفاعيل ، وإن كثرت ، وحدت الكناية ، كقوله للرجل: إقبالك وإدبارك يؤذيني .

والثاني: أنها تعود إلى الهدى ، ذكره الفراء . فعلى هذا تكون الكناية عن غير مذكور ، ولكن المعنى يشتمل عليه ، لأن من أخذ سمعه وبصره وختم على قلبه لم يهتد .

والثالث: أنها تعود على السمع ، ويكون ما عطف عليه داخلا معه في القصة ، لأنه معطوف عليه ، ذكره الزجاج . والجمهور يقرؤون: من إله غير الله يأتيكم به انظر بكسر هاء "به" وروى المسيبي عن نافع: "به انظر" [ ص: 42 ] بالضم . قال أبو علي: من كسر ، حذف الياء التي تلحق الهاء في نحو: بهي عيب ، ومن ضم ، فعلى قول من قال: فخسفنا بهو وبدارهو الأرض ، فحذف الواو .

قوله تعالى: انظر كيف نصرف الآيات قال مقاتل: يعني تكون العلامات في أمور شتى فيخوفهم بأخذ الأسماع والأبصار والقلوب ، وبما صنع بالأمم الخالية ثم هم يصدفون أي يعرضون فلا يعتبرون .
قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون

قوله تعالى: قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة قال الزجاج : البغتة: المفاجأة; والجهرة: أن يأتيهم وهم يرونه . هل يهلك إلا القوم الظالمون أي: هل يهلك إلا أنتم ومن أشبهكم لأنكم كفرتم معاندين فقد علمتم أنكم ظالمون .
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون

قوله تعالى: وما نرسل المرسلين إلا مبشرين أي بالثواب; ومنذرين بالعقاب ، وليس إرسالهم ليأتوا بما يقترحونه من الآيات . ثم ذكر ثواب من صدق ، وعقاب من كذب في تمام الآية والتي بعدها . وقال ابن عباس : يفسقون: بمعنى يكفرون .
قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون [ ص: 43 ] قوله تعالى: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله سبب نزولها: أن أهل مكة قالوا: يا محمد ، لو أنزل الله عليك كنزا فتستغني به ، فإنك فقير محتاج ، أو تكون لك جنة تأكل منها ، فإنك تجوع ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس .

قال الزجاج : وهذه الآية متصلة بقوله: ( لولا أنزل عليه آية من ربه ) ، فأعلمهم أنه لا يملك خزائن الله التي منها يرزق ويعطي ، ولا يعلم الغيب فيخبرهم به إلا بوحي ، ولا يقول: إنه ملك ، لأن الملك يشاهد من أمور الله تعالى ما لا يشاهده البشر . وقرأ ابن مسعود ، وابن جبير ، وعكرمة ، والجحدري: "إني ملك" بكسر اللام . وفي الأعمى والبصير قولان .

أحدهما: أن الأعمى: الكافر ، والبصير: المؤمن ، قاله ابن عباس ، وقتادة .

والثاني: الأعمى: الضال ، والبصير: المهتدي ، قاله سعيد بن جبير ، ومجاهد . وفي قوله تعالى: أفلا تتفكرون قولان .

أحدهما: فيما بين لكم من الآيات الدالة على وحدانيته ، وصدق رسوله .

والثاني: فيما ضرب لكم من مثل الأعمى والبصير ، وأنهما لا يستويان .
وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون

قوله تعالى: وأنذر به قال الزجاج : يعني بالقرآن ، وإنما ذكر الذين يخافون الحشر دون غيرهم ، وإن كان منذرا لجميع الخلق ، لأن الحجة على الخائفين الحشر أظهر ، لاعترافهم بالمعاد ، فهم أحد رجلين: إما مسلم ، فينذر ليؤدي حق الله عليه في إسلامه ، وإما كتابي ، فأهل الكتاب . مجمعون على البعث .

[ ص: 44 ] وذكر الولي والشفيع ، لأن اليهود والنصارى ذكرت أنها أبناء الله وأحباؤه ، فأعلم عز وجل أن أهل الكفر ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ، وقال غيره: ليس لهم من دونه ولي ، أي: ليس لهم غير الله ولي ولا شفيع ، لأن شفاعة الشافعين بأمره .

