عرض مشاركة واحدة
  #125  
قديم 18-05-2022, 07:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,201
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (125)

من صــ 173 الى صـ
ـ 180






ولهذا لما أمر الله بالطهارة والصلاة والزكاة والحج كان الواجب الإتمام كما قال تعالى: {بكلمات فأتمهن} وقال: {وإبراهيم الذي وفى}. ولما نهى عن القتل والزنا والسرقة والشرب كان ناهيا عن أبعاض ذلك؛ بل وعن مقدماته أيضا وإن كان الاسم لا يتناوله في الإثبات ولهذا فرق في الأسماء النكرات بين النفي والإثبات والأفعال كلها نكرات وفرق بين الأمر والنهي بين التكرار وغيره {وقال صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه}. وإنما اختلف في المعارف المنفية على روايتين كما في قوله: لا تأخذ الدراهم ولا تكلم الناس.
(ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير (265)

قال قتادة: تثبيتا من أنفسهم احتسابا من عند أنفسهم. وقال الشعبي: يقينا وتصديقا من أنفسهم. وقيل يخرجونها طيبة بها أنفسهم على يقين بالثواب وتصديق بوعد الله يعلمون أن ما أخرجوه خير لهم مما تركوه. قلت: إذا كان المعطي محتسبا للأجر من الله لا من الذي أعطاه فلا يمن عليه.

(للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم (273)
(فصل في أن المسلمين أربعة أصناف)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:

السالكون طريق الله منهم من يكون مع قيامه بما أمره الله به من الجهاد والعلم والعبادة وغير ذلك عاجزا عن الكسب كالذين ذكرهم الله في قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا} والذين ذكرهم الله في قوله: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون}. فالصنف الأول أهل صدقات والصنف الثاني أهل الفيء كما قال تعالى في الصنف الأول: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} إلى قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} وقال في " الصنف الثاني ": {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} إلى قوله: {للفقراء المهاجرين} ثم قال: {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم}.

فذكر المهاجرين والأنصار وكان المهاجرون تغلب عليهم التجارة؛ والأنصار تغلب عليهم الزراعة وقد قال للطائفتين: {أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض}

فذكر زكاة التجارة وزكاة الخارج من الأرض وهو العشر أو نصف العشر أو ربع العشر. ومن السالكين من يمكنه الكسب مع ذلك وقد قال تعالى لما أمرهم بقيام الليل: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله} فجعل المسلمين أربعة أصناف صنفا أهل القرآن والعلم والعبادة وصنفا يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وصنفا يجاهدون في سبيل الله والرابع المعذرون.
(فصل في العفة والغنى)
قال شيخ الإسلام:

جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين العفة والغنى في عدة أحاديث منها قوله في حديث أبي سعيد المخرج في الصحيحين: {من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله} ومنها قوله في حديث عياض بن حمار في صحيح مسلم: {أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط ورجل غني عفيف متصدق} ومنها قوله في حديث الخيل الذي في الصحيح: {ورجل ارتبطها تغنيا وتعففا. ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له ستر} ومنها ما روي عنه: {من طلب المال استغناء عن الناس واستعفافا عن المسألة لقي الله ووجهه كالقمر ليلة البدر}. ومنها قوله في حديث عمر وغيره: {ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه} فالسائل بلسانه وهو ضد المتعفف والمشرف بقلبه وهو ضد الغنى. قال في حق الفقراء: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف}
أي عن السؤال للناس. وقال: {ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس} فغنى النفس الذي لا يستشرف إلى المخلوق فإن الحر عبد ما طمع والعبد حر ما قنع. وقد قيل: أطعت مطامعي فاستعبدتني. فكره أن يتبع نفسه ما استشرفت له لئلا يبقى في القلب فقر وطمع إلى المخلوق؛ فإنه خلاف التوكل المأمور به وخلاف غنى النفس.
وسئل:
عن السؤال في الجامع: هل هو حلال؟ أم حرام؟ أو مكروه؟ وأن تركه أوجب من فعله؟.
فأجاب:

الحمد لله، أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة فإن كان به ضرورة وسأل في المسجد ولم يؤذ أحدا بتخطيه رقاب الناس ولا غير تخطيه ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ولم يجهر جهرا يضر الناس مثل أن يسأل والخطيب يخطب أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك جاز والله أعلم.

(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (274)

[فصل البرهان السابع والعشرون " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " والجواب عليه]
فصل
قال الرافضي: " البرهان السابع والعشرون: قوله تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} [سورة البقرة: 274]. من طريق أبي نعيم بإسناده إلى ابن عباس نزلت في علي، كان معه أربعة دراهم، فأنفق درهما بالليل، ودرهما بالنهار، ودرهما سرا، ودرهما علانية، وروى الثعلبي ذلك. ولم يحصل ذلك لغيره، فيكون أفضل، فيكون هو الإمام ".

والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بصحة النقل. ورواية أبي نعيم والثعلبي لا تدل على الصحة.
الثاني: أن هذا كذب ليس بثابت.
الثالث: أن الآية عامة في كل من ينفق بالليل والنهار سرا وعلانية، فمن عمل بها دخل فيها، سواء كان عليا أو غيره، ويمتنع أن لا يراد بها إلا واحد معين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 33.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 32.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.88%)]