
28-05-2022, 09:20 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(135)
الحلقة (149)
صــ 334إلى صــ 339
1522 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) ، يقول : يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب - يعني بذلك أهل الكتاب - فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ورأوه من غيرهم ، كفروا به وحسدوه .
1523 - وحدثنا محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثني عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن علي الأزدي في قول الله : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) ، قال : اليهود ، كانوا يقولون : اللهم ابعث لنا هذا النبي يحكم بيننا وبين الناس ، يستفتحون - يستنصرون - به على الناس .
1524 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن علي الأزدي - وهو البارقي - في قول الله جل ثناؤه : ( وكانوا من قبل يستفتحون ) ، فذكر مثله .
1525 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) ، كانت اليهود [ ص: 335 ] تستفتح بمحمد صلى الله عليه وسلم على كفار العرب من قبل ، وقالوا : اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم! فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فرأوا أنه بعث من غيرهم ، كفروا به حسدا للعرب ، وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) .
1526 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية قال : كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب ، يقولون : اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى يعذب المشركين ويقتلهم! فلما بعث الله محمدا ، ورأوا أنه من غيرهم ، كفروا به حسدا للعرب ، وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم *! فقال الله : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) .
1527 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) . قال : كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم ، وكانوا يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم في التوراة ، ويسألون الله أن يبعثه فيقاتلوا معه العرب ، فلما جاءهم محمد كفروا به ، حين لم يكن من بني إسرائيل .
1528 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء قوله : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) ، قال : كانوا يستفتحون على كفار العرب بخروج النبي صلى الله عليه وسلم ، ويرجون أن يكون منهم . فلما خرج ورأوه ليس منهم ، كفروا وقد عرفوا أنه الحق ، وأنه النبي . قال : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) .
1529 - قال حدثنا ابن جريج ، وقال مجاهد : يستفتحون بمحمد صلى الله [ ص: 336 ] عليه وسلم تقول : إنه - يخرج . ( فلما جاءهم ما عرفوا ) - وكان من غيرهم - كفروا به .
1530 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج قال : قال ابن جريج - وقال ابن عباس : كانوا يستفتحون على كفار العرب .
1531 - حدثني المثنى قال : حدثني الحماني قال : حدثني شريك ، عن أبي الجحاف ، عن مسلم البطين ، عن سعيد بن جبير قوله : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) ، قال : هم اليهود عرفوا محمدا أنه نبي وكفروا به .
1532 - حدثت عن المنجاب قال : حدثنا بشر ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) ، قال : كانوا يستظهرون ، يقولون : نحن نعين محمدا عليهم ، وليسوا كذلك ، يكذبون .
1533 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال ، سألت ابن زيد عن قول الله عز وجل : ( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) . قال : كانت يهود يستفتحون على كفار العرب ، يقولون : أما والله لو قد جاء النبي الذي بشر به موسى وعيسى ، أحمد ، لكان لنا عليكم! وكانوا يظنون أنه منهم ، والعرب حولهم ، وكانوا يستفتحون عليهم به ، ويستنصرون به ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به وحسدوه ، وقرأ قول الله - جل ثناؤه : ( كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) [ سورة البقرة : 109 ] . قال : قد تبين لهم أنه رسول ، فمن هنالك نفع الله الأوس والخزرج بما كانوا يسمعون منهم أن نبيا خارج .
قال أبو جعفر : فإن قال لنا قائل : فأين جواب قوله : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ) ؟
قيل : قد اختلف أهل العربية في جوابه . فقال بعضهم : هو مما ترك جوابه ، استغناء بمعرفة المخاطبين به بمعناه ، وبما قد ذكر من أمثاله في سائر القرآن . [ ص: 337 ] وقد تفعل العرب ذلك إذا طال الكلام ، فتأتي بأشياء لها أجوبة ، فتحذف أجوبتها ، لاستغناء سامعيها - بمعرفتهم بمعناها - عن ذكر الأجوبة ، كما قال جل ثناؤه : ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا ) [ سورة الرعد : 31 ] ، فترك جوابه . والمعنى : "ولو أن قرآنا سوى هذا القرآن سيرت به الجبال لسيرت بهذا القرآن - استغناء بعلم السامعين بمعناه . . قالوا : فكذلك قوله : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم ) .
