
28-05-2022, 09:19 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(133)
الحلقة (147)
صــ 322إلى صــ 327
قال أبو جعفر : وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال : "الروح " في هذا الموضع جبريل ؛ لأن الله - جل ثناؤه - أخبر أنه أيد عيسى به ، كما أخبر في قوله : ( إذ قال الله ياعيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق ) [ المائدة : 110 ] ، فلو كان الروح الذي أيده الله به هو الإنجيل ، لكان قوله : "إذ أيدتك بروح القدس " ، و "إذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل " ، تكرير قول لا معنى له . وذلك أنه على تأويل قول من قال : معنى ( إذ أيدتك بروح القدس ) ، إنما هو : إذ أيدتك بالإنجيل - وإذ علمتك الإنجيل ، وهو لا يكون به مؤيدا إلا وهو معلمه ، فذلك تكرير كلام واحد ، من غير زيادة معنى في أحدهما على الآخر . وذلك خلف من الكلام ، والله تعالى ذكره يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة . وإذ كان ذلك كذلك ، فبين فساد قول من زعم أن "الروح " في هذا الموضع ، الإنجيل ، وإن كان جميع كتب الله التي أوحاها إلى رسله روحا منه لأنها تحيا بها القلوب الميتة ، وتنتعش بها النفوس المولية ، وتهتدي بها الأحلام الضالة .
وإنما سمى الله تعالى جبريل "روحا " وأضافه إلى "القدس " ، لأنه كان بتكوين الله له روحا من عنده ، من غير ولادة والد ولده ، فسماه بذلك "روحا " ، وأضافه إلى "القدس " - و "القدس " ، هو الطهر - كما سمي عيسى ابن مريم "روحا " لله من أجل تكوينه له روحا من عنده من غير ولادة والد ولده .
وقد بينا فيما مضى من كتابنا هذا ، أن معنى "التقديس " : التطهير ، و"القدس " - الطهر ، من ذلك . وقد اختلف أهل التأويل في معناه في هذا الموضع نحو اختلافهم في الموضع الذي ذكرناه .
1492 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قال : القدس ، البركة .
1493 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه قال : القدس ، وهو الرب تعالى ذكره .
[ ص: 323 ] 1494 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : ( وأيدناه بروح القدس ) ، قال : الله ، القدس ، وأيد عيسى بروحه ، قال : نعت الله القدس ، وقرأ قول الله جل ثناؤه : ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس ) [ الحشر : 23 ] ، قال : القدس والقدوس ، واحد .
1495 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، [ عن هلال ] بن أسامة ، عن عطاء بن يسار قال : قال كعب : الله ، القدس .
القول في تأويل قوله تعالى : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ( 87 ) )
قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم ) ، اليهود من بني إسرائيل .
1496 - حدثني بذلك محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد .
قال أبو جعفر : يقول الله - جل ثناؤه - لهم : يا معشر يهود بني إسرائيل ، لقد آتينا موسى التوراة ، وتابعنا من بعده بالرسل إليكم ، وآتينا عيسى ابن مريم [ ص: 324 ] البينات والحجج ، إذ بعثناه إليكم ، وقويناه بروح القدس ، وأنتم كلما جاءكم رسول من رسلي بغير الذي تهواه نفوسكم استكبرتم عليهم - تجبرا وبغيا - استكبار إمامكم إبليس ، فكذبتم بعضا منهم ، وقتلتم بعضا! فهذا فعلكم أبدا برسلي .
وقوله : ( أفكلما ) ، وإن كان خرج مخرج التقرير في الخطاب ، فهو بمعنى الخبر .
القول في تأويل قوله تعالى : ( وقالوا قلوبنا غلف )
قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأه بعضهم : ( وقالوا قلوبنا غلف ) مخففة اللام ساكنة . وهي قراءة عامة الأمصار في جميع الأقطار . وقرأه بعضهم : "وقالوا قلوبنا غلف " مثقلة اللام مضمومة .
