
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد الرابع
الحلقة (286)
سُورَةُ طه
صـ 89 إلى صـ 95
نعم ، صار المعروف في الآونة الأخيرة ، وأزمنة كثيرة قبلها بالاستقراء ، أن عامة الذين يدعون التصوف في أقطار الدنيا إلا من شاء الله منهم دجاجلة يتظاهرون بالدين ليضلوا العوام الجهلة وضعاف العقول من طلبة العلم ، ليتخذوا بذلك أتباعا وخدما ، [ ص: 89 ] وأموالا وجاها ، وهم بمعزل عن مذهب الصوفية الحق ، لا يعملون بكتاب الله ، ولا بسنة نبيه ، واستعمارهم لأفكار ضعاف العقول أشد من استعمار كل طوائف المستعمرين . فيجب التباعد عنهم ، والاعتصام من ضلالتهم بكتاب الله وسنة نبيه ، ولو ظهر على أيديهم بعض الخوارق ، ولقد صدق من قال :
إذا رأيت رجلا يطير وفوق ماء البحر قد يسير
ولم يقف عند حدود الشرع فإنه مستدرج أو بدعي
والقول الفصل في ذلك هو قوله تعالى : ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا [ 4 \ 123 ] ، فمن كان عمله مخالفا للشرع كمتصوفة آخر الزمان فهو الضال . ومن كان عمله موافقا لما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام فهو المهتدي . نرجو الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المؤمنين ، وألا يزيغنا ، ولا يضلنا عن العمل بكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - التي هي محجة بيضاء ، ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك .
قوله تعالى : قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني .
قال بعض أهل العلم : " لا " في قوله : ألا تتبعني زائدة للتوكيد . واستدل من قال ذلك بقوله تعالى في " الأعراف " : قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك [ 7 \ 12 ] ، قال لأن المراد : ما منعك أن تسجد إذ أمرتك . بدليل قوله في القصة بعينها في سورة " ص " : قال ياإبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي الآية [ 38 ] . فحذف لفظة " لا " في " ص " مع ثبوتها في " الأعراف " ، والمعنى واحد . فدل ذلك على أنها مزيدة للتوكيد .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : قد عرف في اللغة العربية أن زيادة لفظة " لا " في الكلام الذي فيه معنى الجحد لتوكيده مطردة . كقوله هنا : ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعني أي : ما منعك أن تتبعني ، وقوله : ما منعك أن تسجد بدليل قوله في " ص " : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي الآية ، وقوله تعالى : لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله الآية [ 57 \ 29 ] . أي : ليعلم أهل الكتاب ، وقوله فلا وربك لا يؤمنون [ 4 \ 65 ] ، أي فوربك لا يؤمنون ، وقوله : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة [ 41 ] ، [ ص: 90 ] أي : والسيئة ، وقوله : وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون [ 21 \ 95 ] ، على أحد القولين ، وقوله : وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون [ 6 \ 109 ] ، على أحد القولين ، وقوله : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا الآية [ 6 \ 151 ] على أحد الأقوال فيها .
ونظير ذلك من كلام العرب قول امرئ القيس :
فلا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم أني أفر
يعني فوأبيك . وقول أبي النجم :
فما ألوم البيض ألا تسخرا لما رأين الشمط القفندرا
يعني أن تسخر ، وقول الآخر :
ما كان يرضى رسول الله دينهم والأطيبان أبو بكر ولا عمر
يعني وعمر . وقول الآخر :
وتلحينني في اللهو ألا أحبه وللهو داع دائب غير غافل
يعني أن أحبه ، و " لا " مزيدة في جميع الأبيات لتوكيد الجحد فيها . وقال الفراء : إنها لا تزاد إلا في الكلام الذي فيه معنى الجحد كالأمثلة المتقدمة . والمراد بالجحد النفي وما يشبه كالمنع في قوله : ما منعك [ 20 \ 89 ] ، ونحو ذلك . والذي يظهر لنا ، والله تعالى أعلم . أن زيادة لفظة " لا " لتوكيد الكلام وتقويته أسلوب من أساليب اللغة العربية ، وهو في الكلام الذي فيه معنى الجحد أغلب مع أن ذلك مسموع في غيره . وأنشد الأصمعي لزيادة " لا " قول ساعدة الهذلي :
أفعنك لا برق كأن وميضه غاب تسنمه ضرام مثقب
ويروى " أفمنك " بدل " أفعنك " و " تشيمه " بدل " تسنمه " يعني أعنك برق بـ " لا " زائدة للتوكيد ، والكلام ليس فيه معنى الجهد . ونظيره قول الآخر :
تذكرت ليلى فاعترتني صبابة وكاد صميم القلب لا يتقطع
يعني كاد يتقطع . وأنشد الجوهري لزيادة " لا " قول العجاج :
في بئر لا حور سرى وما شعر بإفكه حتى رأى الصبح جشر
والحور الهلكة . يعني في بئر هلكة ، ولا زائدة للتوكيد . قاله أبو عبيدة ، وغيره . [ ص: 91 ] والكلام ليس فيه معنى الجحد . وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) في سورة " البلد " .