وقال آخرون : جواب قوله : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله ) في "الفاء " التي في قوله : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) ، وجواب الجزاءين في "كفروا به " ، كقولك : "لما قمت ، فلما جئتنا أحسنت " ، بمعنى : لما جئتنا إذ قمت أحسنت .
القول في تأويل قوله تعالى : ( فلعنة الله على الكافرين ( 89 ) )
قال أبو جعفر : قد دللنا فيما مضى على معنى اللعنة ، وعلى معنى "الكفر " ، بما فيه الكفاية .
فمعنى الآية : فخزي الله وإبعاده على الجاحدين ما قد عرفوا من الحق عليهم لله ولأنبيائه ، المنكرين لما قد ثبت عندهم صحته من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ففي إخبار الله عز وجل عن اليهود - بما أخبر الله عنهم بقوله : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) - البيان الواضح أنهم تعمدوا الكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، بعد قيام الحجة بنبوته عليهم ، وقطع الله عذرهم بأنه رسوله إليهم .
[ ص: 338 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا )
قال أبو جعفر ومعنى قوله جل ثناؤه : ( بئسما اشتروا به أنفسهم ) : ساء ما اشتروا به أنفسهم .
وأصل "بئس " "بئس " من "البؤس " ، سكنت همزتها ، ثم نقلت حركتها إلى "الباء " ، كما قيل في "ظللت " " ظلت " ، وكما قيل "للكبد " ، "كبد " - فنقلت حركة "الباء " إلى "الكاف " لما سكنت "الباء " .
وقد يحتمل أن تكون "بئس" ، وإن كان أصلها "بئس " ، من لغة الذين ينقلون حركة العين من "فعل " إلى الفاء ، إذا كانت عين الفعل أحد حروف الحلق الستة ، كما قالوا من "لعب " "لعب " ، و من "سئم " "سئم " ، وذلك - فيما يقال - لغة فاشية في تميم .
ثم جعلت دالة على الذم والتوبيخ ، ووصلت ب "ما " .
واختلف أهل العربية في معنى "ما " التي مع "بئسما " . فقال بعض نحويي البصرة : هي وحدها اسم ، و"أن يكفروا " تفسير له ، نحو : نعم رجلا زيد ، و"أن ينزل الله " بدل من "أنزل الله " .
وقال بعض نحويي الكوفة : معنى ذلك : بئس الشيء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا ، ف "ما " اسم "بئس " ، و "أن يكفروا " الاسم الثاني ، وزعم أن : "أن يكفروا " إن شئت جعلت "أن " في موضع رفع ، وإن شئت في موضع خفض ، أما الرفع : فبئس الشيء هذا أن يفعلوه ، وأما الخفض : فبئس [ ص: 339 ] الشيء اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا . قال : وقوله : ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم ) [ سورة المائدة : 80 ] كمثل ذلك ، والعرب تجعل "ما " وحدها في هذا الباب بمنزلة الاسم التام ، كقوله : ( فنعما هي ) [ سورة البقرة : 271 ] ، و "بئسما أنت " ، واستشهد لقوله ذلك برجز بعض الرجاز :
لا تعجلا في السير وادلوها لبئسما بطء ولا نرعاها
قال أبو جعفر : والعرب تقول : لبئسما تزويج ولا مهر " ، فيجعلون "ما " وحدها اسما بغير صلة ، وقائل هذه المقالة لا يجيز أن يكون الذي يلي "بئس " معرفة موقتة ، وخبره معرفة موقتة ، وقد زعم أن "بئسما " بمنزلة : بئس الشيء اشتروا به أنفسهم؛ فقد صارت "ما" بصلتها اسما موقتا؛ لأن "اشتروا " فعل ماض من صلة "ما " ، في قول قائل هذه المقالة . وإذا وصلت بماض من الفعل ، كانت معرفة موقتة معلومة ، فيصير تأويل الكلام حينئذ : "بئس شراؤهم كفرهم " . وذلك عنده غير جائز : فقد تبين فساد هذا القول .
وكان آخر منهم يزعم أن "أن " في موضع خفض إن شئت ، ورفع إن شئت! فأما الخفض : فأن ترده على "الهاء " التي في "به " على التكرير على كلامين : كأنك قلت : اشتروا أنفسهم بالكفر ، وأما الرفع : فأن يكون مكرورا على موضع "ما " التي تلي "بئس " . قال : ولا يجوز أن يكون رفعا على قولك : "بئس الرجل عبد الله .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|