فأما الذين قرأوها بسكون اللام وتخفيفها ، فإنهم تأولوها ، أنهم قالوا : قلوبنا في أكنة وأغطية وغلف . و"الغلف " - على قراءة هؤلاء - جمع "أغلف " ، وهو الذي في غلاف وغطاء ، كما يقال للرجل الذي لم يختتن "أغلف " ، والمرأة "غلفاء " . وكما يقال للسيف إذا كان في غلافه : "سيف أغلف " ، وقوس غلفاء " وجمعهما "غلف " ، وكذلك جمع ما كان من النعوت ذكره على "أفعل " وأنثاه على "فعلاء " ، يجمع على "فعل " مضمومة الأول ساكنة الثاني ، مثل : " أحمر وحمر ، وأصفر وصفر " ، فيكون ذلك جماعا للتأنيث والتذكير . ولا يجوز تثقيل عين "فعل " منه ، إلا في ضرورة شعر ، كما قال طرفة بن العبد :
أيها الفتيان في مجلسنا جردوا منها ورادا وشقر [ ص: 325 ]
يريد : شقرا ، إلا أن الشعر اضطره إلى تحريك ثانيه فحركه . ومنه الخبر الذي : -
1497 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان قال : حدثنا عمرو بن قيس الملائي ، عن عمرو بن مرة الجملي ، عن أبي البختري ، عن حذيفة قال : القلوب أربعة - ثم ذكرها - فقال فيما ذكر : وقلب أغلف معصوب عليه ، فذلك قلب الكافر .
ذكر من قال ذلك ، يعني أنها في أغطية .
1498 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة قال : حدثني ابن إسحاق [ ص: 326 ] قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير ، أو عكرمة ، عن ابن عباس : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، أي في أكنة .
1499 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( قلوبنا غلف ) ، أي في غطاء .
1500 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، فهي القلوب المطبوع عليها .
1501 - حدثني عباس بن محمد قال : حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد قوله : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، عليها غشاوة .
1502 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل قال ، أخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، عليها غشاوة .
1503 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا شريك عن الأعمش قوله : ( قلوبنا غلف ) ، قال : هي في غلف .
1504 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، أي لا تفقه .
1505 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، قال : هو كقوله : ( قلوبنا في أكنة ) [ فصلت : 5 ] .
1506 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : ( قلوبنا غلف ) قال : عليها طابع ، قال : هو كقوله : ( قلوبنا في أكنة ) .
1507 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( قلوبنا غلف ) ، أي لا تفقه .
[ ص: 327 ] 1508 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، قال : يقولون : عليها غلاف ، وهو الغطاء .
1509 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( قلوبنا غلف ) ، قال : يقول : قلبي في غلاف ، فلا يخلص إليه مما تقول شيء ، وقرأ : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ) [ فصلت : 5 ] .
قال أبو جعفر : وأما الذين قرأوها "غلف " بتحريك اللام وضمها ، فإنهم تأولوها أنهم قالوا : قلوبنا غلف للعلم ، بمعنى أنها أوعية .
قال : و"الغلف " على تأويل هؤلاء جمع "غلاف " . كما يجمع "الكتاب : كتب ، والحجاب : حجب ، والشهاب : شهب . فمعنى الكلام على تأويل قراءة من قرأ "غلف " بتحريك اللام وضمها ، وقالت اليهود : قلوبنا غلف للعلم ، وأوعية له ولغيره .
ذكر من قال ذلك :
1510 - حدثني عبيد بن أسباط بن محمد قال : حدثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، قال : أوعية للذكر .
1511 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا فضيل ، عن عطية في قوله : ( قلوبنا غلف ) قال : أوعية للعلم .
1512 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا فضيل ، عن عطية مثله .
1513 - حدثت عن المنجاب قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وقالوا قلوبنا غلف ) ، قال : مملوءة علما ، لا تحتاج إلى محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|