قوله تعالى : أفعصيت أمري .
الظاهر أن أمره المذكور في هذه الآية هو المذكور في قوله تعالى : وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين [ 7 \ 142 ] .
وهذه الآية الكريمة تدل على اقتضاء الأمر للوجوب . لأنه أطلق اسم المعصية على عدم امتثال الأمر ، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة : كقوله تعالى : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم [ 24 \ 63 ] ، وقوله : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم [ 33 \ 36 ] ، فجعل أمره وأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - مانعا من الاختيار ، موجبا للامتثال . وقوله تعالى : ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك [ 7 \ 12 ] ، فوبخه هذا التوبيخ الشديد على عدم امتثال الأمر المدلول عليه بصيغة افعل في قوله تعالى : اسجدوا لآدم [ 20 \ 116 ] ، . وجماهير الأصوليين على أن صيغة الأمر المجردة عن القرائن تقتضي الوجوب للأدلة التي ذكرنا ، وغيرها مما هو مماثل لها . وإلى ذلك أشار في مراقي السعود بقوله :
وافعل لدى الأكثر للوجوب وقيل للندب أو المطلوب
. . إلخ .
قوله تعالى : قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن هارون قاله لأخيه موسى ياابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وذلك يدل على أنه لشدة غضبه أراد أن يمسك برأسه ولحيته . وقد بين تعالى في " الأعراف " أنه أخذ برأسه يجره إليه . وذلك في قوله : وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال ابن [ 7 \ 150 ] ، . وقوله : ولم ترقب قولي [ 20 \ 94 ] ، من بقية كلام هارون . أي : خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ، وأن تقول لي لم ترقب قولي أي : لم تعمل بوصيتي وتمتثل أمري .
[ ص: 92 ] تنبيه
هذه الآية الكريمة بضميمة آية " الأنعام " إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية ، فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها . وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى : ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون الآية [ 6 \ 84 ] . ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [ 6 ] ، فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم ، وأمره - صلى الله عليه وسلم - بذلك أمر لنا . لأن أمر القدوة أمر لأتباعه كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة " المائدة " وقد قدمنا هناك : أنه ثبت في صحيح البخاري : أن مجاهدا سأل ابن عباس : من أين أخذت السجدة في " ص " قال : أو ما تقرأ ومن ذريته داود [ 6 \ 84 ] ، أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده [ 6 ] ، فسجدها داود فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بهم في سورة " الأنعام " ، وعلمت أن أمره أمر لنا . لأن لنا فيه الأسوة الحسنة ، وعلمت أن هارون كان موفرا شعر لحيته بدليل قوله لأخيه : لا تأخذ بلحيتي لأنه لو كان حالقا لما أراد أخوه الأخذ بلحيته تبين لك من ذلك بإيضاح : أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم ، وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم . والعجب من الذين مضخت ضمائرهم ، واضمحل ذوقهم ، حتى صاروا يفرون من صفات الذكورية ، وشرف الرجولة ، إلى خنوثة الأنوثة ، ويمثلون بوجوههم بحلق أذقانهم ، ويتشبهون بالنساء حيث يحاولون القضاء على أعظم الفوارق الحسية بين الذكر ، والأنثى وهو اللحية . وقد كان - صلى الله عليه وسلم - كث اللحية ، وهو أجمل الخلق وأحسنهم صورة . والرجال الذين أخذوا كنوز كسرى وقيصر ، ودانت لهم مشارق الأرض ومغاربها : ليس فيهم حالق . نرجو الله أن يرينا وإخواننا المؤمنين الحق حقا ، ويرزقنا اتباعه ، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه .
أما الأحاديث النبوية الدالة على إعفاء اللحية ، فلسنا بحاجة إلى ذكرها لشهرتها بين الناس ، وكثرة الرسائل المؤلفة في ذلك . وقصدنا هنا أن نبين دليل ذلك من القرآن . وإنما قال هارون لأخيه قال ياابن أم لأن قرابة الأم أشد عطفا وحنانا من قرابة الأب .
وأصله يا ابن أمي بالإضافة إلى ياء المتكلم ، ويطرد حذف الياء وإبدالها ألفا وحذف الألف المبدلة منها كما هنا ، وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله :
وفتح أو كسر وحذف اليا استمر في يا بن أم يا بن عم لا مفر
[ ص: 93 ] وأما ثبوت ياء المتكلم فيقول حرملة بن المنذر :
يا ابن أمي ويا شقيقي نفسي أنت خليتني لدهر شديد
فلغة قليلة . وقال بعضهم : هو لضرورة الشعر . وقوله " يا ابن أم " قرأه ابن عامر وشعبة عن عاصم وحمزة ، والكسائي بكسر الميم . وقرأه الباقون بفتحها . وكذلك قوله في " الأعراف " : قال ابن أم إن القوم [ 7 \ 150 ] .