وقال أبو سليمان الدمشقي: هذه الآية متعلقة بقوله: وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به [ الأنعام:19 ] .
ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين .

قوله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم روى سعد بن أبي وقاص قال: نزلت هذه الآية في ستة: في ، وفي ابن مسعود ، وصهيب ، وعمار ، والمقداد ، وبلال ، قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهؤلاء ، فاطردهم عنك . فدخل على رسول الله من ذلك ما شاء الله أن يدخل ، فنزلت هذه الآية

وقال خباب بن الأرت: نزلت فينا ، كنا ضعفاء عند النبي صلى الله عليه وسلم ، يعلمنا بالغداة والعشي ما ينفعنا ، فجاء الأقرع بن حابس ، وعيينة بن حصن ، فقالا: إنا من أشراف قومنا ، وإنا نكره أن يرونا معهم ، فاطردهم إذا جالسناك . قال: "نعم" .

[ ص: 45 ] فقالوا: لا نرضى حتى تكتب بيننا كتابا ، فأتى بأديم ودواة ، ودعا عليا ليكتب ، فلما أراد ذلك ، ونحن قعود في ناحية ، إذ نزل جبريل بقوله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم إلى قوله: فتنا بعضهم ببعض ، فرمى بالصحيفة ودعانا ، فأتيناه وهو يقول: سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة . فدنونا منه يومئذ حتى وضعنا ركبنا على ركبته .
وقال ابن مسعود: مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب ، وصهيب ، وبلال ، وعمار ، فقالوا: يا محمد ، رضيت بهؤلاء ، أتريد أن نكون تبعا لهم؟ فنزلت: ولا تطرد الذين يدعون ربهم . وقال عكرمة: جاء عتبة ، وشيبة ابنا ربيعة ، ومطعم بن عدي ، والحارث بن نوفل ، في أشراف بني عبد مناف ، إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك يطرد عنه موالينا وعبيدنا كان أعظم في صدورنا ، وأدنى لاتباعنا إياه ، فأتاه أبو طالب فحدثه بذلك ، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون ، فنزلت هذه الآيات ، فأقبل عمر يعتذر من مقالته . وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن هذه الآيات نزلت في الموالي ، منهم بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار ، ومهجع ، وسلمان ، وعامر بن فهيرة ، وسالم مولى أبي حذيفة; وأن قوله: وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم نزلت فيهم أيضا . وقد روى العوفي عن ابن عباس: أن ناسا من [ ص: 46 ] الأشراف قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: نؤمن لك ، وإذا صلينا فأخر هؤلاء الذين معك ، فليصلوا خلفنا . فعلى هذا ، إنما سألوه تأخيرهم عن الصف ، وعلى الأقوال التي قبله ، سألوه طردهم عن مجلسه .

قوله تعالى: يدعون ربهم في هذا الدعاء خمسة أقوال .

أحدها: أنه الصلاة ، المكتوبة قاله ابن عمر ، وابن عباس . وقال مجاهد: هي الصلوات الخمس; وفي رواية عن مجاهد ، وقتادة قالا: يعني صلاة الصبح والعصر . وزعم مقاتل أن الصلاة يومئذ كانت ركعتين بالغداة ، وركعتين بالعشي; ثم فرضت الصلوات الخمس بعد ذلك .

والثاني: أنه ذكر الله تعالى ، قاله إبراهيم النخعي ، وعنه كالقول الأول .

والثالث: أنه عبادة الله ، قاله الضحاك .

والرابع: أنه تعلم القرآن غدوة وعشية ، قاله أبو جعفر .

والخامس: أنه دعاء الله بالتوحيد ، والإخلاص له ، وعبادته ، قاله الزجاج . وقرأ الجمهور: "بالغداة" وقرأ ابن عامر هاهنا وفي [الكهف] أيضا: "بالغدوة" بضم الغين وإسكان الدال وبعدها واو .

قال الفراء: والعرب لا تدخل الألف واللام على "الغدوة" لأنها معرفة بغير ألف ولام ، ولا تضيفها العرب ، يقولون: أتيتك غداة الخميس ، ولا يقولون: غدوة الخميس ، فهذا دليل على أنها معرفة .

وقال أبو علي: الوجه: الغداة ، لأنها تستعمل نكرة ، وتتعرف باللام; وأما غدوة ، فمعرفة .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.16 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]