عرض مشاركة واحدة
  #122  
قديم 18-05-2022, 08:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,565
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
المجلد الرابع
الحلقة (122)

من صــ 149 الى صـ
ـ 156




(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين (238)
أمر بالقنوت في القيام لله والقنوت: دوام الطاعة لله عز وجل سواء كان في حال الانتصاب أو في حال السجود كما قال تعالى {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} وقال تعالى {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله} وقال {ومن يقنت منكن لله ورسوله} وقال: {وله من في السماوات والأرض كل له قانتون}. فإذا كان ذلك كذلك فقوله تعالى: {وقوموا لله قانتين} إما أن يكون أمرا بإقامة الصلاة مطلقا كما في قوله: {كونوا قوامين بالقسط} فيعم أفعالها ويقتضي الدوام في أفعالها وإما أن يكون المراد به: القيام المخالف للقعود فهذا يعم ما قبل الركوع وما بعده ويقتضي الطول وهو القنوت المتضمن للدعاء كقنوت النوازل وقنوت الفجر عند من يستحب المداومة عليه.
وإذا ثبت وجوب هذا ثبت وجوب الطمأنينة في سائر الأفعال. بطريق الأولى. ويقوي الوجه الأول: حديث زيد بن أرقم الذي في الصحيحين عنه قال: {كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه إلى الصلاة فنزلت {وقوموا لله قانتين} قال فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام} حيث أخبر أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة. ومعلوم أن السكوت عن خطاب الآدميين واجب في جميع الصلاة فاقتضى ذلك الأمر بالقنوت في جميع الصلاة ودل الأمر بالقنوت على السكوت عن مخاطبة الناس لأن القنوت هو دوام الطاعة فالمشتغل بمخاطبة العباد تارك للاشتغال بالصلاة التي هي عبادة الله وطاعته فلا يكون مداوما على طاعته ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه ولم يرد بعد أن كان يرد {إن في الصلاة لشغلا} فأخبر أن في الصلاة ما يشغل المصلي عن مخاطبة الناس وهذا هو القنوت فيها وهو دوام الطاعة.
ولهذا جاز عند جمهور العلماء تنبيه الناسي بما هو مشروع فيها من القراءة والتسبيح لأن ذلك لا يشغله عنها. ولا ينافي القنوت فيها.
(فصل)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:

نزلت لما أخرت العصر عام الخندق قال النبي صلى الله عليه وسلم {ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس}.
وبهذا يظهر أن الاحتجاج بذلك على أن تارك الصلاة لا يكفر حجة ضعيفة لكنه يدل على أن تارك المحافظة لا يكفر فإذا صلاها بعد الوقت لم يكفر؛ ولهذا جاءت في " {الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها قيل: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا} وكذلك لما سئل ابن مسعود عن قوله تعالى {أضاعوا الصلاة} قال هو تأخيرها عن وقتها فقيل له: كنا نظن ذلك تركها فقال: لو تركوها كانوا كفارا.
والمقصود أنه قد يدخل في " الاسم المطلق " أمور كثيرة وإن كانت قد تخص بالذكر.
وقال شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية - رحمه الله -:
فصل:

تنازع الناس: أيما أفضل كثرة الركوع والسجود؟ أو طول القيام؟
وقد ذكر عن أحمد في ذلك ثلاث روايات: إحداهن: أن كثرة الركوع والسجود أفضل وهي التي اختارها طائفة من أصحابه. والثانية أنهما سواء. والثالثة: أن طول القيام أفضل وهذا يحكى عن الشافعي. فنقول: هذه المسألة لها صورتان: إحداهما: أن يطيل القيام مع تخفيف الركوع والسجود. فيقال: أيما أفضل؟ هذا أم تكثير الركوع والسجود مع تخفيف القيام؟ ويكون هذا قد عدل بين القيام وبين الركوع والسجود فخفف الجميع.

والصورة الثانية: أن يطيل القيام فيطيل معه الركوع والسجود فيقال:
أيما أفضل؟ هذا أم أن يكثر من الركوع والسجود والقيام؟ وهذا قد عدل بين القيام والركوع والسجود في النوعين لكن أيما أفضل تطويل الصلاة قياما وركوعا وسجودا أم تكثير ذلك مع تخفيفها؟ فهذه الصورة ذكر أبو محمد وغيره فيها ثلاث روايات وكلام غيره يقتضي أن النزاع في الصورة الأولى أيضا. والصواب في ذلك: أن الصورة الأولى تقليل الصلاة مع كثرة الركوع والسجود وتخفيف القيام أفضل من تطويل القيام وحده مع تخفيف الركوع والسجود.