قوله تعالى : إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما .
بين جل وعلا في هذه الآية : أن العجل الذي صنعه السامري من حلي القبط لا يمكن أن يكون إلاها ؟ وذلك لأنه حصر الإله أي : المعبود بحق بـ إنما التي هي أداة حصر على التحقيق في خالق السماوات ، والأرض . الذي لا إله إلا هو . أي : لا معبود بالحق إلا هو وحده جل وعلا ، وهو الذي وسع كل شيء علما . وقوله علما تمييز محول عن الفاعل ، أي : وسع علمه كل شيء .
وما ذكره تعالى في هذه الآية الكريمة : من أنه تعالى هو الإله المعبود بحق دون غيره ، وأنه وسع كل شيء علما ذكره في آيات كثيرة من كتابه تعالى . كقوله تعالى : الله لا إله إلا هو الآية [ 3 \ 2 ] ، وقوله : فاعلم أنه لا إله إلا الله الآية [ 47 \ 19 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله في إحاطة علمه بكل شيء : وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين [ 10 \ 61 ] ، وقوله تعالى : وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين [ 6 \ 59 ] ، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا .
قوله تعالى : كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق .
الكاف في قوله كذلك في محل نصب على أنه نعت لمصدر محذوف ، أي : نقص عليك من أنباء ما سبق قصصا مثل ذلك القصص الحسن الحق الذي قصصنا عليك عن موسى وهارون ، وعن موسى وقومه ، والسامري . والظاهر أن " من " في قوله من أنباء ما قد سبق للتبعيض ، ويفهم من ذلك أن بعضهم لم يقصص عليه خبره ويدل لهذا [ ص: 94 ] المفهوم قوله تعالى في سورة " النساء " : ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك [ 4 \ 164 ] ، وقوله في سورة " المؤمن " : ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك [ 40 \ 78 ] ، قوله في سورة " إبراهيم " ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات [ 14 \ 9 ] ، . والأنباء : جمع نبأ وهو الخبر الذي له شأن .
وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أنه قص على نبيه - صلى الله عليه وسلم - أخبار الماضين . أي : ليبين بذلك صدق نبوته ، لأنه أمي لا يكتب ، ولا يقرأ الكتب ، ولم يتعلم أخبار الأمم وقصصهم . فلولا أن الله أوحى إليه ذلك لما علمه . بينه أيضا في غير هذا الموضع ، كقوله في " آل عمران " : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون [ 3 \ 44 ] ، أي : فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما كان لك علم به . وقوله تعالى في سورة " هود " تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين [ 11 \ 49 ] ، وقوله في " هود " أيضا : وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك الآية [ 11 \ 120 ] . وقوله تعالى في سورة " يوسف " : ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون [ 12 \ 102 ] ، وقوله في " يوسف " أيضا : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين [ 12 \ 3 ] ، وقوله في " القصص " : وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر [ 28 \ 44 ] ، وقوله فيها : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا [ 28 \ 46 ] ، وقوله : وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا [ 28 \ 45 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . يعني لم تكن حاضرا يا نبي الله لتلك الوقائع ، فلولا أن الله أوحى إليك ذلك لما علمته . وقوله من أنباء ما قد سبق أي : أخبار ما مضى من أحوال الأمم ، والرسل .
قوله تعالى : وقد آتيناك من لدنا ذكرا .
أي : أعطيناك من عندنا ذكرا وهو هذا القرآن العظيم ، وقد دلت على ذلك آيات من كتاب الله . كقوله : وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون [ 21 \ 50 ] ، وقوله تعالى : ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم [ 3 \ 58 ] ، وقوله تعالى : [ ص: 95 ] ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون [ 21 \ 2 ] ، وقوله : وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون [ 15 \ 6 ] ، وقوله تعالى : ص والقرآن ذي الذكر [ 38 ] ، وقوله تعالى : وإنه لذكر لك ولقومك الآية [ 43 \ 44 ] وقوله : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [ 15 \ 9 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة : ثم في تسمية القرآن بالذكر وجوه :
أحدها : أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم .
وثانيها : أنه يذكر أنواع آلاء الله ونعمائه تعالى . ففيه التذكير ، والمواعظ .
وثالثها : أنه فيه الذكر ، والشرف لك ولقومك على ما قال : وإنه لذكر لك ولقومك [ 43 \ 44 ] ، .
واعلم أن الله تعالى سمى كل كتبه ذكرا فقال : فاسألوا أهل الذكر [ 21 \ 7 ] ، ا ه المراد من كلام الرازي .
ويدل للوجه الثاني في كلامه قوله تعالى :
كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب [ 38 \ 29 ] ، وقوله تعالى : وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا . [ 20 \ 113 ] .
