عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 18-05-2022, 08:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,362
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (126)

من صــ 181 الى صـ
ـ 188




الرابع: أن ما ذكر من الحديث يناقض مدلول الآية ; فإن الآية تدل على الإنفاق في الزمانين اللذين لا يخلو الوقت عنهما، وفي الحالين اللذين لا يخلو الفعل منهما. فالفعل لا بد له من زمان، والزمان إما ليل وإما نهار. والفعل إما سرا وإما علانية ; فالرجل إذا أنفق بالليل سرا، كان قد أنفق ليلا سرا. وإذا أنفق علانية نهارا، كان قد أنفق علانية نهارا. وليس الإنفاق سرا وعلانية خارجا عن الإنفاق بالليل والنهار. فمن قال: إن المراد من أنفق درهما بالسر، ودرهما في العلانية، ودرهما بالليل، ودرهما بالنهار - كان جاهلا، فإن الذي أنفقه سرا وعلانية قد أنفقه ليلا ونهارا، والذي قد أنفقه ليلا ونهارا قد أنفقه سرا وعلانية. فعلم أن الدرهم الواحد يتصف بصفتين، لا يجب أن يكون المراد أربعة.
لكن هذه التفاسير الباطلة يقول مثلها كثير من الجهال، كما يقولون:
محمد رسول الله والذين معه (أبو بكر) أشداء على الكفار (عمر) رحماء بينهم (عثمان) تراهم ركعا سجدا (علي) يجعلون هذه الصفات لموصوفات متعددة ويعينون الموصوف في هؤلاء الأربعة.

والآية صريحة في إبطال هذا وهذا، فإنها صريحة في أن هذه الصفات كلها لقوم يتصفون بها كلها، وإنهم كثيرون ليسوا واحدا. ولا ريب أن الأربعة أفضل هؤلاء، وكل من الأربعة موصوف بهذا كله، وإن كان بعض الصفات في بعض أقوى منها في آخر.
وأغرب من ذلك قول بعض جهال المفسرين: {والتين والزيتون - وطور سينين - وهذا البلد الأمين} [سورة التين: 1 - 3] إنهم الأربعة ; فإن هذا مخالف للعقل والنقل. لكن الله أقسم بالأماكن الثلاثة التي أنزل فيها كتبه الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن، وظهر منها موسى وعيسى ومحمد، كما قال في التوراة: جاء الله من طور سينا، وأشرق من ساعين، واستعلن من جبال فاران.
فالتين والزيتون: الأرض التي بعث فيها المسيح، وكثيرا ما تسمى الأرض بما ينبت فيها، فيقال: فلان خرج إلى الكرم وإلى الزيتون وإلى الرمان، ونحو ذلك، ويراد الأرض التي فيها ذلك، فإن الأرض تتناول ذلك، فعبر عنها ببعضها.

وطور سينين حيث كلم الله موسى، وهذا البلد الأمين مكة أم القرى التي بعث بها محمد - صلى الله عليه وسلم -.
والجاهل بمعنى الآية، لتوهمه أن الذي أنفقه سرا وعلانية غير الذي أنفقه في الليل والنهار - يقول: نزلت فيمن أنفق أربعة دراهم، إما علي وإما غيره، ولهذا قال: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} * لم يعطف بالواو، فيقول: وسرا وعلانية. بل هذان داخلان في الليل والنهار، سواء * قيل: هما منصوبان على المصدر ; لأنهما نوعان من الإنفاق، أو قيل: على الحال. فسواء قدرا سرا وعلانية، أو مسرا ومعلنا، فتبين أن الذي كذب هذا كان جاهلا بدلالة القرآن. والجهل في الرافضة ليس بمنكر.

الخامس: أنا لو قدرنا أن عليا فعل ذلك، ونزلت فيه الآية، فهل هنا إلا إنفاق أربعة دراهم في أربعة أحوال؟! وهذا عمل مفتوح بابه ميسر إلى يوم القيامة. والعاملون بهذا وأضعافه أكثر من أن يحصوا، وما من أحد فيه خير إلا ولا بد أن ينفق إن شاء الله تارة بالليل وتارة بالنهار، وتارة في السر وتارة في العلانية. فليس هذا من الخصائص، فلا يدل على فضيلة الإمامة.
(فائدة)
قال شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى -:

وقد ذكر الله في آخر البقرة أحكام الأموال وهي ثلاثة أصناف: عدل؛ وفضل؛ وظلم؛ فالعدل: البيع؛ والظلم: الربا؛ والفضل: الصدقة. فمدح المتصدقين وذكر ثوابهم وذم المربين وبين عقابهم وأباح البيع والتداين إلى أجل مسمى؛ فالعقل من جنس ما أوجبه من الحقوق لبعض الناس على بعض كحق المسلم؛ وحق ذي الرحم وحق الجار؛ وحق المملوك والزوجة.

(الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا ... (275)
(فصل)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:

والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف: قوم يكذبون بدخول الجني في الإنس. وقوم يدفعون ذلك بالعزائم المذمومة فهؤلاء يكذبون بالموجود وهؤلاء يعصون بل يكفرون بالمعبود. والأمة الوسط تصدق بالحق الموجود وتؤمن بالإله الواحد المعبود وبعبادته ودعائه وذكره وأسمائه وكلامه فتدفع شياطين الإنس والجن.
وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسئول فهو حرام كما ثبت في صحيح مسلم وغيره {عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله أمورا كنا نصنعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال: فلا تأتوا الكهان} وفي صحيح مسلم أيضا عن عبيد الله؛ عن نافع؛ عن صفية؛ عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما}.
وأما إن كان يسأل المسئول ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه فهذا جائز كما ثبت في الصحيحين: {أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ابن صياد فقال: ما يأتيك؟ فقال: يأتيني صادق وكاذب قال: ما ترى؟ قال: أرى عرشا على الماء قال: فإني قد خبأت لك خبيئا قال: الدخ الدخ قال: اخسأ فلن تعدو قدرك فإنما أنت من إخوان الكهان}. وكذلك إذا كان يسمع ما يقولونه ويخبرون به عن الجن كما يسمع المسلمون ما يقول الكفار والفجار ليعرفوا ما عندهم فيعتبروا به وكما يسمع خبر الفاسق ويتبين ويتثبت فلا يجزم بصدقه ولا كذبه إلا ببينة كما قال تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا}
وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة: {أن أهل الكتاب كانوا يقرءون التوراة ويفسرونها بالعربية فقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه وقولوا: {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} فقد جاز للمسلمين سماع ما يقولونه ولم يصدقوه ولم يكذبوه.
وقد روي عن أبي موسى الأشعري أنه أبطأ عليه خبر عمر وكان هناك امرأة لها قرين من الجن فسأله عنه فأخبره أنه ترك عمر يسم إبل الصدقة. وفي خبر آخر أن عمر أرسل جيشا فقدم شخص إلى المدينة فأخبر أنهم انتصروا على عدوهم وشاع الخبر فسأل عمر عن ذلك فذكر له فقال: هذا أبو الهيثم بريد المسلمين من الجن وسيأتي بريد الإنس بعد ذلك فجاء بعد ذلك بعدة أيام.
فصل:
ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئا من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك أحمد وغيره قال عبد الله بن أحمد: قرأت على أبي ثنا يعلى بن عبيد؛ ثنا سفيان؛ عن محمد بن أبي ليلى عن الحكم؛ عن سعيد بن جبير؛ عن ابن عباس قال: إذا عسر على المرأة ولادتها فليكتب: بسم الله لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}. قال أبي: ثنا أسود بن عامر بإسناده بمعناه وقال: يكتب في إناء نظيف فيسقى قال أبي: وزاد فيه وكيع فتسقى وينضح ما دون سرتها قال عبد الله: رأيت أبي يكتب للمرأة في جام أو شيء نظيف. وقال أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان الحيري:
أنا الحسن بن سفيان النسوي؛ حدثني عبد الله بن أحمد بن شبوية؛ ثنا علي بن الحسن بن شقيق؛ ثنا عبد الله بن المبارك؛ عن سفيان؛ عن ابن أبي ليلى؛ عن الحكم؛ عن سعيد بن جبير؛ عن ابن عباس قال: إذا عسر على المرأة ولادها فليكتب: بسم الله لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله الحليم الكريم؛ سبحان الله وتعالى رب العرش العظيم؛ والحمد لله رب العالمين {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}. قال علي: يكتب في كاغدة فيعلق على عضد المرأة قال علي: وقد جربناه فلم نر شيئا أعجب منه فإذا وضعت تحله سريعا ثم تجعله في خرقة أو تحرقه.
(واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم (282)
وقد شاع في لسان العامة أن قوله: {واتقوا الله ويعلمكم الله} من الباب الأول؛ حيث يستدلون بذلك على أن التقوى سبب تعليم الله وأكثر الفضلاء يطعنون في هذه الدلالة لأنه لم يربط الفعل الثاني بالأول ربط الجزاء بالشرط فلم يقل؛ واتقوا الله ويعلمكم ولا قال فيعلمكم. وإنما أتى بواو العطف وليس من العطف ما يقتضي أن الأول سبب الثاني وقد يقال العطف قد يتضمن معنى الاقتران والتلازم كما يقال: زرني وأزورك؛ وسلم علينا ونسلم عليك ونحو ذلك مما يقتضي اقتران الفعلين والتعاوض من الطرفين كما لو قال لسيده: أعتقني ولك علي ألف؛ أو قالت المرأة لزوجها طلقني ولك ألف؛ أو اخلعني ولك ألف؛ فإن ذلك بمنزلة قولها بألف أو علي ألف.

وكذلك أيضا لو قال: أنت حر وعليك ألف أو أنت طالق وعليك ألف؛ فإنه كقوله: علي ألف أو بألف عند جمهور الفقهاء. والفرق بينهما قول شاذ ويقول أحد المتعاوضين للآخر: أعطيك هذا وآخذ هذا ونحو ذلك من العبارات فيقول الآخر: نعم وإن لم يكن أحدهما هو السبب للآخر دون العكس. فقوله: {واتقوا الله ويعلمكم الله} قد يكون من هذا الباب فكل من تعليم الرب وتقوى العبد يقارب الآخر ويلازمه ويقتضيه فمتى علمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك ومتى اتقاه زاده من العلم وهلم جرا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 35.08 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]