ومن فضل تطويل القيام احتجوا بالحديث الصحيح {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الصلاة أفضل فقال: طول القنوت}. وظنوا أن المراد بطول القنوت طول القيام وإن كان مع تخفيف الركوع والسجود وليس كذلك. فإن القنوت هو دوام العبادة والطاعة ويقال لمن أطال السجود: إنه قانت. قال تعالى: {أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} فجعله قانتا في حال السجود كما هو قانت في حال القيام وقدم السجود على القيام.
وفي الآية الأخرى قال: {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} ولم يقل قنوتا فالقيام ذكره بلفظ القيام لا بلفظ القنوت.
وقال تعالى: {وقوموا لله قانتين} فالقائم قد يكون قانتا وقد لا يكون وكذلك الساجد. فالنبي صلى الله عليه وسلم بين أن طول القنوت أفضل الصلاة وهو يتناول القنوت في حال السجود وحال القيام. وهذا الحديث يدل على الصورة الثانية وأن تطويل الصلاة قياما وركوعا وسجودا أولى من تكثيرها قياما وركوعا وسجودا؛ لأن طول القنوت يحصل بتطويلها لا بتكثيرها وأما تفضيل طول القيام مع تخفيف الركوع والسجود على تكثير الركوع والسجود فغلط. فإن جنس السجود أفضل من جنس القيام من وجوه متعددة:
أحدها: أن السجود بنفسه عبادة لا يصلح أن يفعل إلا على وجه العبادة لله وحده والقيام لا يكون عبادة إلا بالنية فإن الإنسان يقوم في أمور دنياه ولا ينهى عن ذلك. الثاني: أن الصلاة المفروضة لا بد فيها من السجود وكذلك كل صلاة فيها ركوع لا بد فيها من سجود لا يسقط السجود فيها بحال من الأحوال فهو عماد الصلاة وأما القيام فيسقط في التطوع دائما وفي الصلاة على الراحلة في السفر وكذلك يسقط القيام في الفرض عن المريض وكذلك المأموم إذا صلى إمامه جالسا. كما جاءت به الأحاديث الصحيحة. وسواء قيل: إنه عام للأمة أو مخصوص بالرسول فقد سقط القيام عن المأموم في بعض الأحوال والسجود لا يسقط لا عن قائم ولا قاعد والمريض إذا عجز عن إيمائه أتى منه بقدر الممكن وهو الإيماء برأسه وهو سجود مثله ولو عجز عن الإيماء برأسه ففيه قولان هما روايتان عن أحمد.
أحدهما: أنه يومئ بطرفه فجعلوا إيماءه بطرفه هو ركوعه وسجوده فلم يسقطوه. والثاني: أنه تسقط الصلاة في هذه الحال ولا تصح على هذا الوجه وهو قول أبي حنيفة وهذا القول أصح في الدليل؛ لأن الإيماء بالعين ليس من أعمال الصلاة ولا يتميز فيه الركوع عن السجود ولا القيام عن القعود بل هو من نوع العبث الذي لم يشرعه الله تعالى.
وأما الإيماء. بالرأس: فهو خفضه وهذا بعض ما أمر به المصلي وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: {إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم} وهو لا يستطيع من السجود إلا هذا الإيماء وأما تحريك العين فليس من السجود في شيء. وعلى القولين فقد اتفقوا على أنه لا بد في الصلاة من السجود وهذا يقول الإيماء بطرفه هو سجود وهذا يقول ليس بسجود فلا يصلي. فلو كانت الصلاة تصح مع القدرة بلا سجود لأمكن أن يكبر ويقرأ ويتشهد ويسلم فيأتي بالأقوال دون الأفعال وما علمت أحدا قال إن الصلاة تصح بمجرد الأقوال بل لا بد من السجود.
وأما القيام والقراءة فيسقطان بالعجز باتفاق الأئمة فعلم أن السجود هو أعظم أركان الصلاة القولية والفعلية. الوجه الثالث: أن القيام إنما صار عبادة بالقراءة أو بما فيه من ذكر ودعاء كالقيام في الجنازة فأما القيام المجرد فلم يشرع قط عبادة مع إمكان الذكر فيه. بخلاف السجود فإنه مشروع بنفسه عبادة حتى خارج الصلاة شرع سجود التلاوة والشكر وغير ذلك.
وأما المأموم إذا لم يقرأ فإنه يستمع قراءة إمامه واستماعه عبادة وإن لم يسمع فقد اختلف في وجوب القراءة عليه والأفضل له أن يقرأ. والذين قالوا لا قراءة عليه أو لا تستحب له القراءة قالوا قراءة الإمام له قراءة فإنه تابع للإمام.
فإن قيل: إذا عجز الأمي عن القراءة والذكر قيل: هذه الصورة نادرة أو ممتنعة فإن أحدا لا يعجز عن ذكر الله وعليه أن يأتي بالتكبير وما يقدر عليه من تحميد وتهليل وعلى القول بتكرار ذلك؛ هل يكون بقدر الفاتحة؟ فيه وجهان لقول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا قمت إلى الصلاة فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع} رواه أبو داود والترمذي. قال أحمد: إنه إذا قام إلى الثانية وقد نسي بعض أركان الأولى إن ذكر قبل الشروع في القراءة مضى وصارت هذه بدل تلك. فإن المقصود بالقيام هو القراءة؛ ولهذا قالوا: ما كان عبادة نفسه لم يحتج إلى ركن قولي كالركوع والسجود وما لم يكن عبادة بنفسه احتاج إلى ركن قولي كالقيام والقعود. وإذا كان السجود عبادة بنفسه علم أنه أفضل من القيام.

الوجه الرابع: أن يقال القيام يمتاز بقراءة القرآن فإنه قد نهي عن القراءة في الركوع والسجود وقراءة القرآن أفضل من التسبيح فمن هذا الوجه تميز القيام وهو حجة من سوى بينهما فقال السجود بنفسه أفضل وذكر القيام أفضل فصار كل منهما أفضل من وجه أو تعادلا. لكن يقال قراءة القرآن تسقط في مواضع وتسقط عن المسبوق القراءة والقيام أيضا. كما في حديث أبي بكرة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.72 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]